«الفئران الأبطال»... كيف ساعدت الهامستر بتطهير حقول الألغام في أنغولا؟

أكثر من 88 ألف شخص أصيبوا جراء انفجارات «الحرب الأهلية»

«الفئران الأبطال»... كيف ساعدت الهامستر بتطهير حقول الألغام في أنغولا؟
TT

«الفئران الأبطال»... كيف ساعدت الهامستر بتطهير حقول الألغام في أنغولا؟

«الفئران الأبطال»... كيف ساعدت الهامستر بتطهير حقول الألغام في أنغولا؟

استعانت منظمة «أبوبو» البلجيكية بـ12 من فئران الهامستر العملاقة، لإزالة الألغام من مقاطعة كوانزا سول في أنغولا، والتي جرى زرعها أثناء الحرب الأهلية التي اندلعت في البلاد على مدى 27 عاماً.

ورغم أن فئران الهامستر تلك لا تتمتع بحِدة البصر، فإن حاسة الشم لديها قوية جداً.

وأثناء عمل تلك الفئران لاكتشاف أماكن الألغام الأرضية المدفونة، يجري تثبيت جهاز صغير في أجسامها بحزام قصير، متصل بحبل طويل يساعد خبراء إبطال مفعول المتفجرات على التواصل معها.

ويقف رجل متخصص في التعامل مع الحيوان، وهو يرتدي ملابس ومُعدات الحماية من الألغام، عند نهاية كل طرف من الحبل؛ لأن الفئران تمر عبر منطقة قد تكون الألغام الأرضية مدفونة فيها.

وفجأةً يعثر الفأر على شيء، فيتوقف ويتشمم الأرض بعمق ويحفر في التراب قليلاً، هذه هي العلامة على أنه اكتشف وجود لغم، وفقاً لما يشرحه راؤول ليديو، الشريك البشري لعمل الفأر، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وتُوضع علامات مرقَّمة على حافة الحقل لتحديد موضع المتفجرات، والآن أصبح خبراء المفرقعات من البشر يعلمون بدقة المكان الذي يتعين عليهم إبطال مفعول اللغم فيه.

وجرى إطلاق لقب «الفئران الأبطال» على هذه القوارض؛ لأنها تعمل على إنقاذ الأرواح بعد انتهاء الحرب في أنجولا، التي تُعد من الدول التي تشهد أعلى معدلات ضحايا انفجار الألغام الأرضية على مستوى العالم.

ومنذ بداية الحرب الأهلية في عام 1975، وانتهائها في 2002، جرى الإبلاغ عن حدوث إصابات لأكثر من 88 ألف شخص؛ من جراء انفجارات الألغام الأرضية في هذه الدولة الكائنة بالجنوب الأفريقي، ويبلغ تعداد سكانها 36 مليون نسمة، ومع ذلك تشير بيانات «المرصد الدولي للألغام الأرضية» إلى أن العدد الحقيقي قد يتجاوز هذا الرقم بكثير.

وبينما يحتاج خبير في إبطال مفعول الألغام الأرضية، المزود بجهاز معدني للكشف عنها، إلى يومين لتطهير مساحة 200 متر مربع، وهو معرَّض لأن يفقد حياته، يؤدي الفأر المهمة نفسها في غضون ساعتين فقط.

وهذه الفئران المدرَّبة لا تتميز بالسرعة فحسب، ولكنها أيضاً خفيفة الوزن جداً، حيث تزن كيلوغرامين على أقصى تقدير، وهو وزن من الخفة بحيث لا يؤدي إلى تفجير لغم أرضي، كما يوضح شايبو هاميسي الخبير في تدريب الفئران بمنظمة «أبوبو». ويقول إنه حتى الكلب المدرَّب على رصد الأشياء عن طريق الشم، لا يكون خفيفاً بالدرجة التي تسمح للخبراء باستخدامه في اكتشاف مواقع الألغام.

ولا تستخدم فئران منظمة أبوبو في أنجولا وحدها، فهي تساعد أيضاً على إزالة الألغام من الدول التي تعاني وجود حقول ألغام أرضية فيها، ومن بينها كمبوديا وفيتنام وتايلاند ولاوس وزيمبابوي.



بازار إسطنبول الكبير... التقليد يطيح بالتقاليد والمزوَّر ينهش الأصلي

مختلف موديلات الحقائب موجودة هنا (أ.ف.ب)
مختلف موديلات الحقائب موجودة هنا (أ.ف.ب)
TT

بازار إسطنبول الكبير... التقليد يطيح بالتقاليد والمزوَّر ينهش الأصلي

مختلف موديلات الحقائب موجودة هنا (أ.ف.ب)
مختلف موديلات الحقائب موجودة هنا (أ.ف.ب)

يختزل البازار الكبير في إسطنبول - أحد أكبر الأسواق المغطّاة في العالم - بوصفه مَعْلماً أثرياً بارزاً، تاريخاً عمره قرون، ويجسّد صفحات من مآثر السلطنة العثمانية. لكنّ مَن يعبُر عتبة أبوابه الضخمة يكتشف تغيُّر المشهد داخل أقبيته؛ فالتقليد أطاح بالتقاليد، وحلّت المنتجات المزوَّرة مكان أعمال الحِرفيين.

مَن يعبر عتبة أبوابه الضخمة يكتشف تغيُّر المشهد (أ.ف.ب)

وروت «وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه في زاوية أحد الأقبية، يعرض مراهقٌ عطور «ديور» زائفة، بنحو 11 دولاراً، أمام سترات «مونكلر» غير أصلية، وفي ممرّ أبعد يتلقّى تاجر 40 دولاراً من أحد السائحين مقابل حقيبة «مايكل كورس» مزوّرة.

في هذا السياق، يقول كمال (36 عاماً)، وقد قضى 20 سنة من عمره في البازار الكبير الذي يقصده ملايين السياح سنوياً: «كل أوروبا تأتي إلى هنا! حتى زوجات لاعبي كرة القدم!». ويضيف البائع، المتردِّد في ذِكْر شهرته خوفاً من الرقابة، إنَّ حقائب اليد الزائفة المصنوعة من جلد العجل، الخاصة بماركة «سيلين»، أو من الجلد المبطَّن لدار «سان لوران»، «تتمتّع بجودة النسخ الأصلية عينها، لكنها أرخص بـ5 إلى 10 مرات».

حلّت المنتجات المزوّرة مكان أعمال الحِرفيين (أ.ف.ب)

وكان كمال اختبر أصلاً سلعاً مقلَّدة مصنوعة في تركيا قبل 15 عاماً، قبل أن تجتاح المنتجات المُقلّدة للسلع الفاخرة متاجر البازار. يقول: «باتت مختلف موديلات الحقائب موجودة هنا، فإذا كانت معروضة في متاجر الشانزليزيه ستكون موجودة هنا».

ويشعر قدامى التجّار في السوق، الذين يحتفظون بذكرى الحِرف الصغيرة التي انتشرت في أقبية البازار، باليأس من رؤية اجتياح المنتجات الزائفة.

وبات المتجر الأنيق للسجاد، المملوك لنائب رئيس جمعية تجّار البازار والعضو في مجلس إدارتها، هاشم غوريلي، مُحاطاً بتلك المنتجات. يقول الرجل الخمسيني: «في الماضي، نَدَر التقليد، وعندما كان البعض يبيعون حقائب زائفة، كانوا يُقدِمون على ذلك سرّاً؛ خوفاً من الدولة».

ويرى غازي أولوداغ، الذي يبيع أطقم شاي على بُعد ممرّين، أنّ «البازار خسر طابعه الفريد، فلم يَعُد يضم سوى منتجات مستوردة أو زائفة، والوضع يزداد سوءاً كل عام».

يشعر قُدامى التجّار باليأس من رؤية اجتياح الزائف (أ.ف.ب)

وفي متجرها للسجاد الحِرفي، تأسف فلورنس هايلبرون أوغوتغن؛ لأنّ صديقتها العاملة في تصنيع الجلود، و«كانت تصنّع حقائب أصلية من الجلد الجميل جداً»، اضطرت إلى إقفال متجرها؛ لعجزها عن كسب لقمة عيشها منه. وتقول التاجرة العاملة في البازار منذ عام 1998: «باتت أجمل المتاجر تلك التي تعرض منتجات مقلّدة! فأصحابها الوحيدون القادرون على دفع إيجارات تتراوح بين 10 و15 ألف دولار شهرياً في الزقاق الرئيسي، هم يحتكرون كل المداخيل».

وتؤكد أنَّ «مَن يصنعون منتجات حِرفية لا يستطيعون مجاراة السوق، فالبازار يخسر روحيّته»، مُعربةً عن قلقها من أنَّ «بعض الزبائن من النوع الراقي أحجموا عن التبضّع منه؛ لأنهم لا يريدون رؤية المنتجات المقلَّدة فقط».

والتزييف المنتشر في مختلف أنحاء تركيا، إحدى الدول الرئيسية لإنتاج المنتجات المقلَّدة وعبورها، بعد الصين وهونغ كونغ، يحمل مكاسب غير متوقَّعة، ينتهي جزء منها في جيوب الدولة، على شكل ضرائب خصوصاً.

أما المبالغ المتبقّية، فتغذّي الاقتصاد بأكمله، من صغار الموزّعين، إلى تجّار الجملة الذين يُصدِّرون إلى الاتحاد الأوروبي أيضاً.

وتقول المُحاضِرة في علم الجريمة لدى «جامعة باث» في إنجلترا ديلارا بورال: «الأرباح هائلة؛ إذ تُباع حقائب يد بآلاف الدولارات في البازار الكبير»، مؤكدةً أنّ الجماعات الإجرامية قد تكون نشطة، «لكن لا يمكننا القول إنَّ كل عمليات التزوير في تركيا مرتبطة بالجريمة المنظَّمة. هذا غير صحيح».

وتضيف أنّ هذه التجارة تُسهَّل من خلال «التسامح الثقافي الكبير» الذي «يمتدّ في بعض الحالات إلى مَن يُفترَض بهم تنفيذ القوانين، وعناصر الشرطة والقضاة».

البازار الكبير يقصده ملايين السياح سنوياً (أ.ف.ب)

وتحاول شركات المحاماة التركية، المفوَّضة من الشركات الكبرى المتخصِّصة بالسلع الفاخرة، وَقْف هذه الأعمال المُربِحة، لكنّ عمليات البيع في البازار الكبير مسألة صعبة جداً بالنسبة إليها.

تقول سينا ياسار أوغلو، المحامية في مكتب «مور أوغلو أرسيفين» للمحاماة في إسطنبول، الذي يضمّ 20 محامياً متخصّصين في قضايا الملكية الفكرية، إنّ «المشكلة تكمن في إلزامية الحصول على إذن تفتيش لكل متجر، وثمة آلاف المتاجر في البازار؛ لذا نحتاج إلى آلاف أذون التفتيش».

لكنّ ناطقاً باسم مجلس إدارة البازار الكبير يؤكد أنَّ «شرطة إسطنبول تنفّذ عمليات تفتيش متكرّرة».

وأمام متجره الصغير البالغة مساحته 2.5 متر مربع، الذي يدفع 1000 دولار شهرياً ليستأجره، يقول مراد إنه يفكر يومياً في عمليات الرقابة، ففي عام 2018، حضر عناصر الشرطة إلى متجره وصادروا 800 حقيبة زائفة، وفُرِضَت عليه غرامات مقدارها 40 ألف يورو، بالإضافة إلى دفعه أتعاب المحامين.

لكنّ التاجر (27 عاماً) المتحدّر من أورفة (جنوب شرق)، استأنف عمله. يقول: «ليس لدي خيار، وإلا ماذا أفعل؟ أعود إلى القرية لأكون راعياً؟ لا أرغب في ذلك».