الصين تسعى لتبسيط قوانين الزواج لمواجهة أزمة التراجع السكاني

صينيان متزوجان حديثاً يلتقطان صوراً في مكتب تسجيل الزواج في هانغتشو بمقاطعة تشجيانغ بالصين 14 فبراير 2023 (رويترز)
صينيان متزوجان حديثاً يلتقطان صوراً في مكتب تسجيل الزواج في هانغتشو بمقاطعة تشجيانغ بالصين 14 فبراير 2023 (رويترز)
TT

الصين تسعى لتبسيط قوانين الزواج لمواجهة أزمة التراجع السكاني

صينيان متزوجان حديثاً يلتقطان صوراً في مكتب تسجيل الزواج في هانغتشو بمقاطعة تشجيانغ بالصين 14 فبراير 2023 (رويترز)
صينيان متزوجان حديثاً يلتقطان صوراً في مكتب تسجيل الزواج في هانغتشو بمقاطعة تشجيانغ بالصين 14 فبراير 2023 (رويترز)

في مواجهة تراجع سكاني حاد، تسعى الصين لإصلاح قوانين الزواج من خلال مسودة قانون جديدة تهدف إلى تبسيط إجراءات تسجيل الزواج، في خطوة تهدف إلى التصدي للانخفاض المستمر في معدلات المواليد، الذي يشكل تحدياً كبيراً لدولة يبلغ تعداد سكانها 1.4 مليار نسمة.

وفقاً لمجلة «نيوزويك»، دعت وزارة الشؤون المدنية الصينية الجمهور إلى تقديم آرائهم حول مسودة القانون حتى 11 سبتمبر (أيلول) المقبل. تأتي هذه المبادرة في وقت تشهد فيه الصين تراجعاً غير مسبوق في معدل الخصوبة، الذي يعد من بين الأدنى على مستوى العالم. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن البلاد سجلت في عام 2023 انخفاضاً في عدد السكان بمقدار 2.08 مليون نسمة، وهي المرة الثانية التي يتجاوز فيها عدد الوفيات عدد الولادات على التوالي.

وتهدف المسودة الجديدة إلى تعزيز المجتمع الصديق للأسرة من خلال إزالة القيود الإقليمية التي كانت تعوق تسجيل الزواج لفترة طويلة. يُذكر أن نظام تسجيل الزواج في الصين مرتبط بنظام «هوكو» الصارم، الذي يؤثر بشكل كبير على قرارات الأزواج بشأن مكان العيش وتكوين الأسرة، نظراً لارتباطه بالخدمات الأساسية مثل التعليم والتوظيف.

إضافةً إلى تسهيل إجراءات الزواج، تحافظ مسودة القانون على فترة انتظار مدتها 30 يوماً قبل إنهاء إجراءات الطلاق، بهدف تقليل حالات الطلاق السريعة وغير المدروسة. ومع ذلك، أثارت هذه الفترة جدلاً واسعاً في المجتمع، حيث يخشى النقاد من إمكانية أن تطيل فترة الزواج غير السعيد أو تُستغل في حالات العنف الأسري.

أثارت التعديلات المقترحة نقاشات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يرى البعض أن هذه التغييرات قد تخفف من الأعباء المالية وتقلل من التدخل العائلي في قرارات الزواج، بينما يحذر آخرون من مخاطر التسرع في اتخاذ قرارات الزواج دون التفكير الكافي.

وفيما شهدت الصين انخفاضاً بنسبة 8.3 في المائة في عدد حالات الزواج خلال الربع الأول من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، فإن العام الماضي سجل زيادة بنحو 850 ألف حالة زواج مقارنة بعام 2022، وهي الزيادة الأولى منذ عام 2013، ويعزى ذلك جزئياً إلى رفع القيود الصارمة المتعلقة بجائحة «كورونا».

وفي ظل استمرار النقاش حول هذا القانون الجديد، لم ترد وزارة الخارجية الصينية على طلب التعليق، بينما يسعى صناع القرار لإيجاد توازن بين تعزيز معدلات الزواج والمواليد وبين الحفاظ على حقوق الأفراد وحرياتهم.


مقالات ذات صلة

لماذا انخفض عدد سكان اليابان بأكثر من نصف مليون نسمة خلال عام واحد؟

آسيا أشخاص يسيرون في أحد شوارع طوكيو باليابان... 20 مايو 2022 (رويترز)

لماذا انخفض عدد سكان اليابان بأكثر من نصف مليون نسمة خلال عام واحد؟

انخفض عدد سكان اليابان إلى 123.8 مليون نسمة في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، أي أقل بنحو 550 ألف نسمة عن العام السابق.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مقر «صندوق التنمية العقارية» بالرياض (موقع الصندوق)

«صندوق التنمية العقارية» يضخ 273.3 مليون دولار للمستفيدين من الدعم السكني

أعلن «صندوق التنمية العقارية» إيداع مليار و21 مليون ريال (273.3 مليون دولار)، في حسابات المستفيدين من برنامج «سكني».

يوميات الشرق سريلانكيون يتجمعون للمشاركة في احتفال ديني (إ.ب.أ)

دراسة: عدد سكان العالم قد يكون أكبر بكثير من المعتقد

قد يكون عدد الأشخاص الذين يعيشون على الأرض أكثر بمليارات مما هو معتقد حالياً.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
علوم سقوط الإمبراطورية البشرية: هل نحن حقاً في طريقنا إلى الزوال؟

سقوط الإمبراطورية البشرية: هل نحن حقاً في طريقنا إلى الزوال؟

يقول هنري جي: «نحن في طريقنا إلى الزوال، إلى الزوال!». لقد بلغ الإنسان العاقل ذروته، وبعدها سيبدأ عدد السكان العالمي في التناقص، كما كتب روان هوبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي وزير التخطيط العراقي محمد علي تميم خلال مؤتمر إعلان النتائج الأساسية للتعداد العام للسكان في العراق (واع)

العراق يعلن نتائج التعداد السكاني: 46 مليون نسمة

أظهرت النتائج النهائية للتعداد السكاني الأول في العراق منذ ما يقرب من 40 عاماً والذي تم إصداره اليوم (الاثنين) أن عدد السكان بلغ 46.1 مليون نسمة.

حمزة مصطفى (بغداد)

اللافندر السعودي… عطر الطائف الجديد ووجهتها السياحية القادمة

الزراعة السياحية في السعودية تزهر باللافندر (الشرق الأوسط)
الزراعة السياحية في السعودية تزهر باللافندر (الشرق الأوسط)
TT

اللافندر السعودي… عطر الطائف الجديد ووجهتها السياحية القادمة

الزراعة السياحية في السعودية تزهر باللافندر (الشرق الأوسط)
الزراعة السياحية في السعودية تزهر باللافندر (الشرق الأوسط)

فوق جبال الطائف العريقة، حيث يلتقي عبق الماضي بنسمات الحاضر، تنبت زهرةٌ ناعمةٌ بلون البنفسج تحمل بين طياتها قصة شغف وطموح. إنها اللافندر، أو كما تُعرف محلياً بـ«الضرم» التي أعاد عيضة عواض الطويرقي زراعتها إلى الواجهة بعد أن أوشكت على الاختفاء من البيئة الجبلية في المنطقة.

في مزرعة «ورد الطائف»، لم تعد هذه الشجيرة مجرد نبات عطري، بل أصبحت رمزاً للهوية الزراعية المحلية، ومصدراً لمنتجات فاخرة تجمع بين الجمال والعلاج، وأحد أسرار النحل الذي يصنع من رحيقها عسلاً لا يُضاهى في الجودة والمذاق.

يقول الطويرقي: «اللافندر شجرة مشهورة عند أهل المنطقة، وتنمو في بيئتنا الجبلية بشكل طبيعي، لكن مع مرور الوقت بدأت أعدادها تتناقص بشكل ملحوظ»، هذا التدهور الطبيعي دفعه إلى البحث عن طريقة منهجية لاستزراعها بطريقة حديثة ومنظمة، تحافظ على هذه النبتة ذات الخواص الطبية والعطرية المميزة، وتعيد لها حضورها في الطبيعة والذاكرة.

زهرة اللافندر تعود لأحضان الطائف (الشرق الأوسط)

لم تكن البداية سهلة، فالتحدي الأول كان في الحصول على شتلات اللافندر، وهو ما تطلب سنوات من البحث والجهد والتجريب. ومع المعرفة بأن هذا النبات يفضّل المناخ البارد أو المعتدل، عمل الفريق على تهيئة الظروف الملائمة له.

واليوم، تزهر شجيرات اللافندر مرتين في السنة، بداية من شهر يناير (كانون الثاني) وحتى مارس (آذار)، وتبقى الزهور متألقة على الأغصان لنحو شهرين قبل أن تذبل، بعدها تبدأ دورة حياة جديدة. وقد تم اختيار نوعين من الأنواع المحلية التي تتلاءم مع طبيعة المنطقة؛ حفاظاً على التنوع البيئي المحلي.

من الزهرة إلى الزيوت والعسل

في مزرعة «ورد الطائف»، لا تُستخدم زهور اللافندر فقط للزينة، بل تتم الاستفادة منها بطرق رئيسية عدة، وهي: النبات مباشرة، حيث تُعرض النباتات لزوار المزرعة لتأملها ولمسها واستنشاق عبيرها، وتجفيف الزهور؛ لتُستخدم لاحقاً في مستحضرات منزلية أو عطرية، وأيضاً استخلاص الزيوت العطرية التي تدخل في الكثير من الصناعات التحويلية، مثل مستحضرات التجميل والعلاج بالعطور.

لكن أكثر ما يُثير الإعجاب هو أن هذه الزهرة الساحرة تجذب النحل، وتنتج أجود أنواع العسل في المملكة، وهو عسل اللافندر، أو كما يُعرف محلياً بـ«عسل الضرم»، الذي يتميز بلونه الفاتح وطعمه ورائحته الفريدة، إلى جانب فوائده الصحية الكثيرة، منها مقاومة البكتيريا، التهدئة وتحسين النوم، دعم الهضم، تعزيز المناعة، وتخفيف التهابات البشرة ومشاكل الجهاز التنفسي.

وجهة سياحية تنبض بالجمال

قبل زراعة اللافندر، كانت المزرعة وجهة سياحية تقليدية، لكن إدخال هذا النبات أضفى عليها بعداً جديداً، جذب الزوار من كل أرجاء المملكة والخليج وحتى الدول الأجنبية. عن ذلك يقول الطويرقي: «أشعر بالفخر عندما أرى الزوار يقضون أوقاتهم بين الزهور، يلتقطون الصور، ويعيشون لحظات من الصفاء مع عائلاتهم».

يؤمن الطويرقي أن ما بدأه اليوم نواة لغدٍ زراعي مزدهر، متماشٍ مع «رؤية السعودية 2030» و«مبادرة السعودية الخضراء». ويضيف: «نحن في أول الطريق، وأعتقد أن زراعة اللافندر ستكون من الزراعات الواعدة تجارياً، وقريباً سنرى المزيد من المزارع المتخصصة تنتشر في أنحاء المملكة». ويتابع بالقول: «نضع كل إمكاناتنا وطاقتنا لجميع الباحثين أو طلاب العلم، ونسعد دائماً بالتعاون مع الجميع».

ويأتي حضور اللافندر البنفسجي متناغماً مع توجه ثقافي أوسع في المملكة، التي اعتمدت في عام 2021 اللون البنفسجي ليزين سجاد مراسم استقبال ضيوفها الرسميين، في مبادرة مشتركة بين وزارة الثقافة والمراسم الملكية. وهذا الاختيار جاء محاكاةً لألوان زهور الخزامى والريحان والعيهلان التي تكسو صحاري السعودية في فصل الربيع؛ تجسيداً لقيم الترحيب والكرم، وللدلالة على النمو والتجدد الذي تمضي المملكة نحوه بثقة ضمن «رؤية السعودية 2030».