أكثر من نصف مليون يرغبون في التبرع بأعضائهم في السعودية

2023 عام الازدهار... والملك وولي العهد يتقدّمان المتبرّعين

بلغ إجمالي الأعضاء المزروعة من الأحياء والمتوفين في البلاد 2091 عضواً (الشرق الأوسط)
بلغ إجمالي الأعضاء المزروعة من الأحياء والمتوفين في البلاد 2091 عضواً (الشرق الأوسط)
TT

أكثر من نصف مليون يرغبون في التبرع بأعضائهم في السعودية

بلغ إجمالي الأعضاء المزروعة من الأحياء والمتوفين في البلاد 2091 عضواً (الشرق الأوسط)
بلغ إجمالي الأعضاء المزروعة من الأحياء والمتوفين في البلاد 2091 عضواً (الشرق الأوسط)

«لا أنسى كلام البروفيسور الألماني الدكتور برونينغ حين قال لي: يا عادل لو لم تأتِ للتبرع ستكون من يبحث عن متبرع للكبد بعد 10 سنوات»، بهذه الطريقة يختتم عادل اليحيى سرد قصته مع إرادته الكبيرة لتجربة التبرع بجزء من كبده، التي قادته فيما بعد لاكتشاف مرضه.

يقول عادل اليحيى، في قصة إنسانية رواها للمركز السعودي لزراعة الأعضاء (مركز حكومي)، إنه في عام 2013 سمع بالصدفة عن شخص يحتاج للتبرّع بالكبد، الأمر الذي أثار فضوله لمعرفة القصة، وهل هي خطرة، ليتوصّل في نهاية المطاف إلى قرار بالتبرع بالكبد، بيد أن المستشفى الذي استقبله لإجراء التبرّع رفض بسبب عمره الصغير نسبيّاً (17 عاماً)، لينتظر 5 سنوات أخرى قبل أن يعاود الكرّة بدافع الإرادة والحماس، وهو سليم ومعافى للتبرّع لأي شخص يحتاج جزءاً من كبده في عام 2018، واستقبله المستشفى حينها وأجرى له الفحوصات على مدار 6 أشهر.

بعد تحديد تاريخ العملية الجراحية، حضر عادل لإجراء الفحوصات الأخيرة قبل العملية ليتفاجأ باكتشاف ورم في أول مراحله بالكبد، واستطرد: «أخذ الأطباء عيّنة من الكبد وأرسلوها إلى قسم الأنسجة للتأكد من الورم السرطاني ومدى انتشاره، ولله الحمد تبين أنه ورم حميد في مرحلة الإنشاء، وقد جرى استئصاله بالكامل، وأُخذ جزء من الكبد السليم وزُرع للطفلة نهال ذات الـ7 أشهر في ذلك الوقت، لتصبح من بعد فضل الله سبحانه بكامل صحتها وعافيتها».

تُظهر قصّة عادل هذا الوعي لدى السعوديين في ثقافة التّبرع بالأعضاء، الأمر الذي أوضحته إحصاءات رسمية جديدة عن تجاوز عدد الراغبين بالتبرع بالأعضاء في المملكة حاجز نصف مليون متبرّع.

ولتعزيز الوعي في ثقافة التبرع بالأعضاء وتشجيع أفراد المجتمع للمبادرة بتسجيل رغبة التبرع بها بعد الوفاة، أتم المركز السعودي لزراعة الأعضاء، مطلع مايو (أيار) الماضي، عملية التكامل مع تطبيق «توكلنا» الرفيق الرقمي للأفراد في المملكة.

وصل عدد البرامج المعتمدة لزراعة الأعضاء في السعودية 29 برنامجاً (واس)

ومن شأن هذه الخطوة أن تحسِّن تجربة المستخدم، ليُصبح تسجيل رغبة التبرع بالأعضاء أكثر يسراً وسهولةً من خلال إتاحته لجميع شرائح المجتمع، كما يضمن هذا النظام الرقمي دقّة البيانات وسهولة الوصول إليها، ويحافظ على سرّية المعلومات وخصوصيتها، حسب المركز.

الرياض تتصدّر الراغبين بالتبرّع

وفقاً للمركز السعودي لزراعة الأعضاء، بلغ عدد الراغبين بالتبرع بعد الوفاة أكثر من 533 ألف متبرع، وقد قُسّموا إلى فئات استناداً إلى المناطق الإدارية الـ13، ونوع العضو المطروح للتبرع، وجاءت العاصمة الرياض في صدارة عدد الراغبين بالتبرع، بواقع 142280 متبرعاً، ومن ثم منطقة مكة المكرمة بـ115669، فالمنطقة الشرقية 65230 شخصاً، وحلّت المدينة المنوّرة وعسير على التوالي بواقع 23095 للأولى، و23068 للأخيرة، تليهم بقيّة المناطق.

في عام 2023 وحده، حقّق المركز السعودي لزراعة الأعضاء نمواً ملحوظاً بنسبة 30 في المائة بعدد عمليات زراعة الأعضاء، حيث بلغ إجمالي الأعضاء المزروعة من الأحياء والمتوفين في البلاد نحو 2091 عضواً، من إجمالي المرضى الزارعين من الأحياء وبعد الوفاة، البالغ 2037، في زيادة وصلت 19 في المائة عن العام الذي قبله.

تقرير جديد صادر عن المركز أظهر أن زيادة العام الماضي في نسبة عدد الحالات المبلّغ عنها سنويّاً بلغت 31 في المائة، و210 حالات موافقة على التبرع بعد الوفاة الدماغية، بينما بلغ عدد البرامج المعتمدة لزراعة الأعضاء في السعودية 29 برنامجاً.

أما على صعيد التصنيفات الدّولية، فحقّقت البلاد المرتبة الثانية عالميّاً بالنسبة للمتبرعين «الأحياء» لكل مليون نسمة، والثلاثين على مستوى العالم بالنسبة «للمتوفين».

ويحظى المركز وقطاع التبرّع بالأعضاء بقصة خاصة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، فما هي؟

يُعدّ الملك سلمان بن عبد العزيز صاحب المبادرة في إنشاء المركز السعودي لزراعة الأعضاء قبل 4 عقود، وتكشف المصادر أنه بعد ملاحظة زيادة عدد مرضى الفشل الكلوي الراغبين في السفر إلى خارج البلاد لتلقي العلاج وزرع الكلى، وبالنظر للعناء والمشقة والتكاليف الباهظة عليهم وعلى ومرافقيهم، فضلاً عن التكاليف الباهظة التي تنفقها الدولة على العلاج، رأى الأمير سلمان، آنذاك، أن يُنشئ مركزاً وطنياً تكون مهمّته الأساسية متابعة مرضى الفشل الكلوي، وتطوير برنامج وطني لزراعة الكلى والأعضاء الأخرى، لتلقى مبادرته النجاح من خلال إنشاء المركز الوطني للكلى بأمر ساميّ عام 1984.

الملك سلمان صاحب المبادرة في إنشاء المركز السعودي لزراعة الأعضاء (المركز)

وفي عام 1992، أصبح مسمّاه «المركز السعودي لزراعة الأعضاء»، وصولاً إلى مايو (أيار) 2021، حيث سُجّل الملك سلمان وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، في برنامج التبرّع بالأعضاء.

وكانت باكورة عمليات زراعة الأعضاء في السعودية، في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1979، لعديلة الجهني التي تبرّعت بكلية لشقيقتها جمالات في مستشفى القوات المسلحة (مدينة الأمير سلطان الطّبية العسكرية) بالرياض.

وفي بُعد متّصل بالموضوع، أعاد مستشفى الملك فيصل التخصصي، ومركز الأبحاث في العاصمة السعودية الرياض، الأمل إلى 3 مرضى في أعمار مختلفة، يعانون من ضعف وفشل في عضلة القلب، بعد نجاحه في نقل قلوب تنبض بالحياة من متبرعين في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، وجدة، والرياض، ونقلها إلى مقر المستشفى لزراعتها للمرضى الثلاثة، خلال 24 ساعة.

نقل وزراعة 3 قلوب خلال 24 ساعة في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض (الشرق الأوسط)

وبدأت رحلة عودة الأمل إلى المرضى الثلاثة، بانتقال الفرق الطبية من مركز القلب في «التخصصي»، إلى أبوظبي وجدة، لإزالة القلب من متبرعين متوفين دماغياً، ونقلها جواً عبر الطيران الخاص إلى العاصمة الرياض، وانتقال فريق طبي من «التخصصي» إلى مدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني بالرياض لإزالة القلب الثالث، لتنقل بعد ذلك بمركبات الإسعاف، بالتعاون مع مرور منطقة الرياض، الذي ساهم في تسريع وصولها خلال فترة زمنية وجيزة، وذلك عبر مرافقة دوريات المرور لمركبات الإسعاف من مطار الملك خالد الدّولي، ومدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني في الرياض إلى «التخصصي»، حيث أُجريت عمليات الزراعة الثلاث في أقل من 24 ساعة.

وأكّد المستشفى أن إجراء عمليات زراعة القلب لم تكن مجرد إجراء طبي، بل كانت مثالاً حيّاً على التعاون الذي شمل استكمال جميع الإجراءات النظامية، وأخذ الموافقات اللازمة من ذوي المتوفين، والتنسيق بين الفرق الطبية والميدانية في الدولتين والمناطق والمستشفيات المختلفة لإعادة الأمل إلى المرضى.


مقالات ذات صلة

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت «الأوركسترا السعودية» أجمل الألحان الموسيقية في ليلة ختامية كان الإبداع عنوانها على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
خاص الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

خاص نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

كشف مسؤول نيجيري رفيع المستوى عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.

الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود خلال مشاركته في الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول الخليج في قطر (واس)

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

أكد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الأربعاء، موقف بلاده الراسخ في تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دول الخليج، خصوصاً في الشأن الأمني.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.