«حديقة الزهرية»... فيلم يوثّق حكايات أقدم الأشجار في مصر

أطلقته مكتبة الإسكندرية احتفاءً بالقاهرة الخديوية

شجرة التين البنغالي في جزيرة الزمالك (لقطة من فيلم «حديقة الزهرية»)
شجرة التين البنغالي في جزيرة الزمالك (لقطة من فيلم «حديقة الزهرية»)
TT

«حديقة الزهرية»... فيلم يوثّق حكايات أقدم الأشجار في مصر

شجرة التين البنغالي في جزيرة الزمالك (لقطة من فيلم «حديقة الزهرية»)
شجرة التين البنغالي في جزيرة الزمالك (لقطة من فيلم «حديقة الزهرية»)

بمجرد الدخول إلى الشارع المؤدّي إلى برج القاهرة في جزيرة الزمالك، تقطع هذه الشجرة العتيقة الطريق، معلنةً عن نفسها، بوصفها من أضخم وأقدم الأشجار في مصر، إنها شجرة التين البنغالي التي يعود عمرها إلى أكثر من قرن ونصف.

رصد فيلم وثائقي نشرته مكتبة الإسكندرية، الاثنين، ضمن مشروع «عارف... أصلك ومستقبلك»، هذه الشجرة العتيقة ضمن «حديقة الزهرية» التي تتوسط جزيرة الزمالك، ويعود تاريخها إلى فترة بناء القاهرة التاريخية، وتطوير الجزيرة لتستقبل ضيوف مصر خلال افتتاح قناة السويس عام 1869.

ويُذكَر أن معظم الأشجار النادرة والعتيقة الموجودة في حدائق مصر حالياً هي أحفاد أشجار جُلِبت من كل أنحاء العالم في عصر الخديو إسماعيل، وأُنشئت هذه الحديقة تحت إشراف جان بيير بارنيه دي شامب، كبير مشرفي غابات بولونيا وباريس، وكذلك جوستاف شوفاليري، ناظر الحدائق الخديوية والحكومية فيما بعد، في محاولة منه لتصبح القاهرة «باريس الشرق».

وتم أقلمة الأشجار الجديدة بالحديقة على مناخ مصر عبر صوبات زجاجية في حديقة الزهرية التي تصل مساحتها حالياً إلى 8 أفدنة، بعد بناء برج القاهرة وكلية التربية الرياضية على جزء من مساحتها.

حديقة الزهرية في جزيرة الزمالك (مكتبة الإسكندرية)

«لم يكن الخديو إسماعيل يريد فقط بناء القاهرة الخديوية على نمط معماري جديد، بل أراد أن يجعلها نسيجاً عمرانياً مخططاً بطريقة مميزة، وتمتد عبر مساحات واسعة تتداخل فيها المباني بالحدائق»، وفق تصريحات أميرة صديق علي، مديرة مشروعات بمركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي بمكتبة الإسكندرية، المشرف على سلسلة الأفلام.

وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «تأتي حديقة الزهرية لتمثل امتداداً للحدائق المحيطة بقصر الجزيرة، وتم استخدامها لأقلمة الأشجار الاستوائية لتتمكّن من البقاء في المناخ المصري، وعلى الرغم من صغر مساحتها فإنها تُعدّ الحديقة الأم التي أُخذت منها نَبْتات الأشجار الموجودة في شوارع القاهرة والإسكندرية».

ويشرح الفيلم الذي يتجاوز الدقيقتين بقليل، كيف أُنشئت هذه الحديقة بوصفها حديقة أقلمة للنباتات، ووصول النباتات في حدائق الجزيرة عموماً إلى أكثر من مليون نبتة، توزَّعت معظمها على حدائق مصر، ومنها المنتزه في الإسكندرية، وتوجد في الحديقة أشجار عمرها يصل إلى 100 عام.

ويشير الفيلم إلى القيمة الكبيرة التي تمثّلها الحديقة بنباتاتها وأشجارها، على الرغم من تقليص حجمها نسبياً، ويأتي هذا الفيلم ضمن احتفاء مشروع توثيق التراث الطبيعي والحضاري بمكتبة الإسكندرية في القاهرة الخديوية، وقد أُنتج فيلم عنها من قبل.

أحد إعلانات الفيلم الوثائقي «حديقة الزهرية» (مكتبة الإسكندرية)

وتقدِّم سلسلة «عارف... أصلك ومستقبلك» مختلف أبعاد التراث الثقافي والطبيعي بمصر، من خلال محتوى بصري محترف مُدعم بالمؤثرات الجرافيكية والرسوم ثلاثية الأبعاد، ويستهدف النشء والشباب، ويعمل على تقديم معلومات شيقة تعزّز الهوية وتدعم الأصول الثقافية المصرية، كما تستهدف نشر المعرفة بأبعاد الحضارة المصرية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، فبالإضافة إلى أن هذه الأفلام ناطقة بالعربية تتم إتاحة ترجمة إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية.

وتضم السلسلة الوثائقية 39 فيلماً، من بينها: «يباتيا»، و«الملك الذهبي»، و«مصر القديمة»، و«القاهرة الخديوية»، و«الكنيسة المعلقة»، و«بلاد بونت»، و«المحميات الطبيعية»، و«الجامعة المصرية».


مقالات ذات صلة

مصر: افتتاح حديقة الأندلس ضمن تطوير «القاهرة التاريخية»

يوميات الشرق حفل موسيقي وغنائي مصاحب لافتتاح حديقة الأندلس في مصر (محافظة القاهرة)

مصر: افتتاح حديقة الأندلس ضمن تطوير «القاهرة التاريخية»

أعادت مصر افتتاح حديقة الأندلس الأثرية بكورنيش النيل بالجزيرة بعد الانتهاء من تطويرها، الاثنين، ضمن خطة لإعادة إحياء القاهرة التاريخية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الصورة التي ظهرت عليها بوابة «جنينة الأسماك» التاريخية بالقاهرة (صفحة الفنان محمد عبلة على فيسبوك)

طلاء واجهة «جنينة الأسماك» يثير انتقادات بمصر

انتقادات واسعة تعرَّض لها القائمون على تطوير «حديقة جبلاية الأسماك» بمصر، والذي يتم منذ فترة، في منطقة الجبلاية بحي الزمالك (غرب القاهرة).

حمدي عابدين (القاهرة)
يوميات الشرق حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)

معرض فوتوغرافي يستعيد «الخضرة والوجه الحسن» في مصر 

تستعيد صور فوتوغرافية فكرة النزهة العائلية «المُفتَقَدة» في الحدائق العامة، التي طالما كانت متنفساً لأغلب الأسر المصرية.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق صورة لطائر من بيكسباي

حديقة في كوبا تحوَّلت ملاذاً لأصغر طائر في العالم

تحولت حديقة برنابي هيرنانديز ملاذاً للطائر الطنان الموجود فقط في كوبا، وهو أصغر طائر في العالم، إذ يتراوح طوله بين 5 و6 سنتيمترات.

«الشرق الأوسط» (هافانا)
يوميات الشرق جانب من إرث جيولوجي تتميّز به مناطق سعودية (الشرق الأوسط)

«حدائق جيولوجية» سعودية في طريقها إلى «اليونيسكو»

يعمل «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر» في السعودية على دعم إنشاء وتأهيل وتطوير عدد من المواقع التي تتمتع بمقوّمات جيولوجية عالية.

غازي الحارثي (الرياض)

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
TT

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات. كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة، وكل ما تسمعه صدى أزيز حشرة الزيز وأصوات الطيور، الذي يتردد على جوانب الجروف، حسب «بي بي سي» البريطانية .على مدى آلاف السنين، ظل ما يعرف بـ«الحفرة السماوية» أو «تيانكنغ»، كما تُسمى باللغة المندرينية، غير مكتشفة، مع خوف الناس من الشياطين والأشباح، التي تختبئ في الضباب المتصاعد من أعماقها. إلا أن طائرات الدرون وبعض الشجعان، الذين هبطوا إلى أماكن لم تطأها قدم بشر منذ أن كانت الديناصورات تجوب الأرض، كشفت عن كنوز جديدة، وحوّلت الحفر الصينية إلى معالم سياحية. ويُعتقد أن ثلثي الحفر، التي يزيد عددها عن 300 في العالم، توجد في الصين، منتشرة في غرب البلاد، منها 30 حفرة، وتضم مقاطعة «قوانغشي» في الجنوب أكبر عدد من هذه الحفر، مقارنة بأي مكان آخر. وتمثل أكبر وأحدث اكتشاف قبل عامين في غابة قديمة تحتوي على أشجار يصل ارتفاعها إلى 40 متراً (130 قدماً). تحبس هذه الحفر الزمن في باطنها، ما يحفظ النظم البيئية الفريدة والدقيقة لقرون. ومع ذلك، بدأ اكتشافها يجذب السياح والمطورين، ما أثار المخاوف من أن هذه الاكتشافات المدهشة والنادرة قد تضيع إلى الأبد.

بوجه عام، تعد هذه الحفر الأرضية نادرة، لكن الصين، خاصة «قوانغشي»، تضم كثيراً منها بفضل وفرة الصخور الجيرية. جدير بالذكر هنا أنه عندما يذيب نهر تحت الأرض الصخور الجيرية المحيطة ببطء، تتكون كهوف تتمدد صعوداً نحو الأرض. وفي النهاية، تنهار الأرض تاركة حفرة واسعة، ويجب أن يكون عمقها وعرضها لا يقل عن 100 متر حتى تُعدّ حفرة أرضية. وبعض الحفر، مثل تلك التي جرى اكتشافها في «قوانغشي» عام 2022، أكبر من ذلك، مع امتدادها لمسافة 300 متر في الأرض، وعرضها 150 متراً.

من وجهة نظر العلماء، تمثل هذه الحفر العميقة رحلة عبر الزمن، إلى مكان يمكنهم فيه دراسة الحيوانات والنباتات، التي كانوا يعتقدون أنها انقرضت. كما اكتشفوا أنواعاً لم يروا أو يعرفوا عنها من قبل، بما في ذلك أنواع من أزهار الأوركيد البرية، وأسماك الكهوف البيضاء الشبحية، وأنواع من العناكب والرخويات. وداخل محميات من الجروف الشاهقة، والجبال الوعرة، والكهوف الجيرية، ازدهرت هذه النباتات والحيوانات في أعماق الأرض.