هل يؤثر العمل من المنزل على الابتكار؟

العمل من المنزل قد يؤثر سلباً على الابتكار (رويترز)
العمل من المنزل قد يؤثر سلباً على الابتكار (رويترز)
TT

هل يؤثر العمل من المنزل على الابتكار؟

العمل من المنزل قد يؤثر سلباً على الابتكار (رويترز)
العمل من المنزل قد يؤثر سلباً على الابتكار (رويترز)

بعد تفشي وباء «كورونا» عام 2020، لجأ كثير من الشركات حول العالم إلى نظام العمل من المنزل لحماية الموظفين من خطر العدوى.

ومنذ ذلك الحين، بحث كثير من الدراسات عن تأثير العمل من المنزل على الموظفين وصحتهم وأدائهم وإنتاجيتهم، حيث أشار بعض الدراسات إلى أنه يزيد من الإنتاجية بشكل ملحوظ، فيما رجحت دراسات أخرى أنه يصيب الموظفين بالاكتئاب والعزلة ويؤثر سلباً على أدائهم.

ووفق صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية، فقد أشارت دراسة جديدة أجراها خبراء اقتصاد من جامعتَي «إسيكس» و«شيكاغو» إلى أن ثقافة العمل من المنزل المستمرة بعد الوباء تخنق الابتكار.

واستخدم الخبراء بيانات فريدة ومفصلة من شركة هندية لخدمات تكنولوجيا المعلومات، تضمنت قياس نشاط الابتكار لدى أكثر من 48 ألف موظفٍ عمل بعضهم من المكتب، والبعض الآخر من المنزل.

وركز الفريق على كمية ونوعية الأفكار التي توصل إليها الموظفون منذ وباء «كورونا».

ووجد الفريق أن كمية الأفكار لم تختلف بين الموظفين الذين عملوا من المنزل وأولئك الذين عملوا من المكتب، وأن ما اختلف هو جودة الأفكار.

فقد أثر العمل من المنزل سلباً على قدرة الأشخاص على جلب أفكار مبتكرة، وفقاً للدراسة.

وقال الباحث الرئيسي، الدكتور كريستوف سيمروث: «غالباً ما يحدث الابتكار من خلال تفاعلات عشوائية وعفوية بين الموظفين، وبالتالي؛ فإن غياب هذه التفاعلات نتيجة العمل من المنزل يؤثر سلباً على الابتكار وإمكانية جلب الأفكار الجيدة».

ويعارض كثير من الموظفين مثل هذا التفكير بأن العمل من المنزل يزيد من كفاءتهم؛ لأنهم يعملون في هدوء وراحة نفسية دون تشتت انتباههم بالمحادثات التي يتبادلها زملاؤهم في المكتب، وفق ما نقلته «نيويورك بوست».

وسبق أن أشارت دراسة أجريت في شهر يونيو (حزيران) الماضي، وشملت 1026 موظفاً في المملكة المتحدة، إلى أن العمل الهجين، حيث يقسم الموظفون وقتهم بين المنزل والمكتب، يعزز بشكل كبير السعادة والصحة والإنتاجية.

وسلطت الدراسة الضوء على فوائد العمل الهجين الكبيرة في رفاهية الموظفين؛ بما في ذلك تحسين النوم، وعادات الأكل الصحية، وتقليل التوتر، وتحسين الصحة بشكل عام.

وأظهرت النتائج الرئيسية أن 79 في المائة من المشاركين في هذه الدراسة شعروا باستنزاف أقل، و78 في المائة عانوا من إجهاد أقل، و72 في المائة شعروا بقلق أقل، نتيجة لتوجههم إلى العمل الهجين.

وتوصلت دراسة أخرى أجريت مطلع الشهر الحالي، بواسطة باحثين من جامعة «ماسترخت» بهولندا، إلى أن الموظفين الذين عملوا من المنزل حققوا مستويات إنتاجية أعلى، وعانوا من إنهاك وظيفي أقل، وكانوا أكثر رضا عن مكتبهم المنزلي.


مقالات ذات صلة

كيف يمكن للآباء مساعدة أبنائهم البالغين على الاستقلال مادياً؟

يوميات الشرق لا يزال أكثر من نصف أفراد الجيل «زد» والألفية يعتمدون مالياً على والديهم (رويترز)

كيف يمكن للآباء مساعدة أبنائهم البالغين على الاستقلال مادياً؟

يواجه كثير من الشبان والشابات البالغين صعوبة في الاستقلال المادي هذه الأيام، حيث من المؤكد أن التضخم العالمي جعل الأمر أكثر صعوبة على الأجيال الجديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق سيدة في أحد أماكن العمل في مومباي (أرشيفية - أ.ف.ب)

متى يصبح إرضاء زملاء العمل أمرا سلبيا؟

قد يكون وضع الآخرين قبل نفسك باستمرار سلوكاً نبيلاً، ولكن قد يأتي ذلك مع مزيد من الاستنزاف العاطفي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق قبل أن تتمكن من معالجة مهمة لا تريد القيام بها يجب أن تفهم سبب تجنُّبك لها في المقام الأول (رويترز)

7 طرق لمواجهة المهام المؤجلة التي لا ترغب في تنفيذها

إليك بعض الاستراتيجيات السلوكية المفيدة لكيفية التغلُّب على المهام غير المرغوب فيها، واستعادة إنتاجيتك وراحة بالك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الخطأ المهني الشائع الذي يرتكبه الناس والذي قد يجعلك «غير سعيد» هو عدم الصدق بشأن أولوياتك (رويترز)

خبير: الموظفون الذين يرتكبون هذا الخطأ هم «الأكثر تعاسةً»

قد يبدو تحقيق هدف مهني طويل الأمد، سواءً كان ذلك تجاوُز الـ6 أرقام في راتبك، أو الحصول على ترقية ضخمة، بمثابة الحل للشعور بالرضا التام في العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد باحث عن عمل يكمل طلب وظيفة بمعرض الوظائف في فيلادلفيا (رويترز)

بعد المراجعة... الاقتصاد الأميركي خلق 818 ألف وظيفة أقل من المعلن سابقاً

قالت وزارة العمل الأميركية، يوم الأربعاء، إن أرباب العمل في الولايات المتحدة أضافوا وظائف أقل بكثير مما ورد في الأصل في العام حتى مارس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«كلماشي»... منصة تعكس تفرّد أسلوب المعيشة السعودي وتنوّعه

يابانيون يجربون منتجات سعودية (فيديو لمنصة «كلماشي» - الشرق الأوسط)
يابانيون يجربون منتجات سعودية (فيديو لمنصة «كلماشي» - الشرق الأوسط)
TT

«كلماشي»... منصة تعكس تفرّد أسلوب المعيشة السعودي وتنوّعه

يابانيون يجربون منتجات سعودية (فيديو لمنصة «كلماشي» - الشرق الأوسط)
يابانيون يجربون منتجات سعودية (فيديو لمنصة «كلماشي» - الشرق الأوسط)

حين تقرّر تناول العشاء في أحد مطاعم مدينة الرياض فإن اختيار المطعم لن يكون أمراً سهلاً، فهي مدينة نابضة بالحياة وممتلئة بالتنوّع، ومن هذه الحيرة جاءت فكرة منصة «كلماشي»، التي بدأت عام 2022 بوصفها وسيلة لنقل توصيات أبرز مطاعم الرياض وتجاربها الثقافية، بما يساعد الفرد على تحديد وجهته، ومن ثَمّ تحوّلت لمنصة تعكس أسلوب المعيشة في السعودية وترويجها عبر منتجات إعلامية وتجارب فعليّة.

عن قصة هذه المنصة، يتحدث عبد الكريم الربيعة مؤسس «كلماشي» لـ«الشرق الأوسط»، الذي عمل لفترة في الاقتصاد الإبداعي، وتحديداً في قطاعي الدعاية والإعلان، وقرر بعدها التوقف عن هذا المجال والاتجاه نحو صناعة المحتوى، قائلاً: «بدأت بشكل رئيسي في عمل قوائم توصيات عن أفضل المطاعم في السعودية، بما كان يشبه الحاصل في محتوى المنتديات قديماً، من تغطية لزيارات المطاعم». ويتابع: «أردت تجربة إنشاء منتجات إعلامية مقروءة، وإثبات أن الناس ما زالت مهتمة بالقراءة، ومن هناك كان المنتج الأول لنا من خلال توصيات المطاعم».

«طبخة خلا» برنامج أُضيف لمنتجات «كلماشي» مؤخراً (الشرق الأوسط)⁩

ويبدو لافتاً ما ذكره الربيعة من أن منصة «كلماشي» لا تأخذ مقابلاً مادياً على هيئة إعلانات من المطاعم والمقاهي للحفاظ على حيادية التوصيات ومصداقيتها، إذ تأتي مصادر دخل المنصة بشكل مختلف، وبعد أول قائمة أصدرتها «كلماشي» تحوّلت المنصة إلى شركة تضمّ عدداً من صنّاع المحتوى الموهوبين الذين يُقدّر عددهم اليوم بـ25 موظفاً.

استهداف الـ«تيك توك»

من ناحيته، يتحدث الرئيس التنفيذي للمنصة صالح العودان، لـ«الشرق الأوسط»، عن مرحلة ما بعد القوائم، قائلاً: إن «غالبية الشباب في الفريق قادمون من قطاع الدعاية والإعلام، واتجهوا لصناعة الفيديوهات، في ظل معرفتهم باهتمامات الشباب، وركزنا على (تيك توك) في صناعة محتوى بشكلٍ طولي يناسب هذا التطبيق، وتوسعنا إلى توثيق العيشة والمعيشة في السعودية».

نماذج لمقاطع الفيديو التي تركز على أسلوب المعيشة في السعودية (الشرق الأوسط)

وعن الجمهور الذي تستهدفه «كلماشي»، يقول الرئيس التنفيذي: «جميع الموجودين في السعودية، وهدفنا أن نوفر محتوى يضاعف من جودة الحياة التي يعيشونها في البلاد، ونرتكز على ثلاثة محاور في المحتوى الذي نصنعه: الأطعمة، والتراث، والوجهات. كما نتعاون مع جهات حكومية مختصة في ذلك».

وعودة لأول قائمة أصدرتها «كلماشي»، فكانت بعنوان «وش ثاني أفضل شاورما في الرياض؟»، وجاء العنوان هذا باعتبار أن المركز الأول من الصعب حسمه، إذ شهدت هذه القائمة رواجاً كبيراً، وبعدها توالت القوائم، مثل «ليه نحب السعودية؟»، وكذلك «وش تأكل بالرياض بعد الواحدة فجراً؟»، وقائمة أفضل ساندويش في مدينة الرياض، وكثير غيرها. يقول الربيعة: «كل هذه القوائم في الموقع الإلكتروني، حيث بإمكان الزوار الدخول لتصفحها، وكان عدد القراء يصل لنحو 10 آلاف أسبوعياً».

سلسلة «منتجات غزت العالم» أطلقتها المنصة للتعريف بتأثير الثقافة السعودية (الشرق الأوسط)

منتجات غزت العالم

لم تكتفِ «كلماشي» بذلك، فقد أطلق القائمون على المنصة تجارب أخرى منوَّعة، وصوّروا مقاطع فيديو لهذه التجارب والأفكار، مثل «منتجات غزت العالم»، وهي سلسلة تتضمن قصصاً تعتمد على الثقافة السعودية وتصديرها إلى العالم. وحملت هذه السّلسلة عناوين لافتة، مثل: «سكري عنيزة في هولندا»، و«أهل الزلفي يشغلون ستاربكس روسيا»، و«لويس فيتون تملك مزرعة في سدير»، و«رحلة العسل من باكستان لجدة»، و«السعودية غيّرت ماكدونالدز العالمية»، وغيرها.

«طبخة خلا» برنامج أُضيف لمنتجات «كلماشي» مؤخراً (الشرق الأوسط)⁩

وعام 2023، أطلقت المنصة مطبخاً صيفياً لتوثيق الحياة السعودية الجديدة، إلى جانب برنامج «طبخة خلا»، وهو برنامج طبخ برّي يوّثق أساليب الطهي المحلية في أماكن فريدة حول السعودية، وأخيراً برنامج طبخ منزلي «أكلات شعبية مع أم عبد العزيز»، الذي يوثق أساليب الطّهي المحلية النجدية مع السيدة أم عبد العزيز وعاملتها. وهنا يقول صالح: «كما ترون، في كل محتوى نعمل عليه نعود للمحاور الثلاثة التي تحدثنا عنها! (الأطعمة والتراث والوجهات)».

100 مليون مشاهدة

وعن أكثر سلسلة حققت انتشاراً كبيراً، يشير الفريق إلى سلسلة «الرياض تقول حيّكم»، التي تجاوزت وحدها حدود الـ10 ملايين مشاهدة، وكانت بالتعاون مع الهيئة السعودية للسياحة. هنا يوضح صالح: «حتى اليوم تخطى إجمالي محتوى (كلماشي) 100 مليون مشاهدة في مختلف المنصات». وعن الوجهات السعودية التي تروّج لها «كلماشي»، يقول: «صنعنا محتوى عن عسير، كما ظهرت الدّرعية في المحتوى الذي نقدمه بشكل كبير، ولأننا من سكان الرياض فكان لها نصيب الأسد، وكذلك تناولنا الخُبر والأحساء ومكة المكرمة والمدينة المنورة، ولكل مدينة في المملكة تفرّدها الخاص، وهو ما نُحاول إظهاره للناس».

سلسلة تقارير أطلقتها «كلماشي» بالتعاون مع دارة الملك عبد العزيز (الشرق الأوسط)

وعن توجه المنصة حالياً، يقول: «نهدف لأن نكون وسيلة تعكس تفرّد أسلوب المعيشة السعودي وتنوّعه»، لكن كيف يتحقق ذلك؟ في حين يعود الربيعة للإشارة إلى خلق منتجات إعلامية، وتجارب تفاعلية وفعاليات، ومنتجات استهلاكية وأطعمة وشراكات إعلامية. في المجالات التالية: الأكل، والأفلام، والمسرح، والموسيقى، والفنون، والأزياء، والعمارة، والتراث، وحياة الشباب السعودي اليومية.