«مرايا إليكترا»... معالجة عصرية لأسطورة إغريقية

مسرحية مصرية تحتفي بانتصار الإنسان لـ«قضية العمر»

مسرحية «مرايا إليكترا» (الشرق الأوسط)
مسرحية «مرايا إليكترا» (الشرق الأوسط)
TT

«مرايا إليكترا»... معالجة عصرية لأسطورة إغريقية

مسرحية «مرايا إليكترا» (الشرق الأوسط)
مسرحية «مرايا إليكترا» (الشرق الأوسط)

في معالجة عصرية للأسطورة الإغريقية التي تتناول قصة «إليكترا» ابنة الملك أغاممنون، التي تحرّض أخاها على قتل أمهما لضلوعها في قتل أبيهما، تقدم فرقة «مسرح الشباب» عرضاً يستدعي الأسطورة، على خشبة «المسرح العائم» بالقاهرة.

يأتي العمل المستلهم من «أسطورة إليكترا»، ثالثة روائع سوفوكليس، بعد مسرحيتيه التراجيديتين «أوديب ملكاً» و«أنتيغون»، بوصفه من الأعمال القائمة على الانتقام، وهو انتقام تدبر له إليكترا منذ سنوات طويلة؛ تحديداً منذ أن قتلت الأم «كلتيمنسترا» بمساعدة عشيقها «إيغستوس» زوجها الملك «أغاممنون»، بعد انتصاره الكبير في حرب طروادة.

وتنتظر إليكترا طويلاً أخاها أورستيس، الذي تم نفيه في طفولته من قبل العاشقين القاتلين، حتى يكبر، ويعود لبلده لكي ينتقم لمقتل أبيه.

المسرحية تقدم رؤية معاصرة للأسطورة الإغريقية (الشرق الأوسط)

نجد في المسرحية المصرية «مرايا إليكترا» أن هناك 3 شخصيات تتصارع في أعماق الفتاة، إذ تبدأ الأحداث بوقوفها في الميناء انتظاراً لأخيها، وهي تمعن التفكير عبر حوار داخلي؛ وتعكس الشخصية الأولى إليكترا (الماستر) ذات الرغبة العارمة في الانتقام، مقابل إليكترا الأنثى صاحبة المشاعر المتدفقة، والشخصية الثالثة المترددة بين الحالتين الأخريين.

ويتصاعد هذا الصراع حين تفاجأ إليكترا بأن أخاها (البطل المنتظر) أورستيس يأتي مرتدياً ملابس عصرية، محملاً بأفكار الغرب، ويسعى لتحقيق الحداثة الهادفة لتدمير هوية مملكته «آرغوس»، وهدم إرثها الثقافي وعاداتها وتقاليدها، والأكثر من ذلك أنه يسقط من حساباته أي رغبة في الانتقام من أمه وعشيقها.

وخلال تلك المعالجة التي قام بكتابتها متولي حامد، وأخرجها أيمن مصطفى، يشعر المتلقي بالتشويق؛ فماذا ستفعل الأميرة حين تكتشف أن أخاها الذي طال انتظارها له يتبنى موقفاً ضد رغبتها، بل ضد فكرة الانتقام ذاتها؟

ويجد المشاهد نفسه أمام شخصية صلبة لا تعرف الهزيمة؛ فتنجح إليكترا في الانتقام من «كلتيمنسترا» وعشيقها «إيغستوس»، برغم الصعاب وخذلان أقرب الناس لها، وهو شقيقها الذي يضطر في النهاية إلى العودة من حيث جاء على متن السفينة نفسها التي سبق أن حملته إلى مملكته.

إليكترا تتفاجأ عند وصول شقيقها بملابس عصرية وفكر غربي (الشرق الأوسط)

ومن قلب الأسطورة اليونانية تبزغ قضايا بالغة الإنسانية تمس المشاهد شخصياً، وتطرحها المعالجة العصرية للمسرحية، لكنها سرعان ما تعود مرة أخرى إلى الأسطورة، ويظل المشاهد طوال العرض يتنقل ما بين العملين (الأسطوري والعصري).

ويوضح المخرج أيمن مصطفى هذا الأمر قائلاً: «كان ذلك التنقل بين العملين متعمداً، لأنه لا يمكن الخروج عن العمل الكلاسيكي الأصلي، وفي الوقت نفسه لا يمكن تقديمه كما هو، لأننا نرغب في تقديم معالجة جديدة برؤية مغايرة وأفكار عصرية».

لكن بالرغم من حرص صناع العمل على ذلك الطرح الفني المختلف، فإنه تم الاحتفاظ بجانب شائك في الأسطورة، وهو التعلق العاطفي لإليكترا بأبيها، فضلاً عن رغبتها الجامحة في الانتقام من أمها، وهو ما قد يصطدم بشكل أو بآخر مع المجتمع المصري، فكيف تصدى المخرج فنياً لذلك؟

ويوضح مصطفى لـ«الشرق الأوسط» : «لم يكن من الممكن تجنب هذا البعد؛ لأن الأسطورة كما هو معروف تقوم عليه، فبالنسبة لتعلق إليكترا بأبيها وأمنيتها أن تصبح مكان أمها فقد تم الاكتفاء بمعالجته عبر الإشارة إليه سريعاً في المونولوج الداخلي».

ويضيف: «إن الجمهور المصري يتمتع بثقافة تتيح له التفاعل مع إصرار إليكترا على قتل أمها؛ لأنه يرفض خيانتها لزوجها الملك، الذي خاض حرباً شرسة من أجل هدف نبيل هو الشرف، وقد تم توظيف هذا الإصرار للإسقاط على النفس البشرية التي ينبغي أن تتبنى دوماً قضية ما تقاتل من أجل تحقيقها».

المُشاهد ينتقل بسلاسة بين الأسطورة والمعالجة العصرية (الشرق الأوسط)

وأشار المخرج إلى «الذائقة الفنية التي يتمتع بها الجمهور، وانعكست في الإقبال على مشاهدة عرض مسرحي كلاسيكي، فلا يشترط أن يتوجه إلى المسرح من أجل عمل كوميدي أو اجتماعي، وفي السياق ذاته تم اختيار اللغة العربية الفصحى للمسرحية بما يناسب طبيعة النص والطرح الفني».

وبرغم ضعف الإمكانات فإن المسرحية تقدم صياغة فنية تتمتع بجماليات الصورة، وأدوات تجتذب المتفرج لعمل كلاسيكي جاد، وذلك عبر سينوغرافيا متميزة وتقنية سينمائية واعية، يقول مصطفى: «للفنان دور تجاه مجتمعه، ومن أهم مستلزمات هذا الدور التحايل على الإمكانات. ولذلك فإن مسارح مصر منورة هذا الموسم بفضل محبة صناع المسرح لعملهم».

اعتمدت المسرحية على مجموعة من الوجوه الفنية الشابة. من بينهم ريهام سالم، وميرنا هشام، وبيرين شوقي شامخ، والفنان حسام الجندي.


مقالات ذات صلة

فؤاد يمين لـ«الشرق الأوسط»: «هينة العيشة هيك» فكرة عالقة في حلقي منذ زمن

يوميات الشرق يتناول يمّين في المسرحية موضوعات حياتية (الشرق الأوسط)

فؤاد يمين لـ«الشرق الأوسط»: «هينة العيشة هيك» فكرة عالقة في حلقي منذ زمن

ذكريات بالجملة يرويها على طريقته، اختارها من مراحل مختلفة في حياته. وفي كتيّب صغير يوزّع على رواد المسرح.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق المنتجة نايلة الخوري (فريق مسرحية «كلو مسموح»)

ميوزيكال «كلو مسموح» بالعربي يعيد كارول سماحة إلى المسرح

أغان وموسيقى ومرح ورقص ومقالب طريفة على متن سفينة مغادرة من أميركا إلى إنجلترا، يسافر عليها خليط مجنون من المغامرين، بينهم المغنية والعاشق والقسّ وأفراد عصابة

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق السرير أبرز ملامح الديكور بالعمل (القاهرة التجريبي)

«ضوء»... رحلة فلسفية تبحث عن الحقيقة

لفتت المسرحية السعودية «ضوء» التي تُعرض حالياً ضمن فعاليات مهرجان «القاهرة الدولي للمسرح التجريبي» الأنظار إليها بقوة.

رشا أحمد (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان أحمد راتب قدم مسيرة حافلة (حساب لمياء راتب على فيسبوك)

لمياء أحمد راتب: والدي أفنى عمره في المسرح... وتكريمه تأخر كثيراً

بعد شكوى لمياء أحمد راتب المتكررة من تجاهل تكريم والدها في أي محفل فني مصري أعلن مهرجان «القاهرة للمسرح التجريبي» عن تكريمه خلال حفل الختام.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج أبو حدبة كتب المسرحية وأخرجها (مخرج العمل)

«ميوزيكال»... راني أبو حدبة يجمع ذكريات «شارع الحمرا»

شارع الحمراء في بيروت من أكثر الأماكن التي يحمل منها اللبنانيون على اختلاف أعمارهم ذكريات جمّة، اكتسب شهرته من مقاهيه وصالاته السينمائية ومسارحه.

فيفيان حداد (بيروت)

نصائح لتوفير المال خلال التسوق من محلات البقالة

متسوق يدفع عربة بسوبر ماركت في بيل فلاور كاليفورنيا (أ.ب)
متسوق يدفع عربة بسوبر ماركت في بيل فلاور كاليفورنيا (أ.ب)
TT

نصائح لتوفير المال خلال التسوق من محلات البقالة

متسوق يدفع عربة بسوبر ماركت في بيل فلاور كاليفورنيا (أ.ب)
متسوق يدفع عربة بسوبر ماركت في بيل فلاور كاليفورنيا (أ.ب)

يعاني الكثيرون من ارتفاع أسعار السلع والخدمات ويحاولون إيجاد وسيلة لتقليل النفقات، وتُعد المواد الغذائية من السلع الأساسية التي نحتاج إليها ويصعب الاستغناء عنها، ولكن أسعارها ارتفعت مؤخراً بشكل كبير.

وتقدم الإذاعة الأميركية نصائح لتوفير المال خلال التسوق من محلات البقالة. وتقول إن أسعار المواد الغذائية لا تزال مرتفعة، ولكن الفاتورة الخاصة بك يجب ألا تكون مرتفعة. لذا هناك خطوات يمكن أن تساعد على تقليل النفقات خلال التسوق.

ابقَ بالقرب من المنزل

إذا كان عليك زيارة محلات عديدة، فتأكد من أنها قريبة من منزلك، وإلا فإن تكلفة البنزين ستأكل الأموال التي وفّرتها في الشراء.

تحقق من الفاتورة

تحقق من الفاتورة قبل مغادرة المحل، وإذا وجدت خطأً، وهو ما قد يحدث في السلع التي اشتريتها، فيمكنك استرداد أموالك على الفور، وإذا لم تتحقق من ذلك حتى تصل إلى المنزل، فمن المرجح أن تتغاضى عن الأمر أو يصعب عليك الرجوع سريعاً وتخسر الأموال.

اسأل عن العروض

تأكد من العروض المتوفرة في المحل لأن هناك محلات لا تعلن عن جميع العروض لديها.

شراء كميات موفرة من اللحوم والدواجن

عند شراء اللحوم والدواجن يجب اختيار الكميات التي تكون موفرة، ويجب المقارنة بين الأنواع المختلفة، ففي بعض الأحيان تكون اللحوم أرخص من الدواجن والعكس.

متسوقون بمتجر وولمارت في ولاية نيوجيرسي الأميركية (أ.ب)

اشترِ قطعاً رخيصة من اللحوم

تختلف أنواع اللحوم من حيث المذاق والأسعار فحاول أن تختار النوع الذي يتلاءم مع ميزانيتك.

اصنع خبزك

تعلم كيفية صنع الخبز، فهذا يوفر الكثير من المال، ولا يحتوي على مواد حافظة. لذا يمكنك تجميد ما لا يمكنك استخدامه في غضون أسبوع.

ازرع الأعشاب والخضراوات بنفسك

ازرع الأعشاب والخضراوات التي تشتريها كثيراً، وغالباً يكون سعر الأعشاب الطازجة قريباً من سعر علبة البذور أو يمكنك الاحتفاظ ببعض الأعشاب وزراعتها.

احصل على مساعدة من الذكاء الاصطناعي

يمكن الاستعانة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في إيجاد وصفات للغداء والإفطار تتناسب مع المواد الغذائية المتاحة.