باتريسيا داغر لـ«الشرق الأوسط»: أرفضُ كوميديا لا تفي موضوعاتها بالمستوى

الممثلة اللبنانية الغائبة تؤكد أنّ شركات الإنتاج ترتبط بممثلين معيّنين

أطلقت علامة تجارية لتصميم الأزياء خاصة بها (صور باتريسيا داغر)
أطلقت علامة تجارية لتصميم الأزياء خاصة بها (صور باتريسيا داغر)
TT

باتريسيا داغر لـ«الشرق الأوسط»: أرفضُ كوميديا لا تفي موضوعاتها بالمستوى

أطلقت علامة تجارية لتصميم الأزياء خاصة بها (صور باتريسيا داغر)
أطلقت علامة تجارية لتصميم الأزياء خاصة بها (صور باتريسيا داغر)

تغيب الممثلة اللبنانية باتريسيا داغر منذ نحو السنتين عن الساحة الفنية. فالكوميدية صاحبة الدمّ الخفيف واللدغة الظريفة، عاتبة؛ تلوم شركات الإنتاج والمحطات على السواء. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا قدرات مادية عند التلفزيونات لتنفيذ فكرة برنامج كوميدي، وتفرض تأمين راعٍ إعلاني. أسوةً بغيري من الزملاء، نعاني اللا تقدير والإهمال، فشركات الإنتاج، بالتالي، لا تحتاج إلينا، لارتباطها بمجموعة ممثلين محدّدين، تَركَن إليهم غالباً للمشاركة في إنتاجاتها، مما يجعلها تتجاهل مَن يقرع بابها لعرض فكرة».

لدى داغر فكرة برنامج ونصٍّ كوميدي مكتوب، وآخر درامي، جميعها محفوظة في الأدراج، بعدما دقّت أكثر من باب لم يُفتح.

أحدث إطلالاتها التلفزيونية كانت عبر برنامج كوميدي مع زميلها الممثل اللبناني طلال الجردي عام 2022، عرضته قناة «الجديد» بعنوان «مفروم فيك» بعدها تفرّغت لعائلتها، وأطلقت علامة أزياء خاصة لها باسم «باد جاما».

بالنسبة إليها، الأفضل أن تجتهد وتحفر في الصخر على أن تزحف وتقرع الأبواب من دون جدوى: «أعتاد على توليد الأفكار والبحث الدائم عن فرص، وإن كانت بعيدة عن الفنّ. أفضّل الانكباب على العمل عوض انتظار العرض المناسب. أمارس ما أجيده من دون إتاحة المجال أمام أحدهم للتحكُّم بي كما يحدُث في الفنّ».

تستعدّ لإطلاق فكرة برنامج كوميدي «أونلاين» (صور باتريسيا داغر)

لا تستبعد إطلالة قريبة لها في برنامج تعرضه قناتها الخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «لديَّ إطلالاتي عبر هذه المواقع، وتحديداً (تيك توك). أصبحت في مرحلة تستوجب مني القيام بمشروعي. وهي فكرة تراودني وأدرسها بتأنٍّ. فتقديم عمل كوميدي ليس سهلاً، ويتطلّب دراسة دقيقة، وقلماً ناضجاً غير مبتذل. وليُنجز الشخص خطوة مماثلة، عليه التفرُّغ لها. أنشغل حالياً بتربية أولادي وبعلامتي التجارية. لكن حان الوقت لأنفّذ فكرتي بأسلوبي، بلا ضغط أو شروط من أحد».

يزعجها على الساحة المسرحية توجُّه بعض الأعمال نحو الجمهور: «المسرح هو المكان الوحيد القادر على جذب الناس. يزعجني كسر بعض المسرحيين هذه القاعدة، بحَمْل مسرحيتهم والتجوّل بها في مناطق مختلفة. بذلك تتحوّل إلى مسرح جوّال يقصد الجمهور عوض العكس».

وعن غياب المسرحيات الكوميدية، عموماً، توضح: «قلّة من أهل المسرح تجيد كتابة الكوميديا. البعض يستسهل الموضوع ويفشل. هذا هو السبب الرئيسي لتراجع الأعمال الكوميدية تلفزيونياً ومسرحياً».

من جيل الكوميديين المعاصرين، يلفتها الـ«ستاند آب كوميديان» جون أشقر: «ألاحظ تميّزه عن غيره بأسلوبه الذكي. أستمتع بمشاهدته في برنامجه (طار الوقت) عبر شاشة (إل بي سي آي)، وأتمنّى أن يحافظ على استمراريته».

وتؤكد باتريسيا داغر أنّ المُشاهد عامة يتعلّق بالدراما أكثر من سواها. ولعلّ الإنتاجات الدرامية الكثيفة تسهم في عدم إفساح المجال تماماً للكوميديا. تعلّق: «الكوميديا صعبة، ولا تستطيع إرضاء أكبر فئة من الناس. أرفض إنجاز عمل كوميدي لا تفي موضوعاته بالمستوى المطلوب، ولكن في استطاعتنا أيضاً تلوين الدراما بها. بذلك نلتقي في وسط الطريق لئلا نظلم الصنفين».

عبر تصاميم أزياء خاصة بربّات المنازل، قدّمت داغر فكرة جديدة: «نبعت من حياتي اليومية وهي تمثّل الأزياء المريحة، وتُشبه إلى حدّ كبير ملابس النوم، لكنها تليق أيضاً بالمشاوير السريعة والمُباغتة التي تصادف الأم في يومياتها».

تبدي إعجابها بالكوميدي جون أشقر (صور باتريسيا داغر)

أما مؤخراً، فأطلّت في برنامج الألعاب والتسلية «جنون فنون» عبر قناة «إل بي سي آي»، وتركت الصدى الطيّب لدى المُشاهد لطرافتها. تقول: «إطلالاتي قليلة ضمن برامج حوارية، وأصرّ على بدل مادي أتقاضاه مقابل ذلك. ولكن تربطني علاقة وطيدة بهذه الشاشة وبمنتج العمل رالف معتوق، كما أكنّ الاحترام والحبّ للضيوف الذين شاركوني الحلقة».

تتمسّك بعدم تلبيتها دعوات كثيرة: «أبتعد عن حفلات لا تهمّني، ولكن أحافظ على علاقات قريبة مع زملاء لي. أفضّل الاهتمام بعائلتي والتفرّغ لأعمالي».

اليوم، تهتمّ باتريسيا داغر بتربية ولديها، (بين 12 و14 عاماً): «يستحقان مني الاهتمام والاطّلاع على تفاصيل حياتهما. وهذا المشوار قد لا ينتهي قبل بلوغهما العشرين. على الأهل مواكبة أولادهم دائماً وتوليد علاقة متينة وثقة مشتركة».


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
TT

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

في كل مرة يُعلن فيها عن الإفراج عن دفعة من المعتقلين السوريين، تتزيّن بطلة فيلم «سلمى» وتهرع مع والد زوجها، علّها تعثر على زوجها «سجين الرأي» الذي اختفى قبل سنوات في ظروف غامضة، متمسكة بأمل عودته، رافضة إصدار شهادة وفاته، ومواصلة حياتها مع نجلها ونجل شقيقتها المتوفاة.

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» في هذا الإطار، وقد جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» في «مهرجان القاهرة السينمائي» في دورته الـ45، وتلعب الفنانة السورية سلاف فواخرجي دور البطولة فيه إلى جانب المخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد الذي يؤدي دور والد زوجها. وقد أُهدي الفيلم لروحه.

تتعرض «سلمى» للاستغلال من أحد أثرياء الحرب سيئ السمعة، لتبدأ بنشر معلومات دعائية لشقيقه في الانتخابات على خلفية ثقة السوريين بها للعبها دوراً بطوليّاً حين ضرب زلزال قوي سوريا عام 2023، ونجحت في إنقاذ عشرات المواطنين من تحت الأنقاض، وتناقلت بطولتها مقاطع فيديو صورها كثيرون. وتجد «سلمى» نفسها أمام خيارين إما أن تتابع المواجهة حتى النهاية، وإما أن تختار خلاصها مع عائلتها.

ويشارك في بطولة الفيلم كلٌ من باسم ياخور، وحسين عباس، والفيلم من إخراج جود سعيد الذي يُعدّه نقاد «أحد أهم المخرجين الواعدين في السينما السورية»، بعدما حازت أفلامه جوائز في مهرجانات عدة، على غرار «مطر حمص»، و«بانتظار الخريف».

سُلاف تحتفل بفيلمها في مهرجان القاهرة (القاهرة السينمائي)

قدّمت سُلاف فواخرجي أداءً لافتاً لشخصية «سلمى» التي تنتصر لكرامتها، وتتعرّض لضربٍ مُبرح ضمن مشاهد الفيلم، وتتجاوز ضعفها لتتصدّى لأثرياء الحرب الذين استفادوا على حساب المواطن السوري. وتكشف أحداث الفيلم كثيراً عن معاناة السوريين في حياتهم اليومية، واصطفافهم في طوابير طويلة للحصول على بعضِ السلع الغذائية، وسط دمار المباني جراء الحرب والزلزال.

خلال المؤتمر الصحافي الذي نُظّم عقب عرض الفيلم، تقول سُلاف فواخرجي، إنه من الصّعب أن ينفصل الفنان عن الإنسان، وإنّ أحلام «سلمى» البسيطة في البيت والأسرة والكرامة باتت أحلاماً كبيرة وصعبة. مؤكدة أن هذا الأمر ليس موجوداً في سوريا فقط، بل في كثيرٍ من المجتمعات، حيث باتت تُسرق أحلام الإنسان وذكرياته. لافتة إلى أنها واحدة من فريق كبير في الفيلم عمل بشغف لتقديم هذه القصة. وأضافت أنها «ممثلة شغوفة بالسينما وتحب المشاركة في أعمال قوية»، مشيرة إلى أن «شخصية (سلمى) تُشبهها في بعض الصّفات، وأن المرأة تظل كائناً عظيماً».

من جانبه، قال المخرج جود سعيد، إن هذا الفيلم كان صعباً في مرحلة المونتاج، خصوصاً في ظل غياب عبد اللطيف عبد الحميد الذي وصفه بـ«الحاضر الغائب».

مشيراً إلى أن قصة «سلمى» تُمثّل الكرامة، «وبعد العشرية السّوداء لم يبقَ للسوريين سوى الكرامة، ومن دونها لن نستطيع أن نقف مجدداً»، وأن الفيلم يطرح إعادة بناء الهوية السورية على أساسٍ مختلفٍ، أوّله كرامة الفرد. ولفت المخرج السوري إلى أن شهادته مجروحة في أداء بطلة الفيلم لأنه من المغرمين بأدائها.

الفنان السوري باسم ياخور أحد أبطال فيلم «سلمى» (القاهرة السينمائي)

ووصف الناقد الأردني، رسمي محاسنة، الفيلم بـ«الجريء» لطرحه ما يقع على المسالمين من ظلمٍ في أي مكان بالعالم؛ مؤكداً على أن كرامة الإنسان والوطن تستحق أن يُجازف المرء من أجلها بأمور كثيرة، وتابع: «لذا لاحظنا رفض (سلمى) بطلة الفيلم، أن تكون بوقاً لشخصية تمثّل نموذجاً للفساد والفاسدين رغم كل الضغوط».

وأوضح رسمي محاسنة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الفيلم قدّم شخصياته على خلفية الحرب، عبر نماذج إنسانية متباينة، من بينها تُجار الحرب الذين استغلوا ظروف المجتمع، ومن بقي مُحتفّظاً بإنسانيته ووطنيته، قائلاً إن «السيناريو كُتب بشكل دقيق، وعلى الرغم من دورانه حول شخصية مركزية فإن المونتاج حافظ على إيقاع الشخصيات الأخرى، وكذلك الإيقاع العام للفيلم الذي لم نشعر لدى متابعته بالملل أو بالرتابة».

سُلاف والمخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد في لقطة من الفيلم (القاهرة السينمائي)

وأشاد محاسنة بنهاية الفيلم مؤكداً أن «المشهد الختامي لم يجنح نحو الميلودراما، بل اختار نهاية قوية. كما جاء الفيلم دقيقاً في تصوير البيئة السورية»؛ مشيراً إلى أن «المخرج جود سعيد استطاع أن يُخرِج أفضل ما لدى أبطاله من أداء، فقدموا شخصيات الفيلم بأبعادها النفسية. كما وفُّق في إدارته للمجاميع».

واختتم محاسنة قائلاً: «تُدهشنا السينما السورية باستمرار، وتقدّم أجيالاً جديدة مثل جود سعيد الذي يتطوّر بشكل ممتاز، وفي رأيي هو مكسبٌ للسينما العربية».