روان حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: موضوع «يا ولاد الأبالسة» شائك ويحاكي الإنسانية

تتناول المخرجة اللبنانية في المسرحية التمييز بين المرأة والرجل

ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)
ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)
TT

روان حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: موضوع «يا ولاد الأبالسة» شائك ويحاكي الإنسانية

ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)
ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)

منذ لحظة قراءتك لعنوان مسرحية روان حلاوي الجديدة تستشف النقمة؛ أطلقت عليها اسم «يا ولاد الأبالسة» لتعبّر عن مشاعر الملامة لواقع يعيشه الرجل والمرأة. فمَن وزّع الأدوار لتكون على هذا النحو بينهما؟ ولماذا لا تكون الإنسانية هي العنوان العريض لهما؟ فتجمع بدل أن تفرّق، وتؤلف مجتمعاً متوازناً. توضّح حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: «أردته عنواناً يهزّنا ويدفعنا إلى التصرّف بدل التلهي بالكلام فقط. فقد آن الأوان أن نفعل بدل التفرج على مشهد يطالعنا يومياً».

للوهلة الأولى وبعد شروحات روان حلاوي، قد يخيّل للبعض أن المسرحية ترتكز على فلسفة اجتماعية. ولكنها تؤكد: «إنها مسرحية اجتماعية ساخرة، وليست من نوع الكوميديا. اتبعت فيها النصّ البسيط ليستطيع الحضور التفاعل معها من دون أي صعوبة تذكر».

تحكي المسرحية قصص 4 رجال يمثلون نماذج مختلفة في مجتمعنا. لم تقارب في كتابتها موضوعات محرّمة (تابوات)، وتعدّها تحاكي الإنسانية لدى الطرفين. وتتساءل: «أنا مع حقوق المرأة، ولكنني لا أعرف في الحقيقة، لماذا لا نزال نطالب بها؟ ولا أعلم لماذا نحتفل بيومها العالمي؟ لقد آن الأوان أن نلفت انتباه مجتمعاتنا إلى واقع التمييز السائد بين أدوار المرأة والرجل».

بعنوان المسرحية رغبت روان حلاوي لفت نظر الناس (روان حلاوي)

تبدأ عروض المسرحية في 24 يوليو (تموز) الحالي على خشبة «مسرح المدينة»، ويلعب بطولتها الممثلون علي منيمنة، وطارق تميم، وربيع الزهر، وسليم الأعور. كما تطل حلاوي شخصياً فيها بدور صغير.

الموضوع قد يكون سبق وجرى تناوله على المسرح، ولكنها تعالجه بأسلوب مختلف لا يشبه مسرحيات أخرى. حدث محوري يتخلّل قصة العمل ومنه تنطلق خيوط المسرحية. لماذا اختارت هذه الأسماء من الممثلين لتشاركها العمل، ترد لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تناقشنا وتحاورنا كثيراً. فهم زملائي وأصدقائي في الوقت نفسه، وأعدّهم أصحاب شخصيات تناسب الأدوار التي يلعبونها. وتعمّدت أن يكونوا بأعمار متشابهة. هذه الكيمياء الحاضرة بينهم تبرز بشكل واضح في أدائهم، وتعزز رسالة العمل».

ليس من السهل إيصال الفكرة للناس. فما الصعوبات التي واجهتها لترجمتها على المسرح؟ تقول: «استغرق تأليف المسرحية وكتابتها وقتاً طويلاً. رغبت في أن تترك أثرها في الناس، فتُحدث نقاشاً بينهم. لقد نقلت طرحاً جديداً. سألت وبحثت واستفزتني مواقف كثيرة استثمرتها في كتابتي».

البطولة ذكورية بامتياز، فهل في عملها هذا تدافع عن المرأة أو تنتقد الرجل؟ توضح: «في رأيي المرأة كما الرجل، هما ضحيتا مجتمع مركّب تحكمه سلطة معينة. يتراءى لي أن هناك لعبة تحاك على الإنسان منذ زمن طويل، لنصل إلى هذه المعضلة. وزّعوا علينا الأدوار وأنجزوا الصفقات للوصول إلى ما نحن عليه. أما المستفيدون الرئيسيون من هذا الوضع فهم الرأسماليون».

«يا ولاد الأبالسة» تنطلق عروضها في 24 يوليو على مسرح المدينة (روان حلاوي)

«علينا بالتغيير» تقول روان، ومن هنا تبدأ حكايتها مع هذه المسرحية. «كان لا بدّ أن نبدأ من مكان ما للتخلص من التمييز بين المرأة والرجل ووضع حد له. ومَن سيحضر العمل يستوعب الفكرة التي أعالجها. أدرك أن هذه المعضلة لا تقتصر على بلادنا العربية. إنها متفشية بشكل كبير في أهم الدول الأجنبية، وفي مقدمها أميركا. ولذلك أفكر في ترجمة النص إلى الإنجليزية، لأتنقل بها على مسارح العالم. كل ما كتبته يحمل الحياد ويحكي بلسان الرجل. لا أضع اللوم على هذا الإنسان أو ذاك. كما أننا لا نعرف مَن الذي بدأ في ممارسة التمييز بين الاثنين على مرّ الزمن. ولكن ما نعرفه جميعاً، هو أن الرجل لديه الضوء الأخضر للتحكم بكل شيء».

على نحو 80 دقيقة ستدور مسرحية «يا ولاد الأبالسة». وتتضمن كل العناصر الفنية المسرحية من موسيقى ومؤثرات صوتية وبصرية وديكورات. ويروي الممثلون الأربعة كلٌ منهم قصته على طريقته. «جميعهم يؤلفون وجوهاً لعملة واحدة. لست ناقمة عليهم لأني أعدّهم ضحايا تماماً كما النساء».

التمييز الذي تتناوله روان حلاوي في المسرحية لا ينبع من العنصرية. فهي تحاول رفع الصوت عالياً حول حالة تقسيم الأدوار في المجتمع. هناك صفات محددة وأفعال تُمارَس على المرأة كما على الرجل، وتتابع: «حان الوقت أن نحكي عمّا يجمعنا وليس العكس».

وتختم روان حلاوي واصفة العمل بأنه يدور بين الواقعية والملحمية. «أردته كذلك لأكسر الحواجز بيني وبين جمهور المسرح. أريده أن يتفاعل مع الموضوع فيفكر ويحلّل على أمل إحراز التغيير».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تجدَّدت الغارات الإسرائيلية، صباح الجمعة، على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجَّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 3 مواقع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رجال إنقاذ وسكان يتجمعون حول أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية على قرية يونين بسهل البقاع شرق لبنان في 21 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل 47 في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

قال مسؤول لبناني إن 47 شخصاً على الأقل، قُتلوا في غارات إسرائيلية على شرق لبنان، اليوم الخميس، لتُواصل إسرائيل بذلك حملة على جماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المبعوث الأميركي آموس هوكستين ملتقياً رئيس حزب «القوات» سمير جعجع (القوات اللبنانية)

لقاءات هوكستين وقيادات لبنانية... محاولة لتأمين موقف عام مؤيد لمفاوضات الحل

رأى بعض الأفرقاء في لقاءات المبعوث الأميركي آموس هوكستين مع القيادات اللبنانية أنها محاولة لتأمين موقف لبناني عام مؤيد لمفاوضات الحل.

كارولين عاكوم
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يضع إكليلاً من الزهر على نصب شهداء الجيش في وزارة الدفاع الوطني (قيادة الجيش)

ميقاتي يشدد على استعداد الجيش للانتشار على الحدود

أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن اللبنانيين مصرّون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم؛ لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة والوحدة الوطنية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يضع إكليلاً من الزهور على نصب شهداء الجيش بحضور وزير الدفاع الوطني موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون (قيادة الجيش)

خلافات أهل السلطة تحرم اللبنانيين لسنوات بهجة عيد الاستقلال

تحلّ الذكرى الـ81 لاستقلال لبنان، على وقع حربٍ إسرائيلية تدميرية أفقدت المناسبة الوطنية الجامعة رمزيتها، وغيّبت معها الاحتفال المركزي الذي تقيمه الدولة سنوياً.

يوسف دياب (بيروت)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
TT

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

حظي مسلسل «رقم سري»، الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق، بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي، وسط إشادة بسرعة إيقاع العمل وتصاعد الأحداث رغم حلقاته الثلاثين.

ويُعرض المسلسل حالياً عبر قناتي «dmc» و«dmc drama» المصريتين، إلى جانب منصة «Watch IT» من السبت إلى الأربعاء من كل أسبوع، وهو من إخراج محمود عبد التواب، وتأليف محمد سليمان عبد الملك، وبطولة ياسمين رئيس، وصدقي صخر، وعمرو وهبة، وأحمد الرافعي.

ويعد «رقم سري» بمنزلة الجزء الثاني من مسلسل «صوت وصورة» الذي عُرض العام الماضي بطولة حنان مطاوع، للمخرج والمؤلف نفسيهما. وينسج الجزء الجديد على منوال الجزء الأول نفسه من حيث كشف الوجه الآخر «المخيف» للتكنولوجيا، لا سيما تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن أن تورط الأبرياء في جرائم تبدو مكتملة الأركان.

السيناريو تميز بسرعة الإيقاع (الشركة المنتجة)

وتقوم الحبكة الأساسية للجزء الجديد على قصة موظفة بأحد البنوك تتسم بالذكاء والطموح والجمال على نحو يثير حقد زميلاتها، لا سيما حين تصل إلى منصب نائب رئيس البنك. تجد تلك الموظفة نفسها فجأة ومن دون مقدمات في مأزق لم يكن بالحسبان حين توكل إليها مهمة تحويل مبلغ من حساب فنان شهير إلى حساب آخر.

ويتعرض «السيستم» بالبنك إلى عطل طارئ فيوقّع الفنان للموظفة في المكان المخصص بأوراق التحويل وينصرف تاركاً إياها لتكمل بقية الإجراءات لاحقاً. يُفاجَأ الجميع فيما بعد أنه تم تحويل مبلغ يقدر بمليون دولار من حساب الفنان، وهو أكبر بكثير مما وقع عليه وأراد تحويله، لتجد الموظفة نفسها عالقة في خضم عملية احتيال معقدة وغير مسبوقة.

وعَدّ الناقد الفني والأستاذ بأكاديمية الفنون د. خالد عاشور السيناريو أحد الأسباب الرئيسية وراء تميز العمل «حيث جاء البناءان الدرامي والتصاعدي غاية في الإيجاز الخاطف دون اللجوء إلى الإطالة غير المبررة أو الثرثرة الفارغة، فما يقال في كلمة لا يقال في صفحة».

بطولة نسائية لافتة لياسمين رئيس (الشركة المنتجة)

وقال عاشور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المخرج محمود عبد التواب نجح في أن ينفخ الروح في السيناريو من خلال كاميرا رشيقة تجعل المشاهد مشدوداً للأحداث دون ملل أو تشتت، كما أن مقدمة كل حلقة جاءت بمثابة جرعة تشويقية تمزج بين ما مضى من أحداث وما هو قادم منها في بناء دائري رائع».

وأشادت تعليقات على منصات التواصل بالمسلسل باعتباره «تتويجاً لظاهرة متنامية في الدراما المصرية مؤخراً وهي البطولات النسائية التي كان آخرها مسلسل (برغم القانون) لإيمان العاصي، و(لحظة غضب) لصبا مبارك؛ وقد سبق (رقم سري) العديد من الأعمال اللافتة في هذا السياق مثل (نعمة الأفوكاتو) لمي عمر، و(فراولة) لنيللي كريم، و(صيد العقارب) لغادة عبد الرازق، و(بـ100 راجل) لسمية الخشاب».

إشادة بتجسيد صدقي صخر لشخصية المحامي (الشركة المنتجة)

وهو ما يعلق عليه عاشور، قائلاً: «ياسمين رئيس قدمت بطولة نسائية لافتة بالفعل، لكن البطولة في العمل لم تكن مطلقة لها أو فردية، بل جماعية وتشهد مساحة جيدة من التأثير لعدد من الممثلين الذين لعبوا أدوارهم بفهم ونضج»، موضحاً أن «الفنان صدقي صخر أبدع في دور المحامي (لطفي عبود)، وهو ما تكرر مع الفنانة نادين في شخصية (ندى عشماوي)، وكذلك محمد عبده في دور موظف البنك».