إطلاق أول «باربي» كفيفة تستعين بعصا

في خطوة لجعل الأطفال المكفوفين جزءاً من المجتمع

«ماتيل» تطرح «باربي مكفوفة» بهدف تمكين الأطفال المكفوفين بالمجتمع (ماتيل)
«ماتيل» تطرح «باربي مكفوفة» بهدف تمكين الأطفال المكفوفين بالمجتمع (ماتيل)
TT

إطلاق أول «باربي» كفيفة تستعين بعصا

«ماتيل» تطرح «باربي مكفوفة» بهدف تمكين الأطفال المكفوفين بالمجتمع (ماتيل)
«ماتيل» تطرح «باربي مكفوفة» بهدف تمكين الأطفال المكفوفين بالمجتمع (ماتيل)

أطلقت شركة «ماتيل» الأميركية لتصنيع الألعاب أول دمية «باربي مكفوفة»، موجِّهة بذلك رسالة إيجابية للأطفال الذين يعانون من ضعف النظر والعمى.

جاءت هذه الخطوة بعد ستة عقود من إطلاق أول «باربي» في العالم تماشت مع تغير الزمن ولبست هندام العصرية وركبت موجة تمتين دور المرأة العاملة والفعالة في المجتمع، بالإضافة إلى طرح «باربي» سمراء اللون، وأخرى تعاني من الشلل وتجلس على كرسي متحرك، و«باربي» تعاني من متلازمة داون.

هذه المرة أرادت «ماتيل» أن تجعل الأطفال المكفوفين والذين يعانون من مشاكل في النظر يشعرون بأنهم جزء من المجتمع.

«باربي» المكفوفة تم تصميمها بعناية، فهي تحمل عصاً بيضاء وحمراء تماماً مثل تلك التي يحملها المكفوفون، وتبدو نظرة عينيها جامدة وإلى أعلى بعض الشيء، لتحاكي أعين المكفوفين، وترتدي «باربي» لباساً جميلاً وأنيقاً ولكن تم اختيار الألوان القوية لأن نسبة كبيرة من المكفوفين يتمكنون من تحسس الألوان الفاقعة، وإن كانوا لا يبصرون.

وفي اتصال مع المؤثرة وصانعة المحتوى الكفيفة كلير سيسك، وتعليقاً على سؤال «الشرق الأوسط» عن رأيها بدمية «باربي المكفوفة»، قالت: «أشعر بسعادة غامرة بشأن لعبة (Blind Barbie) الجديدة! إنها خطوة رائعة نحو الشمول. بالنسبة للأطفال المكفوفين، فإن امتلاك دمية تشبههم يعد أمراً مميزاً وتمكينياً للغاية. أما بالنسبة للأطفال المبصرين فهي طريقة رائعة للتعرف على الطرق المتنوعة التي يختبر بها الناس وتقديرها. الأمر كله يتعلق بالاحتفال بكل شخص بحسب هويته، وأعتقد أن هذا الأمر جميل جداً».

سيسك تملك حساباً على منصة «إنستغرام» تقدم عبره محتوى خاصاً بذوي الهمم والمكفوفين، فهي فقدت بصرها منذ عدة أعوام وتحديداً عندما كانت ابنتها في سن التاسعة، فتقول إن خطوة «ماتيل» في طرح «باربي مكفوفة» ستساعد ابنتها لأنها ستشعر بأن والدتها مثلها مثل أي أم أخرى، وإن كانت قد فقدت بصرها.

«باربي المكفوفة» مع عصاً باللونين الأبيض والأحمر (ماتيل)

وعن تصميم ثياب «باربي المكفوفة»، تقول كلير إنها سعيدة باختيار هذا الهندام الجميل والأنيق والبعيد عن الأسلوب النمطي أو (Stereotype) الذي يحصر الشخص الأعمى بشكل موحد؛ كارتداء النظارة السوداء أو عدم الاكتراث للأزياء، وتتابع: «مسألة العمى تختلف من شخص إلى آخر، فهناك نسبة قليلة لا تتعدى الـ10 في المائة من المكفوفين الذين لا يرون أي شيء، إنما الغالبية منهم يتفاعلون مع الضوء والألوان القوية، وهناك نسبة قليلة، من بينها والدتها وهي كفيفة أيضاً، تعاني من حساسية على الضوء، مما يجبرها على ارتداء نظارة سوداء».

وتقول كلير إن المجتمع يظلم المكفوفين في بعض الأحيان، ففي حالتها يظن بعضهم أنها تتظاهر بأنها مكفوفة لأن شكلها يوحي بأنها لا تعاني من أي إعاقة، خصوصاً أن عينيها تتحركان بشكل طبيعي وتومضان، والدمية الجديدة قد تساعد الناس على فهم هذه الإعاقة ومعرفة كيفية التعامل مع أصحابها.

ولم تشأ «ماتيل» وضع نظارة سوداء على «باربي» الجديدة تفادياً للصورة النمطية للشخص المكفوف؛ لأن النظارة السوداء يلبسها الشخص المكفوف فقط إذا كان من بين الذين يعانون حساسية من الضوء، وليس جميع الذين فقدوا بصرهم أو عميان منذ ولادتهم.

وفي تصريح تابع للشركة، قالت كريستا بيرغر، النائب الأول لـ«باربي» والرئيسة العالمية لدمى الشركة: «نحن على يقين بأن (باربي) ليست مجرد دمية، إنما تمثل التعبير عن الذات ويمكنها خلق شعور بالانتماء».

يشار إلى أن «ماتيل» قامت بتصميم «باربي» الجديدة إلى جانب المؤسسة الأميركية للمكفوفين؛ للتأكد من أن كل شيء، بدءاً من عيون الدمية وحتى ملابسها، يصور بدقة الأشخاص المصابين بالعمى.

وقامت «ماتيل» بعدة اختبارات على الأطفال المكفوفين والذين يعانون من ضعف النظر، وتُقرِّر بعدها بأن ترتدي الدمية ملابس بأقمشة ذات خامة خشنة وملمس يساعد الكفيف على تحسسه، ومن بين ثياب «باربي المكفوفة» تي شيرت من الساتان الوردي وتنورة من التول الأرجواني.

وتمت مراعاة تفاصيل عديدة في تصميم ثياب «باربي» الكفيفة، كوضع سحّابات على الجزء الخلفي العلوي من الدمية، وحزام خصر مرن على التنورة لتسهل عميلة وضع الأطفال الثياب على دميتهم المفضلة.

وتم اعتماد طريقة «برايل» للقراءة الخاصة بالمكفوفين، وهي عبارة عن أحرف نافرة وُضعت على العُلبة التي توضع بها الدمية ليتمكن الأطفال الذين يعانون من العمى من قراءتها من خلال اللمس.

وقام المعهد الوطني الملكي للمكفوفين في المملكة المتحدة بدعم الدمية الجديدة؛ لأن الهدف منها هو إدخال البهجة على الأطفال لأنهم يفهمون ويتعرفون إلى العالم من خلال اللعب. وتقول ديبي مير، مديرة استشارات ودعم العملاء في المعهد الوطني المذكور: «إن الأطفال الذين يعانون من ضعف البصر يمكنهم الآن اللعب مع دمية (باربي) تشبههم».

يشار إلى أن شركة «ماتيل» عرضت لأول مرة مجموعة من الدمى بمواصفات جسم ممتلئ وبألوان بشرة غير بيضاء، وتم توسيع المجموعة إلى 176 دمية بتسعة أنواع مختلفة من الأجسام و35 لون بشرة و94 تسريحة شعر.

كما ظهرت ولأول مرة دمية بساق صناعية في عام 2019. وفي عام 2022 تم إطلاق أول «باربي صماء» إلى جانب دمية كين المصابة بالبهاق وهو مرض مناعي يتسبب في فقدان الجلد لونه الطبيعي ويتسبب في تصبُّغات فيه.


مقالات ذات صلة

سلحفاة هاربة تُعطّل قطارات في بريطانيا

يوميات الشرق أحد أشكال النهايات السعيدة (مواقع التواصل)

سلحفاة هاربة تُعطّل قطارات في بريطانيا

عطَّلت سلحفاة خدمات القطارات بعدما شرعت في محاولة هروب أوصلتها إلى قضبان السكك الحديدية... فماذا جرى؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مسرحياتها مطلوبة في بلاد المهجر لتعزيز العربية (ريم نعوم الخازن)

ريم نعوم الخازن لـ«الشرق الأوسط»: مسرح الأطفال يتلون بـ«سيري» وتقنية الـ«هاي تك»

يحافظ مسرح الأطفال في لبنان على مكانته عند الأهل والأولاد، فيعدّ المتنفس الترفيهي الوحيد الذي يمكنهم التفاعل معه مباشرة. وريم نعوم الخازن رائدة في هذا المجال.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق صورة تداولها رواد مواقع التواصل وكاتب مسلسل «عائلة سيمبسون» تظهر التشابه بين إطلالة هاريس وشخصية ليزا سيمبسون

«كامالا هاريس»... توقع جديد مثير للجدل لمسلسل «عائلة سيمبسون»

شارك عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لقطات من مسلسل الرسوم المتحركة التلفزيوني «عائلة سيمبسون The Simpsons» قالوا إنها تنبأت بترشح كامالا هاريس للرئاسة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق المربعات الرملية كانت ساحة لألعاب كثيرة حاضرة في المعرض (غاليري صفير- زملر)

«أحلام إيكاروس» عندما تحترق الأجنحة

المعرض وإن كان موضوع ألعاب الأطفال محوره، فهو أشبه بفخّ لذيذ، نستسلم له بداية، لنكتشف أننا كلّما غصنا في معروضاته، وجدنا أنفسنا نسافر بالذاكرة في اتجاهات مختلفة

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق سيدة تعدّ دولارات أميركية (أرشيف - رويترز)

دراسة تؤكد: المال يشتري السعادة

أظهرت دراسة جديدة أن المال يمكن أن يشتري السعادة وهو ما يتناقض مع سنوات من ادعاء علماء النفس والأدباء والأغنياء عكس ذلك

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الحشرة القرمزية تصيب محاصيل تونس من التين الشوكي (صور)

خبير تونسي يتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)
خبير تونسي يتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)
TT

الحشرة القرمزية تصيب محاصيل تونس من التين الشوكي (صور)

خبير تونسي يتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)
خبير تونسي يتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)

تدمر الحشرة القرمزية نبات التين الشوكي في تونس، والذي يعد مصدر دخل مهماً لقطاع الزراعة والاقتصاد في البلاد.

صبار التين الشوكي المتأثر بالحشرة القرمزية في منطقة سيدي إفني بالمغرب في 29 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

وقال المزارع باسم سحنون، الذي يكافح مثل بقية المزارعين لحماية محصوله: «الخوف بتاعنا الكبير، اللي الواحد ولا حتى النوم معدش شابع به (مصاب بالأرق)؛ لأنه متخوف من الحشرة القرمزية بتهدد في المحصول بتاعنا».

صورة التقطت بتاريخ 23 أبريل 2024 بضواحي سوسة بتونس لنبات صبار التين الشوكي مصاباً بحشرة قرمزية (أ.ف.ب)

وذكر مزارعون وخبراء زراعيون أن هذه الحشرة أصبحت تشكل تهديداً كبيراً لمحصول التين الشوكي لأنها تدمر مساحات واسعة من المزارع، وتثير قلقاً اقتصادياً كبيراً منذ اكتشافها في تونس لأول مرة عام 2021.

وتمتص الحشرة القرمزية العصارة من أوراق الصبار وتؤدي إلى اصفرار النبات وموته في النهاية.

إصابة صبار التين الشوكي بالحشرة القرمزية في ضواحي القيروان شمال تونس في 29 مايو 2024 (أ.ف.ب)

وقال فوزي زياني، الخبير في السياسات الفلاحية: «الحشرة القرمزية هذه تصيب الظلفة (التين الشوكي) يعني هي تقريباً تصيب الشجرة؛ لأنه كيف ما تشوفوا يعني الشجر قاعد يطيح (يموت) وبالتالي إحنا نخسر الأصل في الأشياء اللي هي معناها زراعة التين الشوكي».

إصابة صبار التين الشوكي بالحشرة القرمزية في ضواحي القيروان شمال تونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)

وأردف قائلاً: «الحشرة القرمزية أول ما اتوجدت اتوجدت في المكسيك، والمكسيك بلاد معروفة بالهندي (الاسم المحلي للتين الشوكي) وبالصبار. وبالتالي كانت موجودة غاديك (هناك) وعالجوها وعندهم طرق للتوقي (الوقاية). ثم انتقلت للمغرب سنة 2015. الحشرة هذيك كذلك جات لتونس في أكتوبر 2021 في المهدية».

مزارعة تونسية تتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)

ويقدر زياني أن التين الشوكي مزروع على نحو 12 في المائة من الأراضي الزراعية في تونس، مما يجعله يحل في المرتبة الثانية بعد أشجار الزيتون في الثروة الزراعية الوطنية.

والتين الشوكي مزروع على ما يقرب من 600 ألف هكتار، ويعد مصدر دخل مهماً لآلاف الأشخاص، وخاصة النساء اللاتي يحصدن هذه الفاكهة ويقمن ببيعها.

خبير تونسي يتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 4 يوليو 2024 (رويترز)

وأضاف سحنون: «اكتشفنا الحشرة هذه، دخلنا في هيستيريا، كلمنا السلطات جاءوا مشكورين بارك الله فيهم، عملوا التدخل بتاعهم، لكن ما زلنا متخوفين منها خاطر هي منشورة في الولاية كاملة حسب ما يحكوا. وإحنا في منطقة برج حفيظ في بلدية بوعرقوب، مشهورة بالهندي مورد رزقنا فيتطلب برشا (الكثير) خدامة (عمالة)، ومش الفلاح وحده راح يربح منها، يربح الخدام، يربح الناس كلها قاعدة مورد رزق كبير يدخل في الفلوس للبلاد ويدخل في العملة الصعبة الهندي».

خبير تونسي يتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)

وتجري الآن جهود لمكافحة هذه الآفة. وأطلقت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) مشروعاً طارئاً في تونس بميزانية 500 ألف دولار؛ لإدخال أساليب المكافحة البيولوجية مثل الخنافس.

كما تعزز وزارة الفلاحة التونسية تدابير المكافحة المستدامة، والتي تشمل تغيير الممارسات الزراعية والتقليم وتنظيف مناطق الإنتاج.

مزارعة تونسية تتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)

غير أن الخبراء يشددون على ضرورة زيادة وعي المزارعين وإجراء المزيد من الأبحاث على أصناف التين الشوكي التي تتمتع بالمقاومة؛ لإدارة هذه الأزمة بشكل فعال، والتي تفاقمت بسبب تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة.

وقالت نعيمة محفوظي، المكلفة بتسيير الإدارة العامة للصحة النباتية ومراقبة المدخلات الفلاحية بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري: «يلزمنا إحنا حل مستدام للحشرة القرمزية هذه. الوضع هذا ميلزموش يتواصل بالطريقة هذه».

ويتخذ سحنون تدابير في مزرعته لتنظيف وحماية النبات، لكنها ستكون مهمة شاقة إذا استمرت الأزمة.

وقال: «إحنا قاعدين ننظفو بس نعملو الوقاية والحماية من الحشرة القرمزية لأنها تبدأ في الشجرة من أسفل».

وذكرت سالمة جريدي، وهي من سكان صفاقس في جنوب تونس وتزرع التين الشوكي، إن صفاقس خرجت عن سيطرتها.

وأضافت: «هذا قضاء الله، حتى الجزء الذي ينمو من جديد يتأثر بهذا المرض، يتدهور كما لو كان قد قُطع بمنشار».