عرضان جامعيان يمثلان مصر في مهرجان «المسرح التجريبي»

«ماكبث المصنع» و«حيث لا يراني أحد» يشاركان في الدورة الـ31

ختام الدورة الماضية لمهرجان المسرح التجريبي (إدارة المهرجان)
ختام الدورة الماضية لمهرجان المسرح التجريبي (إدارة المهرجان)
TT

عرضان جامعيان يمثلان مصر في مهرجان «المسرح التجريبي»

ختام الدورة الماضية لمهرجان المسرح التجريبي (إدارة المهرجان)
ختام الدورة الماضية لمهرجان المسرح التجريبي (إدارة المهرجان)

اختارت لجنة المشاهدة في مهرجان القاهرة الدّولي «للمسرح التجريبي» عرضين جامعيين مصريين للمشاركة في فعاليات المهرجان بدورته الـ31، المقرر إقامتها في الفترة من 1 حتى 11 سبتمبر (أيلول)، وهما «ماكبث المصنع»، من إنتاج كلية طب أسنان جامعة القاهرة، وإخراج محمود الحسيني، و«حيث لا يراني أحد»، إنتاج المعهد العالي للفنون المسرحية، وإخراج محمود صلاح عطية، وذلك من إجمالي 160 عرضاً تقدمت للمشاركة من جهات إنتاجية عدة في مصر.

الناقدة المسرحية المصرية وعضو لجنة المشاهدة، د. وفاء كمالو، قالت إن معايير الاختيار تمت بناءً على أُسس عدة. من بينها تحقق مفهوم التّجريب، وألا يكون العرض سبق تكراره، وأن تكون فكرته مغايرة وجديدة ومحفّزة من كل الجوانب، ويشمل الملامح الجاذبة للتّجريب بشكل فعلي.

وتضيف كمالو، لـ«الشرق الأوسط»، المفهوم العلمي للتجريب والممتد من أيام المسرح الإغريقي حتى يومنا هذا لا يفهمه كثيرون، لذلك المشاهدة بدقة هي أهم معايير اللجنة الأساسية للفصل في اختيار العروض المشاركة على مستوى مفردات العرض التجريبي من حيث «النص والتمثيل والإخراج».

ونوّهت كمالو بأن لجنة المشاهدة تعكف منذ أكثر من شهرين على مشاهدة عددٍ كبيرٍ من العروض لاختيار الأصلح، مؤكدة أن غالبيتها لم تحقّق فكرة التّجريب التي يهتم بها المهرجان. وأوضحت أن فوز عرضين جامعيين للمشاركة في المهرجان هو إشارة قوية ودلالة واضحة على أن مسرح الجامعة يتمتّع بالثراء الشديد، ولديه طاقات فنية كبيرة ومتنوعة، ولا بدّ من الاستفادة منها بشتّى الطرق في جميع أنواع الفنون.

جانب من حفل ختام الدورة الماضية (إدارة المهرجان)

وشدّدت كمالو على أن «المواهب الجامعية لديها لغة حياتية جديدة، ووعي بمفهوم التجريب، وفق ما عرض علينا»، كما أشارت إلى أن عرض «ماكبث المصنع»، يتناول الرؤى العالمية، وحالة فنية تعاملت مع الذكاء الاصطناعي بشكل جديد ولافت. مؤكدة أن «لجنة العروض المصرية انتهت من عملها، في حين لا تزال لجنة العروض العربية والأجنبية قيد المشاهدة والاختيار، وسيُعلن عن المستجدات الخاصة بها قريباً».

وشهدت الدورة الـ30 من المهرجان، التي اختُتمت فعالياتها في 8 سبتمبر (أيلول) الماضي، مشاركة 19 عرضاً، وسط حضور عدد كبير من الفنانين والمسرحيين، من بينهم الكاتب إسماعيل عبد الله رئيس الهيئة العربية للمسرح، والفنان السعودي عبد الإله السناني رئيس مهرجان «الرياض المسرحي»، ود. جبار جودي العبودي نقيب الفنانين العراقيين.

حفل توزيع الجوائز خلال الدورة الماضية (إدارة المهرجان)

ومنحت لجنة التحكيم شهادات تقدير للعرض الليتواني «أنتيجون»، والمصري «الرجل الذي أكله الورق»، والعراقي «ملف 12»، وحصل الأخير أيضاً على جائزة أفضل إضاءة، كما فاز عرض «مايكل فابريس» من الكونغو على جائزة أفضل نصّ أو فكرة مسرحية، وحصد خالد رأفت جائزة أفضل ممثل عن دور الأب في عرض «إيكاروس» من مصر.

ونالت أسماء الشيخ جائزة أفضل ممثلة عن عرض «نوستالجيا» من الجزائر، وحصل جيا ديمتري على جائزة أفضل مخرج مسرحي عن عرض «عطيل» من جورجيا، وفاز بجائزة أفضل عرض مسرحي «من أجل الجنة إيكاروس» من مصر.


مقالات ذات صلة

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» الذي جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، وتلعب بطولته الفنانة سلاف فواخرجي.

انتصار دردير (القاهرة)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
TT

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

في النسيج الواسع لتاريخ الفن التشكيلي، تبرز بعض الأعمال الفنية وتكتسب شهرة عالمية، ليس بسبب مفرداتها وصياغاتها الجمالية، ولكن لقدرتها العميقة على استحضار المشاعر الإنسانية، وفي هذا السياق تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود»، وهي كذلك شهادة على «قوة الفن في استكشاف أعماق النفس، وصراعاتها الداخلية».

هذه المعالجة التشكيلية لهموم البشر وضغوط الحياة استشعرها الجمهور المصري في أول معرض خاص لماهر البارودي في مصر؛ حيث تعمّقت 32 لوحة له في الجوانب الأكثر قتامة من النفس البشرية، وعبّرت عن مشاعر الحزن والوحدة والوجع، لكنها في الوقت ذاته أتاحت الفرصة لقيمة التأمل واستكشاف الذات، وذلك عبر مواجهة هذه العواطف المعقدة من خلال الفن.

ومن خلال لوحات معرض «المرايا» بغاليري «مصر» بالزمالك، يمكن للمشاهدين اكتساب فهم أفضل لحالتهم النفسية الخاصة، وتحقيق شعور أكبر بالوعي الذاتي والنمو الشخصي، وهكذا يمكن القول إن أعمال البارودي إنما تعمل بمثابة تذكير قوي بالإمكانات العلاجية للفن، وقدرته على تعزيز الصحة النفسية، والسلام، والهدوء الداخلي للمتلقي.

لماذا يتشابه بعض البشر مع الخرفان (الشرق الأوسط)

إذا كان الفن وسيلة للفنان والمتلقي للتعامل مع المشاعر، سواء كانت إيجابية أو سلبية، فإن البارودي اختار أن يعبِّر عن المشاعر الموجعة.

يقول البارودي لـ«الشرق الأوسط»: «يجد المتلقي نفسه داخل اللوحات، كل وفق ثقافته وبيئته وخبراته السابقة، لكنها في النهاية تعكس أحوال الجميع، المعاناة نفسها؛ فالصراعات والأحزان باتت تسود العالم كله». الفن موجود إذن بحسب رؤية البارودي حتى يتمكّن البشر من التواصل مع بعضهم بعضاً. يوضح: «لا توجد تجربة أكثر عالمية من تجربة الألم. إنها تجعلهم يتجاوزون السن واللغة والثقافة والجنس لتعتصرهم المشاعر ذاتها».

الفنان السوري ماهر البارودي يحتفي بمفردة الخروف في لوحاته (الشرق الأوسط)

لكن ماذا عن السعادة، ألا تؤدي بالبشر إلى الإحساس نفسه؟، يجيب البارودي قائلاً: «لا شك أن السعادة إحساس عظيم، إلا أننا نكون في أقصى حالاتنا الإنسانية عندما نتعامل مع الألم والمعاناة». ويتابع: «أستطيع التأكيد على أن المعاناة هي المعادل الحقيقي الوحيد لحقيقة الإنسان، ومن هنا فإن هدف المعرض أن يفهم المتلقي نفسه، ويفهم الآخرين أيضاً عبر عرض لحظات مشتركة من المعاناة».

وصل الوجع بشخوص لوحاته إلى درجة لم يعد في استطاعتهم أمامه سوى الاستسلام والاستلقاء على الأرض في الشوارع، أو الاستناد إلى الجدران، أو السماح لعلامات ومضاعفات الحزن والأسى أن تتغلغل في كل خلايا أجسادهم، بينما جاءت الخلفية في معظم اللوحات مظلمةً؛ ليجذب الفنان عين المشاهد إلى الوجوه الشاحبة، والأجساد المهملة الضعيفة في المقدمة، بينما يساعد استخدامه الفحم في كثير من الأعمال، وسيطرة الأبيض والأسود عليها، على تعزيز الشعور بالمعاناة، والحداد على العُمر الذي ضاع هباءً.

أحياناً يسخر الإنسان من معاناته (الشرق الأوسط)

وربما يبذل زائر معرض البارودي جهداً كبيراً عند تأمل اللوحات؛ محاولاً أن يصل إلى أي لمسات أو دلالات للجمال، ولكنه لن يعثر إلا على القبح «الشكلي» والشخوص الدميمة «ظاهرياً»؛ وكأنه تعمّد أن يأتي بوجوه ذات ملامح ضخمة، صادمة، وأحياناً مشوهة؛ ليعمِّق من التأثير النفسي في المشاهد، ويبرز المخاوف والمشاعر المكبوتة، ولعلها مستقرة داخله هو نفسه قبل أن تكون داخل شخوص أعماله، ولمَ لا وهو الفنان المهاجر إلى فرنسا منذ نحو 40 عاماً، وصاحب تجربة الغربة والخوف على وطنه الأم، سوريا.

أجواء قاتمة في خلفية اللوحة تجذب العين إلى الألم البشري في المقدمة (الشرق الأوسط)

وهنا تأخذك أعمال البارودي إلى لوحات فرنسيس بيكون المزعجة، التي تفعل كثيراً داخل المشاهد؛ فنحن أمام لوحة مثل «ثلاث دراسات لشخصيات عند قاعدة صلب المسيح»، نكتشف أن الـ3 شخصيات المشوهة الوحشية بها إنما تدفعنا إلى لمس أوجاعنا وآلامنا الدفينة، وتفسير مخاوفنا وترقُّبنا تجاه ما هو آتٍ في طريقنا، وهو نفسه ما تفعله لوحات الفنان السوري داخلنا.

لوحة العائلة للفنان ماهر البارودي (الشرق الأوسط)

ولا يعبأ البارودي بهذا القبح في لوحاته، فيوضح: «لا أحتفي بالجمال في أعمالي، ولا أهدف إلى بيع فني. لا أهتم بتقديم امرأة جميلة، ولا مشهد من الطبيعة الخلابة، فقط ما يعنيني التعبير عن أفكاري ومشاعري، وإظهار المعاناة الحقيقية التي يمر بها البشر في العالم كله».

الخروف يكاد يكون مفردة أساسية في أعمال البارودي؛ فتأتي رؤوس الخرفان بخطوط إنسانية تُكسب المشهد التصويري دراما تراجيدية مكثفة، إنه يعتمدها رمزيةً يرى فيها تعبيراً خاصاً عن الضعف.

لبعض البشر وجه آخر هو الاستسلام والهزيمة (الشرق الأوسط)

يقول الفنان السوري: «الخروف هو الحيوان الذي يذهب بسهولة لمكان ذبحه، من دون مقاومة، من دون تخطيط للمواجهة أو التحدي أو حتى الهرب، ولكم يتماهى ذلك مع بعض البشر»، لكن الفنان لا يكتفي بتجسيد الخروف في هذه الحالة فقط، فيفاجئك به ثائراً أحياناً، فمن فرط الألم ومعاناة البشر قد يولد التغيير.