«وجود وغياب»... معرض «كوميكس» مصري يمزج المخاوف بالأحلام

يضمّ كائنات غريبة ومجسَّمات طائرة بتنظيم غير تقليدي

المعرض مأخوذ عن كتاب «وجود وغياب» (الشرق الأوسط)
المعرض مأخوذ عن كتاب «وجود وغياب» (الشرق الأوسط)
TT

«وجود وغياب»... معرض «كوميكس» مصري يمزج المخاوف بالأحلام

المعرض مأخوذ عن كتاب «وجود وغياب» (الشرق الأوسط)
المعرض مأخوذ عن كتاب «وجود وغياب» (الشرق الأوسط)

تُعدّ معارض القصص المصوَّرة (الكوميكس) من الفعاليات النادرة في مصر، وتكاد تقتصر على مهرجانات سنوية لهذا النوع من الرسوم المعروف بـ«الفن التاسع»، لكنّ اثنين من الفنانين والكتاب المصريين، الرسام ميغو والمؤلّفة هدير المهدوي، قرّرا خوض التجربة وتقديم معرض لـ«الكوميكس» بعنوان «وجود وغياب».

يضمّ الحدث الذي تستضيفه مكتبة «البلد» في وسط القاهرة 10 قصص مصوَّرة من كتاب «وجود وغياب»، وهو تعاون مشترك بين الرسام والمؤلّفة؛ فضلاً عن 4 مجسَّمات لشخوص، وأصول الأعمال والاسكتشات وتصميم الشخصيات، ودراسة ألوان القصص، والتحبير، بما يمثّل رحلة خيالية في عالم تمتزج فيه المخاوف بالأحلام والواقع بالخيال.

وكان الكتاب قد صدر في إطار مهرجان «كايروكوميكس» عام 2022، مُحقِّقاً ردود فعل إيجابية وصدى طيباً في العالم العربي، وتُرجم في ألمانيا وفرنسا وفق ميغو، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «يُعدُّ الكتاب المأخوذ عنه المعرض نسوياً بامتياز، فمعظم أبطاله سيدات يخضن مغامرات طريفة؛ ما لفت الأنظار إليه، ودفعنا في الوقت عينه إلى التفكير بإصدار جزء ثانٍ منه. جاءت فكرة المعرض نوعاً من إعادة تذكرة الناس به، قبل إصدار الجزء الثاني الذي نعكف عليه راهناً».

جانب من قصة «أسد محمد» في المعرض (الشرق الأوسط)

وتابع: «أردنا تنظيم المعرض بشكل غير تقليدي، فيتضمّن أفكاراً إبداعية متنوّعة، منها المجسَّمات الطائرة، والمخلوقات الغريبة التي يزخر بها الكتاب؛ ليتفاعل معها الجمهور ويلتقط الصور بجوارها. ذلك فضلاً عن التعايش مع بعض العناصر، مثل الحذاء الضخم الذي جرّب الزوّار ارتداءه والسير به في المعرض بوصفه نوعاً من التقليد لفتاة في الكتاب، والشعور بمشاعرها، أو ربما مشاعر مغايرة، ويحدّثنا عنها».

تزدان جدران المكتبة التي تضمّ المعرض بجداريات تجسّد صفحات كاملة من القصص المصوَّرة التي يحتويها الكتاب، لتتيح للحضور قراءتها والاستمتاع بها، بالإضافة إلى تسجيلات صوتية بأداء المهدوي تسرد فيها بعض القصص.

الفنانان ميغو وهدير المهدوي (الشرق الأوسط)

«حقّقت هذه العناصر أجواء من الإبهار للجمهور، فأخذتهم بعيداً عن المعارض التشكيلية الأخرى بطابعها التقليدي»، وفق ميغو، مضيفاً: «عملتُ لفترة طويلة في (ديزني)، وأشاركُ في المعارض الدولية الكبرى، وأحاول الاستفادة من الخبرة التي اكتسبتها لجذب الجمهور المصري الذي لا يزال محدوداً جداً إلى القصص المصوَّرة للكبار».

ويشير الفنان إلى أنّ «المصريين ما زالوا يرون أنّ (الكوميكس) فنّ مخصَّص للأطفال، في حين أنه بات يستهوي الكبار في كثير من الدول، حتى في المنطقة العربية. وتتصدَّر المملكة السعودية المشهد؛ وقد رأينا انطلاق شركة (مانجا) العربية، وكذلك لاحظنا في معرض الرياض الدولي للكتاب 2023 تعاوناً بين هيئة النشر والترجمة والشركة، لتحويل أعمال مختارة من الأدب السعودي إلى قصص مصوَّرة».

ويرى ميغو أنّ «إقامة معارض لـ(الكوميكس) خطوة ناجحة على الطريق نحو نشر ثقافة تقديم القصص المصوَّرة للكبار، وهي مسألة مهمّة؛ لانتشار هذا الفنّ وتأثيره عالمياً»، مضيفاً: «وهو يغذّي السينما أيضاً، وصناعة الأعمال الدرامية عموماً، وإذا دقَّقنا النظر، فسنجد أنّ كثيراً من أفلام (هوليوود) أُنتِجت استناداً إلى (الكوميكس)، منها أفلام قديمة مثل (ذا ماسك)».

المعرض ضمَّ بعض المجسَّمات الطائرة في محاكاة للكتاب (الشرق الأوسط)

ويوضح: «ما يثبت للجمهور المصري أنّ (الكوميكس) قادر على حمل أفكار ومعانٍ عميقة، نجاح تجربتي في تحويل بعض أعمال نجيب محفوظ إلى قصص مصوَّرة، وهو فنّ يحمل لغة بصرية معاصرة ومختلفة، وقريبة جداً للسينما، ونستطيع من خلال قماشته المرنة أن نتناول موضوعات لا حصر لها، سواء أصلية أو مأخوذة من التراث، بتكلفة محدودة»، لافتاً إلى أنّ المنطقة العربية تمتلك كنزاً من الأساطير والحكايات التراثية التي يمكن أن تصنع «كوميكس» عالمياً يأسر الجمهور من ثقافات مختلفة.

وفي إطار هذه الرؤية، وسعياً إلى نشر هذا الفن بين الجمهور بشكل موسَّع، سينتقل المعرض بعد انتهاء مدة عرضه في القاهرة في 31 أغسطس (آب) إلى محافظات مصرية عدّة.


مقالات ذات صلة

أعمال «الأسود والضوء» تحضّ على التأمل

يوميات الشرق عمل للدكتور أشرف سعد جلال (الشرق الأوسط)

أعمال «الأسود والضوء» تحضّ على التأمل

خيط رفيع ربط بين أعمال 50 فناناً فوتوغرافياً يتمثّل في رصد «الأسود والضوء»، وهو العنوان الذي اختاره «نادي عدسة» ليقيم تحته معرضاً بالإسكندرية.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق يقدم «يبدو لذيذاً!» معرض نظرة شاملة لتقليد «السامبورو» منطلقاً من البداية (ماسودا يوشيرو - بيت اليابان)

«السامبورو»... استكشف ثقافة الطعام المزيف في اليابان

من زار اليابان سيتعرف فوراً على «السامبورو»، وهي نسخ من الأكلات والأطعمة اليابانية مصنوعة من البلاستيك بدقة لاستنساخ شكل الطعام الحقيقي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من معرض «ملمس المياه» لريم الجندي (الشرق الأوسط)

​«ملمس المياه» لريم الجندي فسحة صيف تطوف على وهم

يسرح المتفرّج في تفاصيل الأعمال فيُخيَّل إليه بأنّ الوهم الذي بحثت عنه الفنانة أصابه أيضاً فيتزوّد بجرعات من الطاقة الإيجابية وبمشاعر النضارة والحيوية.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مشاهد من رحلة عبد الله فيلبي إلى عسير عام 1936 (وزارة الثقافة)

التاريخ الثقافي والحضاري لمنطقة عسير حيّ في معرض للمخطوطات

انطلق «معرض مخطوطات عسير» لاستكشاف قصص الأجداد وتاريخ المنطقة بين طيّات المخطوطات ومن خلال الأجنحة المتنوعة والندوات والجلسات الحوارية المتخصصة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق إحدى اللوحات ضمن المعرض (مكتبة الإسكندرية)

الفطرة الإنسانية بأعمال 14 فناناً في معرض بالإسكندرية

في محاولة لاكتشاف أبعاد الفطرة الإنسانية، والبحث عن جذور البراءة والتلقائية، شارك 14 فناناً في معرض بعنوان «أول مرة #30».

حمدي عابدين (القاهرة )

كيف نتعايش مع القلق... 5 نصائح لتقبله

نصائح لإدارة القلق (رويترز)
نصائح لإدارة القلق (رويترز)
TT

كيف نتعايش مع القلق... 5 نصائح لتقبله

نصائح لإدارة القلق (رويترز)
نصائح لإدارة القلق (رويترز)

مواجهة القلق مباشرة والتعامل معه بشكل مختلف يمكن أن يغيرا حياتك.

هذا ما ذكره الدكتور ديفيد إتش. روزمارين، أستاذ علم النفس والأستاذ المشارك بكلية الطب في جامعة هارفارد، والذي قدَّم النصيحة في كتابه الجديد «الازدهار مع القلق: 9 أدوات لجعل قلقك يعمل لصالحك».

وتحدَّث روزمارين إلى شبكة «فوكس نيوز» عن أن التغلب على رحلته مع القلق سمح له بمساعدة الآخرين بشكل أفضل.

وفي كتابه «الازدهار مع القلق»، كتب روزمارين أنه وجد نفسه بشكل غير متوقع يعاني الاضطراب عندما أنشأ عيادة للقلق في مدينة نيويورك عام 2011.

وقال: «اجتاحتني موجة من القلق، تبع ذلك بسرعة شعور بالنقد الذاتي لكوني منافقاً، تبعته موجة من التفكير الكارثي».

ويصف شعوره بالحرج و«التوجه نحو الفشل»، متسائلاً: كيف يمكنه مساعدة الناس على التغلب على قلقهم عندما كان يعانيه هو نفسه.

وقال: «إن الحكم على نفسك بسبب شعورك بالقلق يشبه ضرب شخص عندما يكون على الأرض من أجل جعله يقف».

لكنه وجد طريقة لاتخاذ خيارات نمط حياة صحية - تناول مزيد من الأطعمة المُغذّية، وممارسة الرياضة بشكل متكرر، والانفتاح على الآخرين بشأن تحدياته.

الفوائد الخفية للقلق

يلاحظ الكتاب أن الأشخاص الذين يعانون القلق، غالباً ما يكونون ضميريين ومندفعين، مما قد يساعد في إعدادهم لأدوار القيادة.

وفقاً لروزمارين، يمكن أن يؤدي القلق أيضاً إلى فهم أكبر وقبول الذات. وقال إن القلق يمكن أن يؤدي أيضاً إلى التعاطف.

وقال روزمارين: «عندما يمر شخص بأعماق الصعوبة، يمكنه رؤية الصراع على وجه شخص آخر».

وأضاف: «إنهم يفهمون ما يعنيه الشعور بعدم الارتياح، ويمكن أن يخلق هذا التعاطفَ».

وقال إن القلق ليس مرضاً، بل «عاطفة إنسانية طبيعية نختبرها جميعاً، ويمكننا استخدامها لتحسين قوتنا الداخلية وعلاقاتنا مع الآخرين وحياتنا الروحية».

5 نصائح لإدارة القلق

وقدَّم روزمارين النصائح التالية للاستفادة القصوى من القلق.

1- التعامل معه

بدلاً من محاولة تجنب القلق، فإن المفتاح هو مواجهته أو حتى احتضانه، كما قال.

وقال روزمارين: «يمكننا انتقاد أنفسنا لشعورنا بالقلق، والانزعاج منه، والهروب منه... أو يمكننا التعامل معه».

وأضاف أن هذا يتطلب «جرعة صحية من التعاطف مع الذات»، والاعتراف بأن جزءاً من كوننا بشراً هو الشعور بالإرهاق في بعض الأحيان.

2- الحديث الإيجابي مع النفس

يقترح روزمارين، في كتابه، أن يتحدث الناس بلطف مع أنفسهم، ويسمحوا بالوقت بعيداً عن المواقف المُزعجة، وتجنب اللغة التي تنتقص الذات.

عندما غيَّر حواره الداخلي ليتحدث إلى نفسه بلطف أكثر، أصبح أكثر وعياً بذاته، ووجد قبول الذات الذي يحتاج إليه للمضي قدماً، كما كتب.

3- جرب العلاج بالتعرض

وقال عالِم النفس إن العلاج بالتعرض؛ وهو ممارسة للصحة العقلية حيث يواجه الناس مخاوفهم، يمكن أن يساعدهم أيضاً على تحمل الشدائد، بدلاً من السماح لها بالسيطرة عليهم.

على سبيل المثال، إذا كنت تخاف التحدث أمام الجمهور، فيوصي روزمارين ببناء المرونة من خلال رفع يدك في اجتماع، أو ارتداء شيء يلفت الانتباه إليك، أو حتى غناء الكاريوكي.

4- شارك مخاوفك

الخطوة التالية هي مشاركة مخاوفك مع شخص، إن أمكن، وطمأنة نفسك بأن القلق لن يستمر إلى الأبد، كما قال روزمارين، لـ«فوكس نيوز ديجيتال».

ونصح روزمارين بأن «احتضن القلق... اتركه يمضِ ودعْ نفسك تشعر بالمشاعر».

5- ابحث عن الهدوء

الخطوة الأخيرة، والتي قال روزمارين إنها الأكثر أهمية، هي التخلي عن القلق.

وذكر عالِم النفس أن البشر لديهم «نظام تبريد مدمج» يسمى نظام «الراحة والهضم» - والذي يساعد الجسم على الهدوء.

وتابع: «نحن بشر، وليست لدينا سيطرة على كل شيء. كلما تقبَّلنا ذلك، كان لدينا مزيد من الهدوء».