مصر: «أتوبيس الشعب» على «سكة الغلاء» مودّعاً صورته التقليدية

أسعار تذاكره ارتفعت 8 أضعاف خلال 12 عاماً

حافلات جديدة تعمل بالكهرباء (الشرق الأوسط)
حافلات جديدة تعمل بالكهرباء (الشرق الأوسط)
TT

مصر: «أتوبيس الشعب» على «سكة الغلاء» مودّعاً صورته التقليدية

حافلات جديدة تعمل بالكهرباء (الشرق الأوسط)
حافلات جديدة تعمل بالكهرباء (الشرق الأوسط)

في ساعات الصباح ذات النسمات المنعشة ينتظر الكثير من الموظفين والطلاب ركوب الأتوبيسات المكتظة ليبدأوا رحلة عبور صعبة تبدأ من الباب الخلفي وحتى باب النزول في المقدمة، وبين البابين تحدث وقائع عدة، من بينها التحرش و«النشْل» والتدافع والمشاجرات والمشادات، قبل أن يتكرر الأمر ذاته في رحلة العودة بعد الظهيرة.

المشهد السابق يلخص الصورة التقليدية التي اشتهر بها «أتوبيس الشعب»، لكن ثمة تطورات غيّرت هذه الصورة، من بينها رفع أسعار تذاكره مرات عدة خلال العقد الأخير، ليفقد بسببها لقبه الشهير، متخلياً كذلك عن وصفه بأنه «أرخص وسيلة مواصلات عامة في مصر»، بعدما أصبح أقل سعر للتذكرة بجميع خطوطه 8 جنيهات (الدولار الأميركي يعادل 48.7 جنيه مصري)، وهو سعر يعتبره مواطنون مصريون «كبيراً» بالنظر إلى ضعف الرواتب والمعاشات، وارتفاع أسعار تذاكر المترو والوقود وتعريفة التاكسي ووسائل النقل الخاصة.

مصر تنفذ مشروعاً لزيادة حافلات تعمل بالطاقة النظيفة (الشرق الأوسط)

العادم الأسود الذي كان يتطاير في الهواء كالمبخرة، ووقوف الركاب الذين تتأرجح أجسادهم في الهواء على قدم واحدة بالأبواب، وتلاصق اللحم البشري بالداخل كـ«علب السردين»... أمور تراجعت كثيراً إن لم تكن اختفت من معظم خطوط النقل العام بالعاصمة المصرية التي يزيد عدد سكانها عن 20 مليون نسمة.

وتحت مظلة خرسانية بمحطة أتوبيسات بولاق الدكرور بالجيزة (غرب القاهرة) جلس السائق الخمسيني علي حسين، يحتسي كوباً من الشاي قبيل انطلاق رحلته إلى ميدان العتبة بوسط القاهرة.

حسين الذي تم تعيينه في هيئة النقل العام بالقاهرة في منتصف تسعينات القرن الماضي، كان يتقاضى في بداية عمله نحو 250 جنيهاً مصرياً، وكان سعر تذكرة الأتوبيس الذي يقوده وقتئذ 25 قرشاً أو «ربع جنيه»، مؤكداً أن هذا الراتب كان يكفيه ويدخر منه، لكنه لا يستطيع راهناً الادخار من راتبه الذي زاد نحو 40 ضعفاً على مدار العقود الثلاثة الماضية: «كل حاجة غليت».

وقاد حسين صاحب البشرة القمحية الأتوبيس الأحمر القديم الشهير، ثم الأبيض، مروراً بالأخضر، والأزرق، حتى الأتوبيس الكهربائي المكيّف الذي يبلغ سعر تذكرته 10 جنيهات.

مشهد من «كراكون في الشارع» لعادل إمام (أرشيفية)

الأتوبيس في السينما

وساهمت السينما المصرية في تأطير صورة نمطية عن «أتوبيس الشعب المزدحم»، ملاذ «النشالين» و«المتحرشين» المفضل، على غرار بعض مشاهد فيلم «عسل إسود» للفنان أحمد حلمي، الذي تمت محاصرته بين «كبار متحرشي الخط»، خلال ذهابه إلى مجمع التحرير، ومشاهد عادل إمام الأيقونية في «الإرهاب والكباب» و«كراكون في الشارع»، أو مشاهد نور الشريف في «سواق الأتوبيس»، و«أقوى الرجال»، و«هنا القاهرة» لمحمد صبحي، وفيلم «3 لصوص» في ستينات القرن الماضي للراحل فريد شوقي.

لقطة من فيلم «عسل إسود» (الشركة المنتجة)

وناقشت السينما المصرية ظاهرة التحرش في المواصلات العامة أيضاً عبر فيلمَي «واحد صفر» و«678».

وعاصر حسين الذي يعاني من زحام منطقة العتبة لدى دخوله وخروجه منها، بعض المواقف التي عالجتها السينما المصرية في أفلامها خلال مسيرته المهنية: «واجهت فتاة أحد المتحرشين بصاعق كهربائي عندما كنت في طريقي إلى العتبة، كما أشبع الركاب أحد اللصوص ضرباً داخل حافلتي بعد سرقته محفظة أحد الأشخاص».

علي حسين سائق بهيئة النقل العام بمحافظة القاهرة (الشرق الأوسط)

وبينما يحب السائق المصري الحقب الماضية أكثر من الفترة الراهنة، فإنه يشيد بتحديث أسطول هيئة النقل العام في القاهرة والدفع بحافلات كهربائية مكيّفة، لا تكون مزدحمة بالركاب إلا في ساعات الذروة فقط: «اتجه الركاب إلى مترو الأنفاق لتفادي زحام الشوارع، والميكروباص لرخص أسعاره مقارنة بأتوبيس النقل العام». لكن صبحي محمد، الرجل الستيني الذي ظهرت على ملامحه علامات الاستياء من طول مدة الانتظار بمحطة بولاق الدكرور، لا يهمه هذا التطوير ما دام يوجد تأخير يمتد لنحو ساعة ونصف الساعة، مؤكداً تسيير حافلات كثيرة بخط «بولاق الدكرور - الدرّاسة»، قبيل تفعيل خطة تطوير أتوبيسات الهيئة.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أركب أتوبيسات النقل العام منذ كان سعر تذكرتها 10 قروش، وكانت مزدحمة للغاية، لكن الشوارع كانت أقل ازدحاماً بالسيارات، وكانت الخطوط تعمل بشكل أفضل من الوقت الراهن».

صبحي محمد ينتظر قدوم الحافلة (الشرق الأوسط)

وارتفعت أسعار تذاكر «أتوبيس الشعب» 8 أضعاف خلال 12 عاماً فقط؛ فبعدما شهد عام 2010 رفع قيمة تذكرة أتوبيس النقل العام إلى جنيه، تم رفعها مجدداً في عام 2012 لتكون جنيهين، واستمر سعر التذكرة ثابتاً حتى 2017، قبل رفعه إلى جنيهين ونصف الجنيه، وفي 2018 وصلت تعريفة الأتوبيسات إلى 3 جنيهات للأتوبيسات العادية غير المكيفة، وفي 2019 أصبح سعرها 4 جنيهات، وفي عام 2022 بلغت 5 جنيهات، وفي 2023 أصبحت بـ6 جنيهات.

ومع قرار رفع أسعار الوقود في نهاية شهر يوليو (تموز) المنقضي، أصبح سعر تذكرة الأتوبيسات العادية 8 جنيهات، والمكيفة الكهربائية 10 جنيهات، و15 جنيهاً، و20 جنيهاً، وفق محافظة القاهرة المشرفة على هيئة النقل العام بالعاصمة.

الصورة التقليدية عن «أتوبيس الشعب» تغيرت بفضل الغلاء والتطوير (الشرق الأوسط)

وتسعى الحكومة المصرية إلى تقليل الاعتماد على الحافلات التي تعمل بالسولار وإحلالها بأخرى جديدة تعمل بالكهرباء وتتميز بلونها الأخضر، في حين تتميز الحافلات الصفراء بالعمل بالغاز الطبيعي ضمن مشروع يعمل على تحسين نوعية الهواء في القاهرة الكبرى، بتكلفة إجمالية تزيد عن مليارَي جنيه.

إحدى الحافلات الجديدة من الداخل (الشرق الأوسط)

ووفق محافظة القاهرة، فإن هيئة النقل العام تنقل مليون راكب يومياً من خلال 3 آلاف حافلة على 193 خطاً بنطاق القاهرة الكبرى.



عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
TT

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة، وأكد أنه يعود للسينما بأحدث أفلامه «الغربان» الذي قام بتصويره على مدى 4 سنوات بميزانية تقدر بنصف مليار جنيه (الدولار يساوي 49.73 جنيه)، وأن الفيلم تجري حالياً ترجمته إلى 12 لغة لعرضه عالمياً.

وأضاف سعد خلال جلسة حوارية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الخميس، أنه يظهر ضيف شرف لأول مرة من خلال فيلم «الست» الذي يروي سيرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وتقوم ببطولته منى زكي وإخراج مروان حامد، ومن إنتاج صندوق «بيج تايم» السعودي و«الشركة المتحدة» و«سينرجي» و«فيلم سكوير».

وعرض سعد لقطات من فيلم «الغربان» الذي يترقب عرضه خلال 2025، وتدور أحداثه في إطار من الحركة والتشويق فترة أربعينات القرن الماضي أثناء معركة «العلمين» خلال الحرب العالمية الثانية، ويضم الفيلم عدداً كبيراً من الممثلين من بينهم، مي عمر، وماجد المصري، وأسماء أبو اليزيد، وهو من تأليف وإخراج ياسين حسن الذي يخوض من خلاله تجربته الطويلة الأولى، وقد عدّه سعد مخرجاً عالمياً يمتلك موهبة كبيرة، والفيلم من إنتاج سيف عريبي.

وتطرق سعد إلى ظهوره ضيف شرف لأول مرة في فيلم «الست» أمام منى زكي، موضحاً: «تحمست كثيراً بعدما عرض علي المخرج مروان حامد ذلك، فأنا أتشرف بالعمل معه حتى لو كان مشهداً واحداً، وأجسد شخصية الرئيس جمال عبد الناصر، ووجدت السيناريو الذي كتبه الروائي أحمد مراد شديد التميز، وأتمنى التوفيق للفنانة منى زكي والنجاح للفيلم».

وتطرق الناقد رامي عبد الرازق الذي أدار الحوار إلى بدايات عمرو سعد، وقال الأخير إن أسرته اعتادت اصطحابه للسينما لمشاهدة الأفلام، فتعلق بها منذ طفولته، مضيفاً: «مشوار البدايات لم يكن سهلاً، وقد خضت رحلة مريرة حتى أحقق حلمي، لكنني لا أريد أن أسرد تفاصيلها حتى لا يبكي الحضور، كما لا أرغب في الحديث عن نفسي، وإنما قد أكون مُلهماً لشباب في خطواتهم الأولى».

عمرو سعد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (إدارة المهرجان)

وأرجع سعد نجاحه إلي «الإصرار والثقة»، ضارباً المثل بزملاء له بالمسرح الجامعي كانوا يفوقونه موهبة، لكن لم يكملوا مشوارهم بالتمثيل لعدم وجود هذا الإصرار لديهم، ناصحاً شباب الممثلين بالتمسك والإصرار على ما يطمحون إليه بشرط التسلح بالموهبة والثقافة، مشيراً إلى أنه كان يحضر جلسات كبار الأدباء والمثقفين، ومن بينهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، كما استفاد من تجارب كبار الفنانين.

وعاد سعد ليؤكد أنه لم يراوده الشك في قدرته على تحقيق أحلامه حسبما يروي: «كنت كثيراً ما أتطلع لأفيشات الأفلام بـ(سينما كايرو)، وأنا أمر من أمامها، وأتصور نفسي متصدراً أحد الملصقات، والمثير أن أول ملصق حمل صورتي كان على هذه السينما».

ولفت الفنان المصري خلال حديثه إلى «أهمية مساندة صناعة السينما، وتخفيض رسوم التصوير في الشوارع والأماكن الأثرية؛ لأنها تمثل ترويجا مهماً وغير مباشر لمصر»، مؤكداً أن الفنان المصري يمثل قوة خشنة وليست ناعمة لقوة تأثيره، وأن مصر تضم قامات فنية كبيرة لا تقل عن المواهب العالمية، وقد أسهمت بفنونها وثقافتها على مدى أجيال في نشر اللهجة المصرية.

وبدأ عمرو سعد (47) عاماً مسيرته الفنية خلال فترة التسعينات عبر دور صغير بفيلم «الآخر» للمخرج يوسف شاهين، ثم فيلم «المدينة» ليسري نصر الله، وقدمه خالد يوسف في أفلام عدة، بدءاً من «خيانة مشروعة» و«حين ميسرة» و«دكان شحاتة» وصولاً إلى «كارما»، وقد حقق نجاحاً كبيراً في فيلم «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي، وترشح الفيلم لتمثيل مصر في منافسات الأوسكار 2018، كما لعب بطولة عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية من بينها «يونس ولد فضة»، و«ملوك الجدعنة»، و«الأجهر»، بينما يستعد لتصوير مسلسل «سيد الناس» أمام إلهام شاهين وريم مصطفى الذي سيُعْرَض خلال الموسم الرمضاني المقبل.