المخرج تامر روغلي لـ«الشرق الأوسط»: أستمتع بنقل القصص الواقعية إلى السينما

انطلاق عروض فيلمه «وحشتيني» في بيروت

صوّر الفيلم بين مصر وأوروبا (تامر روغلي)
صوّر الفيلم بين مصر وأوروبا (تامر روغلي)
TT

المخرج تامر روغلي لـ«الشرق الأوسط»: أستمتع بنقل القصص الواقعية إلى السينما

صوّر الفيلم بين مصر وأوروبا (تامر روغلي)
صوّر الفيلم بين مصر وأوروبا (تامر روغلي)

ينتظر اللبنانيون موعد انطلاق عروض فيلم «وحشتيني» في 18 الحالي. وهو فيلم اجتماعي مستوحى من قصة حقيقية مبنية على ذكريات مخرجه السويسري، مصري الأصل، تامر روغلي.

ويشارك في بطولته كلٌّ من نادين لبكي، والفرنسية فاني أردان، ومن مصر إنعام سالوسة، ومنحة البطراوي، وسلوى عثمان. ويحكي «وحشتيني» قصة الابنة سو (نادين لبكي) التي تعود إلى مصر بعد أكثر من 20 عاماً لزيارة والدتها فيروز (فاني أردان). ويمر الفيلم على موضوعات مختلفة، بينها الهجرة والعائلة والتقدم في العمر والحب. وترتكز على قصة كتبها روغلي، مترجماً حنينه لوطنه الأم، وناقلاً ذكريات من مرحلة طفولته لا تزال تحفر في ذهنه حتى اليوم.

استغرق التحضير للفيلم وتنفيذه نحو 10 سنوات، يصفها روغلي بأنها سرقت جزءاً من حياته. ويرى أن هذا الوقت ساهم في نضوج العمل. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد شهد تعديلات في أماكن التصوير وفي السيناريو. بداية كنت أنوي تصويره في سويسرا، ولكنني عدلت عن ذلك فيما بعد، وحملته إلى وطني الأم مصر، ليحمل كل مشاعر الحنين التي تراودني، وعندما شاهده السويسريون تفاجأوا بشخصياته النسائية، وكذلك بطبيعة مصر وأهلها فتحمّسوا لزيارة القاهرة من خلاله».

روغلي مع نادين لبكي المعجب بعفوية تمثيلها (تامر روغلي)

يؤكد روغلي أن الفيلم يُعدّ جزءاً لا يتجزأ من حياته، ركن فيه إلى ذكريات الطفولة وأخبار وقصص كانت ترويها له والدته غوزين.

وعمّا إذا هو يعدّه حلماً وتحقق لا سيما أنه أول فيلم طويل في مسيرته السينمائية. يرد: «يُشكل الفيلم حلماً من أحلامي. وعبره قدّمت هويتي، وكرّمت مصر ونساءها، وبينهن أمي وخالاتي والمربية التي رافقتني في صغري».

جائحة «كورونا» أخّرت تنفيذ الفيلم؛ ولكن ماذا عن بطلاته نادين لبكي وفاني أردان؟ لماذا اختارهما بالتحديد؟ يردّ: «اخترتهما من باب إعجابي الكبير بهما. بداية وجدت صعوبة في التواصل مع نادين. كانت مشغولة بفيلمها (كفر ناحوم)، ومن ثم بترشحه لجائزة «الأوسكار»، فانتظرتها حتى باتت جاهزة للمشاركة فيه. أما فاني أردان فكان الأمر معها أكثر سهولة، ولقاؤها حدث بواسطة وكالة تتعامل معها، وبقينا على اتصال لمدة 3 سنوات التقينا خلالها مرات عدة».

يصف نادين لبكي في موقع التصوير بصاحبة عفوية مطلقة بالتمثيل: «تدخل بسرعة في اللعبة، وتتخلّى عن دورها بصفتها مخرجة. كانت متفاعلة جداً مع اللهجة المصرية التي درّبها عليها شخص مختص. أما فاني أردان فهي ومنذ لحظة كتابتي قصة الفيلم كنت أتخيلها أمامي تلعب دور فيروز. كانت فرصة كبيرة أن ألتقي الممثلتين، وأنا سعيد بذلك».

«وحشتيني» تبدأ عروضه في 18 يوليو في بيروت (تامر روغلي)

يخبر «الشرق الأوسط» كيف كانت ردّة فعل والدته تجاه الفيلم: «بداية، قرأت النص بدقة، وكان يهمني رأيها به. كان بمثابة علاج لها، لأنها عانت علاقة غريبة ومعقدة بعض الشيء مع والدتها. فالقصة برمّتها مأخوذة من حياتي وعائلتي، ولكن بالطبع لوّنتها بخيال سينمائي لتصلح لصناعة فيلم».

يقول إن الفيلم أوروبي الإنتاج، ولكنه عربي الهوى. كان من الصعب إيجاد جهة منتجة تموّله كونه يحكي قصة عربية. فهو لا يُشبه ما يشاهده الأوروبيون؛ «كنت مصرّاً على إعطاء المرأة المصرية حقّها في الفيلم، وأن أُبرز قوتها وأناقتها والوجه الجميل لمصر».

وفي الفيلم نرى شخصيات نسائية لعبت دورها في حياته كما «تانت إنجي» خالته، التي تجسدها منحة البطراوي، وكذلك نشاهد «سنية» (إنعام سالوسة) في دور مربيته.

يتألف الفيلم من خلطة مشاعر، وفيه مشاهد كثيرة تحكي عن «خواجات» مصر أيام زمان؛ وخلاله تتحدّث أردان الفرنسية والعربية، ولكن ضمن عبارات محددة حفظتها. ويوضح روغلي لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تعلمت بعض العبارات المصرية المشهورة، مثل (يا ساتر يا رب). كما تغني في الفيلم (حرّمت أحبك) للراحلة وردة، فالفيلم عبارة عن محطة ذكريات من أيام الزمن الجميل؛ ولذلك تتخلّله أغانٍ لعبد الحليم حافظ، ووردة، ونجاة الصغيرة. هذه الأجواء تسود الفيلم، ويشعر مشاهده كأنه زار القاهرة واشتم رائحة شوارعها، فمصر تسكنني رغم ابتعادي عنها، وإقامتي في سويسرا. وكنت أرغب في تذكرها على طريقتي، وهو ما أقدمت عليه في هذا الفيلم».

في 18 يوليو (تموز) الحالي تبدأ عروض فيلم «وحشتيني» في صالات بيروت. وفي المناسبة يقول: «كنت أتمنى حضور عرض إطلاقه. لقد زرت العاصمة اللبنانية منذ فترة وجيزة، وشاركت في مهرجان (بيروت الدولي لسينما المرأة). وأتمنى أن يحب اللبنانيون الفيلم، لا سيما أنه يقرّب المسافات بين لبنان ومصر. كما يوطّد هذه العلاقة التاريخية بينهما. وبعد بيروت سيرى الفيلم النور في المغرب، فمنذ البداية لم أشأ أن تطبعه الأجواء الأوروبية، وأردته عربياً قلباً وقالباً، وقريباً من الجمهور العربي على اختلافه».

مشهد من فيلم «وحشتيني» يجمع لبكي مع فاني أردان (تامر روغلي)

«وحشتيني» من إنتاج مصري سويسري؛ صوّرت مجموعة من مشاهده في مصر خلال الفترة الماضية بين مناطق الزمالك والإسكندرية والعجمي وغيرها. بعدها انتقلت أسرة الفيلم إلى عدد من الدول الأوروبية لتصوير باقي المشاهد، وتشارك في إنتاجه المنتجة المصرية ماريان خوري، في حين تولى كتابة السيناريو يسري نصر الله.

وعن مشاريعه المستقبلية يختم روغلي: «إنني بصدد تنفيذ فيلم جديد مستوحى أيضاً من قصة حقيقية. الانطلاق من أرض الواقع، ونقله إلى السينما يزوّد القصة بالمتعة ويجمّلها. ويحكي الفيلم عن أوضاع المرأة العربية ككل. وعادة ما أختار القصة التي تلامسني عن قرب، وهو ما أحققه في فيلمي المرتقب».


مقالات ذات صلة

باستخدام الذكاء الاصطناعي... محتال يوهم سيدة بأنه «براد بيت» ويسرق أموالها

يوميات الشرق الممثل الأميركي براد بيت (رويترز)

باستخدام الذكاء الاصطناعي... محتال يوهم سيدة بأنه «براد بيت» ويسرق أموالها

تعرضت امرأة فرنسية للاحتيال من قبل رجل أوهمها بأنه الممثل الأميركي الشهير براد بيت، باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وحصل منها على مبلغ 830 ألف يورو.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مريم شريف ونهال المهدي شقيقتها بالفيلم (الشركة المنتجة)

«سنووايت» يستهل عروضه التجارية ويعوّل على حبكته الإنسانية

تنطلق، الأربعاء، العروض التجارية للفيلم المصري «سنووايت» الذي شهد عرضه العالمي الأول في الدورة الرابعة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان شكري سرحان قدم أدواراً مهمة في السينما المصرية (أرشيفية)

تصاعد الجدل حول انتقاد رموز الفن المصري بعد أزمة «شكري سرحان»

تصاعد الجدل خلال الأيام القليلة الماضية حول أزمة انتقاد رموز الفن المصري على خلفية انتقاد موهبة الفنان الراحل شكري سرحان بعد مرور 27 عاماً على رحيله.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من الفيلم صوّرته الحاج في أثناء «ثورة أكتوبر» (ميريام الحاج)

«متل قصص الحب»... رحلة سينمائية استغرقت 7 سنوات

بعد فيلمها الوثائقي الأول «هدنة» تقدّم اليوم المخرجة ميريام الحاج ثاني أعمالها السينمائية الطويلة «متل قصص الحب».

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق لوحات المعرض يستعيد بها الفنان رضا خليل ذكريات صباه (الشرق الأوسط)

«سينما ترسو»... يستعيد ملامح أفلام المُهمشين والبسطاء

معرض «سينما ترسو» يتضمن أفكاراً عدّة مستوحاة من سينما المهمشين والبسطاء تستدعي الذكريات والبهجة

محمد عجم (القاهرة )

معرض «نسيج الشتاء»... تحيكه أنامل دافئة تعانق الشاعرية

الفنان أحمد مناويشي ولوحاته (إنستغرام «آرت ديستريكت»)
الفنان أحمد مناويشي ولوحاته (إنستغرام «آرت ديستريكت»)
TT

معرض «نسيج الشتاء»... تحيكه أنامل دافئة تعانق الشاعرية

الفنان أحمد مناويشي ولوحاته (إنستغرام «آرت ديستريكت»)
الفنان أحمد مناويشي ولوحاته (إنستغرام «آرت ديستريكت»)

يتمتع فصل الشتاء في لبنان بخصوصية تميّزه عن غيره من المواسم. فهي تنبع من مشهدية طبيعة مغطاة بالثلوج على الجبال، ومن بيوت متراصة في المدينة مضاءة بجلسات عائلية دافئة. موسم ينتظره اللبنانيون موعداً سنوياً ينظمون فيه جلسات محورها «الكنكن»، أي ما يرمز إلى البقاء في المنازل، فيجتمعون ضمن حلقات سمر وسهر يمضون الليالي الملاح.

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

ويأتي معرض «نسيج الشتاء» في غاليري «آرت ديستريكت» في منطقة الجميزة وليد هذه الأجواء. يقول ماهر العطار صاحب الغاليري وأحد المشاركين في المعرض: «استوحيت اسم المعرض من زمن الشتوية في لبنان، وليرتكز على موضوعات نابعة من هذا الموسم. ولكن وبُعيد انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون شعرت بالتفاؤل كما معظم اللبنانيين، فقررت تلوينه بلوحات تشكيلية زاهية تبعث على الأمل».

يتألّف المعرض من مجموعة منحوتات لسابين كرم وساندرا بطرس، وكذلك من صور فوتوغرافية ضخمة موقعة من قبل ميشال صوفيا وخضر شرّي ودانييل عبد الساتر وماهر العطار، وتتوزع على حيطانه لوحات تشكيلية للوسي بوشوغليان وأحمد مناويشي. جميعها تأخذ ناظرها إلى رحلة شتوية تُشرق فيها الشمس بين فينة وأخرى.

«طيور السلام» لسابين كرم تتوجها لوحات ماهر العطار (الشرق الأوسط)

فـ«طيور السلام» للنحاتة سابين كرم المصنوعة من البرونز والريزين تحلّق حولك ملونة ويطغى عليها الأبيض. فيما منحوتات الفنانة السورية ساندرا بطرس تعبق بفنون الحياة. وقد حفرت هذه الكلمة (الحياة) محبوكة بفن النحت على الرخام.

وفي مجموعة الصور الفوتوغرافية، تستوقفك تقنيات مختلفة. فدانييل عبد الساتر يغطس في مياه البحر الدافئة كي تولد من كاميرته ملامح امرأة في وجوه ثلاثة، متبعاً فن التصوير الديجيتال، حيث تصطف لوحاته الثلاث جنباً إلى جنب كي تتأمل تطورها. وتدرك في هذه السلسلة القصيرة عند وضوح الصورة، بأن المرأة عنوانها.

دانييل عبد الساتر وصور بتقنية الـ«ديجيتال» (الشرق الأوسط)

أما ماهر العطّار فتتأرجح صوره بين عالم التصوير الصحافي وطبيعة لبنان مستخدماً تقنية الـ«لوموغرامي». صاحب تجارب عالمية في التقارير المصورة الصحافية تلمس حرفيته في التقاط اللحظة. وتبرز في أعماله لعبة الأبيض والأسود المشبعة بفنون الشجن والسكون. وفي لوحته «معبد الشجر» يأخذك في رحلة إلى إحدى المناطق (فقرا) كي تكتشف أسرار سحر طبيعة لبنان. وفي لوحة «مطاردة الملاك» يخيّل إليك أنك وسط صحراء تحيط بها الهضاب الرملية، وتفاجأ بأنها صورة التقطها لـ«سد شبروح» في منطقة كسروان.

أما خضر شرّي المقيم في كاليفورنيا فمحور صوره لعبة الضوء. نرى أن لوحاته «الحرية» و«الأبدية» مصدر نورٍ قوي مرات ومخبأ العتمة مرات أخرى. تنقل كاميرته الفوتوغرافية مناظر مختلفة، بينها ما يتعلق ببحر وشواطئ كاليفورنيا.

لوحتان لأحمد مناويشي من معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

يؤكد ماهر العطار في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن هدف تأسيسه «آرت ديستريكت» هو إعادة الصورة الفوتوغرافية إلى الواجهة. «لقد تبدّلت مقاييس جمالية هذا الفن اليوم، وصارت عملية يستهلها بعضهم من خلال التقاطهم الصور بجهازهم الجوَّال. هناك جهل مع الأسف في موضوع الصورة. فالمجهود التقني ما عاد رائجاً لتقديم هذا الفن على المستوى المطلوب. ولذلك أعود في هذا الغاليري لأضع مقاييسه الأساسية على الخط المستقيم. وهناك لبنانيون كُثر يشتاقون لرؤية الصورة الفوتوغرافية الأصيلة، والمشغولة بجهد ومن زوايا مختلفة».

صور ميشال صوفيا ترتكز على لعبة الضوء (الشرق الأوسط)

في مجموعة صور ميشال صوفيا نبحر في فن التصوير الفوتوغرافي التأملي.

يدخلنا إلى أرض أفريقيا التي حضنت نيلسون مانديلا من خلال نصب نظارات عملاقة، يستخدمها في مشهد ثُلاثيّ الأبعاد لنقل نظرة مستقبلية، وكذلك إلى مدينة نيس الفرنسية لاكتشاف خصائصها بعينه الثاقبة. فهو طبيب نفسي معالج ويهوى في الوقت نفسه التصوير الفوتوغرافي، وتتّسم أعماله بنفحة من الراحة النفسية.

مجموعة لوحات تشكيلية يتضمنها معرض «نسيج الشتاء» (الشرق الأوسط)

وبريشة لوسي بوشوغليان الزيتية يتفجّر الفرح بمشهدية ملونة. وتتشابك فيها أشكال هندسية مع أفكارها الثائرة، فتؤلف خلطة فنٍ تشكيليٍ بدوائرَ وشخبطات وملامحَ مبهمة.

لوحتان للمصري أحمد مناويشي تتقابلان بين مدخل الغاليري وبوابة الخروج، حيث تمضي رحلة قصيرة مع عمليه المعروضين، وهي جزء من معرضه الأخير «المجهول».