مها حاج: لم أُعدّل مشاهد فيلم «ما بعد» بسبب حرب غزة

المخرجة الفلسطينية حصدت جائزتين عنه في مهرجان «لوكارنو»

مشهد من الفيلم الفلسطيني «ما بعد» (الشركة المنتجة)
مشهد من الفيلم الفلسطيني «ما بعد» (الشركة المنتجة)
TT

مها حاج: لم أُعدّل مشاهد فيلم «ما بعد» بسبب حرب غزة

مشهد من الفيلم الفلسطيني «ما بعد» (الشركة المنتجة)
مشهد من الفيلم الفلسطيني «ما بعد» (الشركة المنتجة)

قالت المخرجة الفلسطينية مها حاج، إنها لم تعدّل مشاهد فيلمها «ما بعد» بسبب «حرب غزة»، موضحة أن فكرة الفيلم جاءتها في إحدى ليالي الصيف الماضي، وتحمل أبعاداً مستقبلية، وقد حصل الفيلم في عرضه العالمي الأول بالنسخة الأخيرة من مهرجان «لوكارنو» على جائزتي «أفضل فيلم قصير» و«لجنة تحكيم الشباب المستقلة».

وأضافت مها لـ«الشرق الأوسط» أنها قامت بكتابة الفيلم في يوم واحد بعد أن لمعت الفكرة في ذهنها: «كتبتها في اليوم التالي كاملة لتكون فيلماً قصيراً، ثم بدأت بعدها العمل على التفاصيل مع المنتج حنا عطا الله، ثم بدأنا التحضيرات والتواصل والتنسيق من أجل البحث عن دعم مالي لتمويل الفيلم، واختيار فريق العمل وموقع التصوير».

لم تتوقع المخرجة الفلسطينية حصد جوائز في «لوكارنو» بعد إبلاغها باختيار فيلمها في المسابقة الرسمية للمهرجان، مع طرحها تساؤلات عدة مع نفسها دون أن تحصل على إجابة عنها حول تأثير الأحداث السياسية، وهل سيكون لها دور في قرارات لجنة التحكيم، وغيرها من الأمور التي جعلتها تترقب الإعلان عن الجوائز في ختام المهرجان، بحسب قولها.

مها حاج (الشرق الأوسط)

تنطلق أحداث الفيلم من خلال قصة سليمان (محمد بكري) ولبنى (عرين عمري)، الزوجين اللذين يعيشان في مزرعة منعزلة عن العالم، وعلى مدار الأحداث نتابع اهتمامهما بمتابعة يوميات أبنائهما الخمسة، حتى يزورهم ضيف صحافي، ويكشف سراً صادماً لدى الأسرة بعد قضائه بعض الوقت داخل منزلهم وتناوله العشاء معهم.

عبر إيقاع يبدو بطيئاً نسبياً لكنه كاشف لحجم المعاناة التي تعيشها الأسرة وخلال 34 دقيقة، نتابع تفاصيل يومهم الهادئ في المنزل المرتب الأنيق، مع الموسيقى الحزينة في الخلفية التي تعبر عن واقع أليم تعيشه الأسرة الصغيرة، مع حكايات عن الأبناء الخمسة ويومياتهم دون أن يظهر أي منهم.

في الأحداث التي تظهر في البداية، ترفض الأسرة استقبال الصحافي القادم للحديث مع الزوجين عن مأساة أولادهم في غزة. وتتنقل الأحداث بين الماضي والحاضر والمستقبل بصورة غير نمطية، متناولة التداعيات النفسية والاجتماعية للحروب الإسرائيلية المتكررة على غزة.

تقول مها حاج «إن فكرة الفيلم كُتبت بالكامل في يونيو (حزيران) 2023، لكن التصوير انطلق على مدى 5 أيام في يناير (كانون الثاني) 2024»، مضيفة: «لم أجرِ أي تعديل على الأحداث بعد (حرب غزة) لأسباب عدة، منها أن الأحداث تحمل طابعاً مستقبلياً بشكل أساسي، مع تجاوز العمل فكرة الحدود الزمنية والمكانية».

لا ترى المخرجة الفلسطينية أن مدة الفيلم طويلة نسبياً مقارنة بطبيعة الأفلام القصيرة التي تعرض في المهرجانات، لأنها لم تضع لنفسها مدة زمنية محددة، بل تركت الأمر للفكرة التي تريد إيصالها من خلال العمل، دون التفكير في حسابات الترويج أو التسويق.

المخرجة خلال تسلم الجائزة في لوكارنو (الشركة المنتجة)

من الأمور الصعبة التي واجهت مها في التصوير ضيق الوقت، بحسب قولها، «جرى إنجاز التصوير بالكامل خلال 5 أيام فقط، وهو أمر لم يكن سهلاً لأسباب عدة منها التوقيت الشتوي الذي صورت فيه، مع سقوط أمطار والطقس السيئ خصوصاً في اليوم الأخير». وأشارت إلى أن ما ساعدها على تجاوز الأمر هو التحضير المطول مع الممثلين.

مع إقرارها بصعوبة كل المشاهد، ترى المخرجة أن المشهد الأصعب بالنسبة لها كان «لقاء الأسرة مع الصحافي للمرة الأولى وكيفية تصويره وتنفيذه على المستوى التقني، الأمر الذي جعلنا نصوره من زوايا عدة للتعامل معه في المونتاج».

وتتابع: «اختيار مكان التصوير كان من الأمور التي استغرقت بعض الوقت، لرغبتنا في اختيار مكان لا تظهر حوله بنايات أو قرى، ليكون مكان إقامتهم في وادٍ منعزل عن العالم، ما دفعنا للبحث عن المكان في الجليل بين حيفا والناصرة، حتى عثرت على المزرعة التي صوّرت فيها، وقام مهندس الديكور بتحويل المخزن الموجود بها إلى المنزل الذي صُورت به المشاهد».

ورغم الإسقاطات السياسية التي يعجّ بها الفيلم، فإن مها حاج ترى أن «ما بعد» «ليس فيلماً سياسياً، بل فيلم فني تريد أن توصل من خلاله رسالة». وقالت إنها مشغولة حالياً بالتحضير لمشروعها السينمائي الجديد، وهو فيلم روائي طويل، من المتوقع أن تبدأ تصويره منتصف 2025.


مقالات ذات صلة

ألان ديلون رفض «جيمس بوند» و«لورنس العرب» بسبب «العدسات السود»

يوميات الشرق جمال العينين الزرقاوين (رويترز)

ألان ديلون رفض «جيمس بوند» و«لورنس العرب» بسبب «العدسات السود»

رفض النجم الفرنسي الراحل ألان ديلون أدواراً حقّقت -ولا تزال تُستعاد وتحقّق- أصداء عالمية، مثل «العراب» و«جيمس بوند» في سلسلة الأفلام الشهيرة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
سينما «أليان: رومولوس» (تونتييث سنتشري فوكس)

شباك التذاكر: فيلم الرعب «فوق الكوكب الموحش» يحتل المركز الأول

حملت الأرقام بشرى للمنتج ريدلي سكوت، الذي داوم على إنتاج (وأحياناً إخراج) سلسلة Alien من عام 1971 وما بعد. ذلك أن فيلم الخيال - العلمي الذي يميل إلى الرعب…

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق «أليان: رومونوس» (تونتييث سنتشري فوكس)

فيلم رعب فوق الكوكب الموحش يحتل المركز الأول

حملت الأرقام بشرى للمنتج ريدلي سكوت الذي داوم على إنتاج (وأحياناً إخراج) سلسلة «Alien» من عام 1971 وما بعد.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الملصق الدعائي لفيلم «ساندوتش عيال» (منصة العرض)

أفلام مصرية تراهن على المنصات بدلاً من شباك التذاكر

يراهن صناع السينما المصرية على فتح نافذة جديدة مع عرض بعض الأعمال أولاً عبر المنصات الإلكترونية بدلاً من عرضها في الصالات السينمائية.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق النجم الفرنسي الراحل آلان ديلون (رويترز)

ألان ديلون... نهاية العمر الصاخب

رحل عن 88 عاماً، أمس، آخر عمالقة السينما الفرنسية و«وحشها الوسيم»، ألان ديلون، بعد حياة صاخبة ترك في نهايتها إرثاً سينمائياً مشهوداً.

محمد رُضا (لندن) «الشرق الأوسط» (باريس)

باسم يوسف يتصدر «تريند إكس» في مصر رغم إغلاق حسابه

الإعلامي المصري باسم يوسف اشتهر ببرنامج «البرنامج» (صفحته الرسمية على «فيسبوك»)
الإعلامي المصري باسم يوسف اشتهر ببرنامج «البرنامج» (صفحته الرسمية على «فيسبوك»)
TT

باسم يوسف يتصدر «تريند إكس» في مصر رغم إغلاق حسابه

الإعلامي المصري باسم يوسف اشتهر ببرنامج «البرنامج» (صفحته الرسمية على «فيسبوك»)
الإعلامي المصري باسم يوسف اشتهر ببرنامج «البرنامج» (صفحته الرسمية على «فيسبوك»)

برز اسم الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف مجدداً بعد الإعلان عن إغلاق منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي حسابه، دون تحديد السبب رسمياً.

وتداول رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر وغيرها من الدول العربية خبر إغلاق الحساب، الذي يتابعه نحو 12 مليون شخص، ما جعل اسمه، بالعربية والإنجليزية، يتصدر تريند «إكس» في مصر، وكذلك تصدر محركات البحث، رغم إغلاق الحساب.

حساب باسم يوسف المغلق على منصة «إكس»

ورجح رواد بمنصة «إكس» أن سبب حظر الحساب هو تأييد يوسف ودعمه للقضية الفلسطينية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام الأميركية، واستشهدوا بتعليق من حساب رسمي تابع للخارجية الإسرائيلية على الواقعة؛ إذ قام بنشر صورة حساب الإعلامي المصري مغلقاً، مصحوباً بكلمة «باي».

وبناء على هذا الافتراض، انتقد آخرون سياسة «إكس»، مؤكدين أن حرية التعبير يجب أن تبقى محمية ولا يجب المساس بها، متهمين مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما «إكس»، بـ«ازدواجية المعايير».

وعلى خلفية ذلك انتقد العديد من الحسابات مالك «إكس»، إيلون ماسك، بسبب إغلاق حسابات النشطاء، ولفت بعضهم إلى أنهم «رغم اختلافهم مع بعض توجهات الإعلامي المصري، فإنهم لا يوافقون على هذا التصرف معه وأنهم مع حرية الرأي».

من جانبه، قال محمد فتحي، المتخصص في الإعلام الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي بمصر، إنه «قد يتم تعليق الحسابات بشكل مؤقت أو دائم أو حذفها لاعتبارات عديدة، منها إذا تم تحديده على أنه بريد عشوائي، أو إذا تم اختراقه أو إذا انتهك ما يسمى قواعد وإرشادات المنصة، أو إذا تم الإبلاغ عن حساب من قبل المستخدمين لاختراقه قواعد (إكس) المتعلقة بالإساءة أو تهديد الغير».

الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف (صفحته الرسمية على «فيسبوك»)

وحول اتهامات «ازدواجية المعايير» و«ممارسة التضييق على حرية الرأي والتعبير لخدمة إسرائيل»، ضد منصات أميركية، يقول فتحي لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الانتقادات جاءت لأن البعض ربط بين تعليقات الإعلامي الأخيرة عن معاداة السامية وبين حجب الحساب، لكن قد يكون الحظر نتيجة البلاغات ضده أو عن طريق الحجب الآلي للحسابات عن طريق الذكاء الاصطناعي».

ويوضح المتخصص في الإعلام الرقمي أن «غلق الحسابات أمر يحدث بشكل يومي في منصة (إكس)، للتأكد من هوية الحسابات وأنها حقيقية ونشطة وغير مزيفة، في إطار مواجهة ما يسمى اللجان الإلكترونية التي تستخدم آلاف الحسابات بشكل آلي».

مشيراً إلى أنه «من حق باسم يوسف معارضة القرار وإحالته للمناقشة من جانب العاملين في المنصة، للبت في أحقيتهم تعليق الحساب من عدمه، وهل بالفعل خالف قواعد المنصة أم لا، وفق نطاق حرية الرأي والتعبير التي تكفلها منصة (إكس) بمساحات كبيرة، مقارنة بباقي المنصات الأخرى».

وحول تعليق أحد الحسابات الرسمية لإسرائيل على الواقعة، قال: «هو حساب يعرف نفسه بأنه الحساب الرسمي لدولة إسرائيل وهو حساب تابع للخارجية الإسرائيلية، وموثق بعلامة توثيق المؤسسات الحكومية، ويأتي تعليقه ليعكس مدى تأثير حساب باسم يوسف في الأوساط العالمية حول الأحداث الأخيرة».

إلى ذلك، تفاعل العديد من النشطاء حول العالم مع واقعة غلق حساب باسم يوسف، من بينهم الناشطة الدنماركية، الطبيبة أناستاسيا ماريا لوبيز، التي انتقدت حذف الحساب بسبب «تحدث صاحبه علناً ضد جرائم الحرب الإسرائيلية».

كذلك الناشط السياسي الأميركي جاكسون هينكل، أحد أكثر النشطاء الأميركيين الداعمين للقضية الفلسطينية، الذي انتقد في تغريدة غلق الحساب، ثم عاد لينشر تغريدة أخرى أشار فيها إلى «دعوة أحد المتطرفين الإسرائيليين إلى إبادة غزة»، معلقاً: «مهووس الإبادة الجماعية هذا مسموح به على (X)، لكن باسم يوسف ليس كذلك؟»

يذكر أن باسم يوسف تخرَّج في كلية الطب عام 1998، وارتبطت شهرته بمنصة «يوتيوب»، وكان نجاحه دافعاً لانطلاقه عبر الشاشة من خلال برنامجه الشهير «البرنامج»، الذي حقّق نسب مشاهدات عالية وسط تداول واسع لمقاطعه عبر مواقع التواصل. وبعد توقّفه، سافر إلى الولايات المتحدة منذ عام 2014، حيث يقيم مع عائلته.