مصر تعوّل على «الرحلات المباشرة» لتنشيط السياحة

تسيير خط جديد بين شرم الشيخ ومدريد

مصر تسعى لزيادة أعداد السائحين الأجانب عبر «الرحلات المباشرة» (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مصر تسعى لزيادة أعداد السائحين الأجانب عبر «الرحلات المباشرة» (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تعوّل على «الرحلات المباشرة» لتنشيط السياحة

مصر تسعى لزيادة أعداد السائحين الأجانب عبر «الرحلات المباشرة» (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مصر تسعى لزيادة أعداد السائحين الأجانب عبر «الرحلات المباشرة» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بهدف «تنشيط حركة السياحة»، أعلنت وزارتا السياحة والآثار والطيران المدني المصريتان تسيير خط طيران مباشر جديد بين العاصمة الإسبانية مدريد، ومدينة شرم الشيخ المصرية الواقعة على ساحل البحر الأحمر، معوِّلتين على «رحلات الشارتر»؛ لزيادة عدد الزيارات السياحية.

واستقبل مطار شرم الشيخ الدولي، مساء السبت، أولى الرحلات الجوية المباشرة لشركة «إير كايرو»، والقادمة من مدريد، وكان على متنها 156 سائحاً إسبانياً وعدد من الصحافيين والكُتاب السياحيين، وفق إفادة رسمية مشتركة من وزارتي السياحة والآثار، والطيران المدني.

وعدّت الوزارتان «الرحلات المباشرة خطوة مهمة لدعم جهود الدولة في تنمية الحركة السياحية والجوية القادمة من المدن الأوروبية إلى المقاصد السياحية المصرية».

ورغبة في «تقديم صورة جاذبة للسياح»، استقبلت الطائرة بتقليد «رش المياه»، الذي بات متعارفاً عليه أخيراً في المطارات المصرية عند استقبال أفواج سياحية من مناطق جديدة، أو عند افتتاح خطوط طيران جديدة، مع توزيع الورود والهدايا التذكارية على السياح، إضافة إلى مواد دعائية عن المقوّمات السياحية المتنوعة التي يتمتع بها المقصد السياحي المصري، ولا سيما المدن السياحية بمحافظة جنوب سيناء.

سائحون إسبان لدى وصولهم إلى مطار شرم الشيخ الدولي (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأشارت وزارة السياحة والآثار إلى «تقديم كل التسهيلات اللازمة للركاب، لإنهاء إجراءات وصولهم بكل سهولة ويسر، في إطار التعاون الفعال والتنسيق الدائم بين وزارتي الطيران المدني والسياحة والآثار لجذب مزيد من الحركة السياحية الوافدة إلى مصر، وتقديم أفضل تجربة للسائحين الإسبان».

ويؤكد الخبير السياحي المصري محمد كارم «أهمية تسيير رحلات شارتر بوصفها وسيلة لتنشيط الحركة السياحية»، موضحاً، في حديثه، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك نوعين من رحلات الطائرات؛ رحلات منتظمة أساسية تتم في مواعيد محددة، وأخرى رحلات شارتر منخفضة التكلفة تتم بين وجهات معنية ولفترات محددة»، مشيراً إلى أن «رحلات الشارتر ستسهم في استقطاب عدد كبير من السياح الأوروبيين وجذبهم لمصر؛ كونها رحلات منخفضة التكلفة».

وأوضح أن «الفترة الماضية شهدت تسيير رحلات شارتر بين عواصم عدة ومطارات مرسى علم، والغردقة، وشرم الشيخ، وسفنكس».

رش الطائرة بالمياه لدى وصولها إلى شرم الشيخ (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ومن المقرر أن يستمر تسيير الرحلات الجوية المباشرة لشركة «إير كايرو» بين مدينتي مدريد وشرم الشيخ حتى شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بواقع رحلة أسبوعية، مع إمكانية زيادة عدد الرحلات وفقاً لسياسة العرض والطلب، طبقاً لوزارة السياحة المصرية.

وشهدت السنوات الأخيرة حديثاً متكرراً من المسؤولين المصريين عن «عزمهم زيادة عدد رحلات الطيران منخفضة التكلفة؛ بهدف تنشيط حركة السياحة»، حيث تستهدف مصر الوصول بعدد السياح الوافدين إليها إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028.

وأكد كارم أن «مصر قادرة على تحقيق مستهدفاتها السياحية، خلال العام الحالي أو العام المقبل، والوصول إلى 30 مليون سائح في العام»، مشيراً إلى أن «هناك اهتماماً بالمقصد السياحي المصري، ولا سيما مع قرب افتتاح مشاريع أثرية مهمة مثل المتحف المصري الكبير، وزيادة الطاقة الفندقية والاستثمارات في القطاع السياحي»، متوقعاً «حدوث انتعاشة في سوق السياحة، خلال الفترة المقبلة».

استقبال السائحين الإسبان بالورود (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان البنك المركزي المصري قد أعلن، الأسبوع الماضي، ارتفاع إيرادات قطاع السياحة بنسبة 5.3 في المائة، خلال الـ9 أشهر الأولى من العام المالي 2023 / 2024 لتصل إلى 10.9 مليار دولار، مقارنة بـ10.3 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي السابق.

واستقبلت مصر عام 2023 نحو 14.9 مليون سائح، بزيادة 27 في المائة عن عام 2022، وفق بيان لمجلس الوزراء المصري بداية العام الحالي.


مقالات ذات صلة

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

سفر وسياحة قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات وفاقت شهرتها حدود البلاد

محمد عجم (القاهرة)
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق قرية غرب سهيل تجتذب الكثير من المصريين والأجانب (وزارة السياحة والآثار المصرية)

قريتان مصريتان ضمن قائمة الأفضل سياحياً

انضمت قريتان مصريتان لقائمة أفضل القرى الريفية السياحية لعام 2024.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
TT

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

قد ينشغل اللبنانيون في زمن الحرب بأخبارها وأحوال النازحين وكيفية تأمين حاجاتهم. لكنّ قلةً منهم فكّرت بجزء من المجتمع اللبناني؛ هم الأشخاص الصمّ. فهؤلاء يفتقدون القدرة على السمع وسط حرب شرسة. لا أصوات القذائف والصواريخ، ولا الانفجارات والمسيّرات. ولا يدركون إعلانات التحذير المسبقة لمنطقة ستتعرّض للقصف. وقد تكمُن خطورة أوضاعهم في إهمال الدولة الكبير لهم. فهي، كما مراكز رسمية ومستشفيات ووسائل إعلام، لا تعيرهم الاهتمام الكافي. فتغيب لغة الإشارة التي يفهمونها، ليصبح تواصلهم مع العالم الخارجي صعباً.

من هذا المنطلق، ولدت مبادرة «مساعدة الصمّ»، فتولاها فريق من اللبنانيين على رأسهم نائلة الحارس المولودة من أب وأم يعانيان المشكلة عينها. درست لغة الإشارة وتعاملت من خلالها معهما منذ الصغر؛ الأمر الذي دفع بأصدقائها الصمّ، ملاك أرناؤوط، وهشام سلمان، وعبد الله الحكيم، للجوء إليها. معاً، نظّموا مبادرة هدفها الاعتناء بهؤلاء الأشخاص، وتقديم المساعدات المطلوبة لتجاوز المرحلة.

بلغة الإشارة يحدُث التفاهم مع الأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

تقول نائلة الحارس لـ«الشرق الأوسط» إنّ القصة بدأت مع صديقتها ملاك بعد نزوح أهلها الصمّ إلى منزلها في بيروت هرباً من القصف في بلدتهم الجنوبية، فتوسّعت، من خلالهم، دائرة الاهتمام بأصدقائهم وجيرانهم. وعندما وجدت ملاك أنّ الأمر بات يستدعي فريقاً لإنجاز المهمّات، أطلقت مع هشام وعبد الله المبادرة: «اتصلوا بي لأكون جسر تواصل مع الجمعيات المهتمّة بتقديم المساعدات. هكذا كبُرت المبادرة ليصبح عدد النازحين الصمّ الذين نهتم بهم نحو 600 شخص».

لا تواصل بين الصمّ والعالم الخارجي. فهم لا يستطيعون سماع أخبار الحرب عبر وسائل الإعلام، ولا يملكون «لاب توب» ولا أدوات تكنولوجية تخوّلهم الاطّلاع عليها لحماية أنفسهم. كما أنّ لا دورات تعليمية تُنظَّم من أجلهم ليتمكّنوا من ذلك.

كي تلبّي نائلة الحارس رغبات الصمّ وتجد فرصاً لمساعدتهم، كان عليها التفكير بحلّ سريع: «لأنني أدرس لغة الإشارة والترجمة، دعوتُ من خلال منشور على حسابي الإلكتروني متطوّعين لهذه المهمّات. عدد من طلابي تجاوب، واستطعتُ معهم الانكباب على هذه القضية على أرض الواقع».

معظم الصمّ الذين تعتني بهم المبادرة في البيوت. بعضهم يلازم منزله أو يحلّ ضيفاً على أبنائه أو جيرانه.

يؤمّن فريق «مساعدة الصمّ» جميع حاجاتهم من مساعدات غذائية وصحية وغيرها. لا تواصل من المبادرة مع جهات رسمية. اعتمادها الأكبر على جمعيات خيرية تعرُض التعاون.

كل ما يستطيع الصمّ الشعور به عند حصول انفجار، هو ارتجاج الأرض بهم. «إنها إشارة مباشرة يتلقّونها، فيدركون أنّ انفجاراً أو اختراقاً لجدار الصوت حدث. ينتابهم قلق دائم لانفصالهم عمّا يجري في الخارج»، مؤكدةً أنْ لا إصابات حدثت حتى اليوم معهم، «عدا حادثة واحدة في مدينة صور، فرغم تبليغ عائلة الشخص الأصمّ بضرورة مغادرة منزلهم، أصرّوا على البقاء، فلاقوا حتفهم جميعاً».

ولدت فكرة المبادرة في ظلّ مصاعب يواجهها الأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

وتشير إلى أنّ لغة الإشارة أسهل مما يظنّه بعضهم: «نحرّك أيدينا عندما نتحدّث، ولغة الاشارة تتألّف من هذه الحركات اليومية التي نؤدّيها خلال الكلام. كما أن تعلّمها يستغرق نحو 10 أسابيع في مرحلة أولى. ويمكن تطويرها وتوسيعها بشكل أفضل مع تكثيف الدروس والتمارين».

عدد الصمّ في لبنان نحو 15 ألف شخص. أما النازحون منهم، فقلّة، بينهم مَن لجأ إلى مراكز إيواء بسبب ندرة المعلومات حول هذا الموضوع. كما أنّ كثيرين منهم لا يزالون يسكنون بيوتهم في بعلبك والبقاع وبيروت.

بالنسبة إلى نائلة الحارس، يتمتّع الأشخاص الصمّ بنسبة ذكاء عالية وإحساس مرهف: «إنهم مستعدّون لبذل أي جهد لفهم ما يقوله الآخر. يقرأون ملامح الوجه وحركات الشفتين والأيدي. وإنْ كانوا لا يعرفون قواعد لغة الإشارة، فيستطيعون تدبُّر أنفسهم».

يغيب الاهتمام تماماً من مراكز وجهات رسمية بالأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم: «ينبغي أن يتوافر في المراكز الرسمية، أسوةً بالخاصة، متخصّصون بلغة الإشارة. المشكلات كثيرة في كيفية تواصلهم مع الآخر. فالممرض في مستشفى قد لا يعرف كيفية سؤالهم عن زمرة دمهم. وليس هناك مَن يساعدهم لتقديم أوراق ووثائق في دعوى قضائية. هذه الثغر وغيرها تحضُر في مراكز ودوائر رسمية».

تختم نائلة الحارس: «التحدّي في الاستمرار بمساعدة الأشخاص الصمّ. فالإعانات التي نتلقّاها اليوم بالكاد تكفينا لأيام وأسابيع. على أي جمعية أو جهة مُساعدة أخذ هؤلاء في الحسبان. فتُدمَج مساعدات الأشخاص العاديين مع مساعدات الصمّ، وبذلك نضمن استمرارهم لأطول وقت».