الطفل الحساس للغاية... مَن هو؟ وكيف نتعامل معه؟

الدراسة الجديدة تنظر في كيفية تأثير حساسية الطفل على نموه لاحقاً في الحياة (رويترز)
الدراسة الجديدة تنظر في كيفية تأثير حساسية الطفل على نموه لاحقاً في الحياة (رويترز)
TT

الطفل الحساس للغاية... مَن هو؟ وكيف نتعامل معه؟

الدراسة الجديدة تنظر في كيفية تأثير حساسية الطفل على نموه لاحقاً في الحياة (رويترز)
الدراسة الجديدة تنظر في كيفية تأثير حساسية الطفل على نموه لاحقاً في الحياة (رويترز)

غالباً ما يحصل الأطفال الحساسون على سمعة سيئة. يمكن تصنيفهم على أنهم «صعاب» أو «دراماتيكيون» أو «مدللون»، وكثيراً ما يجري إلقاء اللوم على الآباء بسبب تدليلهم أو الإفراط في استيعابهم. ومع ذلك، تشير الأبحاث بشكل متزايد إلى أن الأطفال يظهرون اختلافات حقيقية في الحساسية، ويستجيبون للتربية بشكل مختلف نتيجة ذلك. بمعنى آخر، بعض الأطفال أكثر حساسية من الأطفال الآخرين، وهذا ليس مجرد عذر يستخدمه الآباء «لسوء سلوكهم»، وفقاً لتقرير لموقع «سايكولوجي توداي».

هل يمكن أن يكون طفلك شخصاً حساساً للغاية؟

تجري مناقشة الحساسية لدى الطفل أيضاً في إطار كونه «شخصاً حساساً للغاية» (HSP). وقد صاغت عالمة النفس، إيلين آرون، هذا المصطلح في عام 1997 في كتابها «الشخص شديد الحساسية: كيف تزدهر عندما يرهقك العالم؟». والحساسية المفرطة ليس تشخيصاً رسمياً أو حالة عقلية، لكن الأبحاث وجدت أنه اختلاف في الشخصية يتميز بكونك أكثر تردداً في المواقف الجديدة وبإظهار حساسية أكبر للمدخلات الحسية (مثل أن تكون أكثر تفاعلاً مع الألم أو الضوضاء أو قلة النوم). ووجدت الأبحاث أيضاً اختلافات بيولوجية عصبية حقيقية في كيفية استجابة الأفراد ذوي الحساسية العالية لبيئتهم.

أحدث الأبحاث حول الأطفال الحساسين

تقدم دراسة حديثة بعض الأفكار الجديدة حول الحساسية لدى الأطفال، وما يمكننا القيام به بصفتنا آباء. نظرت هذه الدراسة الجديدة في كيفية تأثير حساسية الطفل على نموه لاحقاً في الحياة، ووجدت بعض النتائج المثيرة للاهتمام. ونظرت هذه الدراسة في مدى حساسية الأطفال للمؤثرات التالية في عمر 3 سنوات:

- الثناء من الوالدين

- القلق المرتبط بالوالدين

- مزاج الطفل

- نوم الطفل

قام الباحثون بقياس حساسية الأطفال أثناء تنظيف الأسنان بالفرشاة. وقدّم الآباء مقاطع فيديو لأطفالهم أثناء تنظيف الأسنان لمدة أسبوعين، واحتفظوا بمذكرات عن الحالة المزاجية لأطفالهم ونومهم. ومن المثير للاهتمام أن هذه المجموعة البحثية وجدت في دراسة سابقة أن الأطفال ينظفون أسنانهم لفترة أطول عندما يستخدم آباؤهم مزيداً من الثناء والتعليمات المباشرة الأقل، وفي الأيام التي يكونون فيها في مزاج أفضل.

عندما كان عمر الأطفال من 5 إلى 7 سنوات، طلب الباحثون من الآباء الإبلاغ عن مشاكل الطفل (بما في ذلك مشاكل الصحة السلوكية والعقلية).

وقد وجد الباحثون ما يلي:

كان بعض الأطفال أكثر حساسية لمدح والديهم، وارتبط هذا النوع من الحساسية بمشاكل أقل في وقت لاحق من الحياة: الأطفال الذين كانوا أكثر حساسية لمدح والديهم في سن الثالثة أظهروا مشاكل سلوكية أقل وأعراضاً أقل للاكتئاب والقلق في سن 5 إلى 7.

كان بعض الأطفال أكثر حساسية للتغيرات في مزاجهم، وارتبط هذا النوع من الحساسية بمزيد من المشاكل في وقت لاحق من الحياة: الأطفال الذين تأثر سلوكهم بشكل أكبر بمزاجهم في سن الثالثة أظهروا مزيداً من أعراض الاكتئاب والقلق في سن الخامسة إلى 7.

ارتبط الثناء من الوالدين، بغض النظر عن حساسية الطفل، بمشاكل سلوكية أقل: عندما امتدح الآباء أطفالهم بشكل متكرر وأكثر ثباتاً في سن الثالثة، أظهر أطفالهم مشاكل سلوكية أقل في سن 5 إلى 7 سنوات.

كانت الحساسية للمزاج مرتبطة بالحساسية تجاه ضغوط الوالدين: وهذا يعني أن الأطفال الذين كانوا أكثر حساسية للتغيرات في مزاجهم كانوا أيضاً أكثر حساسية للتغيرات المرتبطة بضغوط الوالدين.

يقترح البحث بعض الطرق التي يمكن للوالدين من خلالها التفكير في الأطفال الحساسين ودعمهم، وفقاً لـ«سايكولوجي توداي»:

الحساسية ليست بالضرورة أمراً سيئاً

الأطفال الذين كانوا أكثر حساسية للثناء في الدراسة المذكورة أعلاه أظهروا مشاكل أقل في وقت لاحق من الحياة.

تحديد المواقف

تشير هذه الدراسة، إلى جانب الأبحاث السابقة، إلى أن الأطفال قد يكونون حساسين بشكل مختلف للمؤثرات المختلفة. بمعنى آخر، ينبغي ألا تفترض أن طفلك (أو أي طفل) «حساس» بشكل عام في جميع المجالات، بل قد يكون من المفيد التفكير في المواقف المحددة التي تثير الحساسية.

تعليم مهارات جديدة

وقد وجدت الدراسة أن الأطفال الذين كانوا أكثر حساسية للتغيرات في مزاجهم أظهروا مشاكل سلوكية أكثر في وقت لاحق من مرحلة الطفولة. يمكننا دعم الأطفال الأكثر حساسية من خلال تعليمهم مهارات التأقلم حتى لا يكون سلوكهم دائماً متأثراً بمزاجهم.

البيئة

عليك تقديم دعم إضافي في المجالات التي يكون فيها أكثر حساسية. تتعلق الحساسية عند الأطفال بكيفية الاستجابة لبيئتهم؛ لذا فكِّر في كيفية تغيير البيئة لمساعدتهم.

مدح الطفل

بغض النظر عن حساسيته، امتدح طفلك بشكل متكرر وباستمرار. وجدت الأبحاث السابقة كثيراً من فوائد الثناء. تضيف الدراسة إلى ذلك من خلال الإشارة إلى أنه إذا بدا أن طفلك يستجيب جيداً للثناء، فمن الأهم أن تمدحه بشكل متكرر وباستمرار.


مقالات ذات صلة

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
آسيا طفل باكستاني يتلقى لقاح شلل الأطفال (رويترز)

وسط ارتفاع معدلات العنف... حالات شلل الأطفال تواصل الانتشار في باكستان

سجلت باكستان اليوم (الجمعة)، حالتي إصابة إضافيتين بشلل الأطفال، مما رفع عدد الإصابات بالمرض المسبب للإعاقة إلى 52 حتى الآن خلال العام الجاري

«الشرق الأوسط» (إسلام أباد)
العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)

تقام «أيام بنغلاديش» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض، والتي انطلقت لياليها، الثلاثاء، ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية، بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى السبت، بهدف تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع السعودي والمقيمين، وإبراز التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه السعودية.

وتشهد الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تقدمها الفرقة الشعبية، حيث تألق المشاركون بتقديم عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي، إلى جانب أغنيات مستوحاة من أعمال أبرز شعراء بنغلاديش.

عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي (الشرق الأوسط)

كما يضم الحدث منطقة مخصصة لعرض التراث البنغالي، حيث تُتيح للزوار فرصة استكشاف الجوانب الغنية للثقافة البنغالية عن قرب؛ إذ تشمل المنطقة معروضات للأزياء التقليدية المزينة بالزخارف اليدوية التي تعكس المهارة الحرفية والفنية المتميزة، حيث يتم عرض الساري البنغالي المصنوع من أقمشة الحرير والقطن الفاخرة، إضافة إلى الملابس التقليدية للرجال مثل البنجابي والدوتي، كما تعرض الإكسسوارات اليدوية التي تشتهر بها بنغلاديش، بما في ذلك المجوهرات التقليدية المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة، والحقائب والمطرزات التي تعكس ذوقاً فنياً عريقاً.

الفعاليات شملت استكشاف التراث البنغالي (الشرق الأوسط)

واشتملت الفعاليات على قسم مخصص للأطعمة من بنغلاديش؛ إذ يٌقدم للزوار فرصة تذوق أشهى الأطباق التقليدية التي تمثل المطبخ البنغالي المعروف بنكهاته الغنية وتوابله المميزة، وتشمل الأطباق المقدمة أكلات شهيرة مثل البرياني البنغالي، والداكا كاكوري كباب، وسمك الهيلشا المطهو بطرق تراثية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلويات التقليدية مثل الروشا غولا والميزان لادّو.

وتضيف هذه المنطقة بعداً مميزاً للفعالية، حيث لا تقتصر التجربة على الفنون والعروض، بل تمتد لتشمل استكشاف التراث البنغالي بشكل متكامل يعكس الحياة اليومية والعادات والتقاليد، مما يجعلها تجربة غنية تُثري التفاعل الثقافي بين الزوار.

معروضات للأزياء التقليدية (الشرق الأوسط)

وحظيت الفعاليات منذ انطلاقها بإقبال واسع من الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بجمال الفلكلور البنغالي وتنوع العروض الفنية المقدمة، كما أبدى العديد من الحاضرين تقديرهم لهذه المبادرات التي تسهم في تعزيز التفاهم والتفاعل بين الثقافات.

وأكّد المسؤولون أن هذه المبادرة تأتي جزءاً من سلسلة برامج ثقافية تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في المملكة، بما يتماشى مع «رؤية السعودية 2030» التي تدعم التنوع والانفتاح الثقافي.