مصر: اقتناء اللوحات المميزة للسيارات يكرس «الوجاهة الاجتماعية»

مزادات متتالية لبيعها بملايين الجنيهات

مشاهير وفنانون يحرصون على الحصول على لوحات مميزة لسياراتهم (صفحة حمو بيكا على «فيسبوك»)
مشاهير وفنانون يحرصون على الحصول على لوحات مميزة لسياراتهم (صفحة حمو بيكا على «فيسبوك»)
TT

مصر: اقتناء اللوحات المميزة للسيارات يكرس «الوجاهة الاجتماعية»

مشاهير وفنانون يحرصون على الحصول على لوحات مميزة لسياراتهم (صفحة حمو بيكا على «فيسبوك»)
مشاهير وفنانون يحرصون على الحصول على لوحات مميزة لسياراتهم (صفحة حمو بيكا على «فيسبوك»)

في وقت كان يشيد فيه مسؤولون ومتابعون بالمعارض الحكومية الدائمة التي تم تدشينها بالشوارع والميادين لمحاربة الغلاء ودعم الفئات الاجتماعية الأقل دخلاً، لفتت مزادات بيع اللوحات المميزة للسيارات الانتباه لنمط جديد في البلاد يكرس «الوجاهة الاجتماعية» رغم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر راهناً.

ويتنافس في هذه الآونة أفراد عدّة على اللوحات المميزة للسيارات من خلال مزادات مطروحة عبر بوابة «مرور مصر الإلكترونية»، فبينما يخوض 4 أشخاص المنافسة على لوحة بعنوان «د أ م 5555» وصل سعرها إلى 405 آلاف جنيه مصري، يتنافس 5 آخرون على لوحة بعنوان «ق ط ن 1» وصل سعرها إلى 666 ألف جنيه، فيما يزايد 3 أشخاص على لوحة «ن ق 5555» وصل سعرها إلى 250 ألف جنيه.

هذا الاتجاه الجديد عبارة عن خدمة أطلقتها إدارة المرور بوزارة الداخلية المصرية عام 2018، وتعتمد على تكوين (حروف وأرقام) مميزة للوحات السيارات وطرحها في مزاد علني، ويذهب العائد لصندوق «تحيا مصر».

أحدث اللوحات المطروحة للمزايدة (بوابة مرور مصر الإلكترونية)

ووفق أستاذة علم الاجتماع المصرية الدكتورة سامية خضر فإن «اللوحات المميزة للسيارات تعبّر عن تفاوت طبقي لافت في مصر»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المزادات تهمّ فئة معينة من المجتمع، ممن يمتلكون وحدات أو شاليهات في الساحل الشمالي، ويتباهون بامتلاك أغلى السيارات، ومن ثم يسعون للحصول على أرقام مميزة لها».

مزادات بيع اللوحات المميزة للسيارات، ليست ظاهرة مصرية فقط، بل تعرفها مدن عربية أخرى سبقت مصر إلى هذا التقليد، لا سيما دبي التي بيعت فيها لوحة تحمل رقم (1) بمبلغ 110 ملايين درهم، وفق الخبير المروري اللواء صلاح عبد الوهاب الذي يوضح أن هذه الأموال تفيد في دعم اقتصاد الدولة.

وعن طريقة تحديد السعر المبدئي للمزادات يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لكل لوحة نسبة تميّز تمنحها قيمتها، فمثلاً لوحة بعنوان (1 / أ) ثمنها ليس مثل (555 / ب ح ب) هذه النسبة يبدأ بها المزاد بين مَن يرغبون في الاستحواذ على اللوحة»، ولفت إلى أن «هذه الأرقام والحروف المميزة موجودة بالفعل، ويمكن أن تذهب عشوائياً لأشخاص لا تمثل شيئاً بالنسبة لهم، لكن الآن ستكون هذه اللوحات المميزة مع مَن يريدها وبمقابل مادي يحدده المزاد».

وأثار فنانون ومشاهير مصريون من بينهم محمد رمضان، وحمو بيكا، وحسن شاكوش الجدل خلال الآونة الأخيرة بعد نشرهم صوراً تكرّس تباهيهم بسياراتهم الفارهة.

الفنانان محمد رمضان وعماد زيادة أمام سيارة فارهة (إنستغرام)

ومن اللوحات التي نشرها الموقع الإلكتروني الخاص بخدمة «كوّن لوحتك» كانت «أ هـ م 1» التي تفضي إلى وصف «أهم واحد»، وقد بيعت هذه اللوحة بمبلغ يقترب من 2 مليون جنيه، فيما بيعت لوحة «س ي ف 1» بمبلغ 605 آلاف جنيه مصري، وبيعت لوحة «د د د 111» بمبلغ 210 آلاف جنيه.

وأوضح «البنك الدّولي» في أحدث تقرير له أن الفقر في مصر، الذي يعود إلى عام 2022، معدله ارتفع إلى 32.5%، وأشار إلى «ارتفاع التفاوتات المكانية بين المناطق الريفية والحضرية، حيث يعيش نحو 66% من الفقراء في مناطق ريفية».

وأضافت سامية خضر: «هذه المزادات المليونية تؤكد وجود فئة قادرة مادياً في مصر يمكن للحكومة الاستفادة منهم مقابل شراء خدمة تمنحهم الوجاهة الاجتماعية»، وشددت على «أن هذا النهج الذي تتبعه الحكومة المصرية أخيراً لا يضر أحداً بل يفيد الدولة».

وروّج الموقع الإلكتروني لـ«بوابة مرور مصر» لقصص أشخاص فازوا بمزادات الأرقام المميزة، على غرار تاجر الفاكهة الذي يُدعى علي، والذي امتلك لوحة عنوانها «ع ل ي 3» ويشير الرقم (3) إلى رقم وكالته في سوق العبور (شرق القاهرة).

وهو ما تكرّر كذلك مع قصة رجل الأعمال الشاب سيف الذي اختار دمج تاريخ ميلاده مع اسمه في لوحة واحدة حملت عنوان «س ي ف 88».

«ملايين الجنيهات التي يدفعها بعض المزايدين نظير شراء لوحات مميزة قد لا تمثل لهم عبئاً مادياً على الإطلاق»، وفق عبد الوهاب الذي يوضح قائلاً: «إذا دفع بعض هؤلاء المزايدين مليوني جنيه على سبيل المثال في رقم لوحة مميّز فإن هذا المبلغ يكون بالنسبة له 20 جنيهاً، وهذا يواكب صيحة تباهي الأثرياء في الساحل الشمالي وبعض المنتجعات السكنية في شرق القاهرة التي أصادف فيها سيارات فارهة تحمل أرقاماً مميزة للغاية».

وعبّر متابعون عن اندهاشهم من ثمن اللوحات المميزة التي تفوق أسعارها ثمن السيارات.

ويعد الساحل الشمالي الغربي لمصر أحد أبرز الأماكن التي يستعرض فيها الأثرياء والمشاهير سياراتهم الفارهة، وأرقامها المميزة خلال شهور الصيف. وقد أثار الممثل ورجل الأعمال المصري عماد زيادة الجدل بشأن أسطول سياراته الفارهة بأحد منتجعات الساحل.

خدمة «كون لوحتك» قدم نماذج للمصريين أصحاب اللوحات المميزة (بوابة مرور مصر الإلكترونية)

بعض اللوحات المميزة تجذب الأنظار بسهولة لا سيما من المراهقين والشباب، وفق ما تؤكده سميرة خضر التي تقول: «ينبهني أحفادي أحياناً إليها ويزعمون أن ملّاكها من الشخصيات المهمة، وهو ما لا أراه عيباً، إذ تذهب حصيلة المزادات إلى صندوق (تحيا مصر)».

لكن عبد الهادي السويفي، الخبير الاقتصادي، وعضو مجلس الوحدة الاقتصادية العربية السابق، يحذر من «حدوث حساسيات بين الطبقات بسبب هذه المزادات»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كانت الدولة تريد إيرادات من الأثرياء فيجب أن تبحث عن طرق أخرى بعيداً عن إثارة الأحقاد الطبقية بهذه الأرقام المميزة للسيارات التي يمكن أن تستفز البسطاء في الشارع».

ويرى أن «ضرر هذه الأموال أكثر من فائدتها وإذا كان هناك توجه للاستفادة من الأثرياء فيمكن أن يكون ذلك بفرض ضرائب إضافية على السيارات الفارهة، بدلاً من إذكاء الحقد الاجتماعي». وفق تعبيره.

وصندوق «تحيا مصر» هو صندوق تابع لرئاسة الوزراء، أنشئ بقرار جمهوري لدعم الاقتصاد المصري، بمبادرات مثل «أطفال بلا مأوى» و«بالهنا والشفا» و«كلنا جنبك» و«بر أمان» و«إغاثة أهل غزة».


مقالات ذات صلة

مصر: ضحية جديدة تُصعّد حملة مكافحة التنمّر ضد الأطفال

يوميات الشرق وزارة التربية والتعليم أطلقت حملات لمكافحة التنمر (فيسبوك)

مصر: ضحية جديدة تُصعّد حملة مكافحة التنمّر ضد الأطفال

في حادث مأساوي بمحافظة الإسكندرية (شمال مصر)، تخلّصت طفلة (11 عاماً) في المرحلة الابتدائية بالتعليم من حياتها، بعد أن تعرضت لضغوط نفسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان شكري سرحان (حساب الإعلامي محسن سرحان على «فيسبوك»)

شكري سرحان يعود للأضواء بعد «انتقاد موهبته»

عاد الفنان المصري شكري سرحان الملقب بـ«ابن النيل» إلى الأضواء مجدداً بعد مرور 27 عاماً على رحيله، وذلك عقب «انتقاد موهبته»، وأن نجوميته كانت أكبر من موهبته.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس قرر القضاء تأجيل النظر في طعن على قرار الإعادة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق لكل مفقود قصة (شرطة ويست مدلاندز)

صورة مشوَّشة تكشف مكان بريطانية اختفت قبل 52 عاماً

عثرت الشرطة البريطانية على امرأة اختفت قبل أكثر من 5 عقود؛ وهي على قيد الحياة، بعدما نشر أفرادها صورة مشوَّشة لها، بُعيد 52 عاماً من اختفائها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكاتب أحمد المسلماني  (حساب المركز الإعلامي للهيئة الوطنية للإعلام بفيسبوك)

مصر: ترحيب بإلغاء الإعلانات بإذاعة «القرآن الكريم»

حظي قرار «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر بإلغاء «الفواصل الإعلانية» من إذاعة «القرآن الكريم» بردود فعل إيجابية وترحيب واسع عبر تعليقات «سوشيالية».

داليا ماهر (القاهرة )

باستخدام الذكاء الاصطناعي... محتال يوهم سيدة بأنه «براد بيت» ويسرق أموالها

الممثل الأميركي براد بيت (رويترز)
الممثل الأميركي براد بيت (رويترز)
TT

باستخدام الذكاء الاصطناعي... محتال يوهم سيدة بأنه «براد بيت» ويسرق أموالها

الممثل الأميركي براد بيت (رويترز)
الممثل الأميركي براد بيت (رويترز)

تعرضت امرأة فرنسية للاحتيال من قبل رجل أوهمها بأنه الممثل الأميركي الشهير براد بيت، باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وحصل منها على مبلغ 830 ألف يورو، بعد أن أقنعها بأنه يحبها ويحتاج إلى المال لتلقي علاج لمرض السرطان.

وحسب صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، فقد قالت السيدة البالغة من العمر 53 عاماً، إن «العلاقة» بينها وبين «براد بيت» المزيف، بدأت بعد وقت قصير من تلقيها رسالة من حساب يدَّعي أنه «جين إيتا بيت»، والدة نجم هوليوود، تخبرها فيها أنها «المرأة التي يحتاجها ابنها بالضبط».

وفي اليوم التالي، تحدث إليها المحتال مقلداً شكل وصوت براد بيت باستخدام الذكاء الاصطناعي، وطلب منها معرفة المزيد عنها.

وأضافت السيدة التي تعمل مصممة ديكور، أنه على مدار العام ونصف العام التاليين، كان «حبيبها» المزيف يرسل لها قصائد حب، ويطلب منها في النهاية الزواج منه، إلا أنه أخبرها أنه يتلقى علاجاً لسرطان الكلى، ويريد بعض المال لاستكمال علاجه.

وأخبر المحتال السيدة أيضاً أن زوجة بيت السابقة أنجلينا جولي جمَّدت حساباته المصرفية، ولم يكن لديه إمكانية للوصول إلى ثروته.

وبعد ذلك، تلقت السيدة بريداً إلكترونياً من شخص ادعى أنه طبيب براد بيت الخاص، أكد لها خلاله أن «بيت» يحتضر، ويكافح من أجل البقاء، وعند هذه النقطة حوَّلت السيدة نحو 800 ألف يورو إلى حساب للرجل موجود في تركيا.

علاوة على ذلك، طلبت السيدة الطلاق من زوجها، وهو رجل أعمال مليونير، حتى تتمكن من الزواج من «بيت» المزيف.

وتحقق الشرطة الآن في الخدعة التي تسببت في دخول السيدة إلى المستشفى بعد معاناتها من الاكتئاب.

وقالت مصممة الديكور لوسائل الإعلام الفرنسية: «لقد أحببت الرجل الذي كنت أتحدث معه. كان يعرف كيف يتحدث إلى النساء، وكان الأمر يبدو مقنعاً للغاية».

وعندما حذَّرت ابنة الضحية والدتها من أنها تتعرض للنصب، قالت لها: «سترين عندما يكون هنا شخصياً، ثم ستعتذرين».

ومع ذلك، أدركت المرأة أنها تعرضت للنصب في صيف عام 2024، عندما شوهد بيت الحقيقي مع شريكته الحالية إينيس دي رامون.