نيكول معتوق لـ«الشرق الأوسط»: الرخاوة تحكُم العصر

صخرةٌ تعوق تدفُّق الممثلة اللبنانية... وبراكين في داخلها

نيكول معتوق بشخصية «لولا» في مسرحية «هل هالشي طبيعي؟» (حسابها الشخصي)
نيكول معتوق بشخصية «لولا» في مسرحية «هل هالشي طبيعي؟» (حسابها الشخصي)
TT

نيكول معتوق لـ«الشرق الأوسط»: الرخاوة تحكُم العصر

نيكول معتوق بشخصية «لولا» في مسرحية «هل هالشي طبيعي؟» (حسابها الشخصي)
نيكول معتوق بشخصية «لولا» في مسرحية «هل هالشي طبيعي؟» (حسابها الشخصي)

لسببين، فجَّرت الممثلة اللبنانية نيكول معتوق ما في داخلها المُثقل بالاعتراض، بأدائها شخصية «لولا» في مسرحية «هل هالشي طبيعي؟» الساخرة. الأول مردُّه استعداد الممثل للتفجُّر في أدواره، فيعطيها كلَّه، ويقدِّم أقصى ما يمكن. والثاني لطرحها إشكالية تمسُّها، هي الخواء المتمادي. فالشخصية هستيرية، تُعلن سيادة التفاهة وتفوُّق الفراغ. تُخبر مؤدّيتها «الشرق الأوسط» أنّ براكينها الداخلية تترقَّب فرصة للتفجُّر، ومنطق الفرص خاضع لما دون الكفاءة بالضرورة.

يوضَع المتفرِّج أمام مذيعة ترقص فوق الجراح، مختزلة زمناً يمتهن الرخاوة ويُخرج إلى العلن نماذج لا تليق. تحريك الفكر النقدي، غاية شخصية «لولا» التي أدّتها معتوق بمهارة. أضحكت على المآسي، وسخرت من التجاوُز. تقول إنّ قراءتها الأولية لنصّ خالد صبيح جعلتها بالنقاش معه والمخرج رياض شيرازي ترى الشخصية مختلّة التوازن، إذ يُستبعَد صدور الهراء والمتاجرة بالفجيعة عن «صحافي طبيعي». تُبقي هامشاً للاستثناء بتفادي التعميم والحُكم المُطلق، موجِّهة الغضب نحو الدخلاء والمُعتدين على المهن.

وجوه مسرحية «هل هالشي طبيعي؟» بينهم نيكول معتوق

أكثر من 20 عاماً ونيكول معتوق تمثِّل. من أدوار صغيرة صنعت التأثير. بعض شخصياتها تقتصر على حلقات في مسلسل أو مرور في مَشاهد. «منها أُعمِّر ما يُعلِّم في الذاكرة. هذا القليل أحوّله إلى كثير، فلا يحدث المرور العابر».

تأذن للجرح بالتفتُّح، فتقول ما تُشدّد أنه الحقيقة: «لستُ غائبة. أنا مغيّبة. بدأتُ عام 1994 بعد تخصُّص جامعي لـ4 سنوات. لن آتي اليوم لأقدّم لقطات كوميدية عبر مواقع التواصل تُعرّف الناس بي وتُظهر كفاءتي. لن أفعل ذلك ليتكاثر المتابعون ويتّصل بي، تالياً، المنتج. هذا الذلّ ليس في التمثيل فقط. لعلّه يطال معظم المهن».

ليس القصد من غيابها التواري عن الشاشة، بل اقتصار الحضور على الدور الضئيل. فهي حاضرة في أدوار تُسمّيها «من حلاوة الروح» لاقتصارها على المُتوافِر. ومع ذلك، تُسلّم نفسها «لأقصى الإحساس الداخلي»، فيخرج حضورها بما يُناسب. تُشبّه قَدَرها بـ«الصخر القابع فوق مجرى النهر فيحدّ من تدفّقه»: «أستمرّ بالقليل المُتاح لغياب المُشتهى. الصخرة تختزل رخاوة المعايير، وتَغيُّر النظرة إلى الأشياء، تطمُر وتسدُّ على النبع انطلاقته. إن أُزيحت، لا مفرَّ من عبور الماء. أنا مثله».

جسَّدت بالدور إشكالية الخواء المتمادي (حسابها الشخصي)

وتُشبّه التمثيل بأكسجين الحياة، لولاه لعمَّ اختناقها وتقطَّع النَفَس. تؤكد حبَّه بأشكاله، بالسينما والتلفزيون والمسرح. تبقى للأخير مكانة خاصة: «المسرح صعب. المسؤولية حياله تقتضي حفظ الدور، والحضور المؤثّر، والأداء المُقنع، وضبط الصوت، وإطلاق تعابير الوجه والجسد. لا أقارنه بنوع فنّي آخر. هنا أُسلّم كلّي للحركة لأصبح مثل سمكة في الحوض. لا حياة لي خارجه».

تبلغ عامها الـ18 في مسرح الطفل، فنسألها أهو البديل أم العزاء وسط الخيارات المتاحة؟ جوابها: «لمسرح الكبار خصوصية، وأثره لا يُشبه أثراً آخر. علاقتي به مغايرة لما يمنحني إياه مسرح الأطفال. لهذا جماله المتأتّي من جمهور بريء. الأطفال يعبّرون بطلاقة، ولا يعقّدون الحسابات عندما يتعلّق الأمر بمشاعرهم. نحن الكبار أحياناً نفكّر قبل أن نضحك. وأحياناً نحبس الضحكة العريضة أو نخجل من تحرير مشاعرنا. الصغار يتفاعلون بحرّية ويصرخون أيضاً. حين يغمرونني بعد العرض أشعر بالسعادة وتباغتني دموعي».

تشترط «العطاء من القلب» ليتحقّق الوفاء حيال المهنة: «ليست لي وظيفة أخرى. التمثيل كلُّ ما أجيده؛ لذا أتبع التيار وأسير وفق انجرافاته. أقبل بالأدوار ما دمتُ قادرة على جعلها مؤثّرة. ذلك لا شأن له بالحجم ولا بعدد المَشاهد. الإحساس مرتبة لا يدركها إلا الممثل الحقيقي».

الشخصية هستيرية تُعلن سيادة التفاهة وتفوُّق الفراغ (حسابها الشخصي)

لكن، ألا يعنيها مزيد من الانتشار؟ ألا تلفحها فتنة النجومية؟ تعترف: «لا أخفي رغبتي في وصول أبعد وفي شهرة تسطع. يكذب الفنان حين يُنكر حبَّ الضوء. مع العمر، نتعلّم الواقعية. الظروف تُعرقل، والفرص ليست متاحة بالضرورة وفق الموهبة. خضوعها لعوامل دخيلة قلَبَ المعايير. والمسرح، أكسجيني، شديد التأثّر بالظرف. أي هزَّة تُغلق أبوابه. أي أزمة كبرى تُسدل ستائره. والإنتاج بعمومه شاق، والنصوص القيِّمة ليست دائماً جاهزة».

في مسرحية «هل هالشي طبيعي؟»، هزَّ «زلزال» سياق الأحداث. فجأة، ومن تحت الركام، ووسط الدمار الكبير، تخرُج المذيعة «لولا» بفقرة إذاعية تُمجِّد استغلال المأساة لتحقيق «السَبق». أدّت نيكول معتوق دوراً له أبعاده ورسائله وصرخته واعتراضه. ورغم أنّ المسرحية تُبرز بطلَيْها (طلال الجردي وزياد عيتاني) بمعظم مَشاهدها، خرَقَت بظهورها الثنائيةَ، وحقَّت بدور ثانوي أثر الدور الرئيسي. عودتها هذه شكَّلت بعض العوض: «بهجة الأصداء علّمتني عدم الغياب. لن أدع الظرف يخطُّ قدراً لستُ أرضاه».


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

كيف تحوّل روتينك اليومي إلى مصدر «للفرح والرضا»؟

كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)
كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)
TT

كيف تحوّل روتينك اليومي إلى مصدر «للفرح والرضا»؟

كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)
كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)

يعتقد البعض أنه عليه الذهاب في إجازة باهظة، أو على الأقل الانتظار حتى انتهاء أسبوع العمل، للشعور بالسعادة والرضا الحقيقيين في الحياة. في الواقع، يمكنك أن تجد الفرح في روتينك اليومي، كما تقول المؤلفة وخبيرة اتخاذ القرارات السلوكية كاسي هولمز، بحسب تقرير لشبكة «سي إن بي سي».

وفقاً لمسح حديث أجري على ألفين من سكان الولايات المتحدة، يمر واحد من كل أربعة أميركيين بنوبات من الملل مع روتينه. لمكافحة ذلك، تقول هولمز لنفسها عبارة بسيطة في اللحظات التي تدرك فيها أنها غير مهتمة: «احسب الوقت المتبقي».

على سبيل المثال، كانت هولمز تأخذ ابنتها في مواعيد لشرب الشاي منذ أن كانت في الرابعة من عمرها. بعد خمس سنوات، يمكن أن تبدو جلسات التسكع وكأنها مهمة روتينية.

قالت هولمز: «الآن أصبحت في التاسعة من عمرها، لذلك ذهبنا في الكثير من المواعيد في الماضي... لكن بعد ذلك، فكرت، (حسناً، كم عدد المواعيد المتبقية لنا)؟».

بدلاً من الانزعاج من النزهات المتكررة، بدأت في حساب عدد الفرص المتبقية لها للاستمتاع قبل أن تكبر ابنتها وتنتهي أوقات الترابط هذه.

أوضحت هولمز، التي تبحث في الوقت والسعادة «في غضون عامين فقط، سترغب في الذهاب إلى المقهى مع أصدقائها بدلاً مني. لذا سيصبح الأمر أقل تكراراً. ثم ستذهب إلى الكلية... ستنتقل للعيش في مدينة أخرى».

ساعدها حساب الوقت المتبقي لها في العثور على «الفرح والرضا» في المهام الروتينية.

«الوقت هو المورد الأكثر قيمة»

إلى جانب مساعدتك في العثور على السعادة، قالت هولمز إن التمرين السريع يدفعها إلى إيلاء اهتمام أكبر لكيفية قضاء وقتها. لم تعد تستخف بالنزهات مع ابنتها -بدلاً من ذلك، تسعى إلى خلق المحادثات والتواصل الفعال، وهو أمر أكثر أهمية.

من الأهمية بمكان ما أن تفعل الشيء نفسه إذا كنت تريد تجنب الشعور بالندم في المستقبل، وفقاً لعالم النفس مايكل جيرفيس.

وشرح جيرفيس لـ«سي إن بي سي»: «الوقت هو المورد الأكثر قيمة لدينا... في روتين الحياة اليومي، من السهل أن تخرج عن التوافق مع ما هو الأكثر أهمية بالنسبة لك. لكن العيش مع إدراكنا لفنائنا يغير بشكل أساسي ما نقدره وكيف نختار استخدام وقتنا».

وأضاف: «إن تبنّي حقيقة أننا لن نعيش إلى الأبد يجعل قيمنا في بؤرة التركيز الحادة. بمجرد إدراكك أن الوقت هو أغلى السلع على الإطلاق، فلن يكون هناك انقطاع بين الخيارات التي تريد اتخاذها وتلك التي تتخذها بالفعل».