أمّهاتٌ قاتلات وأزواجٌ مجرمون... «راوية الجريمة» تعرض أفظع الجرائم الواقعيّة

بودكاست عبر «الشرق» يدخل دماغ القتلة ليخرج بخلاصاتٍ تفيد المجتمع

أمّهاتٌ قاتلات وأزواجٌ مجرمون... «راوية الجريمة» تعرض أفظع الجرائم الواقعيّة
TT

أمّهاتٌ قاتلات وأزواجٌ مجرمون... «راوية الجريمة» تعرض أفظع الجرائم الواقعيّة

أمّهاتٌ قاتلات وأزواجٌ مجرمون... «راوية الجريمة» تعرض أفظع الجرائم الواقعيّة

كل ما يدور في فلك الجريمة الحقيقية جاذبٌ للجمهور، أكانت الوثائقيات التي تستثمر فيها المنصات العالمية ملايين الدولارات، أم الحلقات التلفزيونية والأفلام. أما آخر صيحات هذا الصنف، فهو برامج «البودكاست» التي تحاول الإحاطة بأبرز الجرائم حول العالم وأكثرها غرابةً.

ليس هذا النوع من البودكاست منتشراً في العالم العربي، حيث تكاد تُعدّ هكذا مشاريع إعلامية على أصابع اليد الواحدة. برز من بينها مؤخراً بودكاست «راوية الجريمة»، الذي يُعرض أسبوعياً على منصّات «الشرق بودكاست» التابعة لمؤسسة «الشرق للأخبار».

«ترند» الجريمة

تؤكّد منتجة البودكاست زينة طبّارة في حديثٍ مع «الشرق الأوسط» أنّ المحتوى المتخصص في عالم الجريمة الحقيقيّة أو الـ«True Crime» تحوّل إلى «ترند»، بدليل أنه «في الولايات المتحدة على سبيل المثال، يتصدّر موضوع الجريمة الواقعية قوائم البودكاست الأكثر استماعاً ومشاهدةً». أما السبب وراء جماهيريّة هذه المادة الإعلامية، فتعزوه طبّارة إلى «أسلوب السرد والتشويق الذي تعتمده، إضافةً إلى دمجها بين الصحافة الاستقصائية وحلّ الألغاز المنبثقة من الواقع».

عن اختيار هذا الموضوع دون سواه ليكون نجم البودكاست، تقول معدّة ومقدّمة «راوية الجريمة» بشاير المطيري إنّه «يجمع ما بين التشويق والمعرفة، كما أنه يسهم في زيادة الوعي حول خطورة الجريمة على الفرد والمجتمع». وتشرح المطيري أنّ كل حلقة من «راوية الجريمة» تعرض تفاصيل جريمة واقعية، وتطرح الأسئلة الافتراضية في الختام بهدف توعية الجمهور؛ «لئلّا تمرّ الجرائم من دون عبرة».

معدّة ومقدّمة بودكاست «راوية الجريمة» الصحافية السعودية بشاير المطيري (الشرق بودكاست)

أمّهاتٌ قاتلات...

أكثر الحلقات التي تركت أثراً صادماً ليس على المشاهدين فحسب، بل على فريق عمل البودكاست كذلك، تلك التي سلّطت الضوء على جرائم قتل أمّهات لأطفالهنّ. توضح المطيري أنهنّ «أمهات آتيات من خلفيّات اجتماعية وثقافية متعدّدة؛ منهنّ المتعلّمات والأمّيّات، ربّات منازل وسيّدات أعمال... أما الرابط المشترك بين غالبيّتهنّ فهو تفكيرهنّ بالانتحار أو إقدامهنّ عليه بالتوازي مع ارتكابهنّ جرائم قتل أطفالهنّ».

في الولايات المتحدة، قدّر الأطبّاء النفسيون نسبة الأمهات اللواتي راودتهنّ فكرة قتل أطفالهنّ، بواحدة من بين كل 4 أمهات. وأثبتت الدراسات أن السبب الرئيسي يكمن فيما يسمّى طبياً «اكتئاب ما بعد الولادة»، الذي لا يجري تشخيصه وعلاجه في الوقت المناسب. تؤكد المطيري هنا أن تلك الحلقات من «راوية الجريمة» شكّلت مناسبةً لتسليط الضوء على أهمية دعم الصحة النفسية للأمهات؛ أي إنها مزجت ما بين الإثارة التلفزيونية والإفادة الاجتماعية.

وبما أن الجرائم التي تقع في قلب العائلة الواحدة هي من بين الأكثر جذباً للمشاهدين، فإنّ فريق عمل «راوية الجريمة» يستعدّ لإطلاق سلسلة بعنوان «خداع» منبثقة عن البودكاست الأمّ. وتركّز هذه السلسلة على جرائم زوجيّة وما خلفها من دوافع.

مادّة إعلاميّة جذّابة

أثبتت تجربة بودكاست «راوية الجريمة» المستمرة منذ سنة، أنّ الجريمة الحقيقيّة مادّة جاذبة للجمهور. تقول المطيري في هذا السياق: «لمسنا ذلك من خلال نسبة المشاهدة والاستماع والتفاعل من قِبَل المتابعين، فالناس على اختلاف انتماءاتهم الثقافية والاجتماعية تشدّهم متابعة أخبار الجرائم ودوافعها؛ من القتل والعنف إلى الطمع، مروراً بالانتقام والاحتيال، وغيرها من الدوافع».

في المقابل، تشكو المنتجة زينة طبّارة من «النقص الكبير في المحتوى العربي الخاص بعالم الجريمة، على الرغم من أنّ شهيّة الجمهور مفتوحة عليه»، مع العلم أنّ إنتاج محتوى أصليّ في هذا المجال يتيح فتح نقاشاتٍ مفيدة ضمن مجتمعاتنا العربية، وفق طبّارة.

منتجة بودكاست «راوية الجريمة» الإعلامية اللبنانية زينة طبّارة (الشرق بودكاست)

جرائم العصر...

من أبرز المواضيع التي تطرّقت إليها حلقات «راوية الجريمة»، قضية مقتل المغنية الأميركية سيلينا على يد إحدى معجباتها، وضحايا جراحات التجميل، وطريقة تفكير القتلة المتسلسلين، وقصة المرأة التي دفنت زوجها حياً، إضافةً إلى قضية آكل لحوم البشر الياباني إيسي ساغاوا، وغيرها من القضايا المثيرة للفضول والجدل.

تشير المطيري إلى أنّ الأولوية هي لتقديم محتوى واقعي يسرد تفاصيل الجرائم، آخذاً في الاعتبار طبيعة المجتمعات العربية، والعبرة التي يجنيها المُشاهد. أما اختيار المواضيع فيحصل من خلال التشاور بين فريق العمل، وبناءً على متابعة أحدث قصص الجرائم التي حصدت تفاعلاً كبيراً لدى الرأي العام، إضافةً إلى مواكبة جرائم العصر التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، وهي الأخطر، على اعتبار أنّ الجاني يرتكب جريمته من دون أن يكون موجوداً في مكان الحدث.

بودكاست بالمؤنّث

يقتصر فريق عمل بودكاست «راوية الجريمة» على السيّدات، فهو أراد لنفسه هويّة أنثويّة. تبرّر طبّارة هذا الأمر بالقول إنّ «مزيداً من الإنتاجات النسائية في عالم البودكاست يجلب وجهات نظر جديدة إلى المشهد الإعلامي ويُثريه. كما أنّ في ذلك تمثيلاً لكلّ أصوات المجتمع».

ليس صدفةً أن يكون فريق البودكاست مكوّناً من النساء حصراً؛ فقد أثبتت الدراسات وأرقام المشاهَدة أنّ النساء مهتمّات أكثر من الرجال بعالم الجريمة الواقعيّة والقتلة المتسلسلين. وتوضح المطيري أنّ الأبحاث أكّدت أنّهنّ الأكثر استماعاً إلى المدوّنات الصوتيّة أو البودكاست، والأكثر متابعةً للأخبار والأفلام ذات الصلة بالجرائم والقتلة المتسلسلين، والأكثر قراءةً للأدب البوليسي. ويعزو أطبّاء نفسيون السبب في ذلك إلى شعور النساء بالتماهي لكَون غالبيّة الضحايا من الإناث.

كثيرةٌ هي الاستنتاجات التي وصل إليها بودكاست «راوية الجريمة»، من بينها أنّ «إجرام الرجل يفوق بـ5 أضعاف إجرام المرأة، وفي بعض الأحيان يصل إلى 10 أضعاف. لكن من ناحية النوع، فإنّ إجرام النساء يغلب عليه استخدام أسلوب الحيلة والتخطيط، في حين يغلب على القتَلة الرجال الاعتماد على القوّة البدنيّة واستخدام العنف».

صحيحٌ أن برامج البودكاست المتخصصة بعالم الجريمة ما زالت قليلة في العالم العربي، إلّا أنّ طبّارة تتوقّع لها مستقبلاً مزدهراً؛ لأنّ هذا المحتوى آخذٌ في اكتساب مزيدٍ من اهتمام الجمهور. كما أنها لا تستبعد أن تتحوّل إلى مادّة تلفزيونيّة من خلال برامج تضيء على عالم الجريمة الواقعيّة. وقد أثبتت تجربة منصّات البث العالمية خلال السنوات القليلة الماضية، أن مشروعاً كهذا هو استثمار إعلاميّ ذكيّ.


مقالات ذات صلة

السلطات الأميركية بصدد إغلاق «نادي الاغتصاب» لقلة الموارد المالية

الولايات المتحدة​ مقر وزارة العدل الأميركية في واشنطن (أرشيفية - رويترز)

السلطات الأميركية بصدد إغلاق «نادي الاغتصاب» لقلة الموارد المالية

ذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن المكتب الفيدرالي للسجون بصدد إغلاق سجن النساء التابع له، المعروف بـ«نادي الاغتصاب»، في كاليفورنيا بشكل دائم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مقتبسة من الفيديو الذي يظهر الهجوم (رويترز)

مقتل الرئيس التنفيذي لإحدى أكبر شركات التأمين الصحي في أميركا بالرصاص

أعلنت الشرطة مقتل الرئيس التنفيذي لشركة «يونايتد هيلث كير»، إحدى أكبر شركات التأمين الصحي في الولايات المتحدة، بالرصاص خارج فندق في مانهاتن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الطاهي البريطاني تومي بانكس مع صورة لشاحنته المسروقة (صفحته على «إنستغرام»)

طباخ بريطاني يحثّ سارقيه على التبرّع بالطعام المسروق للمحتاجين

ناشد طاهٍ بريطاني سُرقت شاحنته المحمّلة بالطعام سارقيه أن يقدّموا الطعام الموجود بالشاحنة للمحتاجين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)

العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

العصابات الدولية تعيد تشكيل خريطة الجريمة باستخدام التكنولوجيا والمخدرات، في وقت تبدو فيه الحكومات متأخرة عن مواكبة هذا التطور.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة أصدرتها شرطة تشيستر للدرج التي خبأت به الأم طفلتها

حبس أم خبأت طفلتها في درج لمدة ثلاث سنوات

حكم على سيدة بريطانية خبأت ابنتها الرضيعة في درج أسفل سريرها حتى بلغت الثالثة من عمرها تقريباً بالسجن لمدة سبع سنوات ونصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مايكل دوغلاس نجمُ «البحر الأحمر»: في عامي الـ80 أنعمُ بإجازة للمرة الأولى!

دوغلاس خلال حديثه في المسرح الرئيسي للمهرجان (البحر الأحمر)
دوغلاس خلال حديثه في المسرح الرئيسي للمهرجان (البحر الأحمر)
TT

مايكل دوغلاس نجمُ «البحر الأحمر»: في عامي الـ80 أنعمُ بإجازة للمرة الأولى!

دوغلاس خلال حديثه في المسرح الرئيسي للمهرجان (البحر الأحمر)
دوغلاس خلال حديثه في المسرح الرئيسي للمهرجان (البحر الأحمر)

بعد مسيرة سينمائية حافلة تُقارب الـ6 عقود، أعلن النجم الأميركي مايكل دوغلاس أنه مع بلوغه مؤخراً عامه الـ80، قرّر أخذ إجازة مهنيّة، للمرة الأولى في حياته، بما وصفه بفترة الراحة من العمل. وخلال حديثه ضمن حوار جماهيري على مسرح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» بمدينة جدة، مساء الجمعة، أكد: «أُنهي عام 2024 وأنا مستمتع وسعيد بما حقّقته».

دوغلاس الحاصل على جائزة «أوسكار» (1987) أفضل ممثل عن دوره في فيلم «وول ستريت»، تمهَّل أمام مرحلة التوقّف الاستثنائي التي أُجبر عليها خلال علاجه من سرطان الحنجرة عام 2013، مما يجعل فترة الراحة التي قرّرها حالياً الأولى التي تحدُث باختياره. كما تحدَّث عن ظروف نجاح عمله الأخير «فرانكلين»، الذي جسَّد خلاله شخصية بنجامين فرانكلين، أحد مؤسّسي الولايات المتحدة، في مسلسل من 8 حلقات.

النجم العالمي مايكل دوغلاس يستريح في ثمانينه (البحر الأحمر)

قدَّم دوغلاس، خلال الحوار، ومضات من خلاصة تجربته السينمائية، قائلاً: «الكاميرا دائماً تفضحك حين تكذب!». وأكد أنه ينبغي على الممثل إخفاء الأمر عن الجمهور لكَسْب احترامه وإعجابه. كما أشار مرّات إلى أنه ليس ممثلاً سينمائياً فقط، خصوصاً أنّ لديه عقوداً عدّة لمسلسلات. ثم استعاد ذكريات طفولته، حين انفصل والداه وهو بعمر السادسة، ليعيش بعدها في نيويورك مع والدته.

بتأثّر، روى النجم أنه كان يرى والده في الإجازات فقط، وخلال تلك الأيام كانت الدراما التلفزيونية مسألة حديثة، فانجذب إليها بشدّة، كما شغفته السينما منذ صغره. وتوقّف عند تشبيه البعض له بأداء والده الممثل كيرك دوغلاس، في إحدى فترات حياته، مُستكملاً البوح رداً على أسئلة الإعلامية ريّا أبي راشد التي حاورته، وعادت معه إلى حكايات الطفولة والشباب، في جلسة جمعتهما أمام حضور كثيف لزوار المهرجان.

كاثرين زيتا جونز في جلسة حوارية تناولت مسيرتها الفنية (البحر الأحمر)

كاثرين الزوجة والممثلة

في القاعة المجاورة، افتتحت زوجته النجمة البريطانية كاثرين زيتا جونز جلسةً حواريةً تناولت مسيرتها، بالتعبير عن انبهارها بـ«بيت السينما»؛ المقرّ الجديد للمهرجان، وبطابعة التراثي في قلب «البلد» بجدة التاريخية. ثم قالت: «دعاني مهرجان (البحر الأحمر) سابقاً، لكنني هنا للمرة الأولى. سعيدة لحضوري في هذا المكان... أحسنتم صنعاً!»، لتتطرّق بعد ذلك إلى خبرتها المُبكرة في الرقص والغناء بمدينتها ويلز، فانتقالها إلى لندن؛ وهي تجارب ساعدتها لاحقاً في هوليوود، علاوةً على أنها كانت محظوظة بنشأتها في بيئة ثقافية احتضنت مواهبها باكراً، كما روت.

أطلت بأناقتها المعهودة وشَعرها الطويل المتموّج على أكتافها، هي التي لازمت زوجها مايكل دوغلاس منذ بدء المهرجان، فسارا متشابكي الأيدي على السجادة الحمراء. وخلال حديثها، تناولت دعمهما الدائم بعضهما للبعض الآخر، وأضافت: «أن تكون ممثلاً في السينما أو المسرح أو سواهما؛ فذلك يعني أنّ ثمة عملاً جماعياً، يتخطّى الممثل فقط. هذا ما أؤمن به»، معبِّرةً عن سعادتها بالعمل مع مخرجين شباب إلى جانب أسماء كبيرة من المخرجين والفنانين الذين رافقوا مشوارها.

حوارات استثنائية

وشهد مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، مساء الجمعة، مشاركة 7 نجوم عالميين بجلسات حوارية تُعْنَى بالإضاءة على الأسماء اللامعة من روّاد الصناعة السينمائية، من بينهم الفنانات العالميات الحائزات على جوائز، مثل: كاثرين زيتا جونز، وإيفا لانغوريا، وسينثيا إيريفو، والحائزة على «أوسكار» ميشيل يوه، والهندية المحبوبة كارينا كابور. بالإضافة إلى ممثلين عالميين، من بينهم مايكل دوغلاس، وفان ديزل. وناقش النجوم خلال الجلسات أعمالهم الفنّية، وتجاربهم الشخصية، ومسيرتهم. كما تطرّقوا إلى أدوارهم المميّزة ومنحوا الحضور المساحة لطرح الأسئلة والنقاش المفتوح معهم، لمشاركة تجربة قريبة وشخصية تستكشف جوانب جديدة عن نجمهم المفضّل.