عيد شعبي للاحتفال بـ«اليوم الوطني للدبكة» في لبنان

في بلدة معاصر الشوف ومنذ عام 2015

نشاطات من التراث اللبناني تواكب «اليوم الوطني للدبكة» (مهرجان الدبكة)
نشاطات من التراث اللبناني تواكب «اليوم الوطني للدبكة» (مهرجان الدبكة)
TT

عيد شعبي للاحتفال بـ«اليوم الوطني للدبكة» في لبنان

نشاطات من التراث اللبناني تواكب «اليوم الوطني للدبكة» (مهرجان الدبكة)
نشاطات من التراث اللبناني تواكب «اليوم الوطني للدبكة» (مهرجان الدبكة)

في مبادرة لاستذكار تراث لبنان والحفاظ على رموزه الأصيلة ولد «اليوم الوطني للدبكة». بلدة معاصر الشوف أخذت على عاتقها الاحتفال بهذا اليوم منذ عام 2015. وينظم في هذا اليوم الوطني مهرجان «جبلنا» المنبثق من البلدة نفسها. وهو يهتم بإلقاء الضوء على النواحي البيئية في المنطقة. ومنذ عام 2015 صار للبنان يوم خاص بالدبكة. وقد ولد بالصدفة عندما اضطر مهرجان «جبلنا» إزاء تفاقم أزمة النفايات في لبنان للبحث عن نشاط مختلف لاستمراريته.

فرق لبنانية وأرمنية تشارك في المهرجان (مهرجان الدبكة)

ويصادف هذا العام الاحتفال بـ«اليوم الوطني للدبكة» في 11 أغسطس (آب) الحالي في بلدة معاصر الشوف. وتحت عنوان «دبكتنا مكملة» تجري مسابقة في هذا الإطار، تشارك فيها فرق دبكة لبنانية من مختلف المناطق.

يشهد المهرجان العام الحالي، عروضاً لفرق دبكة محترفة لبنانية وأرمنية وفلسطينية. ومعاً يشاركون في مسابقة «جبلنا للدبكة» على أن يحلّ الفائزون فيها ضيوفاً على مهرجان «أيام الفولكلور العالمية» في المغرب.

ويمتد هذا اليوم الاحتفالي الطويل من الساعة 11 صباحاً لغاية التاسعة مساء، وتتخلله سوق مأكولات لبنانية، ومونة، وأعمال حرفية، كما تجري خلاله عروض موسيقية، ويتوفر الدخول إلى المهرجان مجاناً لجميع الزوار.

وينظم المهرجان في هذا اليوم بواسطة وسائل نقل مجانية، زيارات إلى محمية أرز الشوف.

وتوضح يولا نجيم رئيسة «جمعية جبلنا»، لـ«الشرق الأوسط» أن لجنة الحكم المشرفة على المسابقة تتألف من فنانين معروفين، ومن بينهم علي حليحل، وربيع نحاس، ومازن كيوان، وناي وبابو لحود. وتتابع: «يعد هذا المهرجان من الأضخم الذي يقام في ضيع وقرى لبنانية. ونستقبل سنوياً نحو 20 ألف زائر. وهم يأتوننا من بيروت ومختلف المناطق اللبنانية».

فرق فلسطينية تشارك في مسابقة «اليوم الوطني للدبكة» (مهرجان الدبكة)

وتشير نجيم إلى أنه عادة ما ينطبع «اليوم الوطني للدبكة» بعنوان خاص. «منذ عام 2015 كان المهرجان يحمل رمزاً من رموزنا الفنية التراثية. وكما الدلعونا والمواويل كنا نختار ألحاناً وموسيقى تتلاءم مع أجواء الدبكة. هذه السنة استعضنا عن تلك العناوين بخيارات حرّة للمشاركين في المسابقة. فهم من سيتولون اختيار الموسيقى والأغاني التي يرقصون عليها. كما هناك فرق دبكة نسائية بامتياز تشارك في المهرجان. ومن بينها المعروفة بـ(أم جود) من مدينة زحلة البقاعية».

وتعدّ الدبكة رقصة فولكلورية شعبية منتشرة في بلاد الشام. وتمثل التراث الفولكلوري لتلك البلدان. وتمارس غالباً في المهرجانات والاحتفالات والأعراس. وتتكون فرقة الدبكة من مجموعة تزيد عادة على عشرة أشخاص يدعون «دبّيكة». وكذلك من عازف اليرغول أو الشبّابة والطبل. والدبكة هي رقصة شرقية جماعية معروفة في فلسطين كما في لبنان وسوريا والأردن والعراق وتركيا.

بلدة معاصر الشوف تنظم هذا الحدث منذ عام 2015 (مهرجان الدبكة)

ويشارك في «اليوم الوطني للدبكة» نحو 17 فرقة. وفي هذه المناسبة تقفل جميع طرقات بلدة معاصر الشوف. فتخصّص للمشاة ولعروض الدبكة التي تجري في ساحتها الرئيسية.

وتعلّق نجيم لـ«الشرق الأوسط»: «يحضر الحماس في هذا اليوم الوطني بشكل لافت. وهناك أشخاص يؤلفون لوائح مساندة لهذا الفريق أو ذاك. وهو ما يذكرنا بمشهدية مسابقات كرة القدم، عندما ينقسم الحضور بين مؤيد ومناهض لهذا الفريق وذاك».

وخلال المهرجان تنظم زيارات مجانية أيضاً إلى موقع معصرة الزيت القديمة في البلدة. وكذلك إلى ركن زهور الخزامى (لافندر) المشهورة زراعتها في البلدة. ومن أهداف المهرجان مساندة اليد العاملة المحلية بحيث تُخصّص أسواق لمنتجات محلية وحرفية. وتوضح نجيم: «تنتظر نساء البلدة وجوارها هذه المناسبة لعرض وبيع منتجات المونة اللبنانية من مربيات، وزعتر، وكشك، ومشروبات الفواكه الطازجة مثل التوت والورد. فمن خلال مهرجان (جبلنا) استطعنا الترويج لصناعة العسل. كما استطعنا استحداث محميات الطيور التي تنتشر في بلدات لبنانية معينة».

أما الفائز الأول في المسابقة فيحظى بفرصة المشاركة في «مهرجان مراكش للرقص الفولكلوري العالمي». وتختم يولا نجيم لـ«الشرق الأوسط»: «شعرنا بالفرح والفخر عندما اتصل بنا القيمون على هذا النشاط في المغرب، وطلبوا منّا المشاركة في مهرجان الفولكلور العالمي الذي ينظمونه. فأصداء نجاح (اليوم الوطني للدبكة) وصلتهم مما دفعهم لمطالبتنا بالمشاركة معهم».


مقالات ذات صلة

نساء خلف الكاميرا: اللون... الضوء... المعزاة السعيدة

يوميات الشرق تُعدّ نافيلي شويال الحيوانات فرداً من العائلة (حسابها في إنستغرام)

نساء خلف الكاميرا: اللون... الضوء... المعزاة السعيدة

تصف المصوّرة نافيلي شويال هذه العلاقة بين الإنسان والحيوان بالرقيقة: «حين يعتني كلّ منهما بالآخر».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مصنع بنته الدار في موقعها بويلز (موقع دار سك العملة تاملكية)

في بريطانيا... النفايات الإلكترونية تتحوّل إلى ذهب

بدأت دار سك العملة الملكية، صانعة العملات المعدنية في بريطانيا، بمعالجة النفايات الإلكترونية لاستخراج الذهب منها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأميركية لاليتا كاي كومار عقب نقلها إلى المستشفى لتلقّي الرعاية الطبية (لقطة من فيديو)

قصتها أثارت جدلاً كبيراً... الأميركية التي اتهمت «زوجها» بتقييدها في شجرة «غير متزوجة»

بعد أن أثارت قصتها جدلاً كبيراً بمواقع التواصل الاجتماعي، أقرّت السيدة الأميركية التي اتهمت «زوجها» بتقييدها في شجرة بالهند بأنها «غير متزوجة».

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق مشاهير حلموا بالميداليات الأولمبية قبل النجوميّة

مشاهير حلموا بالميداليات الأولمبية قبل النجوميّة

من نور الشريف إلى باراك أوباما، كثيرون هم مشاهير الفن والسياسة الذين بدأوا مسيرتهم على أرض الملاعب واحترفوا الرياضة، طامحين لألقاب فيها.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق معز جبليّ على حافةٍ... جدارية «بانكسي» الغامضة (إنستغرام بانكسي)

جدارية «بانكسي» الجديدة... معزٌ أسود يثير جدلاً

على مبنى سكني في منطقة كيو بريدج، رسم «بانكسي» معزاً جبليّاً أسود يقف على حافة، محاولاً التوازن للبقاء على قيد الحياة، وأسفله تتساقط حجارة صغيرة سوداء.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هدم مقابر «باب النصر» يجدد الجدل بشأن مصير جبانة القاهرة

السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)
السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)
TT

هدم مقابر «باب النصر» يجدد الجدل بشأن مصير جبانة القاهرة

السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)
السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)

تجدد الجدل مرة أخرى بشأن مصير جبانة القاهرة التاريخية، إثر بدء السلطات المصرية هدم عدد من المقابر بمنطقة «باب النصر»؛ تمهيداً لبناء جراج متعدد الطوابق قالت محافظة القاهرة إنه «سيخدم زوار المنطقة».

وعلى مدار اليومين الماضيين تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمهتمون بالتراث والحضارة المصرية صوراً رصدوا خلالها أعمال الهدم الجارية بمنطقة «باب النصر». وبينما أكد عدد منهم أن «المنطقة تضم رفات رموز تاريخيّة بينهم ابن خلدون»، لم يستطع آخرون تأكيد تلك المعلومة، وإن انتقدوا استمرار «هدم جبانة القاهرة التاريخية».

هدم مقابر بباب النصر يجدد الجدل (الباحث الأثري محمد نصر)

وكتب الباحث المختص بشؤون التراث، مصطفى الصادق، في منشور عبر حسابه على «فيسبوك»، أنه «تم هدم الكثير من المقابر التي كانت موجودة أمام باب النصر في موازاة شارع البنهاوي».

وأشار إلى أن «المصادر التاريخية تؤكد أن مؤسس علم الاجتماع ابن خلدون دفن في مصر، لكن مكان قبره بالضبط يعد مجهولاً». وقال إن «الثابت لدى العديد من المؤرخين أن قبره موجود بمنطقة مقابر الصوفية في باب النصر، لكن آخرين يعتقدون أنه خارج المنطقة».

وانتقد «استمرار هدم جبانات القاهرة أياً كان المدفون فيها».

كما انتقدت عميدة كلية الآثار والتراث الحضاري بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، مونيكا حنا، هدم المقابر. وتساءلت، في منشور عبر حسابها على «إكس»، بشأن ما إذا كان بدر الدين الجمالي، وزير الخليفة المستنصر، مدفوناً بمنطقة باب النصر أم لا؟

وكان نائب محافظ القاهرة، اللواء إبراهيم عبد الهادي، أكد في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي، أنه «تجري إقامة جراج متعدد الطوابق لخدمة زوار القاهرة التاريخية »، مشيراً إلى «إخلاء 1171 مقبرة و49 مدفناً من مقابر المنطقة يسار باب النصر، في شارع البنهاوي».

وأصدر محافظ القاهرة، أخيراً القرار رقم 1117 لسنة 2024 بإيقاف الدفن في تلك المدافن، ونقل الرفات إلى مدافن بديلة.

بدوره، أكد أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد سلامة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «جبانة باب النصر تحوي مقابر حديثة، ليست أثرية أو تراثية». وأوضح سلامة، الذي أعد دراسة عن جبانة مصر التاريخية، أن «المنطقة تضم مقابر عائلية حديثة البناء بنيت على أنقاض مقابر أخرى قديمة»، نافياً ما يتردد بشأن «احتوائها على رفات شخصيات ورموز تاريخيّة مهمة».

واتفق معه أستاذ الآثار الإسلامية، الدكتور مختار الكسباني، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «منطقة (باب النصر) تضم مقابر عشوائية وليست تراثية»، مؤكداً أن «عمليات الإزالة والهدم التي تمت خلال الفترة الماضية لم تمس مقابر أثرية مسجلة»، مبرراً الجدل المستمر بـ«رفض الناس للتطوير ورغبتهم في بقاء مقابر ذويهم وسط الكتلة السكنية».

وتزامناً مع هدم مقابر «باب النصر»، أشارت مبادرة «حلول السياسات البديلة»، التابعة للجامعة الأميركية بالقاهرة إلى أن «عمليات إزالة الجبانات التراثية بدأت منذ عام 1952».

وشهدت السنوات الأخيرة جدلاً متكرراً وانتقادات بشأن هدم «مقابر تاريخيّة وتراثية» بمنطقتي مصر القديمة والإمام الشافعي، وعلى طريق صلاح سالم بوسط القاهرة، بدعوى تنفيذ مشاريع تطوير للمنطقة، ومحاور مرورية جديدة، في المقابل دأبت الحكومة المصرية على تأكيد «حمايتها للتراث، وأن ما تم هدمه غير مسجل بوصفه آثاراً».

السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمر في يونيو (حزيران) من العام الماضي، بتشكيل لجنة لتقييم الموقف بشأن نقل مقابر منطقتي السيدة نفيسة والإمام الشافعي، وأمر باختيار موقع لإنشاء «مقبرة الخالدين»، لتكون صرحاً يضم رفات الرموز المصرية المختلفة، ومتحفاً لأعمالهم.