مصر لاستغلال مبانٍ أثرية في أنشطة استثمارية وسياحية

عبر مشروع يقترح تحويلها إلى قاعات عرض واحتفالات وكافيهات

بيمارستان المؤيد شيخ (الشرق الأوسط)
بيمارستان المؤيد شيخ (الشرق الأوسط)
TT

مصر لاستغلال مبانٍ أثرية في أنشطة استثمارية وسياحية

بيمارستان المؤيد شيخ (الشرق الأوسط)
بيمارستان المؤيد شيخ (الشرق الأوسط)

في شوارع القاهرة التاريخية وأزقتها ينتشر كثير من المباني الأثرية التي تُعد مجهولة وغير معروفة للكثيرين؛ لوجودها في شوارع ضيقة ومناطق غير مؤهلة لاستقبال السائحين، وهو الأمر الذي تسعى الحكومة المصرية إلى تغييره عبر مشروع يركز على استغلال هذه المباني في الأنشطة الاستثمارية والسياحية بما يناسب طبيعة وحجم كل أثر.

زاوية وسبيل فرج بن برقوق (الشرق الأوسط)

وافتتحت وزارة السياحة والآثار المصرية الأحد 8 مبانٍ أثرية في القاهرة التاريخية بعد ترميمها بالتعاون مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي زاوية وسبيل فرج بن برقوق، وسبيل وكتاب حسن آغا كوكليان، وسبيل وكتاب رقية دودو، وسبيل مصطفى سنان، وتكية الجولشاني، وبيمارستان المؤيد شيخ، وتكية تقي الدين البسطامي، وباب منجك السلحدار، وسبيل الأمير شيخو.

واحتفل الجانبان بتدشين مشروع الإدارة المتكاملة للسياحة الثقافية، الذي تموله الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ويهدف إلى جذب السياح المهتمين بتجربة فريدة، وخلق المزيد من فرص العمل للسكان المحليين وتعزيز الاستثمارات.

سبيل وكتاب رقية دودو (الشرق الأوسط)

وفي حين أبدى آثاريون اعتراضهم على تحويل المباني الأثرية إلى كافيهات بداعي تنشيط السياحة، فإن سيف الله حسنين، مدير مشروع الإدارة المتكاملة للسياحة الثقافية، يشدّد على ضرورة الاستخدام الرشيد للمباني المرممة حديثاً، ويقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «في الوقت الذي لاحظنا فيه الضرر الذي يلحق بالآثار التي ترمم وتكون مغلقة أغلب الوقت أمام الزائرين، فإننا رأينا في المقابل أن المباني التي خضعت للتطوير وإعادة التوظيف تم الحفاظ عليها بشكل أفضل». على حد تعبيره.

بيمارستان المؤيد شيخ (الشرق الأوسط)

ومن بين أكبر المباني التي خضعت للتطوير ضمن المشروع؛ مبنى بيمارستان المؤيد شيخ، الذي استضاف حفل افتتاح المواقع الأثرية الثمانية بعد ترميمها، ويعد ثاني بيمارستان يتم بناؤه في القاهرة بعد بيمارستان المنصور قلاوون، وقد استخدم داراً لرعاية المسنين (مستشفى)، وظلّ مجهولاً ومتوارياً عن الأنظار خلف جامع السكري حتى اكتشفته لجنة حفظ الآثار العربية في نهاية القرن الـ19، بينما تم بناؤه في عام 1420 الميلادي.

وفيما يجري التفكير في استخدام بيمارستان المؤيد شيخ كمنطقة للعروض والحفلات، فإن بعض خبراء مشروع الإدارة المتكاملة للسياحة الثقافية، يقترحون استخدام تكية تقي الدين البسطامي مساحات لتعلم الحرف واستديوهات فنية، ومنطقة للعروض الفنية، كما يقترحون استغلال سبيل الأمير شيخو بمنطقة الحطابة الذي يقع حالياً على الطريق الرئيسي الذي يربط ميدان القلعة بطريق صلاح سالم، معرضاً فنياً للحج، وكافتيريا على السطح، ومرصداً أو تلسكوباً، ويعد السبيل نوعاً نادراً من المباني فهو منحوت في الحجر.

سبيل رقية دودو بعد ترميمه (الشرق الأوسط)

واقتُرح توظيف مبنى «زاوية وسبيل فرج بن برقوق» الذي بُني عام 1408 ميلادي، ويقابل باب زويلة الشهير، بوصفه معرضاً للخيّامية، حيث يتوسط السبيل منطقة الخيامية الشهيرة في القاهرة. وينفرد السبيل بسقفه الخشبي الذي تتدلى منه مقرنصات يعتبرها المشرفون على عملية الترميم نادرة.

وبذل الآثاريون الذين رمموا باب منجك السلحدار جهوداً كبيرة في تنظيف المبنى الذي كان بمنزلة مقلب قمامة بشارع سوق السلاح، كما خُفّض منسوبه بعد إزالة المخلفات وإعادة الباب الأثري إلى أصله، في حين يوجد خلفه قاعة صغيرة يجري التفكير في استغلالها اقتصادياً.

ودأب كبار مسؤولي مصر وبعض الأثرياء على بناء أسبلة وكتاتيب للفقراء في مبنى واحد، حيث كان يُخصص الدور الأرضي لسقي المياه، والثاني لتحفيظ القرآن الكريم واللغة العربية.

سبيل مصطفى سنان (الشرق الأوسط)

ويؤكد الدكتور خالد شريف، مساعد وزير السياحة والآثار للتّحول الرقمي، أن استراتيجية تطوير القاهرة التاريخية تستهدف مد فترة إقامة السائحين في القاهرة لأكثر من ليلة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «يكتفي كثير من السائحين بالذهاب إلى أهرامات الجيزة وزيارة متحف التحرير ومن ثمّ ينطلقون إلى مدن أخرى، لذلك نحاول فتح أفق سياحية جديدة حيث يجري العمل على فتح مسارات سياحية جديدة تضمّ عدداً كبيراً من المباني الأثرية».

باب منجك السلحدار (الشرق الأوسط)

ويتوقع شريف أن «ترتفع معدّلات الإقبال على المقاصد السياحية المصرية هذا العام عن العام الماضي رغم الأزمات الإقليمية التي تعاني منها مصر». مضيفاً: «تشهد الأقصر وأسوان راهناً زيادة لافتة في أعداد السائحين رغم ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف الحالي».

ووفق الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، فإن «وزارة الثقافة كانت سبّاقة في إعادة توظيف كثيرٍ من الآثار لتقديم خدمات ثقافية وفنية، على غرار قبة الغوري، ووكالة الغوري وقصر المانسترلي».

سبيل وكتاب رقية دودو من الداخل (الشرق الأوسط)

في حين رأى الدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، أن «مشروع الإدارة المتكاملة للسياحة الثقافية يعبّر عن تغير منهج تطوير المواقع الأثرية بالتعاون مع كبار الجهات الدولية لتحقيق تنمية مستدامة لتلك المواقع والاستفادة منها بوصفها مناطق تاريخية سياحية تلعب دوراً مهماً في تنمية الأنشطة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والفنية».

شارع سوق السلاح (الشرق الأوسط)

بدورها، لفتت هيرو جارج سفيرة الولايات المتحدة الأميركية بالقاهرة إلى أن «الإرث الثقافي الذي تعبر عنه القاهرة التاريخية لا يمكن إنكاره، كما أنه يثبت أن مصر هي أم الدنيا». مضيفة أن «القاهرة التاريخية هي قطاع يعبّر عن الاستثمارات السياحية المصرية وما تم من أعمال تطوير سيساهم في أن تصبح مصر دولة منافسة في السياحة الثقافية»، مؤكدة أن «الحكومة الأميركية قدمت 140 مليون دولار للحفاظ على الآثار المصرية».


مقالات ذات صلة

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

سفر وسياحة قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات وفاقت شهرتها حدود البلاد

محمد عجم (القاهرة)
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق قرية غرب سهيل تجتذب الكثير من المصريين والأجانب (وزارة السياحة والآثار المصرية)

قريتان مصريتان ضمن قائمة الأفضل سياحياً

انضمت قريتان مصريتان لقائمة أفضل القرى الريفية السياحية لعام 2024.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
TT

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة، وأكد أنه يعود للسينما بأحدث أفلامه «الغربان» الذي قام بتصويره على مدى 4 سنوات بميزانية تقدر بنصف مليار جنيه (الدولار يساوي 49.73 جنيه)، وأن الفيلم تجري حالياً ترجمته إلى 12 لغة لعرضه عالمياً.

وأضاف سعد خلال جلسة حوارية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الخميس، أنه يظهر ضيف شرف لأول مرة من خلال فيلم «الست» الذي يروي سيرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وتقوم ببطولته منى زكي وإخراج مروان حامد، ومن إنتاج صندوق «بيج تايم» السعودي و«الشركة المتحدة» و«سينرجي» و«فيلم سكوير».

وعرض سعد لقطات من فيلم «الغربان» الذي يترقب عرضه خلال 2025، وتدور أحداثه في إطار من الحركة والتشويق فترة أربعينات القرن الماضي أثناء معركة «العلمين» خلال الحرب العالمية الثانية، ويضم الفيلم عدداً كبيراً من الممثلين من بينهم، مي عمر، وماجد المصري، وأسماء أبو اليزيد، وهو من تأليف وإخراج ياسين حسن الذي يخوض من خلاله تجربته الطويلة الأولى، وقد عدّه سعد مخرجاً عالمياً يمتلك موهبة كبيرة، والفيلم من إنتاج سيف عريبي.

وتطرق سعد إلى ظهوره ضيف شرف لأول مرة في فيلم «الست» أمام منى زكي، موضحاً: «تحمست كثيراً بعدما عرض علي المخرج مروان حامد ذلك، فأنا أتشرف بالعمل معه حتى لو كان مشهداً واحداً، وأجسد شخصية الرئيس جمال عبد الناصر، ووجدت السيناريو الذي كتبه الروائي أحمد مراد شديد التميز، وأتمنى التوفيق للفنانة منى زكي والنجاح للفيلم».

وتطرق الناقد رامي عبد الرازق الذي أدار الحوار إلى بدايات عمرو سعد، وقال الأخير إن أسرته اعتادت اصطحابه للسينما لمشاهدة الأفلام، فتعلق بها منذ طفولته، مضيفاً: «مشوار البدايات لم يكن سهلاً، وقد خضت رحلة مريرة حتى أحقق حلمي، لكنني لا أريد أن أسرد تفاصيلها حتى لا يبكي الحضور، كما لا أرغب في الحديث عن نفسي، وإنما قد أكون مُلهماً لشباب في خطواتهم الأولى».

عمرو سعد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (إدارة المهرجان)

وأرجع سعد نجاحه إلي «الإصرار والثقة»، ضارباً المثل بزملاء له بالمسرح الجامعي كانوا يفوقونه موهبة، لكن لم يكملوا مشوارهم بالتمثيل لعدم وجود هذا الإصرار لديهم، ناصحاً شباب الممثلين بالتمسك والإصرار على ما يطمحون إليه بشرط التسلح بالموهبة والثقافة، مشيراً إلى أنه كان يحضر جلسات كبار الأدباء والمثقفين، ومن بينهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، كما استفاد من تجارب كبار الفنانين.

وعاد سعد ليؤكد أنه لم يراوده الشك في قدرته على تحقيق أحلامه حسبما يروي: «كنت كثيراً ما أتطلع لأفيشات الأفلام بـ(سينما كايرو)، وأنا أمر من أمامها، وأتصور نفسي متصدراً أحد الملصقات، والمثير أن أول ملصق حمل صورتي كان على هذه السينما».

ولفت الفنان المصري خلال حديثه إلى «أهمية مساندة صناعة السينما، وتخفيض رسوم التصوير في الشوارع والأماكن الأثرية؛ لأنها تمثل ترويجا مهماً وغير مباشر لمصر»، مؤكداً أن الفنان المصري يمثل قوة خشنة وليست ناعمة لقوة تأثيره، وأن مصر تضم قامات فنية كبيرة لا تقل عن المواهب العالمية، وقد أسهمت بفنونها وثقافتها على مدى أجيال في نشر اللهجة المصرية.

وبدأ عمرو سعد (47) عاماً مسيرته الفنية خلال فترة التسعينات عبر دور صغير بفيلم «الآخر» للمخرج يوسف شاهين، ثم فيلم «المدينة» ليسري نصر الله، وقدمه خالد يوسف في أفلام عدة، بدءاً من «خيانة مشروعة» و«حين ميسرة» و«دكان شحاتة» وصولاً إلى «كارما»، وقد حقق نجاحاً كبيراً في فيلم «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي، وترشح الفيلم لتمثيل مصر في منافسات الأوسكار 2018، كما لعب بطولة عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية من بينها «يونس ولد فضة»، و«ملوك الجدعنة»، و«الأجهر»، بينما يستعد لتصوير مسلسل «سيد الناس» أمام إلهام شاهين وريم مصطفى الذي سيُعْرَض خلال الموسم الرمضاني المقبل.