«وعاد مارون إلى بيروت» يشارك في «بينالي البندقية»

في العام الثلاثين لرحيله... وثائقي يُحيي ذكرى مارون بغدادي

«وعاد مارون الى بيروت» وثائقي يتناول حياة المخرج الراحل مارون بغدادي (فيروز سرحال)
«وعاد مارون الى بيروت» وثائقي يتناول حياة المخرج الراحل مارون بغدادي (فيروز سرحال)
TT

«وعاد مارون إلى بيروت» يشارك في «بينالي البندقية»

«وعاد مارون الى بيروت» وثائقي يتناول حياة المخرج الراحل مارون بغدادي (فيروز سرحال)
«وعاد مارون الى بيروت» وثائقي يتناول حياة المخرج الراحل مارون بغدادي (فيروز سرحال)

ذات يوم اتصلت المنتجة السينمائية سينتيا شقير بالمخرجة فيروز سرحال، وسألتها عن إمكانية إحياء الذكرى الـ30 لرحيل المخرج مارون بغدادي بطريقة معينة.

وجاء ردّ سرحال مترجماً بوثائقي يحكي عن مسيرة بغدادي، ويستضيف عدداً من الأشخاص الذين واكبوه في مسيرته الإخراجية، وتوضح فيروز سرحال لـ«الشرق الأوسط»: «ولدت فكرتي من كوني مخرجة تتناول سيرة مخرج راحل، فرغبت في استحضاره ليجول معي في مدينته التي عشقها؛ بيروت، ومن هنا استوحيت اسم الوثائقي (وعاد مارون إلى بيروت)».

حضّرت فيروز للفكرة بدقة، وبحثت في أفلامه، ووقفت على محطات أساسية في حياته، تقول: «لاحظت أن غالبية أفلامه تحكي عن بيروت وتدور فيها، فحمَلته إليها من جديد على طريقتي».

استغرق تنفيذ الفيلم نحو عام كامل (فيروز سرحال)

يشارك الفيلم يوم 4 و5 سبتمبر (أيلول) في مهرجان «بينالي البندقية»، وذلك ضمن فئة «كلاسيكيات فينيزيا»، أما عن كيفية اختياره للمسابقة فتخبرنا فيروز: «اتصلت شخصياً بإدارة المهرجان، ومن ثم تواصلت مع مدير قسم هذه الفئة فيديريكو جيروني، فرحّب بالفكرة، ووافق على أن يشارك الفيلم في المسابقة، فبدأنا العمل، واستغرق تنفيذه نحو عام كامل، ومنذ أيام قليلة انتهيت من عملية المونتاج».

ويُعدّ فيلم «وعاد مارون إلى بغداد» الوثائقي العربي الوحيد المشارك في الفئة المذكورة، فهناك 9 أفلام أجنبية أخرى اختيرت أيضاً للمشاركة، وسبق أن شارك المخرج الراحل في هذا المهرجان عام 1987. وعن فيلمه «الرجل المحجّب» استطاع يومها بطل العمل الفرنسي برنار جيرودو أن يحصد جائزة أفضل ممثّل.

فهل يعيد التاريخ نفسه ويحقّق فيلم «وعاد مارون إلى بيروت» النتيجة المرجوّة؟ تردّ فيروز سرحال: «يكفينا أنه اختير للمشاركة في المسابقة، وإذا ما حصد الجائزة فهو أمر يسعدنا من دون شك».

ثريا زوجة الراحل بغدادي من ضيوف الفيلم (فيروز سرحال)

تقول سرحال إن أفلام بغدادي ألهمتها كثيراً، واهتمامه الكبير بمدينته دفعها لتصوير الوثائقي في بيروت، «مناطق مختلفة تم التصوير فيها، سيما تلك التي ارتبط بها ارتباطاً وثيقاً مع العاصمة، لم أشأ أن يأتي هذا التكريم لبغدادي تقليدياً، نجمع فيه شهادات عنه من أفراد عائلته، ولذلك قرّرت التوسع وإجراء مقابلات مع عدد من الضيوف الذين عملوا معه وواكبوه، فالفيلم يحمل في طياته سيرة مارون بغدادي الإنسان والفنان والمناضل».

مدة عرض الفيلم تستغرق نحو ساعتين، ويتضمّن معلومات مكثّفة عنه، وتتابع فيروز: «من المناطق التي توقفنا عندها شارع الحمراء الذي كان يعني له كثيراً، فكان محطة أساسية عنده تماماً كبحر بيروت، فهي مواقع لم تكن تغيب عن أفلامه بتاتاً، وبالتالي مرّت الكاميرا على مناطق عاش فيها مارون بغدادي، فكما الصنائع كذلك تم التصوير في شارع الجميزة حيث عاش مع عائلته».

مجموعة السينمائيين الذين اختارتهم المخرجة فيروز سرحال ضيوفاً ليتحدّثوا عنه بينهم إليان الراهب، وميشال كمون، وهادي زكاك، ورنا عيد، وكذلك طلاب سينما تخرجوا حديثاً، وكل واحد منهم يحكي عن مارون بغدادي من ناحيته، ويناقشون أحوال السينما اللبنانية بين الأمس واليوم، فجاء محتوى الفيلم منوعاً بين وجهات نظر وآراء الضيوف عن المخرج الراحل.

حرصت سرحال على تصوير الفيلم في مدينة بيروت التي عشقها بغدادي (فيروز سرحال)

خلال الفيلم تتنقّل كاميرا فيروز سرحال في أماكن عامة كان يرتادها بغدادي، «ندخل إلى مقهى في شارع الحمرا الذي كان يُعرف بـ(هورس شو)، وكذلك نتمشى في حديقة الصنائع، وندخل صالات سينمائية عرضت أفلام بغدادي، وفي نهاية الفيلم ومع جميع ضيوف العمل ندخل سينما بيروتية صغيرة، هناك لا نودّع مارون، بل نشير إلى أن السينما لا تزال على قيد الحياة على الرغم من صعوبات كثيرة نواجهها بصفتنا سينمائيين لبنانيين، فمن عنوان الفيلم نستشفّ هذه الرسالة، وكأن السينما تُكمل مشواراً بدأه بغدادي منذ السبعينات».


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
TT

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، «تشريفاً تعتز به»، ومسؤولية في الوقت نفسه، مؤكدة أن «السينما العربية حققت حضوراً جيداً في المهرجانات الدولية». وأشارت، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، إلى أنها تنحاز للأفلام التي تُعبر عن أصالة الفكرة وروح المغامرة، منوهة بعملها على فيلمها الطويل الأول منذ 3 سنوات، لكنها لا تتعجّل تصويره؛ كون الأفلام الطويلة تتطلّب وقتاً، ولا سيما الأفلام الأولى التي تحمل تحديات على صُعُد القصة والإنتاج والممثلين، مُشيدة بالخطوات التي قطعتها السينما السعودية عبر أفلام حقّقت صدى محلياً ودولياً على غرار «نورة» و«مندوب الليل».

بدأت هند الفهاد عملها عام 2012، فأخرجت 4 أفلام قصيرة شاركت في مهرجانات عدة وهي: «بسطة» الذي فاز بجائزة في «مهرجان دبي» 2015، و«مقعد خلفي»، و«ثلاث عرائس وطائرة ورقية»، و«المرخ الأخير» الذي جاء ضمن فيلم «بلوغ»، وتضمّن 5 أفلام قصيرة لـ5 مخرجات سعوديات، وشارك قبل 3 أعوام في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وبين حضورها المهرجان في أحد أفلامها قبل سنوات، ومشاركتها بلجنة تحكيم العام الحالي، ترى هند الفهاد فرقاً كبيراً، موضحة: «أن أكون مشاركة في فيلم ويعتريني القلق والترقب شيء، وأن أكون أحد الأعضاء الذين يُسمّون هذه المشروعات شيء آخر، هذا تشريف ومسؤولية، إذ أشاهد الأفلام بمنظور البحث عن الاختلاف والتميز وأساليب جديدة لصناع أفلام في تناول موضوعاتهم، وأجدني أنحاز للأفلام التي تعبّر عن أصالة الفكرة وتقدم حكاية لا تشبه أي حكاية، وتنطوي على قدر من المغامرة الفنية، هذه من الأشياء المحفزة في التحكيم، وقد ترأستُ قبل ذلك لجنة تحكيم أفلام الطلبة في مهرجان أفلام السعودية».

لا تتعجل الفهاد فيلمها الطويل الأول (الشرق الأوسط)

وعن رؤيتها للسينما العربية بعد مشاهدتها أحدث إنتاجاتها في «مهرجان القاهرة»، تقول هند الفهاد: «لا شك في أنها قطعت خطوات واسعة في السنوات الأخيرة بحضورها في المهرجانات الكبرى؛ لأن لدينا حكايات تخصّنا، وهناك مخرجون ومخرجات أثبتوا حضورهم القوي عبر أفكار وأساليب متباينة، وأنا أقول دائماً إن الفكرة ليست في القصة، وإنما في كيف تروي هذه القصة ليتفاعل معها الجمهور في كل مكان».

وتكشف المخرجة السعودية عن استعدادها لتصوير فيلمها الروائي الطويل الأول الذي تعمل عليه منذ سنوات، قائلة: «كتبته المخرجة هناء العمير، ووصلنا أخيراً لنسخة السيناريو المناسبة، لكن الأفلام الطويلة، ولا سيما الأولى تحتاج إلى وقت للتحضير، خصوصاً إذا كان في المشروع تحديات على صُعُد القصة والممثلين والإنتاج».

وتتابع هند: «لم أحدّد بعدُ توقيت التصوير. وعلى الرغم من أنه مشروعي الأساسي، لكن هناك مشروعات أخرى أشتغل عليها، وفي تعدّدها أضمن استمرارية العمل لأكون حاضرة في المجال، فقد تكون هناك فكرة رائعة، لكن حين تُكتب نكتشف أنه من الصعب تنفيذها، لأسباب عدة».

وعن نوعية الفيلم تقول: «اجتماعيّ دراميّ، تدور أحداثه في غير الزمن الحالي. وانتهت مرحلة تطوير النص لفيلمي القصير، ووصل إلى النسخة المناسبة، وأنا، الآن، أختار أبطاله، وهو يروي حكاية تبدو في ظاهرها بسيطة، وتحمل أوجهاً عدّة، فأنا لا أُعدّ الأفلام القصيرة مرحلة وانتهت، بل أحب العمل عليها بشغف كبير في ظل ما أريده، والمعطيات من حولي وكيف أتقاطع مع هذه الأشياء».

وحاز مشروع فيلمها الطويل «شرشف» على منحة إنتاج من معمل البحر الأحمر، وترى هند الفهاد أن التّحدي الحقيقي ليس في التمويل؛ لأن النص الجيد والسيناريو المكتمل يجلبان التمويل، مُشيدة بتعدّد جهات الدعم في المملكة من منطلق الاهتمام الجاد بالسينما السعودية لتأسيس بنية قوية لصناعة السينما أوجدت صناديق تمويل متعددة.

وعلى الرغم من عمل هند الفهاد مستشارة في تطوير المحتوى والنصوص الدرامية، فإنها تواصل بجدية الانضمام إلى ورش السيناريو؛ بهدف اكتساب مزيد من الخبرات التي تُضيف لها بصفتها صانعة أفلام، وفق تأكيدها.

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

بدأت هند الفهاد مشوارها قبل القفزة التي حققتها صناعة السينما السعودية. وعن ذلك تقول: «كنا نحلم بخطوة صغيرة فجاءنا بحرٌ من الطموحات، لذا نعيش لحظة عظيمة لتمكين المرأة ورعاية المواهب المحلية بشكل عام، وقد كنّا نتطلع لهذا التّحول، وأذكر في بداياتي أنه كان وجود السينما أَشبه بالحلم، لا شك في أن نقلة كبيرة تحقّقت، لكن لا تزال التجربة في طور التشكيل وتتطلّب وقتاً، ونحن مهتمون بتطوير المواهب من خلال مشاركتها في مشروعات عربية وعالمية لاكتساب الخبرات، وقد حقّقت أعمالٌ مهمة نجاحاً دولياً لافتاً على غرار (نورة) و(مندوب الليل)».

وتُعبر هند الفهاد عن طموحاتها قائلة: «أتطلع لأحكي قصصنا للعالم، فالسينما هي الصوت الذي يخترق جميع الحواجز».