السيرة الهلالية و«المربعات» بأصوات نسائية في القاهرة التاريخية

نهال الهلالي وشيماء النوبي خلال الحفل (بيت السحيمي بالقاهرة)
نهال الهلالي وشيماء النوبي خلال الحفل (بيت السحيمي بالقاهرة)
TT

السيرة الهلالية و«المربعات» بأصوات نسائية في القاهرة التاريخية

نهال الهلالي وشيماء النوبي خلال الحفل (بيت السحيمي بالقاهرة)
نهال الهلالي وشيماء النوبي خلال الحفل (بيت السحيمي بالقاهرة)

بـ«الملس» الصعيدي، الزي الشعبي بجنوب مصر، وقفت فنانتان أمام جمهور بيت السحيمي في القاهرة التاريخية، مساء الخميس، لتقدما حفلاً للسيرة الهلالية وفن المربعات والمواويل الشعبية بمشاركة أصوات نسائية، حيث أحيت الحفل راوية السيرة نهال الهلالي، ومطربة الابتهالات والمواويل الشعبية شيماء النوبي.

ولفترة طويلة عُرفت السيرة الهلالية بأنها من الملاحم الشعبية التي يرويها الرجال، إلى أن قررت نهال الهلالي دخول هذا المجال في عام 2019 وبدأت تقدم الرواية المصرية لسيرة بني هلال عن رواة كبار اشتهروا في هذا المجال.

وتوضح نهال لـ«الشرق الأوسط» أنها «بدأت تقديم ندوات بعنوان (نافذة على الجنوب) حول عادات وتقاليد الصعيد، وكان من ضمنها ندوة عن الفنون النوبية، تضمنت الحكي والسير والفن القصصي، فقدمت قصة عزيزة ويونس وغيرها من القصص الشعبية الشهيرة».

وتابعت: «وجدت أن السيرة الهلالية موضوع كبير جداً والناس لا تفهم أصل هذه السيرة، فقررت رواية السيرة واستعنت بالشيخ زين محمود في هذا الأمر وأعجبته الفكرة وبدأنا منذ عام 2019 نقدم (بنات السيرة)».

في أول حفلاتها ببيت السحيمي قررت نهال تقديم السيرة من بدايتها والتعريف بها وقصة بني هلال، ومن أين جاءوا وكيف بدأت رحلتهم: «حكينا أحداث 12 سنة حتى ميلاد أبي زيد الهلالي».

السيرة الهلالية في بيت السحيمي بالقاهرة التاريخية (بيت السحيمي بالقاهرة)

وتعدّ سيرة بني هلال من الملاحم الشعبية الشهيرة في الوطن العربي، وقدرها باحثون في التراث الشعبي بأكثر من مليون بيت شعري، وتتحدث عن قبيلة بني هلال التي هاجرت من نجد إلى تونس عبر مصر ومرت بالكثير من المعارك والأحداث المهمة.

واعتبرت نهال أن «المربعات الخاصة بالسيرة كانت تعتمد على الرواية المصاحبة للربابة، لكن من دون ذلك تحتاج إلى فك المربعات وتوضيحها، ومن قام بهذا العمل هو الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي»، وأشارت إلى أنه «كانت هناك صعوبة في تقديم السيرة من السيدات؛ لأن بني هلال أنفسهم كانوا يرفضون ذلك؛ لأنها سيرة أبطال وحروب ومعارك، فالسيدة ستحكي بقلبها ولن تتمكن من شرح المعارك وسير الأبطال وفق تصورهم».

وعلى مدى 30 عاماً، جمع عبد الرحمن الأبنودي السيرة الهلالية في عدة أجزاء، ليحولها من الصيغة الشفاهية إلى الصيغة المكتوبة، وقدمها للإذاعة المصرية مع الراوية جابر أبو حسين، ثم الراوية سيد الضوي، كما قدمها في العديد من الحفلات خصوصاً في الليالي الرمضانية التي نظمتها وزارة الثقافة المصرية.

وأشارت نهال إلى الطفلة رؤية ناجح عمارة (11 عاماً) التي شاركت معها في الحفل برواية السيرة الهلالية، وقالت: «إن جدها يحفظ السيرة ووالدها عازف ربابة أخذت منه السيرة، وقد شاهدتها بالصدفة ووجدتها تلقي المربعات بشكل جميل، فقلت لماذا لا آخذها معي لتجذب جيلاً جديداً من الأطفال ليستمعوا إلى السيرة، كما أنها تقدم فن الواو رغم صعوبته، وهي أصغر راوية للسيرة الهلالية».

أصغر راوية للسيرة الهلالية في مصر (بيت السحيمي بالقاهرة)

واعتبر الدكتور بلال الشيخ، مدير بيت السحيمي التابع لصندوق التنمية الثقافية بوزارة الثقافة المصرية، أن «تقديم السيرة الهلالية من شأنه أن يعيد الثقافة والفن الشعبي للجمهور بطريقة كبيرة، وهو ما اتضح من الإقبال والحضور والتفاعل بين الجمهور والفنانين الذين قدموا الحفل».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «بيت السحيمي كمركز ثقافي في شارع القاهرة الفاطمية مرتبط أكثر بالفنون التراثية، وهو مفتوح بأنشطة وحفلات مجانية، تقام كخدمة ثقافية تقام بشكل دوري للجمهور من كل الفئات، ومن هذه الحفلات حفل لفرقة النيل للآلات الشعبية وفرقة ومضة للأراجوز وخيال الظل»، كما لفت إلى ورش فنية تقام لصناعة وتحريك العرائس وكذلك ورش للتمثيل.

وحول خصوصية السيرة الهلالية قال إن «السيرة كانت تختلف رواياتها من راوٍ إلى آخر ومن مكان إلى آخر، فهناك أماكن البطل فيها أبو زيد الهلالي، وأماكن أخرى الزناتي خليفة هو البطل أو دياب، ومع الوقت ارتبطت السيرة الهلالية بمربعات ابن عروس، وهو شاعر شعبي مصري من قنا»، وأشار إلى أن «السيرة دخلت إلى الفولكلور المصري من خلال استخدام الربابة والمزمار البلدي وغيرهما من الآلات الشعبية، فهي تحافظ على الهوية الموسيقية الشعبية».

جانب من حفل السيرة الهلالية والمواويل الشعبية ببيت السحيمي (بيت السحيمي بالقاهرة)

وقالت شيماء النوبي التي شاركت بالحفل إنها «أول مبتهلة دينية في مصر والوطن العربي، وإلى جانب الابتهالات قدمت موضوع الفن الشعبي والسيرة الهلالية والمربعات منذ نحو 8 سنين، وحالفني الحظ بأنني قدمت السيرة الهلالية مع سيد الضوي وزين محمود (من كبار رواة السيرة)».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «السيرة الهلالية لها مريدون وجمهور خاص من المهتمين بروايتها، وهو الجمهور الذي حضر في أولى ليالي السيرة التي قدمناها في بيت السحيمي، وهذا الحضور أسعدنا جداً».


مقالات ذات صلة

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يوميات الشرق لها في كل بيتٍ صورة... فيروز أيقونة لبنان بلغت التسعين وما شاخت (الشرق الأوسط)

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يُضاف إلى ألقاب فيروز لقب «سيّدة الصمت». هي الأقلّ كلاماً والأكثر غناءً. لكنها عندما حكت، عبّرت عن حكمةٍ بسيطة وفلسفة غير متفلسفة.

كريستين حبيب (بيروت)
خاص فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص «حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

في الحلقة الثالثة والأخيرة، نلقي الضوء على نشوء «حزب الفيروزيين» في لبنان وسوريا، وكيف تحول صوت فيروز إلى ظاهرة فنية غير مسبوقة وعشق يصل إلى حد الهوَس أحياناً.

محمود الزيباوي (بيروت)
خاص فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز... من فتاةٍ خجولة وابنة عامل مطبعة إلى نجمة الإذاعة اللبنانية

فيما يأتي الحلقة الثانية من أضوائنا على المرحلة الأولى من صعود فيروز الفني، لمناسبة الاحتفال بعامها التسعين.

محمود الزيباوي (بيروت)
يوميات الشرق فيروز في صورة غير مؤرّخة من أيام الصبا (أرشيف محمود الزيباوي)

فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

منذ سنوات، تحوّل الاحتفال بعيد ميلاد فيروز إلى تقليد راسخ يتجدّد يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث تنشغل وسائل الإعلام بمختلف فروعها بهذه المناسبة، بالتزامن

محمود الزيباوي ( بيروت)
خاص فيروز وسط عاصي الرحباني (يمين) وحليم الرومي (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

عشية عيدها الـ90 تلقي «الشرق الأوسط» بعض الأضواء غير المعروفة على تلك الصبية الخجولة والمجهولة التي كانت تدعى نهاد وديع حداد قبل أن يعرفها الناس باسم فيروز.

محمود الزيباوي (بيروت)

آل الشيخ يتوج بجائزة «الشخصية الأكثر تأثيراً»

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية (الشرق الأوسط)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

آل الشيخ يتوج بجائزة «الشخصية الأكثر تأثيراً»

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية (الشرق الأوسط)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية (الشرق الأوسط)

ملصق يحمل صورة تركي آل الشيخ بمناسبة فوزه

تُوّجَ تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، بجائزة «الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير» خلالَ حفل جوائز «MENA Effie Awards»، ضمن فعاليات «موسم الرياض»، تقديراً لإسهاماته البارزة في دعم وتطوير قطاع الترفيه في المملكة.

وتعدُّ الجائزةُ من أبرز الجوائز في مجال تقييم التأثير والإنجازات الإبداعية على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ تسلط الضوء على الشخصيات التي قدمت مساهمات استثنائية وذات تأثير عميق خلال العقد الأخير. ويُعد فوز آل الشيخ بالجائزة تأكيداً لمكانته بوصفه من أبرز القيادات المؤثرة عالمياً في قطاع الترفيه.