متى يصبح إرضاء زملاء العمل أمرا سلبيا؟

خبيرة تحذر من خطر الاستنزاف العاطفي

سيدة في أحد أماكن العمل في مومباي (أرشيفية - أ.ف.ب)
سيدة في أحد أماكن العمل في مومباي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

متى يصبح إرضاء زملاء العمل أمرا سلبيا؟

سيدة في أحد أماكن العمل في مومباي (أرشيفية - أ.ف.ب)
سيدة في أحد أماكن العمل في مومباي (أرشيفية - أ.ف.ب)

قد يكون وضع الآخرين قبل نفسك باستمرار سلوكاً نبيلاً، ولكن قد يأتي ذلك مع مزيد من الاستنزاف العاطفي.

ووفقاً لهايلي ماغي، مؤلفة كتاب المساعدة الذاتية «توقف عن إرضاء الناس واعثر على قوتك»، الذي نُشر في مايو (أيار) الماضي، فإنها تنصح إذا وجدت نفسك يوماً تشعر بالاستنزاف العاطفي - مثل أنك غير قادر على قول «لا» أبداً، أو ستفقد مكانتك بصفتك موظفاً استثنائياً، على سبيل المثال - فقد تكون في ورطة.

وتقول ماغي أخيراً في بودكاست التابع لمجلة «هارفارد بيزنيس ريفيو»: «إرضاء الناس هو وضع احتياجات الآخرين ومشاعرهم ورغباتهم وأحلامهم أولاً على حساب احتياجاتك ومشاعرك ورغباتك وأحلامك، لذا فإن الأمر لا يتعلق فقط باللطف والسخاء، بل يتعلق بالتضحية بنفسك».

وتتابع ماغي، التي تعمل أيضاً مع العملاء لمساعدتهم على تعديل ميولهم لإرضاء الناس، إن السمة تظهر عادةً بـ3 طرق في مكان العمل:

أولاً: عدم الرغبة في التعبير عن احتياجاتك، مثل طلب إجازة أو موعد نهائي ممتد بعد إضافة مزيد إلى عبء العمل، وثانياً: إرهاق نفسك في مهمة إضافية نيابة عن زميل، وثالثاً: الاستسلام للضغوط المجتمعية.

ويذكر تقرير لشبكة «سي إن بي سي» أنه وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة «يو غوف» في عام 2022 على 1000 بالغ في الولايات المتحدة، فقد قال 49 في المائة من المستجيبين إنهم بالتأكيد أو ربما يُرْضُون الناس.

ويميل المهنيون الذين يحددون أنفسهم «معطائين» في العمل - أو غالباً ما يسألون السؤال: «ماذا يمكنني أن أفعل من أجلك؟» - إلى أن يكونوا محبوبين من قبل رؤسائهم وزملائهم، وفقاً لعالم النفس التنظيمي في وارتون آدم غرانت. ولكن يمكن أن يكون ذلك على حسابهم الخاص.

وفي هذا السياق، تقول ماغي: «عندما نعطي من خلال منظور إرضاء الناس، قد نبدو في الخارج مرتاحين أو سعداء أو مرنين. ولكن في داخلنا، عادة ما نشعر بالاستياء أو الإرهاق الشديد».

كيف تتخلص من هذه العادة؟

إن إرضاء الناس ليس سيئاً بطبيعته. ما عليك سوى إدراك متى يؤثر ذلك فيك سلباً، كما تقول ماغي. وتضيف أن عليك الانتباه إلى اللحظات التي تجد نفسك فيها تتجاوز حدودك من أجل الآخرين، وكيف تشعر جسدياً أو عاطفياً بعد القيام بذلك.

وتتابع ماغي: «كثير منا لديهم هذه العادة دون أن يكونوا مدركين تماماً لها، لذا فإن من المفيد حقاً أن نلفت انتباهنا إلى (متى أكون مُرضياً للناس؟ ما العلامات التي تشير إلى أن شيئاً ما لا يعمل معي؟)».

وبمجرد أن تدرك ميولك، يمكنك إنشاء عادة جديدة تتمثل في إبعاد نفسك عن المواقف التي تجبرك على ذلك. حاول تطوير «سياسة شخصية» حول رسائل البريد الإلكتروني والرسائل الأخرى، كما كتبت المؤلفة والمدربة ميلودي وايلدينغ على موقع «لينكد إن» في فبراير (شباط): «امنح نفسك فترة سماح قبل الرد على أي شيء ليس عاجلاً حقاً».

وربما تتوقف عن قبول الاجتماعات بعد وقت العمل؛ لضمان الوقت لنفسك لإنهاء مهام كل يوم. أو استخدم «الصمت الاستراتيجي»، كما قالت وايلدينغ: «احرص على التزام الصمت عمداً في اللحظات التي قد ترفع فيها يدك لطلب عمل إضافي أو مساعدة شخص آخر، ستدرّب بذلك عقلك على التفكير قبل التصرف، وتمنح نفسك شعوراً أقوى بالسيطرة».

وتضيف المدربة وايلدينغ: «ربما لا تحتاج إلى التوقف عن مساعدة الآخرين في العمل تماماً. إذا كان لديك بعض الوقت الإضافي لمساعدة شخص ما، ولم تكن تشعر بالفعل بالإرهاق، فإن القيام بذلك يمكن أن يجعلك تشعر بسعادة أكبر ويعزز علاقاتك في مكان العمل. لكن ذلك لن يصبح (القاعدة)».


مقالات ذات صلة

كيف يمكن للآباء مساعدة أبنائهم البالغين على الاستقلال مادياً؟

يوميات الشرق لا يزال أكثر من نصف أفراد الجيل «زد» والألفية يعتمدون مالياً على والديهم (رويترز)

كيف يمكن للآباء مساعدة أبنائهم البالغين على الاستقلال مادياً؟

يواجه كثير من الشبان والشابات البالغين صعوبة في الاستقلال المادي هذه الأيام، حيث من المؤكد أن التضخم العالمي جعل الأمر أكثر صعوبة على الأجيال الجديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قبل أن تتمكن من معالجة مهمة لا تريد القيام بها يجب أن تفهم سبب تجنُّبك لها في المقام الأول (رويترز)

7 طرق لمواجهة المهام المؤجلة التي لا ترغب في تنفيذها

إليك بعض الاستراتيجيات السلوكية المفيدة لكيفية التغلُّب على المهام غير المرغوب فيها، واستعادة إنتاجيتك وراحة بالك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الخطأ المهني الشائع الذي يرتكبه الناس والذي قد يجعلك «غير سعيد» هو عدم الصدق بشأن أولوياتك (رويترز)

خبير: الموظفون الذين يرتكبون هذا الخطأ هم «الأكثر تعاسةً»

قد يبدو تحقيق هدف مهني طويل الأمد، سواءً كان ذلك تجاوُز الـ6 أرقام في راتبك، أو الحصول على ترقية ضخمة، بمثابة الحل للشعور بالرضا التام في العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد باحث عن عمل يكمل طلب وظيفة بمعرض الوظائف في فيلادلفيا (رويترز)

بعد المراجعة... الاقتصاد الأميركي خلق 818 ألف وظيفة أقل من المعلن سابقاً

قالت وزارة العمل الأميركية، يوم الأربعاء، إن أرباب العمل في الولايات المتحدة أضافوا وظائف أقل بكثير مما ورد في الأصل في العام حتى مارس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق ينبغي عليك أن تركز جيداً في الأسئلة التي ستطرحها على موظف قسم الموارد البشرية الذي يُجري المقابلة معك (رويترز)

للفوز بوظيفة أحلامك... تجنّب طرح هذا السؤال خلال مقابلة العمل

عند ذهابك لمقابلة العمل للحصول على وظيفة أحلامك، ينبغي عليك أن تركز جيداً في الأسئلة التي ستطرحها على موظف قسم الموارد البشرية الذي يُجري المقابلة معك.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لماذا ينصح العلماء بإهمال نصائح المُعمِّرين للعيش أكثر من 100 عام؟

طول العمر حظٌّ أم حسرة؟ (إ.ب.أ)
طول العمر حظٌّ أم حسرة؟ (إ.ب.أ)
TT

لماذا ينصح العلماء بإهمال نصائح المُعمِّرين للعيش أكثر من 100 عام؟

طول العمر حظٌّ أم حسرة؟ (إ.ب.أ)
طول العمر حظٌّ أم حسرة؟ (إ.ب.أ)

تستمرّ محاولات العلماء لمعرفة سبب عيش البعض لأكثر من 100 عام؛ لكنهم يتّفقون على أنه من الأفضل تجنُّب أخذ النصيحة من المعمِّرين أنفسهم. وذكرت «الغارديان» أنّ وفاة أقدم امرأة في العالم، ماريا برانياس موريرا، عن 117 عاماً، قد تجعل كثيرين يتساءلون عن أسرار الحياة الطويلة؛ لكن العلماء ينصحون بتجنُّب ذلك.

ووفق موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، اعتقدت موريرا أنّ طول عمرها ناتج عن «النظام، والهدوء، والاتصال الجيّد بالعائلة والأصدقاء والطبيعة، بالإضافة إلى الاستقرار العاطفي، وعدم القلق، وعدم الندم، وكثير من الإيجابية، والابتعاد عن السامِّين».

مع ذلك، قال أستاذ علم الشيخوخة الحيوية في جامعة «برايتون»، ريتشارد فاراغر، إنّ العلماء لا يزالون يحاولون معرفة سبب عيش البعض لأكثر من قرن. وتحدّث عن نظريتَيْن رئيسيتَيْن: «الأولى، أن بعض الأفراد كانوا محظوظين ببساطة. فتحلّي معمّرين بعادات معيّنة لا يعني أنها أثمرت طول العمر. ذلك خطأ في المنطق يُعرف باسم (تحيُّز البقاء على قيد الحياة). والثانية، أنّ لدى المعمِّرين سمات وراثية تُجهّزهم لعيش أطول، فيصبحون بنتيجتها أكثر قوة».

ورغم تأكيده صحّة النظريتين، عقَّب: «لا تأخذ نصائح الصحّة وأسلوب الحياة من المعمِّرين أبداً». وتابع: «معظمهم لا يمارسون تمارين رياضية مكثّفة. وغالباً تكون وجباتهم الغذائية غير صحّية»؛ مشيراً إلى أنّ بعضهم كانوا أيضاً مدخّنين. وقال: «هذا يأتي في مواجهة أدلة وبائية لدينا، حول كيفية تمديد العمر الصحّي المتوقَّع للإنسان»؛ مشيراً إلى أنّ دراسة كبيرة وجدت أنّ عدم التدخين، وممارسة الرياضة، والشرب باعتدال، وتناول 5 حصص من الفاكهة والخضراوات يومياً، يمكن أن ترفع متوسّط العمر المتوقَّع بنسبة تصل إلى 14 عاماً.

بدورها، اعترفت برانياس بأنّ الحظ لعب دوراً في طول عمرها، بينما نسبت ابنتها روزا موريت ذلك إلى علم الوراثة، فقالت لتلفزيون كاتالونيا الإقليمي: «لم تذهب أبداً إلى المستشفى، ولم تكسر أي عظام، إنها بخير، ليس لديها ألم». أما فاراغر، فأضاف أنّ عدداً من الاحتمالات المقترحة لِما يجعل المعمِّرين يعيشون أطول، يمكن أن تكون أمثلة على السببية العكسية. كأن تكون الفكرة القائلة إنّ وجود منظور ذهني إيجابي يمكن أن يساعد في العيش لفترة طويلة جداً، على الأقل جزئياً، متجذِّرة في كون الناس أكثر تفاؤلاً؛ لأنّ لديهم صحّة أفضل».

وأضاف أنّ إحدى المشكلات هي أنه عند النظر في المعمِّرين، يطغى ميل إلى التركيز على أشياء قد تكون ساعدت في بقائهم أحياء: «لكننا نهمل العوامل التي تعوقهم».

من جهته، قال عالم الوراثة في جامعة «كوليدج لندن»، البروفسور ديفيد جيمس، إنه بينما كان الجنس عاملاً مهماً في طول العمر -إذ تتقدّم النساء في العمر بشكل أبطأ من الرجال- فقد اتفق على أهمية الحظ؛ مشيراً إلى أنّ أحد الأمثلة هو التباين الطبيعي في معدّل الشيخوخة. وإذ تساعد جرعة من الحظّ على المستوى الفردي في تفسير سبب عيش بعض الأشخاص لأكثر من 100 عام، يقول الخبراء إنّ ثمة عوامل قد تساعد في تحسين متوسّط العمر المتوقَّع على مستوى السكان، بما فيها تحسين الرعاية الصحّية والنظافة الشخصية.

أما الرئيس التنفيذي لـ«مركز طول العمر الدولي»، ديفيد سينكلير، فقال: «ما بدأنا في رؤيته منذ نحو 100 عام هو تقدُّم هائل في متوسّط العمر المتوقَّع، مدفوعاً بتحسينات في تقليل احتمال وفاة الأطفال»؛ مشيراً إلى أنّ ذلك كان، إلى حد بعيد، بسبب إدخال اللقاحات والمياه النظيفة. وتابع: «ما شهدناه في الـ20 عاماً الماضية، وسنشاهده في الـ20 عاماً المقبلة، هو تركيز مماثل فيما يتعلق بالعمر»، مؤكداً أنه يشمل تحسينات في لقاحات الإنفلونزا، والتهاب الهربس النطاقي، والستاتينات، وأدوية أخرى من شأنها المساعدة في زيادة متوسّط العمر المتوقَّع بين كبار السنّ».

لكنه قال إن الحكومات تحتاج أيضاً إلى إجراءات تساعد الأفراد على اتخاذ خيارات صحّية، من شأنها مساعدتهم على العيش أطول، مضيفاً أنّ عدداً من الناس يعيشون في بيئات تصعب فيها ممارسة الرياضة أو تناول الطعام بشكل جيّد أو تجنُّب التلوّث. وحتى إنْ عاش الشخص لأكثر من 100 عام، فليس بالضرورة أن تكون الحياة مليئة بالبالونات وكعك عيد الميلاد المُشتعل. فبينما كانت قصص المعمِّرين تميل إلى التفاؤل، غالباً ما ظهر أنهم واجهوا تحدّيات، مثل العيش بمفردهم لسنوات.

وختم سينكلير: «الحقيقة ليست دائماً إيجابية كما تبدو».