الاعتزال المبكر موضة الفنانين... وأديل أحدث نجماته

الاعتزال المبكر موضة الفنانين... وأديل أحدث نجماته
TT

الاعتزال المبكر موضة الفنانين... وأديل أحدث نجماته

الاعتزال المبكر موضة الفنانين... وأديل أحدث نجماته

تعبت أديل. لم تخجل من الاعتراف بذلك أمام جمهورها المحتشد في ميونيخ الألمانية. بين أغنيةٍ وأغنية، فاتحت الفنانة البريطانية الحضور بقرارها الابتعاد عن المسرح «لوقتٍ طويلٍ جداً».

إنه زمنٌ ما عادت الصحة النفسية فيه من المحرّمات ولا مجرّد نظريّة، بل باتت تتفوّق أهميةً على النجاح المهني وعلى الشهرة. لذلك، فإن النجمة التي أذهلت العالم بصوتها قبل 18 عاماً، قررت البدء بحياةٍ جديدة وفق ما قالت.

المغنية البريطانية أديل خلال حفلها الأخير في ميونيخ الألمانية (إنستغرام)

لم تكن رحلة أديل (36 عاماً) سهلة فهي تعرّضت للتنمّر، كما أنها عانت من القلق والاكتئاب ونوبات الهلع. أما عائلياً، فقد خاضت زواجاً عاثراً. لكنها قبل أيام، وخلال حفل في ميونيخ كذلك، كشفت عن خطوبتها من الوكيل الرياضي الأميركي ريتش بول. هذا ما قد يفسّر عبارتها المبلّلة بالدمع: «أمضيت السنوات السبع الماضية وأنا أبني حياةً جديدة لنفسي، وأريد أن أعيشها».

لم تحدّد أديل الفترة الزمنية التي ستغيب خلالها عن الغناء والحفلات، لكن وفق ما أوحى كلامها فإنّ الفاصل سيكون طويلاً. باكيةً، شكرت الفنانة جمهورها وأكدت لهم أنها سوف تشتاق إليهم كثيراً، على أن تحيي حفلها الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) من ضمن جولتها في لاس فيغاس الأميركية.

@christophhaese.mua

Adeles Finale emotional goodbye speech in Munich. Everyone was so emotional and felt every word she said. Thank you Adele for an unforgettable summer. You will be missed but enjoy ur well deserved break. @Adele Access #adele #adeleinmunich #adeleworld #adeleaccess #emotional #fyp

♬ original sound - Christoph Haese

اعتزالٌ فعودة

المرة الأخيرة التي أطلّت فيها كاميرون دياز سينمائياً على جمهورها كانت منذ 10 سنوات. فبعد الفيلم الـ43 في مسيرتها، قررت الممثلة الأميركية المحبوبة أن تعتزل. بررت الأمر بأنها تريد أن تهتمّ بنفسها بعد 30 سنة أمضتها أمام الكاميرا.

كانت حينذاك في الـ42 من عمرها وفي ذروة مسيرتها، لكنها اعترفت لاحقاً بأنّ الانسحاب من تحت أضواء هوليوود جعلها تجد السلام الداخلي لأنها بدأت الاعتناء بذاتها، كما أنها تخلّصت من ضغط الشهرة.

وضعت كاميرون دياز حداً لمسيرتها السينمائية عام 2014 (أ.ف.ب)

خلال سنوات الاعتزال، أصدرت دياز كتباً تُعنى بالصحة الجسدية والنفسية، كما استثمرت في شركاتٍ ناشئة ضمن المجال ذاته. أما على المستوى الشخصي، فهي تزوّجت من الموسيقي بنجي مادن واستقبلت معه طفلَين.

وبعد أن نفّذت دياز المشاريع الخاصة والمهنية التي حال التمثيل دونها، ها هي تعلن عودتها إلى السينما من خلال فيلم يُعرَض قريباً على «نتفليكس» بعنوان «Back in Action». إلا أنها عودة مشروطة بأن تبقى الأولوية فيها لعائلتها ولاستقرارها النفسي.

تزوجت دياز في فترة اعتزالها من الموسيقي بنجي مادن (إكس)

هاري بديلاً عن التمثيل

لكن ليس كل الفنانين الذين اختاروا الاعتزال وهُم بعد في ذروة عطائهم، جاهزين للعودة كما فعلت دياز. فمنهم مَن خرج من دائرة الضوء ولم يَعد. وفيما وجد البعض نفسه مرغماً على الاعتزال المبكر لأسباب صحية، تخلّى البعض الآخر عن التمثيل بداعي الحب، على غرار ميغان ماركل.

قبل أن تتحوّل الشابة الأميركية إلى زوجة الأمير هاري وقبل أن تحمل لقب دوقة ساسكس، كانت ممثلة بدوامٍ كامل. لكنّ دخولها العائلة الملكية البريطانية أرغمها على التخلّي عن شغفها؛ وهي كانت قد برزت في مسلسل «Suits» على «نتفليكس» بشخصية «ريتشل زين» على مرّ 7 مواسم ما بين 2011 و2016.

ميغان ماركل خلال مشاركتها في مسلسل Suits (نتفليكس)

غوينيث والبيزنس

وإذا كان الحب هو الذي دفع بماركل إلى الاعتزال، فإنّ ريادة الأعمال كانت السبب خلف ابتعاد الممثلة غوينيث بالترو عن المجال. ففي عام 2017، وبعد مسيرة مميّزة تخلّلها أوسكار عن دورها في فيلم Shakespeare in Love، أعلنت النجمة الأميركية عن رغبتها في أخذ فاصل من التمثيل.

ارتأت بالترو وهي في الـ45، أن تمنح كامل تركيزها لعلامتها التجارية Goop، مكتفيةً بإطلالتين سينمائيتَين خاطفتَين حتى 2019. إلا أنها ومنذ 5 سنوات ملتزمة بقرارها، وهي صرّحت بأنه سيكون من الصعب جداً عليها التمثيل في الوقت الراهن بسبب عملها الخاص.

النجمة الأميركية غوينيث بالترو مبتعدة عن التمثيل منذ 2017 (رويترز)

كبير المعتزلين

بقرارٍ شخصيّ غير واضح الأسباب وفي عامه الـ60، أعلن دانيال داي لويس اعتزاله التمثيل عام 2017. جاء ذلك بعد عدم حصوله على أوسكار عن فيلمه الأخير «The Phantom Thread» والذي كان قد أرهقه على المستويين النفسي والجسدي.

رجّح النقّاد أن تكون الخيبة هي التي دفعت بداي لويس إلى قراره، وتوقّعوا كذلك أن يعود عنه بسرعة لأنه سبق أن أعلن مراراً الاعتزال مبتعداً لفتراتٍ طويلة. غير أنّ قرار الممثل البريطاني يبدو صلباً فهو ملتزم به أكثر من أي وقت، كما أنه توارى عن الأنظار وليس عن السينما فحسب.

الممثل البريطاني المعتزل والحائز على 3 جوائز أوسكار دانيال داي لويس (أ.ف.ب)

تقاعد قسريّ

إذا كان بعض الممثلين قد اعتزل الفن وهم في كامل صحّتهم، فإنّ قرار البعض الآخر جاء قسرياً وخارجاً عن إرادتهم، كما كانت الحال مع بروس ويليس.

خلال تصوير أدواره الأخيرة، واجه أحد أبرز نجوم هوليوود مشكلات في الحفظ والاستيعاب وأحياناً النطق، إلى درجة أنه كان غير مدرك مكان تواجده، كما كان يجري تلقينه النص في أذنه. لم يعلم أحدٌ حينها بأنّ بطل «داي هارد» يعاني من الخرف الجبهي الصدغي، إلى أن أعلنت عائلته الأمر عام 2023.

مع هذا المرض النادر، طوى ويليس صفحةً حافلة بالأمجاد السينمائية والبطولات الخارقة وعشرات الجوائز.

اعتزل الممثل بروس ويليس قسرياً بسبب وضعه الصحي (أ.ف.ب)

محبوب الفرنسيين

وفق استطلاعات الرأي السنوية، فإنّ جان جاك غولدمان هو محبوب الفرنسيين الأول. لا رئيس جمهورية ولا فناناً آخر ينافسه على قلوب مواطني بلده. لكنّ كل هذا الحب لم يَحُل دون اعتزاله المبكر جداً عام 2004، وهو في الـ52 من عمره.

لم يعطِ غولدمان تفسيراً واضحاً لخطوته، لكنّ الجميع كان يعرف أنه لم يهوَ الشهرة ولا الأضواء يوماً، وأنّ خشبة المسرح لطالما أقلقته وأتعبته. فضّل التفرّغ لتربية أولاده والعيش في لندن، حيث لا يعرفه أحد، بعيداً عن باريس التي شهدت على أقوى حفلاته.

جان جاك غولدمان المغنّي المعتزل ومحبوب فرنسا الأول (إكس)

«بوند» اعتزل...

تزامناً مع تلقّيه جائزة إنجاز العمر من معهد الفيلم الأميركي عام 2006، أعلن الممثل الأسكوتلندي الراحل شون كونري اعتزاله في سن الـ75.

كان بطل «جيمس بوند» يكرّر في تلك الآونة انزعاجه ممّن تسلّموا دفّة صناعة الأفلام في هوليوود. وهو ردّ ساخراً عندما سئل عمّا قد يجعله يتراجع عن قراره: «وحده فيلم جديد من سلسلة إنديانا جونز قد يجعلني أعود، لكنّ الاعتزال مسلٍ جداً».

الممثل الأسكوتلندي الراحل شون كونري (رويترز)

وكذلك فعل «سوبرمان»

ليس الاعتزال حديث العهد في عالم الشهرة، فكثيرون هم الممثلون والمغنّون الذين اختاروا الابتعاد خلال العصر الذهبي للسينما والأغنية. فما فعله الأسطورة «جيمس بوند»، كان قد سبقه إليه نجم «سوبرمان» جين هاكمان. ففي سنّ الـ74 ورغم أنه كان ما زال ناشطاً في المجال السينمائي ويقدّم دوراً تلو الآخر، قرر الممثل الأميركي رفع الراية البيضاء.

في وقتٍ لاحق، كشف جاكمان أنّ ما دفعه إلى الاعتزال هو الإجهاد الذي تعرّض له. وأضاف أنه أصغى إلى نصيحة طبيب القلب بضرورة التخفيف من الضغط الذي يتسبب به التمثيل. وهو تفرّغ منذ ذلك الحين لكتابة الروايات.

الممثل الأميركي جين هاكمان حائزاً على جائزة تكريمية في «غولدن غلوب» 2003 (أ.ب)

اعتزال الأساطير

كانت أسطورة سينما الثلاثينات وجميلة الشاشة الفضية غريتا غاربو في الـ36 عندما وضعت حداً لمسيرتها. قدّمت آخر أفلامها «The Two Faced Woman» عام 1941 وهو لاقى استهجان النقّاد، فيما وصفته هي بمقبرتها.

ليس ذاك الفشل وحده الذي دفع بغاربو إلى الاعتزال، فهي كانت تقلق دائماً من تقدّمها في السن، كما أنها لم تتأقلم يوماً مع حياة الشهرة. وليس سوى قبل 4 سنوات من وفاتها، حتى اعترفت بأن هوليوود أتعبتها وبأنها لم تكن تحب عملها، كاشفةً أنها غالباً ما كانت تُرغم نفسها على التوجّه إلى الأستوديو.

نجمة سينما الثلاثينات الممثلة السويدية الأميركية غريتا غاربو (إنستغرام)

من المسارح إلى السفارات

شيرلي تمبل هي الطفلة الأشهر في تاريخ هوليوود وقد تميّزت منذ سن الـ3 غناءً وتمثيلاً فاستحقت جائزة أوسكار تكريمية. إلّا أن مسيرتها لم تتخطّ الـ18 عاماً فهي اعتزلت في الـ21 من عمرها، لتنطلق إلى مجال مختلف كلياً.

انجذبت تمبل إلى السياسة وهي خدمت سفيرة للولايات المتحدة الأميركية لدى كلٍ من غانا وتشيكوسلوفاكيا.


مقالات ذات صلة

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الكاتبة والمخرجة والمنتجة والممثلة أنجلينا جولي والممثل والمنتج براد بيت خلال حفل في هوليوود، كاليفورنيا 5 نوفمبر 2015 (أ.ف.ب)

بعد 8 سنوات... أنجلينا جولي وبراد بيت يتوصلان إلى تسوية طلاق

توصلت أنجلينا جولي وبراد بيت لتسوية طلاق، وفقاً لما ذكره محاميها الاثنين مما وضع حداً واضحاً لواحدة من أطول حالات الطلاق وأكثرها إثارة للجدل في تاريخ هوليوود.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق إنجي المقدّم قدَّمت أدواراً درامية عدّة (فيسبوك)

إنجي المقدم: «كاميليا» الشريرة في «وتر حساس» غيَّرت جلدي الفنّي

عن شخصيتها بعيداً عن التمثيل، أكدت إنجي المقدّم أن أسرتها تشكّل أولوية، فهي تحبّ البقاء في البيت، لكونها ليست اجتماعية أو منطلقة، فتفضل الطبخ وصنع الحلويات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق جردة مسلسلات 2024 وروزنامة 2025... الختام مع «الحبّار» والافتتاح مع «هارفي سبيكتر»

جردة مسلسلات 2024 وروزنامة 2025... الختام مع «الحبّار» والافتتاح مع «هارفي سبيكتر»

أي من مسلسلات 2024 كانت الأقوى؟ وما الإنتاجات الكبرى التي ينتظرها مشاهدو المنصات في 2025؟

كريستين حبيب (بيروت)
خاص الفنان السوري دريد لحّام (فيسبوك)

خاص دريد لحّام لـ«الشرق الأوسط»: انقضت سنوات القهر وأنا لم أكن مع النظام بل ضد الفوضى

يتحدث الفنان السوري المخضرم دريد لحّام إلى «الشرق الأوسط» عن ارتياحه لنهاية نظام الرأي الأحادي في سوريا ويسترجع السنوات التي مُنعت فيها أعماله بسبب الرقابة.

كريستين حبيب (بيروت)

صفعات وضرب بالهواتف والمأكولات... بعض هدايا جمهور الحفلات إلى المغنِّين

المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)
المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)
TT

صفعات وضرب بالهواتف والمأكولات... بعض هدايا جمهور الحفلات إلى المغنِّين

المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)
المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)

خلال إحدى حفلاته الأخيرة في بيروت، فوجئ المغنّي السوري «الشامي» بأحد الحاضرين الذي صعد إلى المسرح ووجّه إليه حركة نابية، بعد أن رفض الفنان الشاب ارتداء الكوفيّة نزولاً عند رغبة المعجب. أثارت تلك الحادثة الاستغراب، فبعد أن كان المعجبون يقتحمون خشبات المسارح لاستراق قبلة أو صورة مع مطربيهم المفضّلين، ها هم يحطّمون الحواجز الأخلاقية بينهم وبين الفنان.

لكن إذا كانت تلك التصرّفات العدائية من قبل المعجبين تجاه الفنانين طارئة على العالم العربي، فهي تُعد سلوكاً رائجاً في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا منذ عام 2021، وتحديداً بعد عودة الحفلات الموسيقية عقب جائحة «كورونا».

تعرَّض المغني الشامي قبل أسابيع لحركة نابية من معجب اقتحم المسرح (إنستغرام)

هاتف وسِوار على وجهَي ريكسا وأيليش

قبل أسابيع، وخلال حفلٍ لها في أريزونا، التقطت عدسات الكاميرا الفنانة الأميركية الشابة بيلي أيليش وهي تتلقّى سواراً على وجهها. بدت أيليش ممتعضة من هذا التصرّف الذي قام به أحد الحاضرين، فما كان منها إلا أن رمت السوار جانباً. أيليش، محبوبة الجيل الصاعد، معتادة على مواقف كهذا؛ في عام 2019 جرى تطويقها من قبل مجموعة من المعجبين؛ حيث حاول أحدهم خنقها بينما سرق آخر خاتمها.

قبل أيليش، تعرَّض عدد كبير من الفنانين لاعتداءات بأغراضٍ من العيار الثقيل، وأكثر أذى من مجرّد سوار. كان على المغنية بيبي ريكسا التوجّه من حفلها في نيويورك إلى المستشفى مباشرة، بعد أن رماها شخصٌ من بين الحضور بهاتفه على وجهها. وفي وقتٍ ظهرت ريكسا بعد الإصابة مجروحة الحاجب، جرى توقيف المعتدي الذي قال إنه تصرّف على هذا النحو آملاً في أن تلتقط الفنانة صوراً بهاتفه.

دجاج مقلي ومشروبات ورماد موتى

من بين الحوادث الصادمة، الصفعة التي تلقّتها المغنّية آفا ماكس من شخصٍ صعد إلى المسرح، بينما كانت تؤدّي أغنية خلال حفل لها في لوس أنجليس. أما المغنّي هاري ستايلز فكانت حصّته من هذه الظاهرة المستجدة قطعة دجاج مقلي أصابت عينه خلال إحدى حفلاته.

إلى جانب الهواتف التي نال مغنّي الراب دريك نصيبه منها كذلك خلال حفل في شيكاغو عام 2023، غالباً ما يلجأ الحضور إلى رمي الفنانين بالدّمى، وقطع الملابس، والمأكولات، والمشروبات. هذا ما حصل مع المغنية كاردي بي التي وجّه إليها أحد حاضري حفلها في لوس أنجليس كوباً من المشروب، فما كان منها سوى أن رمته بالميكروفون. إلا أن صدمة المغنية بينك كانت الأكبر من بين زملائها، فخلال إحيائها حفلاً في لندن، قام فردٌ من الحضور بنَثر رماد والدته المتوفّاة على المسرح!

مغنية الراب كاردي بي تضرب معجباً بالميكروفون بعد أن رماها بالمشروب (يوتيوب)

إن لم يتطوّر الأمر إلى رمي الفنان بأداة ما، غالباً ما يلجأ الحاضرون مفتعلو المشكلات إلى حِيَل أخرى، كتصويب فلاشات الكاميرا إلى وجه المغنّي بهدف إزعاجه، أو كالصراخ والسعي إلى الانخراط في محادثة معه.

في المقابل، يلوم بعض متابعي هذا المشهد المستجدّ الفنانين أنفسهم، على اعتبار أنّ بعضهم يعمد إلى رمي الجمهور بأغراض خاصة به، مثل القبعات والملابس والنظارات، ما دفع بالحضور إلى اكتساب تلك العادة والقيام بالمثل.

يلجأ بعض حضور الحفلات إلى إزعاج المغنِّين بالصراخ أو بفلاشات الكاميرات (رويترز)

لماذا يعنّف الجمهور الفنانين؟

* كورونا وعزلة الحَجْر

إذا كان الجمهور في الماضي يرمي الفنان بالبيض أو الطماطم في حال لم يعجبه الأداء، فإنّ وسائل التعبير وأسباب الامتعاض تبدّلت كثيراً على أيادي «الجيل زد». يعزو خبراء العروض الموسيقية وعلماء النفس والاجتماع تفاقم تلك الظاهرة في السنوات الأخيرة، إلى الحجْر الذي فرضته جائحة «كورونا». بسبب العزلة وتوقّف العروض الترفيهية المباشرة، نسي بعض الناس لياقة التصرّف وأدبيّات السلوك خلال الحفلات، ولا سيما منهم الجيل الصاعد.

* أوهام السوشيال ميديا وأرقامُها

السبب الثاني الذي جعل المعجب يرفع الكلفة مع الفنان، ويعد نفسه متساوياً معه محطّماً الحواجز كلها، هي وسائل التواصل الاجتماعي التي أوهمت الجمهور بأنّ الفنان صديق له، وبأنّ ما بينهما معرفة ومشاعر حقيقية وليست افتراضية. يظنّ المعجبون أنهم بمتابعتهم للفنان، وبمعرفتهم أموراً كثيرة عنه، قد كسروا جدار البروتوكول، ونالوا اهتمام الشخصية المشهورة.

تتحمّل «السوشيال ميديا» كذلك مسؤولية تحويل الحفلات الموسيقية إلى عروضٍ من العنف ضد الفنان، بسبب هوَس الجيل الصاعد بمفهوم «التريند» وتجميع المشاهدات، ولا سيما على «تيك توك». يسعى الحاضرون إلى افتعال تلك المواقف النافرة بهدف أن يصيروا جزءاً من العرض، وأن ينشروا بالتالي فيديوهات لتلك اللحظات الغريبة على أمل أن تنال الرواج على المنصة، فيدخلون بدَورهم نادي المشاهير، ولو لأيام قليلة.

* حقدٌ ماليّ

من بين الأسباب التي حوّلت حفلات أشهر الفنانين إلى عروض من العنف، أسعار البطاقات التي قد تكون خيالية في بعض الأحيان. يلجأ الحاضرون إلى التعبير عن امتعاضهم من الغلاء، بأن ينتقموا على طريقتهم من الفنان. وما يزيد الأمر سوءاً ويستفزّ البعض، ظهور الفنانين أمام الناس وهم يرتدون الملابس والحلي ذات الأثمان الباهظة والماركات العالمية.

يترافق ذلك وقناعة لدى أفراد الجمهور الذين يقومون بأعمال نافرة، بأنّ عشقَهم للشخصية المشهورة يبرر العنف ضدّها إن لم تبادلهم الاهتمام؛ خصوصاً إذا أنفقوا الكثير من أموالهم لشراء بطاقات الحفل. فبعض الجمهور يذهب في إعجابه إلى حدّ اعتبار أنّ أي شيء مبرّر من أجل الحصول على لفتة انتباه أو نظرة من الفنان، حتى وإن اضطرّه ذلك إلى افتعال مشكلة أو ضرب المغنّي بأداة حادّة!

يعد بعض جمهور الحفلات كل التصرفات مبررة من أجل لفت انتباه الفنان (رويترز)

أدبيات سلوك الحفلات

من ليدي غاغا، إلى دوا ليبا، مروراً بجاستن بيبر، وكولدبلاي، وليس انتهاءً بمايلي سايرس وتايلور سويفت؛ لم ينجُ أحد من اعتداءات الجمهور الغريبة. فرض ذلك اتّخاذ مواقف من قبل الفنانين تجاه ما يحصل، فخلال إحدى حفلاتها في لوس أنجليس رفعت المغنية البريطانية أديل الصوت قائلة: «هل لاحظتم كم نسي الناس أخلاقيات الحفلات؟ إذا تجرّأ أحد على أن يرميني بغرض ما، فسأقتله».

أما رابطة معجبي تايلور سويفت، فقد ابتكرت دليلاً لأدبيّات السلوك في الحفلات، خوفاً على محبوبتهم من التعدّيات. مع العلم بأنّ المغنية الأميركية الشابة كانت قد نالت نصيبها من تلك التصرفات، وقد عاشت إحدى أكثر اللحظات غرابة، عندما هجم أحد المعجبين باتّجاه المسرح، وحاول التقاط قدمِها بينما كانت تغنّي، قبل أن يلقي عناصر الأمن القبض عليه.