غموض حول مصير فيلم «الملحد» مع استمرار النزاع القضائي

وسط دعاوى متباينة

أبطال فيلم الملحد (الشركة المنتجة)
أبطال فيلم الملحد (الشركة المنتجة)
TT

غموض حول مصير فيلم «الملحد» مع استمرار النزاع القضائي

أبطال فيلم الملحد (الشركة المنتجة)
أبطال فيلم الملحد (الشركة المنتجة)

تحيط حالة من الغموض بمصير فيلم «المُلحد» بعد تأجيل عرضه في مصر الذي كان مقرراً في 14 أغسطس (آب) الحالي.

وكان الفيلم قد تحدد عرضه بعد حصوله على ترخيص من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، الذي تم تصنيفه «للكبار فقط (+16)»، وبمجرد بث الإعلان الرسمي للفيلم تعرض لهجوم شديد ومطالبات بمقاطعته، بينما دعا صناع الفيلم وشريحة من الجمهور لعدم الحكم عليه قبل مشاهدته، وهو ما أكدته الرقابة في بيان سابق لها.

ولاحقت الفيلم قضايا عدة حتى تقرر تأجيله دون إبداء أسباب.

وكانت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة قد قررت تأجيل دعوى أقامها المحامي المصري مرتضى منصور، مطالباً بوقف عرض الفيلم، إلى 24 سبتمبر (أيلول) المقبل لتقديم المستندات.

واختصم منصور في دعواه كلاً من وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، ورئيس الرقابة على المصنفات الفنية الدكتور خالد عبد الجليل، ومؤلف الفيلم إبراهيم عيسى، ومنتجه أحمد السبكي، مطالباً بسحب تراخيص الفيلم التي سبق وحصل عليها.

وأشار منصور في تصريحات صحافية إلى أن الهدف من هذه الدعوى هو حماية القيم والمبادئ التي نؤمن بها كجزء من تراثنا الثقافي والديني، كما رفع المخرج نادر سيف الدين دعوى قضائية طالب فيها بمنع عرض الفيلم؛ لأنه سبق أن قدمه بالفكرة نفسها والعنوان ذاته عام 2014.

في حين تقدم المحامي هاني سامح بدعوى أمام القضاء الإداري يطلب فيها الحكم بعرض فيلم الملحد وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عما اعتبره مقيم الدعوى «رضوخاً لخفافيش الظلام وفلول التيارات التكفيرية الرجعية»، بحسب ما ورد في الدعوى.

الملصق الدعائي لفيلم «الملحد» (الشركة المنتجة)

وفي ظل الغموض الذي يحيط بمصير الفيلم يرى المخرج السينمائي المصري مجدي أحمد علي أن «الرقابة هي المنوط بها الدفاع عن قراراتها»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «الرقابة هي التي راجعت السيناريو في البداية، وهي التي شاهدت نسخة الفيلم قبل عرضه، ومنحت ترخيصاً بالعرض، وهي الجهة الوحيدة المنوط بها هذه المهمة، فعليها أن تدافع عن قراراتها حتى لا تفقد دورها، في ظل الغموض الذي يحيط بعدم عرضه دون أي توضيح من أحد».

وتساءل المخرج المصري: «هل حينما أصنع فيلماً بعنوان (المجرم) أو (الملحد) يُمنع عرضه؟ أنا شخصياً ضد فكرة المنع طالما حاز ترخيصاً، كما أن (المُلحد) يعد فيلماً اجتماعياً وليس دينياً حتى يعرض على مؤسسة الأزهر التي تُرسل الرقابة إليها الأعمال الدينية والتاريخية لمراجعتها، وأنا واثق قبل أن أشاهده أنه يحارب الإلحاد ولا يدفع إليه».

وأبدى علي عدم تفاؤله بعرض الفيلم قائلاً: «من المهم أن تتدخل الدولة لحماية القانون الذي وضعته وإلا سنسلم ثقافتنا لأحكام التطرف التي لن تقف عند هذا الفيلم، بل قد تمتد لأشياء كثيرة في حياتنا».

والتزم صناع فيلم «الملحد» الصمت، وآثروا عدم التعليق على استمرار أزمة الفيلم. فبينما أشار مخرجه محمد العدل عبر حسابه على «فيسبوك» قبل ذلك لمنع الفيلم حينما كتب «المنع ليس هو الحل»، أرجع منتج الفيلم تأجيل العرض لعدم اكتمال أعمال المونتاج والمكساج.

فيما قال الناقد الفني المصري طارق الشناوي إن «الفيلم سيعرض بالتأكيد»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يوجد سند لعدم عرضه؛ لأنه حاز على ترخيص الرقابة، وهي بالطبع لن توافق على فيلم يسيء للدين الإسلامي ولا أي من الأديان السماوية».

وضرب الشناوي مثالاً بفيلم «بحب السينما» الذي تعرض لأزمة مماثلة وأنقذته لجنة شكلها وزير الثقافة الأسبق، حينذاك، فاروق حسني، من شخصيات ثقافية مستنيرة ضمت مسيحيين ومسلمين أجمعوا على عرض الفيلم، الذي تناول في أحداثه قصة أسرة مسيحية، وتم تصوير بعض مشاهده داخل إحدى الكنائس.

وحول القضايا التي تلاحق «المُلحد»، يؤكد الشناوي أنها «بلا سند قانوني، لأنه لا يوجد دليل لدى أصحابها كما ادعوا بتحريضه على الإلحاد». متسائلاً: «ما الدليل لديهم والفيلم لم يعرض بعد؟!».

وأشار الشناوي إلى أنه نما إلى علمه أن لجنة من الأزهر شاهدت الفيلم مؤخراً ولم تبد رأيها بعد.

ويتناول فيلم «المُلحد» قضية التطرف الديني والإلحاد من خلال رجل دين متشدد يُفاجَأ بنجله الطبيب الشاب يتمرد على أفكاره ويعلن إلحاده، وهو من بطولة أحمد حاتم، وحسين فهمي، ومحمود حميدة، وصابرين، وشيرين رضا، وتارا عماد.


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
TT

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات. كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة، وكل ما تسمعه صدى أزيز حشرة الزيز وأصوات الطيور، الذي يتردد على جوانب الجروف، حسب «بي بي سي» البريطانية .على مدى آلاف السنين، ظل ما يعرف بـ«الحفرة السماوية» أو «تيانكنغ»، كما تُسمى باللغة المندرينية، غير مكتشفة، مع خوف الناس من الشياطين والأشباح، التي تختبئ في الضباب المتصاعد من أعماقها. إلا أن طائرات الدرون وبعض الشجعان، الذين هبطوا إلى أماكن لم تطأها قدم بشر منذ أن كانت الديناصورات تجوب الأرض، كشفت عن كنوز جديدة، وحوّلت الحفر الصينية إلى معالم سياحية. ويُعتقد أن ثلثي الحفر، التي يزيد عددها عن 300 في العالم، توجد في الصين، منتشرة في غرب البلاد، منها 30 حفرة، وتضم مقاطعة «قوانغشي» في الجنوب أكبر عدد من هذه الحفر، مقارنة بأي مكان آخر. وتمثل أكبر وأحدث اكتشاف قبل عامين في غابة قديمة تحتوي على أشجار يصل ارتفاعها إلى 40 متراً (130 قدماً). تحبس هذه الحفر الزمن في باطنها، ما يحفظ النظم البيئية الفريدة والدقيقة لقرون. ومع ذلك، بدأ اكتشافها يجذب السياح والمطورين، ما أثار المخاوف من أن هذه الاكتشافات المدهشة والنادرة قد تضيع إلى الأبد.

بوجه عام، تعد هذه الحفر الأرضية نادرة، لكن الصين، خاصة «قوانغشي»، تضم كثيراً منها بفضل وفرة الصخور الجيرية. جدير بالذكر هنا أنه عندما يذيب نهر تحت الأرض الصخور الجيرية المحيطة ببطء، تتكون كهوف تتمدد صعوداً نحو الأرض. وفي النهاية، تنهار الأرض تاركة حفرة واسعة، ويجب أن يكون عمقها وعرضها لا يقل عن 100 متر حتى تُعدّ حفرة أرضية. وبعض الحفر، مثل تلك التي جرى اكتشافها في «قوانغشي» عام 2022، أكبر من ذلك، مع امتدادها لمسافة 300 متر في الأرض، وعرضها 150 متراً.

من وجهة نظر العلماء، تمثل هذه الحفر العميقة رحلة عبر الزمن، إلى مكان يمكنهم فيه دراسة الحيوانات والنباتات، التي كانوا يعتقدون أنها انقرضت. كما اكتشفوا أنواعاً لم يروا أو يعرفوا عنها من قبل، بما في ذلك أنواع من أزهار الأوركيد البرية، وأسماك الكهوف البيضاء الشبحية، وأنواع من العناكب والرخويات. وداخل محميات من الجروف الشاهقة، والجبال الوعرة، والكهوف الجيرية، ازدهرت هذه النباتات والحيوانات في أعماق الأرض.