«المتحدة» لاحتواء «فوضى» الإعلام الرياضي في مصر

أصدرت قراراً بإيقاف شوبير لـمخالفته القواعد المهنية

أحمد شوبير (حساب على فيسبوك)
أحمد شوبير (حساب على فيسبوك)
TT

«المتحدة» لاحتواء «فوضى» الإعلام الرياضي في مصر

أحمد شوبير (حساب على فيسبوك)
أحمد شوبير (حساب على فيسبوك)

استمراراً للجدل الذي شهدته الساحة الرياضية والإعلامية بمصر خلال الأيام الماضية، إثر وفاة لاعب كرة القدم المصري في نادي «مودرن سبورت»، أحمد رفعت، أوقفت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية والمالكة لعدد من الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات التلفزيونية المحلية، الخميس، الإعلامي المصري أحمد شوبير، وأنهت التعاقد معه، بداعي «مواجهة فوضى الإعلام الرياضي».

وبينما أشار أكاديميون ونقاد إلى وجود «فوضى» في الإعلام الرياضي، قالوا إن «قرار إقالة شوبير خطوة على الطريق الصحيح، وإن جاء متأخراً».

وأكدت الشركة، في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على «فيسبوك»، الخميس، أن «مجلس إدارة الشركة اتخذ قراراً بالإجماع بوقف البرنامج الذي يقدمه شوبير، ما يترتب عليه إنهاء التعاقد معه فوراً». وأكدت أن «مخالفة القواعد المهنية وسياسات المحتوى الخاصة بالشركة أمر غير مقبول». وأضافت أنها «تضع احترام الرأي العام المصري في مقدمة أولوياتها».

وجاء في البيان تأكيد الشركة أن «الفوضى في قطاع الإعلام الرياضي تستلزم مواجهة حاسمة حرصاً على حق المواطن في إعلام رياضي يحترم الحقيقة ويتوخى الصدق»، مشددة على «حرصها أن يقدم كوادرها إعلاماً مهنياً يحترم المشاهد». وقالت إنها «لن تتوانى عن ردع كل من يحيد عن المعايير المهنية التي تلتزم بها منذ بداية تأسيسها».

أحمد رفعت (حساب مودرن سبورت على فيسبوك)

وبينما لم توضح الشركة في بيانها «المخالفات المهنية» التي ارتكبها شوبير، أو ملامح «الفوضى الإعلامية» التي تتحدث عنها، تباينت التعليقات في الأوساط الإعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ربط البعض القرار بتصريحات شوبير بشأن أزمة وفاة أحمد رفعت.

وكان شوبير قدم بلاغاً رسمياً لإدارة مباحث تكنولوجيا المعلومات في مصر، ضد بعض صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي اتهمته بأنه «أحد المتسببين في أزمة أحمد رفعت». وفي برنامجه، مساء الأربعاء، وجه رسائل «غامضة»، رجح رواد مواقع التواصل أنها متعلقة بأزمة اللاعب، حيث لمح شوبير لذلك بقوله: «حتى الحزن مش عارفين نحزنه».

لكن البعض الآخر أشار إلى أن قرار الإيقاف مرتبط بتصريحات شوبير في برنامجه، مساء الأربعاء، بشأن أزمة مشاركة لاعبة الدراجات شهد سعيد في المنتخب الأوليمبي الذي سيمثل مصر في باريس، وهي القضية التي أثارت جدلاً كبيراً على مواقع التواصل رفضاً لمشاركة سعيد في البطولة؛ كونها «تسببت عمداً في إصابة زميلتها جنة عليوة، بعدما اصطدمت بها في بطولة الجمهورية للدراجات في مصر، في أبريل (نيسان) الماضي».

وكان شوبير انتقد المطالبين بمنع سعيد من المشاركة في البطولة، وعدها «محاولة لفرض سطوة السوشيال ميديا»، ما أثار حملة هجوم ضده على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال الناقد الرياضي المصري أيمن بدرة لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك حالة من الفوضى في الإعلام الرياضي، وعلى منصات التواصل الاجتماعي، تستهدف إثارة الجماهير بأخبار كاذبة ومعلومات ملتوية». وأشار إلى أن قرار الشركة المتحدة وإن كان «محل تقدير»، لكنه جاء متأخراً، مدفوعاً بهجوم من رواد مواقع التواصل الاجتماعي على شوبير؛ «لأنه تحدث في قضايا مثيرة، تخل بتوازنات الوسط الرياضي».

وطالب بدرة بـ«تعميم مثل تلك القرارات، وتفعيل لجان ضبط الأداء الإعلامي للحد من حالة الفوضى الحالية». واتفق معه عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، الدكتور حسن عماد مكاوي. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك فوضى في الإعلام المصري عموماً، وليس الرياضي فحسب، وإن كان أكثر فجاجة في الرياضة»، مضيفاً أن «قرار المتحدة متأخر، لكنه يصب في الاتجاه الصحيح؛ كونها أكبر كيان إعلامي داخل البلاد، ومن شأن قراراتها أن تنعكس على الوسط الإعلامي كله». وأشار إلى أن «القرار جاء لاحتواء الرأي العام وحالة الغضب الشعبي ضد تصريحات شوبير في الأزمات الأخيرة». وأرجع مكاوي الفوضى إلى «اشتغال غير المتخصصين في الإعلام، وعدم إدراك أن هذه مهنة تتطلب ممارستها علماً وتدريباً».


مقالات ذات صلة

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

شمال افريقيا أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

شددت الحكومة المصرية من إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

تطوّر اختبار «اللهجة الفلاحي» إلى «وصم اجتماعي» في مصر بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، مع انتشاره عبر مواقع التواصل.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

أعادت تصريحات تلفزيونية جديدة وُصفت بأنها «صادمة» المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى دائرة الجدل، حين تحدثت عن عدم ارتباطها بزواج عرفي لكنها عاشت «المساكنة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

اختتم مهرجان «العلمين الجديدة» نسخته الثانية بحفل غنائي للمطرب المصري الشاب ويجز، الجمعة، بعد فعاليات متنوعة استمرت 50 يوماً.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق التحف والمقتنيات القديمة أبرز معروضات السوق (الشرق الأوسط)

«سوق ديانا» في القاهرة تبيع أنتيكات برائحة «الزمن الجميل»

رغم حرارة الطقس، كان زوار سوق «ديانا» يتدفقون ويتحلقون حول المعروضات التي يفترشها الباعة على الأرض بكميات كبيرة.

منى أبو النصر (القاهرة )

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
TT

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

القبلات المتطايرة التي تدفّقت من هاني شاكر إلى أحبّته طوال حفل وداع الصيف في لبنان، كانت من القلب. يعلم أنه مُقدَّر ومُنتَظر، والآتون من أجله يفضّلونه جداً على أمزجة الغناء الأخرى. وهو من قلّة تُطالَب بأغنيات الألم، في حين يتجنَّب فنانون الإفراط في مغنى الأوجاع لضمان تفاعل الجمهور. كان لافتاً أن تُفجّر أغنية «لو بتحبّ حقيقي صحيح»، مثلاً، وهو يختمها بـ«وأنا بنهار»، مزاج صالة «الأطلال بلازا» الممتلئة بقلوب تخفق له. رقص الحاضرون على الجراح. بارعٌ هاني شاكر في إشعالها بعد ظنّ أنها انطفأت.

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

تغلَّب على عطل في هندسة الصوت، وقدَّم ما يُدهش. كان أقوى مما قد يَحدُث ويصيب بالتشتُّت. قبض على مزاج الناس باحتراف الكبار، وأنساهم خللاً طرأ رغم حُسن تنظيم شركة «عكنان» وجهود المتعهّد خضر عكنان لمستوى يليق. سيطر تماماً، بصوت لا يزال متّقداً رغم الزمن، وأرشيف من الذهب الخالص.

أُدخل قالب حلوى للاحتفاء بأغنيته الجديدة «يا ويل حالي» باللهجة اللبنانية في بيروت التي تُبادله الحبّ. قبل لقائه بالآتين من أجله، كرَّرت شاشة كبيرة بثَّها بفيديو كليبها المُصوَّر. أعادتها حتى حُفظت. وحين افتتح بها أمسيته، بدت مألوفة ولطيفة. ضجَّ صيف لبنان بحفلاته، وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات، فكان الغناء بلهجته وفاءً لجمهور وفيّ.

بقيادة المايسترو بسام بدّور، عزفت الفرقة ألحان العذاب. «معقول نتقابل تاني» و«نسيانك صعب أكيد»، وروائع لا يلفحها غبار. الأغنية تطول ليتحقّق جَرْف الذكريات. وكلما امتّدت دقائقها، نكشت في الماضي. يوم كان هاني شاكر فنان الآهات المستترة والمعلنة، وأنّات الداخل وكثافة طبقاته، وعبق الورد رغم الجفاف والتخلّي عن البتلات. حين غنّى «بعد ما دابت أحلامي... بعد ما شابت أيامي... ألقاقي هنا قدامي»، طرق الأبواب الموصودة؛ تلك التي يخالها المرء صدأت حين ضاعت مفاتيحها، وهشَّم الهواء البارد خشبها وحديدها. يطرقها بأغنيات لا يهمّ إن مرَّ عُمر ولم تُسمَع. يكفيها أنها لا تُنسى، بل تحضُر مثل العصف، فيهبّ مُحدِثاً فوضى داخلية، ومُخربطاً مشاعر كوَقْع الأطفال على ما تظنّه الأمهات قد ترتَّب واتّخذ شكله المناسب.

هاني شاكر مُنتَظر والآتون من أجله يفضّلونه جداً (الشرق الأوسط)

تتطاير القبلات من فنان يحترم ناسه، ويستعدّ جيداً من أجلهم. لا تغادره الابتسامة، فيشعر مَن يُشاهده بأنه قريب ودافئ. فنانُ الغناء الحزين يضحك لإدراكه أنّ الحياة خليط أفراح ومآسٍ، ولمّا جرّبته بامتحانها الأقسى، وعصرت قلبه بالفراق، درّبته على النهوض. همست له أن يغنّي للجرح ليُشفى، وللندبة فتتوارى قليلاً. ولا بأس إن اتّسم الغناء بالأحزان، فهي وعي إنساني، وسموّ روحي، ومسار نحو تقدير البهجات. ابتسامة هاني شاكر المتألِّمة دواخلَه، إصرار وعناد.

تراءى الفنان المصري تجسيداً للذاكرة لو كان لها شكل. هكذا هي؛ تضحك وتبكي، تُستعاد فجأة على هيئة جَرْف، ثم تهمد مثل ورقة شجر لا تملك الفرار من مصيرها الأخير على عتبة الخريف الآتي. «بحبك يا هاني»، تكرَّرت صرخات نسائية، وردَّ بالحبّ. يُذكِّر جمهوره بغلبة السيدات المفتتنات بأغنياته، وبما تُحرِّك بهنّ، بجمهور كاظم الساهر. للاثنين سطوة نسائية تملك جرأة الصراخ من أجلهما، والبوح بالمشاعر أمام الحشد الحاضر.

نوَّع، فغنّى الوجه المشرق للعلاقات: «بحبك يا غالي»، و«حنعيش»، و«كدة برضو يا قمر». شيءٌ من التلصُّص إلى الوجوه، أكّد لصاحبة السطور الحبَّ الكبير للرجل. الجميع مأخوذ، يغنّي كأنه طير أُفلت من قفصه. ربما هو قفص الماضي حين ننظر إليه، فيتراءى رماداً. لكنّ الرماد وجعٌ أيضاً لأنه مصير الجمر. وهاني شاكر يغنّي لجمرنا وبقاياه، «يا ريتك معايا»، و«أصاحب مين»؛ ففي الأولى «نلفّ الدنيا دي يا عين ومعانا الهوى»، وفي الثانية «عيونك هم أصحابي وعمري وكل أحبابي»، لتبقى «مشتريكي ما تبعيش» بديع ما يُطرب.

ضجَّ صيف لبنان بحفلاته وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات (الشرق الأوسط)

استعار من فيروز «بحبك يا لبنان» وغنّاها. بعضٌ يُساير، لكنّ هاني شاكر صادق. ليس شاقاً كشفُ الصدق، فعكسُه فظٌّ وساطع. ردَّد موال «لبنان أرض المحبّة»، وأكمله بـ«كيف ما كنت بحبك». وكان لا مفرّ من الاستجابة لنداء تكرَّر. طالبوه مراراً بـ«علِّي الضحكاية»، لكنه اختارها للختام. توَّج بها باقة الأحزان، كإعلان هزيمة الزعل بالضحكاية العالية.