مقهى في وارسو يُشغِّل مُقعدين على كراسي متحرّكة

أسَّسه مَن لن يمشي مجدداً «ولو كان بيل غيتس» لخدمة العالم

الجميع يستحقّ الفرص (أ.ف.ب)
الجميع يستحقّ الفرص (أ.ف.ب)
TT

مقهى في وارسو يُشغِّل مُقعدين على كراسي متحرّكة

الجميع يستحقّ الفرص (أ.ف.ب)
الجميع يستحقّ الفرص (أ.ف.ب)

كل شيء في المقهى الذي يديره في وارسو البيلاروسي اللاجئ لأسباب سياسية إلى بولندا، ساشا أفديفيتش، سواء تصميمه الداخلي الأنيق أو رائحة حبوب البن المطحونة الطازجة، يوحي للوهلة الأولى أنه مثل غيره من تلك المقاهي العصرية في المدينة الأوروبية الشرقية.

لكن منضدة العمل المنخفضة التي يستطيع ذوو الكراسي المتحرّكة استخدامها، والمُلصق الذي كُتِب عليه باللغات البولندية والإنجليزية والبيلاروسية أنّ «الباريستا (مُعِدّ القهوة) المناوب ضعيف السمع»، يَشِيان بأنه ليس مكاناً عادياً.

مقهى يجعل العالم مكاناً أفضل (أ.ف.ب)

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، أسّسَ أفديفيتش، وهو نفسه يتنقل على كرسيّ متحرّك، أول مقهى يحمل اسم «إنكلوزيف باريستا»، عندما كان لا يزال في بيلاروسيا، وسرعان ما أصبح ناشطاً معروفاً دفاعاً عن الأشخاص ذوي الإعاقة في هذا البلد الذي يحكمه بقبضة من حديد الرئيس ألكسندر لوكاشنكو.

وشارك الرجل (40 عاماً) في الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة التي شهدتها بيلاروسيا إثر الانتخابات الرئاسية التي أعادت لوكاشنكو إلى السلطة عام 2020، ووصفتها جماعات الدفاع عن حقوق الإنسان بأنها مزوّرة.

قرّر أفديفيتش تَركَ بيلاروسيا، بعدما قمع لوكاشنكو أي مُعارضة له بعنف؛ فروى أنّ كثراً اتصلوا به حينها، وقالوا له: «ساشا، غادِر البلد إذا لم تكن ترغب في أن ينتهي بك الأمر في نعش».

وفي خضمّ جائحة «كوفيد - 19»، توجّه بدايةً إلى جورجيا، ثم انتقل إلى جزر الكناري، قبل أن يطلب الحماية الدولية في فرنسا.

افتُتِح المقهى في أبريل ويعمل فيه أشخاص من ذوي الإعاقات المختلفة (أ.ف.ب)

واستقر أخيراً في بولندا، حيث يعيش اليوم عشرات الآلاف من سكان بيلاروسيا الفارّين مثله من القمع.

ولاحظ أفديفيتش أنّ «ثمة كثيراً من المهاجرين ذوي الإعاقة»، فنظَّم، ما إن استقر في وارسو، برنامجاً تدريبياً على مهنة الباريستا للأشخاص المُقعدين.

ومن أبرز ما تدرّب عليه المشاركون في البرنامج تقديم القهوة على عربات مجهَّزة لتُلائمهم خلال المهرجانات التي نظَّمها أفديفيتش أيضاً. كذلك شَرَعَ في رسم مخطّطات أول مقهى له في بولندا.

وعندما وجد أفديفيتش مقراً يصلح لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة، بالقرب من شقته وفي منطقة براغا الشهيرة، قرّر، مع شريكه التجاري، إقامة هذا المقهى فيه.

هدف ساشا أفديفيتش أن يكون المقهى عالمياً وشاملاً (أ.ف.ب)

قال: «كان لدينا ما يكفي من المال لدفع الإيجار 3 أشهر، فقرّرنا أن نُقدم على الخطوة مهما حدث».

وافتُتِح المقهى في أبريل (نيسان) الماضي، ويعمل فيه أشخاص من ذوي الإعاقات المختلفة، بالإضافة إلى مهاجرين، ليس فقط من بيلاروسيا.

ويريد المؤسِّسان أن يكون مقهاهما عالمياً وشاملاً قدر الإمكان.

تابع أفديفيتش: «أقمنا في الآونة الأخيرة مسابقة (راب باتل بين المغنّين)، وسننظّم قريباً مواعدة سريعة»، وهي سلسلة من اللقاءات القصيرة.

ويُطلق المقهى أيضاً مدرسة لمنسّقي الموسيقى (دي جاي) لذوي الإعاقة.

فقد أفديفيتش القدرة على استخدام ساقيه عندما أصيب بكسر في ظهره جرّاء حادث دراجة نارية عام 2011. علّق ضاحكاً: «لا عملية جراحية لهذا النوع من الإعاقة، ولا يمكنني أن أمشي مجدداً، حتى لو كنتُ بيل غيتس».

وبعد وقت قصير من وقوع الحادث، قال لنفسه: «حسناً، أنا على قيد الحياة. ماذا يمكنني أن أفعل؟ لديَّ ذراعان تعملان». وأضاف: «اليوم نحن هنا، في مقهانا، لنجعل العالم مكاناً أفضل».


مقالات ذات صلة

حفيدة صوفيا لورين «مختلفة الجمال» تخرج إلى المجتمع في «حفل المبتدئات»

يوميات الشرق جمال لوتشيا بونتي من نوع مختلف عن جدّتها (موقع الحفل)

حفيدة صوفيا لورين «مختلفة الجمال» تخرج إلى المجتمع في «حفل المبتدئات»

جرتْ العادة أن تحضُر كل مُشاركة بصحبة فتى من أبناء المشاهير والأثرياء، وأن ترقص معه «الفالس» كأنهما في حفل من حفلات القصور في عهود ملوك أوروبا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مبهجة ودافئة (جامعة «أبردين»)

أقدم آلة تشيللو أسكوتلندية تعزف للمرّة الأولى منذ القرن الـ18

خضعت آلة تشيللو يُعتقد أنها الأقدم من نوعها في أسكوتلندا لإعادة ترميم، ومن المقرَّر أن تعاود العزف مرّة أخرى في عرض خاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق نادرة جداً (مواقع التواصل)

للبيع... تذكرة لدخول مسرح بريستول تعود إلى عام 1766

من المتوقَّع أن تُحقّق ما وُصفَت بأنها «قطعة حقيقية من تاريخ بريستول» آلاف الجنيهات منذ عرضها للبيع في مزاد ببريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تجمعهما الإنسانية (مواقع التواصل)

شاي «وأمور مشتركة» جمعت أطول وأقصر امرأتين في العالم

التقت أطول النساء في العالم، وأقصرهن، لاحتساء شاي الظهيرة احتفالاً بيوم موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية. إليكم تفاصيل اللقاء...

«الشرق الأوسط» (لندن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)
من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)
TT

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)
من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

كشفت دراسة بريطانية عن أنّ الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند بلوغهم سنّ السابعة.

وأشارت الدراسة التي قادتها جامعة أدنبره بالتعاون مع جامعتَي «نورثمبريا» و«أوكسفورد» إلى أهمية مراقبة تطوّر التنظيم العاطفي لدى الأطفال في مرحلة مبكرة من حياتهم، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «Development and Psychopathology».

والتنظيم العاطفي لدى الأطفال هو القدرة على إدارة مشاعرهم بشكل مناسب، مثل التعبير الصحّي عن المشاعر والتحكُّم في الانفعالات القوية منها الغضب والحزن، ويساعدهم ذلك على التفاعل إيجابياً مع الآخرين والتكيُّف مع التحدّيات اليومية.

أمّا اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فهو حالة تؤثّر في قدرة الفرد على التركيز والتحكُّم في الانفعالات والسلوكيات، ويتميّز بصعوبة في الانتباه، وفرط النشاط، والاندفاعية، ويظهر في الطفولة وقد يستمر إلى البلوغ، مع عوامل وراثية وبيئية وعقلية تسهم في حدوثه.

وأوضح الباحثون أنّ دراستهم الجديدة تُعدّ من أوائل البحوث التي تستكشف العلاقة بين أنماط تنظيم المشاعر في المراحل المبكرة من الطفولة والصحّة النفسية في مرحلة المدرسة. فقد حلّلوا بيانات نحو 19 ألف طفل وُلدوا بين عامي 2000 و2002. واستندت الدراسة إلى استبيانات ومقابلات مع أولياء الأمور لتقويم سلوكيات الأطفال الاجتماعية وقدرتهم على تنظيم مشاعرهم.

واستخدموا تقنيات إحصائية لفحص العلاقة بين مشكلات المشاعر والسلوك وأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند سنّ السابعة.

وتوصل الباحثون إلى أنّ الأطفال الذين يُظهرون استجابات عاطفية شديدة ويتأخرون في تطوير القدرة على تنظيم مشاعرهم يكونون أكثر عرضة للإصابة بأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والمشكلات السلوكية والانطوائية، مثل القلق والحزن.

وأظهرت النتائج أنّ هذه العلاقة تنطبق على الجنسين، حتى بعد أخذ عوامل أخرى في الحسبان، مثل وجود مشكلات نفسية أو عصبية مسبقة.

وقالت الدكتورة آجا موراي، من كلية الفلسفة وعلم النفس وعلوم اللغة بجامعة أدنبره، والباحثة الرئيسية للدراسة: «تُكتَسب مهارات تنظيم المشاعر في سنّ مبكرة وتزداد قوة تدريجياً مع الوقت، لكنّ الأطفال يختلفون في سرعة اكتساب هذه المهارات، وقد يشير التأخُّر في هذا التطوّر إلى احتمال وجود مشكلات نفسية أو عصبية».

وأضافت عبر موقع الجامعة: «تشير نتائجنا إلى أنّ مراقبة مسارات تطوُّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال يمكن أن تساعد في تحديد مَن هم أكثر عرضة للمشكلات النفسية في المستقبل».

ويأمل الباحثون أن تُسهم هذه النتائج في تطوير برامج وقائية تستهدف الأطفال في المراحل المبكرة من حياتهم، لتقليل احتمالات تعرّضهم لمشكلات نفسية وسلوكية عند الكبر.