نانسي عجرم وسمير سرياني... الثقة المُثمرة

المخرج اللبناني يشارك «الشرق الأوسط» كواليس ولادة «من نظرة»

نانسي عجرم وسمير سرياني يُكملان مشوار النجاح (صور: سمير سرياني)
نانسي عجرم وسمير سرياني يُكملان مشوار النجاح (صور: سمير سرياني)
TT

نانسي عجرم وسمير سرياني... الثقة المُثمرة

نانسي عجرم وسمير سرياني يُكملان مشوار النجاح (صور: سمير سرياني)
نانسي عجرم وسمير سرياني يُكملان مشوار النجاح (صور: سمير سرياني)

اتصلت الفنانة نانسي عجرم بالمخرج سمير سرياني، وسألته: «أمنشغلٌ أنت؟». الوقت ضيّق، وعلى العمل أن يُنجَز. سمع أغنيتها الجديدة، «من نظرة»، مرّات في سيارته وهو يمشي. عادتُه أن يسلّم نفسه للأفكار فتولد بلا افتعال. لمح في الأغنية تعدُّد كاركترات، وطرافة، وربما بعض «الوقاحة» اللذيذة. هذه المرّة، جلس وفكّر. راقب الوجوه ليستوحي من انفعالاتها. يُخبر «الشرق الأوسط» أنه تصوَّر فكرة وخطرت أخرى في اللحظة الأخيرة ليتغيَّر كلُّ المخطَّط.

أوشك على إرسال كومبيوتره إلى الاستراحة بعد ساعات عمل، حين لمح «ناضور» الباب ومشهد السفر. يروي: «كان ذلك يوم اجتماعي مع نانسي والفريق لطرح فكرة الكليب بعدما عملتُ لأسبوعين على تحضيرها. بـ3 دقائق، لمع ما شاهدتموه! خلال اللقاء، طرحتُ الفكرة الأولى وكانت مضحكة. ثم أضفت: لديّ فكرة أخرى لم أطوّرها. وقصصتُ حكاية الكليب. ضحك الجميع وطلبوا تطويرها. في اجتماع آخر، وقعت الحيرة بين الاثنتين. إحساس نانسي حسم النتيجة».

كتب زياد جمال ولحَّن أغنية لطيفة، سهلة، تُحفظ من المرّة الأولى، وأضاف الموزّع باسم رزق إيقاعات مُبهجة. أداء نانسي عجرم منساب ومُفرح. أتى الكليب لإضفاء لمسة خاصة بنظرة سمير سرياني إلى النغمات. يفهم الفنانة، وهي تثق به. تتصل مدركةً تميُّزه بلمعة. وبأنّ المشهد سيتجاوز عاديته بالفكرة الجديدة.

يكسب تحدّي الفكرة المُبتَكرة (صور: سمير سرياني)

ترمي الجارة أمام جارها جميع أوراقها، ولا يهتزّ بابه. الأبواب الموصدة مؤلمة. تُكرّر المحاولة. لكل جولة إطلالتها. نُشاهد نانسي عجرم بنحو 9 «لوكات» بلمسة سارة كيروز: واحد للبيتزا، وثانٍ لقالب الحلوى، وثالث للرقص، ورابع للجنون على وَقْع الشوق، وخامس للاستراحة بين الورود، وسادس لادّعاء الإغماء لعلَّ الحبيب المُنقذ يهبط فجأة... تتوالى الإطلالات ولا مَن يرى أو يسمع. مهرجانات الخارج لم تجد جمهوراً من شخص واحد يُصفّق لها.

ضحكت نانسي عجرم وفريق العمل على الحوار السريع حين يطلّ الحبيب بحقائب العودة من السفر. «ما خطبكِ؟»، يسألها بالعامّية اللبنانية، فتجيبه، «أردتُ استعارة بعض الخبز!». يعترف سرياني بخشيته من إساءة فهم الفكرة، لكنهما فضَّلا المغامرة: «في لبنان، يدقّ الجار باب جاره لطلب حاجات مُلحَّة مثل خبز أو ربما بصلة. هذه لحظات حقيقية بين الجيران. نانسي مستعدّة لتجربة كلّ جديد ولا تخشى تحدّي نفسها».

يرتبك الحبيب وهو يجرّ حقائبه أمام امرأة عاشقة تمارس الكذب بقولها إنها المرّة الأولى التي تطرق فيها بابه. شعر بوهج المحاولات المتكرّرة، فبادَرَ بدوره بلا نتيجة. أرادت ردَّ الصاع، وأن يرتشف مرارة كأسها. صدّته بابتسامة ماكرة ترتديها النساء للقول: «نريد ولا نريد!».

نانسي عجرم تُجدِّد وتتميَّز (صور: سمير سرياني)

لكن، هل تتعمّد الفنانة، وتحديداً بعد الإعلان عن مشروع تمثيلي ضخم مرتَقب لها، إبراز مهاراتها في الأداء؟ يردّ سمير سرياني بأنها لم تطلب يوماً الحضور في كليب بغاية أن يُشار إليها بوصفها ممثلة: «تمنح نفسها للدور. تكون الشخصية المطلوبة تماماً. ولأنني أدرك ذلك، أطرح عليها أفكاراً لا تجيد تنفيذها سوى الفنانة الممثلة. في (ما تعتذر) و(بيروت الأنثى) مثلاً، منحتني شعور الممثلة المحترفة. الكوميديا أصعب، بخلاف ما يظنّه البعض. قلّة تُقنع بتمثيل الطرافة، ونانسي منها. أثق بأنها بحجم إنجاز جميع الشخصيات».

حلَّ توتّر حيال مسألة التصوير بكاميرا واحدة وتقريباً باللقطة عينها. لكنّه حين صوَّر، شَعَرَ بجمال العمل. في المونتاج تأكّد من ذلك، ومن أناقة إطلالات الفنانة. اطمأن. يقول: «تفاعُل الناس ليس مضموناً، لكنْ طغى إحساس بأنّ الأغنية والفيديو كليب لن يمرّا بلا أثر، وقد تحقّق مرورهما اللافت».

مشهد من مَهمَّة مطاردة الحبيب في الكليب (صور: سمير سرياني)

شاهدَتِ النتيجة من غرفة المونتاج وسرَّتها. كرّرتِ المشاهدة لـ8 مرات، يقول سمير سرياني. «وفي كلّ مرة رأيتُ الضحكة تملأ وجهها. كان هذا ما أردته لأشعر بالاكتفاء. نانسي لا تهدأ. من وسط أسفارها وزحمة الحفلات، أعطت كلَّها للمشهد. كانت صاخبة حين تطلَّب الصخب، ولا تأبه بإعلان اللحظة المجنونة. لكنْ ما إنْ أتلفَّظ بـ(كاتْ) حتى تعود إلى هدوئها. تسألني أحياناً: (ماذا تريدني أن أفعل في هذا المشهد ليتميّز؟). تنسى نفسها أمام الكاميرا».

تُغنّي في مدينة جبيل التاريخية يوم 26 يوليو (تموز) الحالي. لمسات سمير سرياني ستحضر على عرض يصفه بالضخم: «لدى نانسي سؤال واحد: (واتس نكست؟). يأمرها بالمزيد دائماً».


مقالات ذات صلة

حنان ماضي تعود للأضواء في الموسم الصيفي بالأوبرا المصرية

يوميات الشرق حنان ماضي تشارك في الموسم الصيفي للأوبرا (دار الأوبرا المصرية)

حنان ماضي تعود للأضواء في الموسم الصيفي بالأوبرا المصرية

تعود المطربة المصرية حنان ماضي للأضواء مجدداً خلال فعاليات «الموسم الصيفي للموسيقى والغناء» بدار الأوبرا.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق أنانت أمباني نجل الملياردير الهندي موكيش أمباني وراديكا ميرشانت يتفاعلان خلال احتفالات زفافهما في مومباي (رويترز)

بحضور مشاهير وسياسيين... نجل أغنى رجل في آسيا يتزوج في «زفاف العام» (صور)

تزوج الابن الأصغر لموكيش أمباني، أغنى رجل في آسيا، من صديقته منذ فترة طويلة في وقت مبكر من اليوم (السبت)، فيما أطلق عليه الكثيرون «حفل زفاف العام».

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق نهال الهلالي وشيماء النوبي خلال الحفل (بيت السحيمي بالقاهرة)

السيرة الهلالية و«المربعات» بأصوات نسائية في القاهرة التاريخية

بـ«الملس» الصعيدي، وهو الزي الشعبي بجنوب مصر، وقفت فنانتان أمام جمهور بيت السحيمي في القاهرة التاريخية، مساء الخميس، لتقدما حفلاً للسيرة الهلالية وفن المربعات.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق يحضّر لعمل موسيقي جديد «بيانو كونشرتو 2» (عمر الرحباني)

عمر الرحباني لـ«الشرق الأوسط»: همّي أن تحمل أعمالي المستوى المطلوب

على صدى نجاح «مشوار» يحضّر عمر لسهرة موسيقية يحييها في مهرجانات البترون الدولية. ففي 21 يوليو الحالي سيعتلي أحد أهم مسارح الصيف في لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مدحت صالح يغنّي في حفل «العلمين» (إدارة المهرجان)

مقامات مدحت صالح وأغنيات محمد منير تُطرب جمهور «العلمين»

في ليلة غنائية خاصة بالمقامات الموسيقية، بدأت، الخميس، فعاليات النسخة الثانية من «مهرجان العلمين» المُقام في الساحل الشمالي بمصر، ويستمر حتى نهاية الشهر المقبل.

أحمد عدلي (العلمين (مصر))

روان حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: موضوع «يا ولاد الأبالسة» شائك ويحاكي الإنسانية

ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)
ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)
TT

روان حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: موضوع «يا ولاد الأبالسة» شائك ويحاكي الإنسانية

ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)
ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)

منذ لحظة قراءتك لعنوان مسرحية روان حلاوي الجديدة تستشف النقمة؛ أطلقت عليها اسم «يا ولاد الأبالسة» لتعبّر عن مشاعر الملامة لواقع يعيشه الرجل والمرأة. فمَن وزّع الأدوار لتكون على هذا النحو بينهما؟ ولماذا لا تكون الإنسانية هي العنوان العريض لهما؟ فتجمع بدل أن تفرّق، وتؤلف مجتمعاً متوازناً. توضّح حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: «أردته عنواناً يهزّنا ويدفعنا إلى التصرّف بدل التلهي بالكلام فقط. فقد آن الأوان أن نفعل بدل التفرج على مشهد يطالعنا يومياً».

للوهلة الأولى وبعد شروحات روان حلاوي، قد يخيّل للبعض أن المسرحية ترتكز على فلسفة اجتماعية. ولكنها تؤكد: «إنها مسرحية اجتماعية ساخرة، وليست من نوع الكوميديا. اتبعت فيها النصّ البسيط ليستطيع الحضور التفاعل معها من دون أي صعوبة تذكر».

تحكي المسرحية قصص 4 رجال يمثلون نماذج مختلفة في مجتمعنا. لم تقارب في كتابتها موضوعات محرّمة (تابوات)، وتعدّها تحاكي الإنسانية لدى الطرفين. وتتساءل: «أنا مع حقوق المرأة، ولكنني لا أعرف في الحقيقة، لماذا لا نزال نطالب بها؟ ولا أعلم لماذا نحتفل بيومها العالمي؟ لقد آن الأوان أن نلفت انتباه مجتمعاتنا إلى واقع التمييز السائد بين أدوار المرأة والرجل».

بعنوان المسرحية رغبت روان حلاوي لفت نظر الناس (روان حلاوي)

تبدأ عروض المسرحية في 24 يوليو (تموز) الحالي على خشبة «مسرح المدينة»، ويلعب بطولتها الممثلون علي منيمنة، وطارق تميم، وربيع الزهر، وسليم الأعور. كما تطل حلاوي شخصياً فيها بدور صغير.

الموضوع قد يكون سبق وجرى تناوله على المسرح، ولكنها تعالجه بأسلوب مختلف لا يشبه مسرحيات أخرى. حدث محوري يتخلّل قصة العمل ومنه تنطلق خيوط المسرحية. لماذا اختارت هذه الأسماء من الممثلين لتشاركها العمل، ترد لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تناقشنا وتحاورنا كثيراً. فهم زملائي وأصدقائي في الوقت نفسه، وأعدّهم أصحاب شخصيات تناسب الأدوار التي يلعبونها. وتعمّدت أن يكونوا بأعمار متشابهة. هذه الكيمياء الحاضرة بينهم تبرز بشكل واضح في أدائهم، وتعزز رسالة العمل».

ليس من السهل إيصال الفكرة للناس. فما الصعوبات التي واجهتها لترجمتها على المسرح؟ تقول: «استغرق تأليف المسرحية وكتابتها وقتاً طويلاً. رغبت في أن تترك أثرها في الناس، فتُحدث نقاشاً بينهم. لقد نقلت طرحاً جديداً. سألت وبحثت واستفزتني مواقف كثيرة استثمرتها في كتابتي».

البطولة ذكورية بامتياز، فهل في عملها هذا تدافع عن المرأة أو تنتقد الرجل؟ توضح: «في رأيي المرأة كما الرجل، هما ضحيتا مجتمع مركّب تحكمه سلطة معينة. يتراءى لي أن هناك لعبة تحاك على الإنسان منذ زمن طويل، لنصل إلى هذه المعضلة. وزّعوا علينا الأدوار وأنجزوا الصفقات للوصول إلى ما نحن عليه. أما المستفيدون الرئيسيون من هذا الوضع فهم الرأسماليون».

«يا ولاد الأبالسة» تنطلق عروضها في 24 يوليو على مسرح المدينة (روان حلاوي)

«علينا بالتغيير» تقول روان، ومن هنا تبدأ حكايتها مع هذه المسرحية. «كان لا بدّ أن نبدأ من مكان ما للتخلص من التمييز بين المرأة والرجل ووضع حد له. ومَن سيحضر العمل يستوعب الفكرة التي أعالجها. أدرك أن هذه المعضلة لا تقتصر على بلادنا العربية. إنها متفشية بشكل كبير في أهم الدول الأجنبية، وفي مقدمها أميركا. ولذلك أفكر في ترجمة النص إلى الإنجليزية، لأتنقل بها على مسارح العالم. كل ما كتبته يحمل الحياد ويحكي بلسان الرجل. لا أضع اللوم على هذا الإنسان أو ذاك. كما أننا لا نعرف مَن الذي بدأ في ممارسة التمييز بين الاثنين على مرّ الزمن. ولكن ما نعرفه جميعاً، هو أن الرجل لديه الضوء الأخضر للتحكم بكل شيء».

على نحو 80 دقيقة ستدور مسرحية «يا ولاد الأبالسة». وتتضمن كل العناصر الفنية المسرحية من موسيقى ومؤثرات صوتية وبصرية وديكورات. ويروي الممثلون الأربعة كلٌ منهم قصته على طريقته. «جميعهم يؤلفون وجوهاً لعملة واحدة. لست ناقمة عليهم لأني أعدّهم ضحايا تماماً كما النساء».

التمييز الذي تتناوله روان حلاوي في المسرحية لا ينبع من العنصرية. فهي تحاول رفع الصوت عالياً حول حالة تقسيم الأدوار في المجتمع. هناك صفات محددة وأفعال تُمارَس على المرأة كما على الرجل، وتتابع: «حان الوقت أن نحكي عمّا يجمعنا وليس العكس».

وتختم روان حلاوي واصفة العمل بأنه يدور بين الواقعية والملحمية. «أردته كذلك لأكسر الحواجز بيني وبين جمهور المسرح. أريده أن يتفاعل مع الموضوع فيفكر ويحلّل على أمل إحراز التغيير».