برومو فيلم «المُلحد» يفجّر جدلاً في مصر

منتقدوه يدعون لمقاطعته... وسينمائيون يطالبون بـ«منحه فرصة»

صابرين مع أحمد حاتم (الشركة المنتجة)
صابرين مع أحمد حاتم (الشركة المنتجة)
TT

برومو فيلم «المُلحد» يفجّر جدلاً في مصر

صابرين مع أحمد حاتم (الشركة المنتجة)
صابرين مع أحمد حاتم (الشركة المنتجة)

فجّر فيلم «المُلحد» جدلاً في مصر، بعد ساعات من طرح الشركة المنتجة الإعلان الترويجي الخاص به (البرومو). وفي حين ظهرت دعوات لمقاطعته، طالب سينمائيون بمنحه فرصة وعدم الحكم المسبق على العمل.

ويظهر الفنان محمود حميدة في المقطع الترويجي للفيلم وهو يجسد شخصية «الشيخ حافظ»، الداعية الديني المتطرف الذي يُصاب بالغضب والانفعال الشديدين حين يعلم أن ابنه (جسّد شخصيته الفنان أحمد حاتم)، مشتّت الأفكار ولا يمتلك يقيناً راسخاً؛ فيقرّر قتله بتهمة الكفر بدلاً من مناقشته واحتوائه.

بوستر الفيلم (الشركة المنتجة)

ويبرز «البرومو» مشكلة عدم التفاهم بين الأب والابن، في حين تبدو الأم (جسّدت شخصيتها الفنانة صابرين)، مغلوبة على أمرها ولا تقوى على مواجهة زوجها، لكنها تتعاطف مع ابنها بصرف النظر عن وقوعه في الوجه الآخر للتطرف الديني، وهو إنكار الدين.

وبالتزامن مع طرح «البرومو»، انتشر أكثر من وسم على منصات التواصل تدعو لمقاطعة العمل، مثل «قاطع فيلم الملحد» و«قاطعوا الملحد»؛ احتجاجاً على آراء مؤلف الفيلم إبراهيم عيسى.

ويرى الناقد الفني المصري طارق الشناوي أنه «من المستحيل تصوّر أن الرقابة في مصر أو غيرها من البلاد العربية يمكن أن تسمح بإنتاج فيلم سينمائي يروّج لأفكار تشجع على الإلحاد أو تدعو للصدام مع الدين»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الهجوم المسبق على الفيلم، من دون انتظار عرضه، ينبع بشكل أساسي من اختلاف البعض مع أفكار مؤلف العمل إبراهيم عيسى، التي تسير عكس التيار وتثير حساسيات بين الحين والآخر».

يُذكر أن الفيلم من إخراج محمد العدل وإنتاج أحمد السبكي، ومن المقرّر طرحه في دور العرض في مصر بتاريخ 14 أغسطس (آب) المقبل.

محمود حميدة في لقطة من برومو فيلم «المُلحد» (الشركة المنتجة)

وانتقد الفنان مراد مكرم التسرع في الحكم على الفيلم، وقال عبر حسابه على «فيسبوك» إنها «ليست المرة الأولى التي يتم الهجوم الممنهج على فيلم قبل عرضه، لمجرد الخوف من الاسم، بل إن هناك من يدّعي معرفته بالقصة ويحكيها بكل أريحية»، مضيفاً: «المنطق والعقل يقول إن النّقد يكون بعد المشاهدة... ألا تعقلون؟!»، على حد وصفه.

وكان مخرج العمل محمد العدل قد كتب الاثنين الماضي على صفحته في «فيسبوك»: «بعد شدٍّ وجذب ومعاناة لمدة 3 سنوات، أخيراً سيُعرض الفيلم في 14 أغسطس إن شاء الله».

وتعرّض الفيلم لكثير من الأزمات منذ الإعلان عنه في 2021، منها تحفّظات الجهات الرقابية حسب تقارير صحافية محلية، فضلاً عن انسحاب الفنان الراحل مصطفى درويش من طاقم التمثيل بعد بدء تصوير مشاهده في العمل؛ «اعتراضاً على بعض آراء المؤلف المعلنة».

أحمد حاتم في لقطة من العمل (الشركة المنتجة)

وأكد بطل العمل أحمد حاتم أن «الفيلم مهم ويحمل صُنّاعه مسؤولية كبيرة على عاتقهم حتى يوصلوا رسالتهم للناس»، لافتاً في تصريحات إعلامية سابقة إلى أن «كل كلمة قيلت في الحوار وكل مشهد في السيناريو خرجا بحساب شديد وكانا في موضعهما؛ نظراً لحساسية الموضوع».

صابرين مع أحمد حاتم (الشركة المنتجة)

ولفت الشناوي إلى أن «جمهور السينما يتحرك بحثاً عن النجوم السوبر ستار أصحاب الشهرة الطاغية، وهو العنصر الذي يغيب عن فيلم (المُلحد)؛ إذ لا يوجد بين طاقم التمثيل نجم قوي»، مشيراً إلى أن «قوة وتشويق الموضوع قد يعوّضان هذا الأمر ويضمنان رواجاً للفيلم في البداية، لكن ذلك لا يكفي لاستمرار الإقبال الجماهيري على المدى الطويل».


مقالات ذات صلة

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».