أمّهاتٌ قاتلات وأزواجٌ مجرمون... «راوية الجريمة» تعرض أفظع الجرائم الواقعيّة

بودكاست عبر «الشرق» يدخل دماغ القتلة ليخرج بخلاصاتٍ تفيد المجتمع

أمّهاتٌ قاتلات وأزواجٌ مجرمون... «راوية الجريمة» تعرض أفظع الجرائم الواقعيّة
TT

أمّهاتٌ قاتلات وأزواجٌ مجرمون... «راوية الجريمة» تعرض أفظع الجرائم الواقعيّة

أمّهاتٌ قاتلات وأزواجٌ مجرمون... «راوية الجريمة» تعرض أفظع الجرائم الواقعيّة

كل ما يدور في فلك الجريمة الحقيقية جاذبٌ للجمهور، أكانت الوثائقيات التي تستثمر فيها المنصات العالمية ملايين الدولارات، أم الحلقات التلفزيونية والأفلام. أما آخر صيحات هذا الصنف، فهو برامج «البودكاست» التي تحاول الإحاطة بأبرز الجرائم حول العالم وأكثرها غرابةً.

ليس هذا النوع من البودكاست منتشراً في العالم العربي، حيث تكاد تُعدّ هكذا مشاريع إعلامية على أصابع اليد الواحدة. برز من بينها مؤخراً بودكاست «راوية الجريمة»، الذي يُعرض أسبوعياً على منصّات «الشرق بودكاست» التابعة لمؤسسة «الشرق للأخبار».

«ترند» الجريمة

تؤكّد منتجة البودكاست زينة طبّارة في حديثٍ مع «الشرق الأوسط» أنّ المحتوى المتخصص في عالم الجريمة الحقيقيّة أو الـ«True Crime» تحوّل إلى «ترند»، بدليل أنه «في الولايات المتحدة على سبيل المثال، يتصدّر موضوع الجريمة الواقعية قوائم البودكاست الأكثر استماعاً ومشاهدةً». أما السبب وراء جماهيريّة هذه المادة الإعلامية، فتعزوه طبّارة إلى «أسلوب السرد والتشويق الذي تعتمده، إضافةً إلى دمجها بين الصحافة الاستقصائية وحلّ الألغاز المنبثقة من الواقع».

عن اختيار هذا الموضوع دون سواه ليكون نجم البودكاست، تقول معدّة ومقدّمة «راوية الجريمة» بشاير المطيري إنّه «يجمع ما بين التشويق والمعرفة، كما أنه يسهم في زيادة الوعي حول خطورة الجريمة على الفرد والمجتمع». وتشرح المطيري أنّ كل حلقة من «راوية الجريمة» تعرض تفاصيل جريمة واقعية، وتطرح الأسئلة الافتراضية في الختام بهدف توعية الجمهور؛ «لئلّا تمرّ الجرائم من دون عبرة».

معدّة ومقدّمة بودكاست «راوية الجريمة» الصحافية السعودية بشاير المطيري (الشرق بودكاست)

أمّهاتٌ قاتلات...

أكثر الحلقات التي تركت أثراً صادماً ليس على المشاهدين فحسب، بل على فريق عمل البودكاست كذلك، تلك التي سلّطت الضوء على جرائم قتل أمّهات لأطفالهنّ. توضح المطيري أنهنّ «أمهات آتيات من خلفيّات اجتماعية وثقافية متعدّدة؛ منهنّ المتعلّمات والأمّيّات، ربّات منازل وسيّدات أعمال... أما الرابط المشترك بين غالبيّتهنّ فهو تفكيرهنّ بالانتحار أو إقدامهنّ عليه بالتوازي مع ارتكابهنّ جرائم قتل أطفالهنّ».

في الولايات المتحدة، قدّر الأطبّاء النفسيون نسبة الأمهات اللواتي راودتهنّ فكرة قتل أطفالهنّ، بواحدة من بين كل 4 أمهات. وأثبتت الدراسات أن السبب الرئيسي يكمن فيما يسمّى طبياً «اكتئاب ما بعد الولادة»، الذي لا يجري تشخيصه وعلاجه في الوقت المناسب. تؤكد المطيري هنا أن تلك الحلقات من «راوية الجريمة» شكّلت مناسبةً لتسليط الضوء على أهمية دعم الصحة النفسية للأمهات؛ أي إنها مزجت ما بين الإثارة التلفزيونية والإفادة الاجتماعية.

وبما أن الجرائم التي تقع في قلب العائلة الواحدة هي من بين الأكثر جذباً للمشاهدين، فإنّ فريق عمل «راوية الجريمة» يستعدّ لإطلاق سلسلة بعنوان «خداع» منبثقة عن البودكاست الأمّ. وتركّز هذه السلسلة على جرائم زوجيّة وما خلفها من دوافع.

مادّة إعلاميّة جذّابة

أثبتت تجربة بودكاست «راوية الجريمة» المستمرة منذ سنة، أنّ الجريمة الحقيقيّة مادّة جاذبة للجمهور. تقول المطيري في هذا السياق: «لمسنا ذلك من خلال نسبة المشاهدة والاستماع والتفاعل من قِبَل المتابعين، فالناس على اختلاف انتماءاتهم الثقافية والاجتماعية تشدّهم متابعة أخبار الجرائم ودوافعها؛ من القتل والعنف إلى الطمع، مروراً بالانتقام والاحتيال، وغيرها من الدوافع».

في المقابل، تشكو المنتجة زينة طبّارة من «النقص الكبير في المحتوى العربي الخاص بعالم الجريمة، على الرغم من أنّ شهيّة الجمهور مفتوحة عليه»، مع العلم أنّ إنتاج محتوى أصليّ في هذا المجال يتيح فتح نقاشاتٍ مفيدة ضمن مجتمعاتنا العربية، وفق طبّارة.

منتجة بودكاست «راوية الجريمة» الإعلامية اللبنانية زينة طبّارة (الشرق بودكاست)

جرائم العصر...

من أبرز المواضيع التي تطرّقت إليها حلقات «راوية الجريمة»، قضية مقتل المغنية الأميركية سيلينا على يد إحدى معجباتها، وضحايا جراحات التجميل، وطريقة تفكير القتلة المتسلسلين، وقصة المرأة التي دفنت زوجها حياً، إضافةً إلى قضية آكل لحوم البشر الياباني إيسي ساغاوا، وغيرها من القضايا المثيرة للفضول والجدل.

تشير المطيري إلى أنّ الأولوية هي لتقديم محتوى واقعي يسرد تفاصيل الجرائم، آخذاً في الاعتبار طبيعة المجتمعات العربية، والعبرة التي يجنيها المُشاهد. أما اختيار المواضيع فيحصل من خلال التشاور بين فريق العمل، وبناءً على متابعة أحدث قصص الجرائم التي حصدت تفاعلاً كبيراً لدى الرأي العام، إضافةً إلى مواكبة جرائم العصر التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، وهي الأخطر، على اعتبار أنّ الجاني يرتكب جريمته من دون أن يكون موجوداً في مكان الحدث.

بودكاست بالمؤنّث

يقتصر فريق عمل بودكاست «راوية الجريمة» على السيّدات، فهو أراد لنفسه هويّة أنثويّة. تبرّر طبّارة هذا الأمر بالقول إنّ «مزيداً من الإنتاجات النسائية في عالم البودكاست يجلب وجهات نظر جديدة إلى المشهد الإعلامي ويُثريه. كما أنّ في ذلك تمثيلاً لكلّ أصوات المجتمع».

ليس صدفةً أن يكون فريق البودكاست مكوّناً من النساء حصراً؛ فقد أثبتت الدراسات وأرقام المشاهَدة أنّ النساء مهتمّات أكثر من الرجال بعالم الجريمة الواقعيّة والقتلة المتسلسلين. وتوضح المطيري أنّ الأبحاث أكّدت أنّهنّ الأكثر استماعاً إلى المدوّنات الصوتيّة أو البودكاست، والأكثر متابعةً للأخبار والأفلام ذات الصلة بالجرائم والقتلة المتسلسلين، والأكثر قراءةً للأدب البوليسي. ويعزو أطبّاء نفسيون السبب في ذلك إلى شعور النساء بالتماهي لكَون غالبيّة الضحايا من الإناث.

كثيرةٌ هي الاستنتاجات التي وصل إليها بودكاست «راوية الجريمة»، من بينها أنّ «إجرام الرجل يفوق بـ5 أضعاف إجرام المرأة، وفي بعض الأحيان يصل إلى 10 أضعاف. لكن من ناحية النوع، فإنّ إجرام النساء يغلب عليه استخدام أسلوب الحيلة والتخطيط، في حين يغلب على القتَلة الرجال الاعتماد على القوّة البدنيّة واستخدام العنف».

صحيحٌ أن برامج البودكاست المتخصصة بعالم الجريمة ما زالت قليلة في العالم العربي، إلّا أنّ طبّارة تتوقّع لها مستقبلاً مزدهراً؛ لأنّ هذا المحتوى آخذٌ في اكتساب مزيدٍ من اهتمام الجمهور. كما أنها لا تستبعد أن تتحوّل إلى مادّة تلفزيونيّة من خلال برامج تضيء على عالم الجريمة الواقعيّة. وقد أثبتت تجربة منصّات البث العالمية خلال السنوات القليلة الماضية، أن مشروعاً كهذا هو استثمار إعلاميّ ذكيّ.


مقالات ذات صلة

اعتقال أستاذ جامعي في أميركا استخدم بندقية خرطوش قرب كنيس يهودي

الولايات المتحدة​ صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)

اعتقال أستاذ جامعي في أميركا استخدم بندقية خرطوش قرب كنيس يهودي

ألقت سلطات الهجرة الأميركية القبض على أستاذ زائر في كلية الحقوق بجامعة هارفارد هذا الأسبوع، بعد أن اعترف باستخدامه بندقية خرطوش خارج كنيس يهودي في ماساتشوستس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات أنها استعادتها

«الشرق الأوسط» (ولينغتون)
العالم المرشح اليميني للانتخابات الرئاسية في البيرو رافايل بيلاوندي (أ.ب)

نجاة مرشح للانتخابات الرئاسية في البيرو من إطلاق نار استهدفة سيارته

نجا المرشح اليميني للانتخابات الرئاسية في البيرو، رافايل بيلاوندي، اليوم الثلاثاء، من إطلاق نار استهدف سيارته في منطقة سيرو أزول في جنوب ليما.

«الشرق الأوسط» (ليما)
أوروبا عنصر من الشرطة البريطانية (رويترز)

بريطانيا: إطلاق سراح 12 سجيناً إضافياً «عن طريق الخطأ»

صرح وزير العدل البريطاني ديفيد لامي، بأنه تم إطلاق سراح 12 سجيناً عن طريق الخطأ خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، لا يزال اثنان منهم طليقين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق واجهة «بارتريدج جويلرز»... (موقع المتجر)

توجيه تهمة السرقة إلى رجل «ابتلع» قلادة في متجر للمجوهرات بنيوزيلندا

وُجّهت إلى رجل في نيوزيلندا تهمة السرقة بعد أن زُعم أنه ابتلع قلادة من نوع «فابرجيه جيمس بوند أوكتوبوسي» تقدَّر قيمتها بأكثر من 19200 دولار أميركي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
TT

أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)

قال فنان متخصّص في الأعمال الميكروسكوبية إنه حطَّم رقمه القياسي العالمي السابق بعد ابتكار أصغر تمثال مصنوع يدوياً في التاريخ.

ووفق «بي سي سي»، أوضح ديفيد أ. ليندون، من مدينة بورنموث في مقاطعة دورست البريطانية، أنّ عمله الأخير الذي أطلق عليه «الوجه الأصفر المبتسم» هو «غير مرئي للعين البشرية»، إذ لا تتجاوز أبعاده 11.037 ميكرون طولاً و12.330 ميكرون عرضاً.

وأشار ليندون إلى أنّ عمله الفنّي «يعيش» فوق طابع بريد من الدرجة الأولى، على نقطة دقيقة جداً موضوعة فوق صورة عين الملكة الراحلة.

ونجح العمل في تحطيم الرقم القياسي السابق للفنان نفسه لأصغر تمثال مصنوع يدوياً، وهو «قطعة الليغو».

ويُعرَف ليندون، الحاصل على 12 رقماً في «موسوعة غينيس»، بأعماله الفنّية شديدة الصغر، من بينها 3 نسخ ميكروسكوبية من لوحات فان غوخ الشهيرة، نفَّذها داخل آلية ساعة، وبيعت مقابل 90 ألف جنيه إسترليني. أما «قطعة الليغو الحمراء» فبلغت أبعادها 0.02517 ملم طولاً و0.02184 ملم عرضاً.

في مساحة بحجم ذرّة يصنع الفنان عالماً كاملاً (ديفيد أ. ليندون)

وقال الفنان: «قطعة الوجه الأصفر المبتسم تُعادل نصف حجم (قطعة الليغو الحمراء)، التي كانت بدورها أصغر بـ4 مرات من الرقم القياسي السابق». وأوضح أنّ حجم العمل الجديد يُعادل حجم خلية دم بشرية، أو جراثيم العفن، أو البكتيريا، أو بودرة التلك، أو قطرة ضباب.

ومن أعماله الأخرى مجسَّمات مجهرية لحيوانات دقيقة يصنعها داخل ثقب الإبرة، بدءاً من الحوت الأزرق وصولاً إلى فراشة الطاووس الرقيقة. وأضاف مازحاً: «ربما أكون قد فقدتُ عقلي تماماً».

ويجري تثبيت الطابع الذي يحمل «الوجه الأصفر المبتسم» على برج زجاجي داخل صندوق زجاجي مُحكَم الإغلاق. وأعرب ليندون عن امتنانه للدكتورة سارة إليوت وجاك روز من جامعة بورنموث على قياس العمل الجديد، واعتماده على هيئة رقم قياسي عالمي.


ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
TT

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

أصدر النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

وأكد دي كابريو، البالغ من العمر 51 عاماً، أن الإفراط في الظهور قد يضر بالممثل الطموح الذي يتطلع إلى النجاح في هوليوود، وفقاً لشبكة «فوكس نيوز».

وقال نجم فيلم «تايتانيك»: «أكثر ما يمكنني قوله هو إنه إذا كنت تحب هذه المهنة، إذا كنت تحب التمثيل، فعليك أن تدرك أنها أشبه بماراثون، وليست سباقاً قصيراً».

وأضاف: «هذا لا يعني أن هذه كلها خيارات مصيرية. لا تجرّبوا شيئاً تجارياً. لا تفعلوا هذا مبكراً جداً.. يتعلق الأمر بفكرة النظر إلى مسيرتكم المهنية بعد 20، 30، 40، 50 عاماً من الآن، ووضع هذه العناصر معاً لضمان استمراريتها».

وتابع: «ربما يكون الإفراط في التعرض مضراً... أعتقد، إن لم يكن هناك أي شيء، أنني كنتُ أملك حدساً مبكراً بشأن الإفراط في التعرض. صحيحٌ أن ذلك كان زمناً مختلفاً. كان زمناً شاهدتُ فيه ممثلين اختفوا عن الأنظار، ولم نكن نعرف الكثير عنهم. أما الآن، فقد اختلف الأمر كثيراً مع وسائل التواصل الاجتماعي. لكنني لم أتمكن من معرفة الكثير عنهم إلا ما رأيته على الشاشة».

أشار دي كابريو إلى أن الزمن تغير بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، لكن مشاهدة ممثلين آخرين يبنون ببطء أعمالاً قوية أثّرت على قراراته المهنية.

وشرح: «رأيتهم يبنون أعمالاً رائعة مع مرور الوقت. لم أُغمر بفيضٍ هائل من أفلامهم في عام أو عامين. هذا لا يعني أنه لا يجب عليك قبول العمل عندما يُعرض عليك، ولكن الفكرة هي توزيعه، أو ربما مجرد اختيار الأفلام التي تضم شخصيات ثانوية رائعة ومثيرة للاهتمام وتترك بصمتك في هذا المجال».

اشتهر دي كابريو برفضه دوراً في فيلم «هوكس بوكس»، وهو أعلى أجر كان سيحصل عليه آنذاك. وبدلاً من ذلك، قبل دور «ما الذي يزعج جيلبرت جريب»، الذي نال عنه أول ترشيح لجائزة الأوسكار. وصرح الممثل أن نقطة التحول في مسيرته كانت فيلم «تايتانيك»، الذي مكّنه من اختيار أفلامه بنفسه.

وأوضح: «كنت محظوظاً جداً في البداية. وكما ذكرتُ مع فيلم (تايتانيك)، كانت تلك نقطة التحول الحقيقية، عندما أتيحت لي فرصة اختيار أفلامي بنفسي. ولكن حتى ذلك الحين، كنتُ أشارك في العديد من الأفلام المستقلة. كنتُ أختار الشخصية التي أجدها الأكثر إثارة للاهتمام، والتي أستمتع بها».


«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
TT

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

في لحظة يصعب نسيانها، ظهر النجم الأميركي فين ديزل، وهو يدفع الأسطورة البريطانية مايكل كين على كرسيه المتحرّك فوق خشبة مسرح حفل افتتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، مساء الخميس، في مشهد بدا كأنه يُلخّص روح دورة خامسة تجمع بين شغف السينما وامتنانها لرموزها، وبين حضور دولي يُرسّخ جدة منصةً تلتقي فيها قصص نجوم «هوليوود» و«بوليوود» والعالم العربي.

وقف ديزل على المسرح لتقديم الجائزة التكريمية، قائلاً: «هذه الليلة مميّزة بالنسبة إليّ، لأنني أقدّم جائزة لشخص تعرفونه جميعاً بأنه من أفضل الممثلين الذين عاشوا على الإطلاق... مايكل كين يملك من الكاريزما ما يفوق ما لدى معظم نجوم هوليوود». أمّا كين، الذي بلغ التسعين من عمره، فصعد إلى المسرح بدعم 3 من أحفاده، وقال مازحاً: «أتيتُ لأتسلم جائزة، ولا يفاجئني ذلك... فقد فزت بأوسكارين».

مايكل كين متأثّراً خلال كلمته على المسرح (إدارة المهرجان)

كان ذلك المشهد الشرارة التي أعطت مساء الافتتاح طابعاً مختلفاً؛ إذ لم تكن الدورة الخامسة مجرّد احتفاء بفنّ السينما، وإنما إعلان عن نقلة نوعية في موقع السعودية داخل الخريطة العالمية، حيث تتقاطع الأضواء مع الطموح السينمائي، ويتحوَّل الافتتاح من استقطاب للنجوم وعروض الأفلام، إلى قراءة لصناعة تتشكَّل أمام العالم.

وانضم إلى مايكل كين في قائمة النجوم المكرّمين لهذا العام: سيغورني ويفر، وجولييت بينوش، ورشيد بوشارب، وستانلي تونغ، فيما استمرَّت أسماء عالمية في التوافد إلى جدة في اليومين الماضيين، من بينهم جيسيكا ألبا، وأدريان برودي، والمخرجة كوثر بن هنية.

وينسجم ذلك مع كلمة وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، خلال الحفل، بأنّ المهرجان أصبح منصةً تعكس التحوّل الكبير الذي يشهده القطاع الثقافي في المملكة، ويُظهر دور الشباب في تشكيل مشهد سينمائي ينسجم مع طموحات «رؤية 2030»، مشيراً إلى أنّ الثقافة تُعد إحدى أقوى أدوات التأثير عالمياً.

حشد سينمائي عالمي كبير في الحفل (إدارة المهرجان)

السعودية... بدايات هوليوود

ومثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية؛ من داكوتا جونسون، وآنا دي أرماس، ورئيس لجنة التحكيم شون بيكر وأعضاء اللجنة رض أحمد، وناعومي هاريس، ونادين لبكي، وأولغا كوريلنكو، إضافة إلى كوين لطيفة، ونينا دوبريف؛ اللتين شاركتا في جلسات حوارية مُعمَّقة قبل الافتتاح.

وخلال الحفل، أكد رئيس لجنة التحكيم شون بيكر، أنه متحمّس جداً للحضور في السعودية، التي شبَّهها بـ«هوليوود في أيامها الأولى»، مضيفاً: «بينما نُقاتل للحفاظ على دور العرض في الولايات المتحدة، افتُتِحت هنا مئات الصالات خلال 5 سنوات، لتصبح السعودية أسرع أسواق شباك التذاكر نمواً في العالم. ما يحدث هنا مُلهم ودافئ للقلب».

رئيسة مجلس أمناء مؤسّسة «البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد (إدارة المهرجان)

من جهتها، تحدَّثت رئيسة مجلس أمناء مؤسّسة «البحر الأحمر السينمائي»، جمانا الراشد، عن أثر المؤسّسة خلال السنوات الخمس الماضية، قائلة: «لقد بنينا بهدوء ما كان كثيرون يرونه مستحيلاً: منظومة تمنح صنّاع الأفلام من آسيا وأفريقيا والعالم العربي القدرة على القيادة». وأشارت إلى أنّ 7 أفلام دعمها «صندوق البحر الأحمر» اختارتها بلدانها لتمثيلها في «الأوسكار»، وهو دليل على أثر الصندوق الذي دعم أكثر من 130 مشروعاً خلال 5 سنوات فقط. وأوضحت أنّ الدورة الخامسة تضم هذا العام 111 فيلماً من أكثر من 70 دولة، وتسلّط الضوء على 38 مُخرجة، مؤكدة أنّ حضور المرأة في هذه الدورة يُسهم في إعادة تعريف حدود السرد السينمائي، ويشكّل جزءاً أساسياً من روح المهرجان.

 

«العملاق»... فيلم الافتتاح

وفي نهاية الحفل، بدأ عرض فيلم الافتتاح «العملاق» للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، وهو عمل يستعيد سيرة الملاكم البريطاني - اليمني الأصل نسيم حمد «برنس ناز»، والفيلم من إنتاج سيلفستر ستالون، ويقدّم فيه الممثل المصري - البريطاني أمير المصري أهم أدواره حتى الآن، بينما يلعب بيرس بروسنان دور المدرّب الذي شكّل مسيرة ناز.

ورغم أنّ السِّير الرياضية مألوفة في السينما العالمية، فإنّ اختيار هذا الفيلم تحديداً يحمل دلالة ضمنية؛ فهو عن شاب صنع مساراً لم يكن موجوداً، وعَبَر حدود التصوّرات الطبقية والثقافية ليصنع له مكاناً يُشبهه. بما يُشبه إلى حد كبير قصة الصناعة السينمائية المحلّية التي تُحاول إعادة تعريف صورتها أمام العالم، وتبني حضورها من نقطة البدايات، بمزيج من الحلم والهوية والإصرار، لتصل اليوم إلى مرحلة النضج في دورة تحتفي بشعار «في حبّ السينما»، وتحمل معها 10 أيام من عروض وتجارب تُعيد إلى الفنّ السابع قدرته الأولى على الدهشة.