أيهما أنت: شخص قلق أم «OCD»؟

اضطراب الوسواس القهري «OCD» غير مفهوم بشكل كافٍ (رويترز)
اضطراب الوسواس القهري «OCD» غير مفهوم بشكل كافٍ (رويترز)
TT

أيهما أنت: شخص قلق أم «OCD»؟

اضطراب الوسواس القهري «OCD» غير مفهوم بشكل كافٍ (رويترز)
اضطراب الوسواس القهري «OCD» غير مفهوم بشكل كافٍ (رويترز)

في كثير من الأحيان، نسمع أناساً «يشخّصون» زوجاتهم أو أزواجهم أو حتى أمهاتهم بالإصابة باضطراب الوسواس القهري (OCD)؛ إذ غالباً ما يُقال لشخص يحب النظافة والترتيب: أنت مصاب بالـ«OCD».

على الجانب الآخر قد يتصارع شخص ما مع معاناته من الوسواس القهري بشكل يجعله عاجزاً عن العيش بسلام، إلا أن من حوله قد يعدونه «إنساناً قلقاً».

في هذا السياق، فإن اضطراب الوسواس القهري «OCD» غير مفهوم بصورة كافية، ويُطرح أحياناً بصورة عرضية، وفق تقرير لموقع «سايكولوجي توداي».

ولأن القلق هو أحد مكونات الوسواس القهري، فقد يفترض الأشخاص، بمن في ذلك المعالجون في بعض الأحيان، أنه يجري التعامل مع علاج الوسواس القهري وإدارته بالطريقة نفسها التي نتعامل بها مع القلق، حسب التقرير.

وللوسواس القهري خصائص مميزة وفريدة من نوعها في كيفية ظهوره وعمله بالنسبة إلى الفرد الذي يتصارع معه. يمكن أن يؤدي الفشل في التعرّف على سماته الفريدة إلى عدم نجاح علاجه، وفي أسوأ الأحوال، إلى تفاقم أعراضه، على ما شرح التقرير.

ما الفرق بين اضطراب الوسواس القهري والقلق؟ وما أهداف علاج الوسواس القهري الناجح؟

هناك دورة ونمط يمكن التنبؤ بهما مع «الوسواس القهري»، ويعملان على تعزيز وتقوية سلوكيات القلق والوسواس القهري في كل مرة يتكرر فيها ذلك.

ويبدأ بفكر أو إحساس متطفل، يتبعه شعور بالقلق أو الضيق. استجابة إلى القلق، تقوم بطقوس أو سلوكيات لتهدئته أو تحييد الضيق.

السلوكيات القهرية الشائعة هي:

البحث

السعي إلى الطمأنينة

التنظيف وغسل اليدين

التدقيق

الترتيب وإعادة الترتيب

الاجترار العقلي: التفكير في المشكلة مراراً وتكراراً، والبحث عن اليقين أو الطمأنينة في عقلك، يقين لا يمكن تحقيقه.

طقوس يجب إتمامها وبطريقة أو ترتيب معين.

وبعد ذلك تأتي واحدة من أهم خصائص الوسواس القهري. عندما تنخرط في هذا السلوك القهري، فقد يجلب ذلك راحة مؤقتة، لكن القلق سيظهر مرة أخرى بسرعة.

هذه المرة، سيكون مصحوباً بفكرة متشككة لتفسير سبب فشل محاولاتك لتقليل القلق. وهذا يعمل على تقوية القلق؛ مما يؤدي إلى إعادة ممارسة السلوك القهري. ويستمر هذا النمط، من دون أي مخرج واضح، مما يعزّز القلق مع كل دورة.

ويشترك القلق والوسواس القهري في مخاوف «ماذا لو؟» وأنماط السلوك المصممة لتقليل القلق. ويختلف في عدم قدرة مخاوف الوسواس القهري على الطمأنينة بأي حقيقة أو رأي أو فعل.

لتوضيح هذا النمط وكيف يختلف عن القلق، استخدم مثال الخوف من التلوث.

فمثلا رداً على فكرة أو إحساس يغسل شخص يديه. لكن بالنسبة إلى شخص يعاني من القلق، من المرجح أن يؤدي غسل اليدين إلى القضاء على مخاوف التلوث أو النظافة، فيمكنه بعد ذلك التركيز على شيء آخر يدعو إلى القلق، ولكن من غير المرجح أن تستمر في القلق بشأن نظافة يديه.

إذا كان الشخص مصاباً بالوسواس القهري، فقد يشعر بعد غسل يديه بارتياح مؤقت، لكن القلق سيعود وسيكوّن عقله سؤالاً أو فكرة لخلق الشك في نفسه، على سبيل المثال، قد يفكر: «ولكن ماذا لو لم استخدم كمية كافية من الصابون؟»، ثم يغسل يديه مرة أخرى، فقط ليعود الشعور بالقلق وتظهر فكرة أخرى متشككة، مثل «ولكن ماذا لو لم أغسلهما لفترة كافية؟»، ثم يغسل يديه مرة أخرى، وتتكرر الدورة وتتكرر...

من الخصائص الأخرى للوسواس القهري التي تجعله يختلف عن أشكال القلق الأخرى أن الأفكار والدوافع هي خلل في «الأنا»، ولا تتوافق مع هوية الشخص وقيمه. هذا، جنباً إلى جنب مع طبيعة الشك الذاتي للوسواس القهري، الذي يخلق ديناميكية مؤلمة: يكون لدى الشخص أفكار لا تتفق مع قيمه أو ما يريده، وفي الوقت نفسه يمتلئ بالشك في الذات.

بسبب هذه الخصائص الفريدة للوسواس القهري، فإن تطبيق الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد في إدارة أشكال القلق الأخرى لن يكون في أحسن الأحوال مفيداً للمرض، وفي أسوأ الأحوال سيؤدي إلى تفاقم أعراضه.

استراتيجيات مفيدة للقلق وغير نافعة للوسواس القهري

تحدي أفكارك القلقة

يمكن أن يكون هذا مفيداً عند تطبيقه على القلق. ومع ذلك، عند استخدامه مع الوسواس القهري، فلن يؤدي إلا إلى تشجيع ظهور مزيد من الشك الذاتي؛ مما يعزّز القلق وعدم القدرة على الثقة بالنفس.

الترحيب بالفكر القلق بفضول حول ما يريدك أن تعرفه

هذه استراتيجية قوية للقلق النموذجي، وممنوع استخدامها لمن يعانون من الوسواس القهري. ستشجع هذه الاستراتيجية عنصر الشك الذاتي في الوسواس القهري على التركيز على رسائل الوسواس القهري المزعجة لـ«الأنا»، والسعي لإقناعك بأنها صحيحة.

استكشاف المعنى الكامن أو أصل الفكر القلق

بالنسبة إلى القلق النموذجي، يمكن أن يساعدك تتبع الجذر الأساسي أو المعنى الكامن وراء فكرة القلق في تجاربك السابقة على الارتباط بفكرة القلق بطريقة جديدة وإضعافها. قد يكون هذا أسلوباً غير مفيد إذا كنت تعاني من أعراض الوسواس القهري؛ لأن أفكاره هي خلل في «الأنا»، وطبيعته تجعلك تتساءل عما تعرفه عن نفسك. هذا النهج من شأنه أن يغذّي فقط خصائص الوسواس القهري هذه.

أي نهج يمكن تفسيره على أنه سعي للشعور بالطمأنينة

يمكن تخفيف أشكال القلق الأخرى من خلال الطمأنينة أو اختبار الواقع. لكن أفكار الوسواس القهري لا تستطيع ذلك. ولأن البحث عن الطمأنينة هو سلوك قهري عند التعامل معه، فإنه لا يؤدي إلا إلى تعزيز القلق.


مقالات ذات صلة

خبراء يحذرون من إجبار الأطفال على إنهاء وجباتهم

صحتك إجبار الآباء لأطفالهم على إنهاء وجباتهم قد يؤدي إلى تأجيج أزمة السمنة (رويترز)

خبراء يحذرون من إجبار الأطفال على إنهاء وجباتهم

حذر خبراء التغذية من أن إجبار الآباء لأطفالهم على إنهاء وجباتهم قد يؤدي إلى تأجيج أزمة السمنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك رجل يعاني من زيادة في الوزن (رويترز)

تقرير عالمي يدعو للتوصل إلى تعريف جديد للسمنة

أكد تقرير جديد صادر عن خبراء عالميين الحاجة إلى التوصل لتعريف جديد «أكثر دقة» للسمنة، ولـ«إصلاح جذري» لكيفية تشخيص هذه المشكلة الصحية في جميع أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)

نصائح للتغلب على الهوس بتحقيق الكمال

نصحت الدكتورة في مركز جامعة بوسطن لدراسات الاضطرابات والقلق، إلين هندريكسن، بضرورة التمييز بين السعي إلى الكمال والشعور الدائم بعدم الرضا عن النفس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تحتوي بعض أنواع الأخشاب على تركيزات عالية من المركبات المضادة للميكروبات الطبيعية (أرشيفية - شبكة «إيه بي سي»)

هل الطهي بالملاعق الخشبية آمن لصحتنا؟ وهل تحبس البكتيريا؟

يختلف متابعون حول مدى صحة استخدام الملاعق الخشبية في الطهي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا يسعى العلماء إلى إعادة تعريف كيفية إدارة الحالات المزمنة مثل السكري مما يوفر أملاً لملايين الأشخاص حول العالم (أدوبي)

الذكاء الاصطناعي لتحديد الأنواع الفرعية لمرض السكري

يقول الباحثون إن هذه التكنولوجيا مفيدة للأفراد في المناطق النائية أو ذات التحديات الاقتصادية.

نسيم رمضان (لندن)

فك لغز الحركات البارعة للأخطبوط

تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)
تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)
TT

فك لغز الحركات البارعة للأخطبوط

تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)
تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة شيكاغو الأميركية أن الدوائر العصبية التي تتحكم في حركة أذرع الأخطبوطات مجزأة، مما يمنح هذه المخلوقات تحكماً دقيقاً واستثنائياً عبر جميع أذرعها الثماني، وعبر مئات الممصات الموجودة على طول هذه الأذرع، لاستكشاف بيئتها والإمساك بالأشياء والتقاط الفرائس.

ووفق نتائج الدراسة التي نُشرت، الأربعاء، في دورية «نيتشر كومينيكيشين»، تحتوي كل ذراع من أذرع الأخطبوط على نظام عصبي ضخم، مع وجود عدد أكبر من الخلايا العصبية مجتمعة عبر الأذرع الثماني، مقارنة بدماغ الحيوان.

وتتركز هذه الخلايا العصبية في الحبل العصبي المحوري الكبير (ANC)، والذي يتعرج ذهاباً وإياباً أثناء انتقاله من الدماغ إلى أسفل الذراع.

وتتحرك أذرع الأخطبوط ببراعة لا تصدق، فتنحني وتلتف وتتراجع بدرجات لا نهائية من الدقة والحرية تقريباً.

وقال كليفتون راجسديل، أستاذ علم الأعصاب في جامعة شيكاغو والمؤلف الرئيس للدراسة، في بيان صادر الأربعاء: «نعتقد أنها سمة تطورت على وجه التحديد في رأسيات الأرجل ذات الجسم الرخو مع الممصات للقيام بهذه الحركات الشبيهة بحركات الديدان».

ويمكن للأخطبوطات أن تتحرك وتغير شكل ممصاتها بشكل مستقل. كما أن الممصات مليئة بمستقبلات حسية تسمح للأخطبوط بتذوق وشم الأشياء التي يلمسها -مثل الجمع بين اليد واللسان والأنف.

درست كاسادي أولسون، وهي طالبة دراسات عليا في علم الأعصاب الحاسوبي والتي قادت الدراسة، بنية الحبل العصبي المحوري واتصالاته بالعضلات في أذرع الأخطبوط ذي البقعتين الكاليفورني (Octopus bimaculoides)، وهو نوع صغير موطنه المحيط الهادئ قبالة ساحل كاليفورنيا.

وكانت هي والباحثة المشاركة بالدراسة جريس شولتز، وهي طالبة دراسات عليا في علم الأحياء التنموي والتجديدي والخلايا الجذعية، تحاولان النظر إلى المقاطع العرضية الدائرية الرقيقة للأذرع تحت المجهر، لكن العينات استمرت في السقوط من الشرائح. لقد جربوا شرائح طولية من الذراعين وكان حظهم أفضل، مما أدى إلى اكتشاف غير متوقع.

تمتلك الأخطبوطات ثماني أذرع ومئات الممصات على طول هذه الأذرع (جامعة شيكاغو)

وباستخدام العلامات الخلوية وأدوات التصوير لتتبع البنية والاتصالات بين أجزاء الحبل العصبي المحوري الكبير، رأوا أن أجسام الخلايا العصبية كانت معبأة في أعمدة تشكل أجزاء، مثل الأنبوب المموج. يتم فصل هذه الأجزاء عن طريق فجوات تسمى الحواجز، حيث تخرج الأعصاب والأوعية الدموية إلى العضلات القريبة. وتتصل الأعصاب من أجزاء متعددة بمناطق مختلفة من العضلات، مما يشير إلى أن هذه الأجزاء تعمل معاً في وحدة واحدة متسقة للتحكم في الحركة.

قالت أولسون: «بالنظر إلى هذا من منظور دراسات النمذجة الحاسوبية، فإن أفضل طريقة لإعداد نظام تحكم لهذه الذراع الطويلة والمرنة للغاية هي تقسيمها إلى أجزاء أصغر».

وأوضحت: «ولكن يجب أن يكون هناك نوع من الاتصال بين الأجزاء، مما يساعد في تنعيم أداء تلك الحركات بهذا الشكل الفريد».

وتشير النتائج إلى أن «الجهاز العصبي ينشئ خريطة مكانية أو طبوغرافية لكل ممص». ويعتقد الباحثون أن هذه «الخريطة الماصة»، كما أطلقوا عليها، «تسهل هذه القدرة الحسية الحركية المعقدة».

ولمعرفة ما إذا كان هذا النوع من البنية شائعاً بين رأسيات الأرجل ذات الجسم الرخو الأخرى، درسوا أيضاً نوعاً آخر شائعاً في المحيط الأطلسي من أنواع الحبار الساحلي طويل الزعانف، والذي يحتوي على ثماني أذرع ذات عضلات وممصات مثل الأخطبوط.

وفي حين انفصلت الأخطبوطات والحبار عن بعضهما البعض منذ أكثر من 270 مليون سنة، وفق نتائج دراسات التطور، فإن التشابهات في كيفية تحكمهما في أجزاء من أطرافهما باستخدام الممصات -والاختلافات في الأجزاء التي لا تفعل ذلك- تُظهر كيف يمكن التطور دائماً من إيجاد أفضل الحلول.

وهو ما علق عليه راجسديل: «إن الكائنات الحية التي تمتلك هذه الزوائد الممتلئة بالممصات والتي تتحرك مثل الديدان تحتاج إلى نوع مناسب من الجهاز العصبي. وقد تطورت لرأسيات الأرجل بنية مقطعية تختلف تفاصيلها وفقاً لمتطلبات بيئاتها».