«الشاهقة المائية»... عاصفة مطرية جنوب السعودية

مختصّون لـ«الشرق الأوسط» أكّدوا أهمية دراسة الظواهر المناخية... وإنشاء قناة تلفزيونية متخصّصة

أمطار غزيرة شهدتها عدد من المحافظات جنوب السعودية (أمانة منطقة جازان)
أمطار غزيرة شهدتها عدد من المحافظات جنوب السعودية (أمانة منطقة جازان)
TT

«الشاهقة المائية»... عاصفة مطرية جنوب السعودية

أمطار غزيرة شهدتها عدد من المحافظات جنوب السعودية (أمانة منطقة جازان)
أمطار غزيرة شهدتها عدد من المحافظات جنوب السعودية (أمانة منطقة جازان)

شهدت عدد من المناطق جنوب السعودية عواصف رعدية، وتساقطاً للأمطار الغزيرة مصحوبة برياحٍ شديدة، وانعدام في مدى الرؤية الأفقية، وجريان السيول، وصواعق رعدية وتساقط البرد، في الوقت الذي حذّر المركز الوطني للأرصاد من حالة الطقس، الأحد، بإطلاقه «الإنذار الأحمر» في عدد من المحافظات بمناطق: مكة المكرمة، وعسير ونجران وجازان، باستمرار هطول الأمطار الرعدية.

وكانت منطقة جازان هي الأكثر عُرضةً للأمطار، حيث شهدت المنطقة تساقُط زخّات المطر بكميات كبيرة تسبَّبت في جريان السيول، وامتلأت الأودية بالمياه، يأتي هذا في الوقت الذي وقف المهندس يحيى الغزواني أمين منطقة جازان، على جهود الأمانة للعمل على معالجة الأضرار الناجمة عن الأمطار الغزيرة، التي شهدتها عدد من محافظات المنطقة، ونتج عنها انهيار الجسر الرابط بين محافظتَي أبو عريش وصبيا.

م. يحيى الغزواني أمين جازان يزور عدداً من أحياء محافظة أبو عريش ويلتقي الأهالي بعد الحالة المطرية (أمانة منطقة جازان)

ويؤكد عدد من المختصين في علوم الأرصاد الجوية في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، أن الأمطار الغزيرة التي شهدتها منطقة جازان تُعرف أرصادياً بـ«الشواهق المائية»، التي تشبه الإعصار، ولكنها تحدث فوق الماء، داعين إلى ضرورة القيام بدراسات مستفيضة لهذه الظواهر المناخية؛ لتجنّب أضرارها، وإنشاء قناة تلفزيونية متخصصة؛ لزيادة الوعي الإعلامي بالظروف المناخية الطارئة.

وأوضح الدكتور منصور المزروعي، عضو مجلس الشورى السعودي وخبير التغير المناخي، أن الحالة المطرية التي شهدتها منطقة جازان خلال الأيام الماضية، والتي قد تمتد حتى منتصف الشهر الحالي، مشابهة للحالة المطرية التي شهدتها المنطقة عام 2016، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن ما يزيد من قوة الحالة المطرية هو تكوّن أعاصير قمعية وسط البحر، وما يطلق عليها «الشواهق المائية».

وتابع المزروعي أن الحالة المطرية ليست مستغرَبة، على اعتبار أن الأمطار الغزيرة تحدث في منطقة جازان عادةً في شهر أغسطس (آب)؛ حيث يُعدّ شهراً مطرياً على حد قوله، مُرجعاً ذلك لعدة أسباب، منها تأثّر المنطقة بالرياح الموسمية الجنوبية الغربية، وامتداد الرطوبة من القرن الأفريقي وبحر العرب، وكذلك امتداد الفاصل الشبه مداري.

الدكتور منصور المزروعي (الشرق الأوسط)

ودعا المزروعي المركز الوطني للأرصاد للقيام بدراسات مستفيضة لهذه الظواهر المناخية، التي تتكرّر كل عام، والقيام بدور أكبر في التحذيرات الآنية، وليس الاكتفاء فقط بالتحذيرات من خلال القنوات الرسمية، منوهاً إلى وجود حاجة ماسّة لعمل استراتيجي لتوعية العامة من هذه الظواهر، التي قد تؤدي إلى الوفاة، كما دعا لزيادة الوعي الإعلامي، لافتاً النظر إلى أهمية إنشاء قناة تلفزيونية خاصة بالطقس والمناخ؛ لمتابعة هذه الظواهر، وتحذير وتوعية الناس منها.

وأضاف: «نقترح على هيئة الإذاعة والتلفزيون أن تقوم بالتنسيق مع المركز الوطني للأرصاد، والمديرية العامة للدفاع المدني، لإنشاء قناة تلفزيونية خاصة بالطقس والمناخ تتابع هذه الظواهر، ورغم إصدار التحذيرات من قِبل المركز الوطني للأرصاد والدفاع المدني، فإنها غير كافية لمتابعة فعّالة للحالات الجوية الطارئة، ففتح قناة تلفزيونية خاصة بالطقس يوفر معلومات دقيقة وفورية للجمهور، وستُمكِّن من إعلان بداية ونهاية الحالات الجوية المتطرفة للناس، وأيضاً تعزيز التواصل، والتنسيق بين جميع الجهات المعنية؛ لضمان سلامة المواطنين والمقيمين، وستكون تلك القناة نقطة اتصال حيوية لجميع الجهات ذات العلاقة، تقدّم من خلالها معلومات دقيقة حول حالة الطقس، واحتمالية حدوث السيول والمخاطر المحتملة التي قد تتعرض لها المناطق».

واختتم الدكتور المزروعي حديثه قائلاً: «تعتبر الأحداث الأخيرة للأمطار الغزيرة التي شهدتها الإمارات وعُمان دروساً هامة لضرورة توفير قناة تلفزيونية، مخصّصة لمتابعة الظروف الجوية الطارئة». من جانبه أكّد الدكتور عبد الله المسند نائب رئيس جمعية الطقس والمناخ في السعودية لـ«الشرق الأوسط»، أن الشاهقة المائية (الزوبعة المائية) ظهرت مجدداً قرب أرخبيل فرسان غربي جازان، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة تشبه الإعصار، ولكنها تحدث فوق الماء.

الدكتور عبد الله المسند (الشرق الأوسط)

وكشف المسند أن تفسيرها العلمي يتلخّص في كونها عبارة عن عمود هوائي دوّار، يمتد من سحابة رُكامية إلى سطح الماء، تشبه الأعاصير الأرضية، ولكنها تتشكّل فوق المسطحات المائية، وتتكوّن نتيجة تفاعل بين تيارات هوائية صاعدة ودافئة ورطبة من سطح الماء، وكتلة هوائية باردة قادمة من السحب، هذا التفاعل يؤدي إلى تكوين دوامة هوائية، مبيناً أن هذه الظواهر تتشكّل عادةً في مناطق ذات رطوبة عالية، ودرجات حرارة دافئة، غالباً في البحار والبحيرات والمحيطات، وتحدث بصفة خاصة في فترات الصيف والخريف، وتستمر عادةً لفترات قصيرة، تتراوح بين بضع دقائق إلى نصف ساعة، ويمكن أن تكون مدمّرة إذا اقتربت من الشواطئ أو السفن.


مقالات ذات صلة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.

الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود خلال مشاركته في الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول الخليج في قطر (واس)

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

أكد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الأربعاء، موقف بلاده الراسخ في تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دول الخليج، خصوصاً في الشأن الأمني.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الخليج م. وليد الخريجي وفروخ شريفزاده يترأسان الجولة الثالثة من المشاورات السياسية بين السعودية وطاجيكستان في الرياض (واس)

مشاورات سعودية - طاجيكية تناقش تعزيز التعاون في شتى المجالات

بحثت جولة المباحثات الثالثة من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والطاجيكستانية، الأربعاء، تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج وزير العدل السعودي خلال مباحثاته مع رئيس مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص (واس)

وزير العدل السعودي يبحث سبل تعزيز التعاون مع رئيس مؤتمر لاهاي

بحث الدكتور وليد الصمعاني وزير العدل السعودي مع كريستوف برناسكوني رئيس مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص، سبل تعزيز التعاون بين وزارة العدل ومؤتمر لاهاي للقانون.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
عالم الاعمال ديفيد كوهلر رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للشركة

«كوهلر» العالمية تفتتح مقرها الإقليمي في الرياض

أعلنت شركة كوهلر العالمية افتتاح مقرها الإقليمي الجديد بالعاصمة السعودية الرياض، في خطوة استراتيجية تهدف إلى دعم مسيرة التنمية والتحديث التي تشهدها المملكة.


صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)
يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)
TT

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)
يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم يُعرف باسم «النجوم المستعرة».

وهذه ليست الصورة الأولى من نوعها لنجم خارج مجرّتنا فحسب، وإنما تُعدّ المرّة الأولى التي يتمكّن فيها العلماء من رؤية الأحداث الفارقة في موت نجم كهذا.

يقع النجم المُحتضَر على بُعد نحو 160 ألف سنة ضوئية من الأرض في مجرّة مجاورة تُسمَّى «سحابة ماجلان الكبيرة».

كما تُعدُّ أول صورة مُقرَّبة لنجم ناضج في مجرّة أخرى، رغم أنّ نجماً حديث الولادة في «سحابة ماجلان الكبيرة» جرى اكتشافه في بحث نُشر العام الماضي. وكلمة «مُقرَّبة» هنا تعني أنّ الصورة تلتقط النجم ومحيطه المباشر.

التُقطت الصورة، الغامضة إلى حد ما، باستخدام التلسكوب التداخلي الكبير جداً بالمرصد الأوروبي الجنوبي الواقع في تشيلي. ويظهر النجم محوطاً بشرنقة بيضاوية متوهّجة من الغاز والغبار، كما شوهدت حلقة بيضاوية خافتة خلف تلك الشرنقة، ربما تتكوَّن من مزيد من الغبار.

أول صورة مُقرَّبة لنجم ناضج في مجرّة أخرى (إكس)

ونقلت «إندبندنت» عن المؤلِّف الرئيس للدراسة المنشورة في مجلة «الفلك والفلك الفيزيائي»، الفلكي كييشي أونكا، من جامعة «أندريس بيلو» في تشيلي، أنّ «النجم الآن يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته». وأضاف: «السبب في أننا نرى هذه الأشكال هو أنه يطرد مزيداً من المواد في بعض الاتجاهات أكثر من غيرها؛ وإلا لكانت الهياكل ستبدو كروية».

تفسير آخر مُحتمل لهذه الأشكال هو التأثير الجاذب لنجم مُرافق لم يُكتشف بعدُ، وفق كييشي أونكا.

قبل أن يبدأ في طرد المواد، اعتُقد أنّ النجم «WOH G64» يزن نحو 25 إلى 40 مرّة من كتلة الشمس، كما ذكر الفلكي المُشارك في الدراسة جاكو فان لون من جامعة «كيل» في إنجلترا. إنه نوع من النجوم الضخمة يُسمّى «العملاق الأحمر العظيم».

وأضاف: «كتلته، وفق التقديرات، تعني أنه عاش نحو 10 إلى 20 مليون سنة، وسيموت قريباً. هذه الصورة هي الأولى لنجم في هذه المرحلة المتأخّرة الذي ربما يمرّ بمرحلة تحوُّل غير مسبوقة قبل الانفجار. للمرّة الأولى، تمكنّا من رؤية الهياكل التي تحيط به في آخر مراحل حياته. وحتى في مجرّتنا (درب التبانة)، ليست لدينا صورة كهذه».