الراحة الجيدة عامل مؤثر في إنجازاتهم... كيف تنام مثل الرياضيين الأولمبيين؟

العداءة البريطانية كاتارينا جونسون تومسون ترتاح بعد فوزها بالميدالية الفضية في منافسات السباعي بأولمبياد باريس (رويترز)
العداءة البريطانية كاتارينا جونسون تومسون ترتاح بعد فوزها بالميدالية الفضية في منافسات السباعي بأولمبياد باريس (رويترز)
TT

الراحة الجيدة عامل مؤثر في إنجازاتهم... كيف تنام مثل الرياضيين الأولمبيين؟

العداءة البريطانية كاتارينا جونسون تومسون ترتاح بعد فوزها بالميدالية الفضية في منافسات السباعي بأولمبياد باريس (رويترز)
العداءة البريطانية كاتارينا جونسون تومسون ترتاح بعد فوزها بالميدالية الفضية في منافسات السباعي بأولمبياد باريس (رويترز)

إن الإنجازات التي يحققها الرياضيون الأولمبيون في أكبر منافسة رياضية هي نتيجة لسنوات، إن لم يكن لعقود، من التدريب والتمارين القاسية والاستعداد الجاد والاهتمام بأمور رياضية وأخرى تؤثر عليها وترتبط بها، مثل النوم، الذي قد لا يُسلط عليه الضوء كثيراً رغم أهميته لتحقيق أداء رياضي وبدني جيد، وفقاً لما ذكرته «هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)».

ومن المعروف أن النوم ضروري للدماغ والجسم. وعدم الحصول على ما يكفي منه يمكن أن يساهم في ضعف الصحة العقلية والجسدية. وبينما نشعر جميعاً بعواقب النوم السيئ أثناء الليل، ففي عالم رياضة النخبة - حيث يمكن لقطع أجزاء من الثانية من الوقت أن تعني الفرق بين الفوز أو الخسارة - يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً.

ومن المؤكد أن كثيراً من الأبحاث العلمية تشير إلى مدى تأثير قلة النوم والحرمان منه على الأداء الرياضي. ويقوم العديد من الرياضيين البارزين بإدخال النوم في جداول تدريبهم كجزء أساسي من استعدادهم للمسابقات.

ووفقاً لدراسة أجراها باحثون في جامعة ستانفورد الأميركية، فإن إطالة فترة النوم من خلال قضاء ما لا يقل عن 10 ساعات في السرير كل ليلة أدى إلى تحسين أوقات العدو ودقة التسديد وتقليل التعب بين لاعبي كرة السلة في الجامعة. ويقول الباحثون إن النوم والراحة لا يقلان أهمية عن التدريب والنظام الغذائي.

وقد أظهرت دراسات أخرى أن نخبة الرياضيين الذين يقتصر نومهم على أربع ساعات في الليلة لمدة ثلاث ليال متتالية يعانون من انخفاض في التنسيق المشترك، ولا يستطيعون القفز بأعلى مستوى ممكن مقارنة بما يستطيعون الوصول إليه في حال النوم لأكثر من سبع ساعات في الليلة.

تشير الكثير من الأبحاث العلمية إلى مدى تأثير قلة النوم على الأداء الرياضي (رويترز)

وبالنسبة لعدَّائي الماراثون، فإن الوقت الذي يقضونه في النوم في الليالي التي تسبق المنافسة يمثل نحو ثلث التباين في الأداء بين المنافسين. ويقول ماثيو كراولي، مساعد مدرب القوة وعالم الرياضة في فريق دالاس ستارز، والأستاذ المساعد في جامعة كانيسيوس الأميركية: «إذا كنت تتحدث عن شكل هرمي، فإن (النوم) هو القاعدة، أو أساس المبنى».

تحسين روتين النوم الخاص بك

وينصح كراولي ببعض الخطوات الأساسية التي يمكنك اتخاذها لتحسين نومك، وهي:

1) الحصول على مزيد من النوم، ومن الأفضل أن تحصل على 8 أو 9 ساعات في الليلة.

2) وضع جدول نوم ثابت مع مواعيد نوم واستيقاظ منتظمة.

3) قم بإضفاء طابع شخصي على بيئة غرفة نومك، واجعلها باردة وهادئة ومظلمة.

4) استمتع بالاسترخاء بأفضل طريقة تناسبك، حمام بارد أو ساخن، أو القراءة، أو التأمل، أو تمارين التنفس.

5) الحد من استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل ساعة واحدة من النوم، وعدم ممارسة التمارين البدنية لمدة 3 ساعات قبل النوم، وعدم تناول وجبات الطعام لمدة ساعتين قبل النوم.

وبالنسبة للرياضيين العالميين، فإن النوم الجيد يسمح بتركيز أفضل وحالة ذهنية أفضل أثناء التنافس، بالإضافة إلى تحسين التعافي، وبالتالي تقليل خطر الإصابة، وكلها أمور فارقة لتحقيق النجاح والإنجازات في المنافسات الرياضية.


مقالات ذات صلة

أولمبياد باريس... الحصيلة الأسوأ لألمانيا منذ 1992

رياضة عالمية احتلال المركز العاشر أسوأ مما حدث في طوكيو (أ.ف.ب)

أولمبياد باريس... الحصيلة الأسوأ لألمانيا منذ 1992

أنهت ألمانيا منافسات دورة الألعاب الأولمبية بباريس بـ12 ميدالية ذهبية و33 ميدالية في المجمل بالمركز العاشر وهو ما يُعد أسوأ حصيلة لها منذ إعادة توحيد البلاد.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية شاكاري ريتشاردسون (أ.ف.ب)

أولمبياد باريس: أبرز إخفاقات وخيبات الرياضيين

جدالات ومرشحون بارزون غابوا أو اضطروا إلى الاستسلام، كلها مشاعر سلبية كان لدورة الألعاب الأولمبية في باريس نصيب منها من خلال فشل وخيبة أمل وإخفاق بعض النجوم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية العلم الفرنسي رفع كثيراً في منصات التتويج خلال الأولمبياد (رويترز)

أكبر حصيلة ميداليات لفرنسا في الأولمبياد منذ عام 1900

كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد رفع سقف التوقعات بدعوة الرياضيين الفرنسيين بحصد ما بين 50 و60 ميدالية في أولمبياد باريس 2024، وهو ما تحقق.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية منتخب أميركا للسيدات يحتفل بالفوز (أ.ب)

أولمبياد باريس: الولايات المتحدة تتصدر ترتيب الميداليات بذهبية سلة السيدات

سار منتخب سيدات الولايات المتحدة على خطى الرجال وأحرز مجدداً لقب مسابقة كرة السلة بفوزه الصعب جداً على المضيف الفرنسي بفارق نقطة فقط.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية سيمون بايلز (أ.ب)

أولمبياد باريس: نجوم الألعاب من بايلز ومارشان إلى ديوكوفيتش... والجماهير

برز كثير من النجوم في دورة الألعاب الأولمبية بباريس ورصعوا أعناقهم بالمعدن الأصفر بدءاً من أيقونة الجمباز الأميركية سيمون بايلز

«الشرق الأوسط» (باريس)

مقهى في وارسو يُشغِّل مُقعدين على كراسي متحرّكة

الجميع يستحقّ الفرص (أ.ف.ب)
الجميع يستحقّ الفرص (أ.ف.ب)
TT

مقهى في وارسو يُشغِّل مُقعدين على كراسي متحرّكة

الجميع يستحقّ الفرص (أ.ف.ب)
الجميع يستحقّ الفرص (أ.ف.ب)

كل شيء في المقهى الذي يديره في وارسو البيلاروسي اللاجئ لأسباب سياسية إلى بولندا، ساشا أفديفيتش، سواء تصميمه الداخلي الأنيق أو رائحة حبوب البن المطحونة الطازجة، يوحي للوهلة الأولى أنه مثل غيره من تلك المقاهي العصرية في المدينة الأوروبية الشرقية.

لكن منضدة العمل المنخفضة التي يستطيع ذوو الكراسي المتحرّكة استخدامها، والمُلصق الذي كُتِب عليه باللغات البولندية والإنجليزية والبيلاروسية أنّ «الباريستا (مُعِدّ القهوة) المناوب ضعيف السمع»، يَشِيان بأنه ليس مكاناً عادياً.

مقهى يجعل العالم مكاناً أفضل (أ.ف.ب)

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، أسّسَ أفديفيتش، وهو نفسه يتنقل على كرسيّ متحرّك، أول مقهى يحمل اسم «إنكلوزيف باريستا»، عندما كان لا يزال في بيلاروسيا، وسرعان ما أصبح ناشطاً معروفاً دفاعاً عن الأشخاص ذوي الإعاقة في هذا البلد الذي يحكمه بقبضة من حديد الرئيس ألكسندر لوكاشنكو.

وشارك الرجل (40 عاماً) في الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة التي شهدتها بيلاروسيا إثر الانتخابات الرئاسية التي أعادت لوكاشنكو إلى السلطة عام 2020، ووصفتها جماعات الدفاع عن حقوق الإنسان بأنها مزوّرة.

قرّر أفديفيتش تَركَ بيلاروسيا، بعدما قمع لوكاشنكو أي مُعارضة له بعنف؛ فروى أنّ كثراً اتصلوا به حينها، وقالوا له: «ساشا، غادِر البلد إذا لم تكن ترغب في أن ينتهي بك الأمر في نعش».

وفي خضمّ جائحة «كوفيد - 19»، توجّه بدايةً إلى جورجيا، ثم انتقل إلى جزر الكناري، قبل أن يطلب الحماية الدولية في فرنسا.

افتُتِح المقهى في أبريل ويعمل فيه أشخاص من ذوي الإعاقات المختلفة (أ.ف.ب)

واستقر أخيراً في بولندا، حيث يعيش اليوم عشرات الآلاف من سكان بيلاروسيا الفارّين مثله من القمع.

ولاحظ أفديفيتش أنّ «ثمة كثيراً من المهاجرين ذوي الإعاقة»، فنظَّم، ما إن استقر في وارسو، برنامجاً تدريبياً على مهنة الباريستا للأشخاص المُقعدين.

ومن أبرز ما تدرّب عليه المشاركون في البرنامج تقديم القهوة على عربات مجهَّزة لتُلائمهم خلال المهرجانات التي نظَّمها أفديفيتش أيضاً. كذلك شَرَعَ في رسم مخطّطات أول مقهى له في بولندا.

وعندما وجد أفديفيتش مقراً يصلح لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة، بالقرب من شقته وفي منطقة براغا الشهيرة، قرّر، مع شريكه التجاري، إقامة هذا المقهى فيه.

هدف ساشا أفديفيتش أن يكون المقهى عالمياً وشاملاً (أ.ف.ب)

قال: «كان لدينا ما يكفي من المال لدفع الإيجار 3 أشهر، فقرّرنا أن نُقدم على الخطوة مهما حدث».

وافتُتِح المقهى في أبريل (نيسان) الماضي، ويعمل فيه أشخاص من ذوي الإعاقات المختلفة، بالإضافة إلى مهاجرين، ليس فقط من بيلاروسيا.

ويريد المؤسِّسان أن يكون مقهاهما عالمياً وشاملاً قدر الإمكان.

تابع أفديفيتش: «أقمنا في الآونة الأخيرة مسابقة (راب باتل بين المغنّين)، وسننظّم قريباً مواعدة سريعة»، وهي سلسلة من اللقاءات القصيرة.

ويُطلق المقهى أيضاً مدرسة لمنسّقي الموسيقى (دي جاي) لذوي الإعاقة.

فقد أفديفيتش القدرة على استخدام ساقيه عندما أصيب بكسر في ظهره جرّاء حادث دراجة نارية عام 2011. علّق ضاحكاً: «لا عملية جراحية لهذا النوع من الإعاقة، ولا يمكنني أن أمشي مجدداً، حتى لو كنتُ بيل غيتس».

وبعد وقت قصير من وقوع الحادث، قال لنفسه: «حسناً، أنا على قيد الحياة. ماذا يمكنني أن أفعل؟ لديَّ ذراعان تعملان». وأضاف: «اليوم نحن هنا، في مقهانا، لنجعل العالم مكاناً أفضل».