«العيال فهمت»... مسرحية مصرية تستعيد فيلم «صوت الموسيقى»

مؤلف العرض قال إنه قدّم معالجة عصرية لإحدى الكلاسيكيات العالمية

الأب يقتنع بأسلوب التربية الحديثة في نهاية العرض (البيت الفني للمسرح)
الأب يقتنع بأسلوب التربية الحديثة في نهاية العرض (البيت الفني للمسرح)
TT

«العيال فهمت»... مسرحية مصرية تستعيد فيلم «صوت الموسيقى»

الأب يقتنع بأسلوب التربية الحديثة في نهاية العرض (البيت الفني للمسرح)
الأب يقتنع بأسلوب التربية الحديثة في نهاية العرض (البيت الفني للمسرح)

حين عثر الفريق الغنائي الأميركي رودجرز وهامرشتاين، في الخمسينات، على مذكرات الراهبة النمساوية ماريا، وحوّلها إلى مسرحية، بعنوان «صوت الموسيقى»، لم يتوقع الفريق تخليد هذا العمل ومحاكاته حول العالم.

على مسرح ميامي، وسط القاهرة، قدّمت فرقة المسرح الكوميدي معالجة جديدة لهذا العمل، تحت عنوان «العيال فهمت»، ما جدّد الجدل حول استعادة الأعمال الكلاسيكية، خصوصاً أن العمل نفسه قدّمته فرقة «ثلاثي أضواء المسرح» عام 1971، تحت عنوان «موسيقى في الحي الشرقي».

ويرى طارق علي، الذي كتب المعالجة الجديدة للمسرحية، بالتعاون مع أحمد الملواني، أن «إعادة تقديم الكلاسيكيات أمر رائع للغاية؛ لأنها أعمال أثْرَت وجدان الإنسانية، ومن حق الأجيال الجديدة أن تستمتع بها عبر تناول فني عصري».

فشل محاولات إرضاء الأبناء قبل مجيء المربية (البيت الفني للمسرح)

ويقول طارق علي لـ«الشرق الأوسط»: إن «المعالجة التي أقدّمها لـ(صوت الموسيقى) جديدة، وتخرج من إطار التكرار والاستنساخ»، لافتاً إلى «معالجة المسرحية لقضايا الواقع الذي نعيشه، كما أنها تمثل عرضاً مسرحياً غنائياً كوميدياً، يختلف عن القالب الفني الذي قُدّم من قبل».

وكانت المسرحية الأصلية، حائزة «جائزة توني»، ملهمةً لفيلم حمل الاسم نفسه، من بطولة جولي أندروز، وإخراج روبرت وايز، عام (1965)، وحقق نجاحاً مماثلاً، ورُشح لـ10 جوائز أوسكار، وحصل على 5 منها.

ويروي الفيلم الأميركي قصة الراهبة النمساوية التي تركت الدير، لتصبح مربّية لـ7 أطفال فقدوا والدتهم، ويعمل والدهم ضابطاً بحرياً، ويعامل أطفاله بقسوة وشدّة، ولا يسمح لهم بعصيان أوامره، حتى أصبح بيته بمثابة ثكنة عسكرية، لكن تأتي هذه المربّية لتغيّر الأمور، وتبدّل الأحوال، فتعمل على تربيتهم وتعليمهم من خلال الموسيقى والغناء، ويتعلّقون بها، ويحبها الأب أيضاً ويتزوجها في النهاية.

خلاف دائم بين الأب والمربية على تربية الأبناء (البيت الفني للمسرح)

وفي حين تتشابه أحداث العرض الجديد مع النص الأصلي، حيث يستعين الأب الطيار بمربّية؛ لضيق الوقت لديه، في تربيتهم، وبعد فشل شخص يُدعى زكريا وظّفه ليعاونه في هذه المهمة، فإن المسرحية تركّز أكثر على المشكلات الناجمة عن الفروق الكبيرة بين الأجيال، ومحاولة الوصول إلى صيغة تربوية حديثة وسليمة للتعامل بين الأب أو المربّي وبين الأطفال، بخلاف الأعمال الأخرى التي احتفت بالعلاقة بين الوالد والمربّية، حسب المؤلف الذي يوضح: «من هنا جاء اسم العمل (العيال فهمت)، فهي بمثابة صرخة تحذير للآباء بأن أي محاولة للقسوة المُفرطة، أو تجاوُز أحلام الأبناء وتجاهُل إرادتهم، محاولة فاشلة، سيخرج منها الجميع خاسراً؛ لأن أبناء الجيل الجديد يفهمون الواقع الذي يعيشونه جيداً، ويدركون قواعده أكثر من الأجيال السابقة».

الأب يعامل الأبناء بوصفهم كتيبة ويرفض العصيان (البيت الفني للمسرح)

وتحمل مسرحية «العيال فهمت»، من بطولة كلٍّ من رنا سماحة، ورامي الطمباري، وعبد المنعم رياض، وإيهاب شهاب، ورانيا النجار، ومحمود الهنيدي، وأميرة فايز، ومجموعة من النجوم الشباب الجدد، رسالةً للآباء مفادها ترك مساحة كافية من الحرية لأبنائهم، ليختاروا مساراتهم التعليمية والحياتية، بعد إرساء مجموعة من الأسس والمبادئ، وفق طارق علي، الذي لفت إلى أن «المسرحية تقدّم هذه الرسالة دون توجيه نصائح مباشرة أو وعظ، ونجح المخرج شادي سرور في تقديم عمل استعراضي كوميدي، يلعب الغناء فيه دوراً رئيسياً؛ فهو جزء من الحوار، أو لنقُل: إن جانباً مهماً من الحوار يأتي في قالب غنائي خفيف»، وأكّد أن «المسرحية تعتمد كوميديا الموقف لا كوميديا الإفيهات، لذلك فهي تناسب كل الأسرة؛ لابتعادها عن الإسفاف».

العرض استعراضي غنائي (البيت الفني للمسرح)

اللافت أن جانباً كبيراً من الطابع الكوميدي للعمل يرتبط بحالة التناقض التي يعيشها الأب، وذلك في إسقاط متعمَّدٍ على شريحة كبيرة من الآباء في الواقع؛ ذلك أن الأب نفسه عانى في صغره من صرامة أبيه، واضطر أن يصبح طياراً إرضاءً لرغبته، في حين أنه كان يهوى التمثيل، ويحلم أن يصبح ممثلاً مشهوراً.

وقد ساهم هذا الخيط الدرامي في إقناع المشاهدين بقبول الطيار في نهاية العمل بفكرة رعاية المربّية «نغم» للمواهب الفنية لدى الأبناء، ما بين الغناء والموسيقى والرسم وتصميم الأزياء، ويبرّر ارتباطه بها عاطفياً بعد أن جعلته يستعيد ذكريات الطفولة وأحلامها.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

«بيروت ترنم» يفتتح نسخته الـ17 مع موزارت ويختمها مع بوتشيني

فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
TT

«بيروت ترنم» يفتتح نسخته الـ17 مع موزارت ويختمها مع بوتشيني

فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)

«لسنا بخير في لبنان ولكننا سنكمل رسالتنا حتى النفس الأخير». بهذه الكلمات تستهل ميشلين أبي سمرا حديثها مع «الشرق الأوسط»، تُخبرنا عن برنامج النسخة الـ17 من مهرجان «بيروت ترنّم». فهي تتمسّك بتنظيم المهرجان في قلب المدينة؛ ما جعله بمثابة تقليدٍ سنوي في فترة أعياد الميلاد. طيلة السنوات الماضية ورغم كل الأزمات التي مرّ بها لبنان بقيت متشبثة بإحيائه.

كارلا شمعون من نجمات لبنان المشاركات في «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)

ينطلق «بيروت ترنّم» في 4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل ويستمر لغاية 23 منه. وتتجوّل الفرق الفنية المشاركة فيه بين مناطق مونو والتباريس والجميزة في بيروت، وكذلك في جامعة الألبا في سن الفيل، وصولاً إلى زوق مصبح ودير البلمند في شمال لبنان.

وبالنسبة لميشلين أبي سمرا فإن النسخة 17 من المهرجان تتجدد هذا العام من خلال أماكن إحيائه. وتتابع: «يزخر لبنان بأماكن مقدسة جمّة يمكننا مشاهدتها في مختلف مناطقه وأحيائه. وهذه السنة تأخذ فعاليات المهرجان منحى روحانياً بامتياز، فيحط رحاله في أكثر من دار عبادة وكنيسة. وبذلك نترجم العلاج الروحاني الذي نطلبه من الموسيقى. جراحنا وآلامنا لا تحصى، ونحتاج هذه المساحة الروحانية الممزوجة بالموسيقى كي نشفى».

أمسية «تينور يواجه تينور» مع ماتيو خضر ومارك رعيدي (بيروت ترنم)

يفتتح «بيروت ترنّم» أيامه بأمسية موسيقية مع الأوركسترا اللبنانية الوطنية، وتتضمن مقاطع موسيقية لموزارت بمشاركة السوبرانو ميرا عقيقي. ويحضر زملاء لها منهم الميزو سوبرانو غريس مدوّر، وعازف الباريتون سيزار ناعسي مع مواكبة جوقة كورال الجامعة الأنطونية. وبقيادة المايسترو الأب توفيق معتوق ستتجلّى موسيقى موزارت في كنيسة مار يوسف في مونو.

وبالتعاون مع السفارة السويسرية واليونيسكو في بيروت، يقدم فريق «سيستيما» حفله في جامعة «الألبا». وتقول ميشلين أبي سمرا: «أسسنا هذا الفريق منذ سنوات عدّة، وهو ملحق بـ(بيروت ترنّم)، ويتألف من نحو 100 عازف ومنشدٍ من الأولاد. ونحن فخورون اليوم بتطوره وإحيائه عدة حفلات ناجحة في مناطق لبنانية. سنكون على موعد معه في (بيروت ترنمّ) في 8 ديسمبر».

ومن الفنانين اللبنانيين المشاركين في برنامج الحفل الموسيقي زياد الأحمدية، الذي يحيي في 11 ديسمبر حفلاً في جامعة «الألبا» للفنون الجميلة. ويؤلف مع عازفي الساكسوفون و«الدوبل باس» نضال أبو سمرا ومكرم أبو الحصن الثلاثي الموسيقي المنتظر.

«مقامات وإيقاعات» أمسية موسيقية شرقية مع فراس عنداري (بيروت ترنم)

وتحت عنوان «سبحان الكلمة» تحيي غادة شبير ليلة 13 ديسمبر من المهرجان في كنيسة مار بولس وبطرس في بلدة قرنة شهوان، في حين تشارك كارلا شمعون في هذه النسخة من «بيروت ترنّم» في 15 ديسمبر، فتقدّم حفلاً من وحي عيد الميلاد بعنوان «نور الأمل».

تشير ميشلين أبي سمرا في سياق حديثها إلى أن عقبات كثيرة واجهتها من أجل تنفيذ المهرجان. «إننا في زمن حرب قاسية ولاقينا صعوبات مادية شكّلت عقبة، لولا دعمنا من قبل رعاة متحمسين مثلنا لاستمرارية لبنان الثقافة. كما أن نجوماً أجانب أصرّوا على المشاركة والمجيء إلى لبنان رغم ظروفه اليوم».

عازف العود زياد الأحمدية يحيي ليلة 11 ديسمبر (بيروت ترنم)

من بين هؤلاء النجوم الإسبانيان عازف الكمان فرانشيسكو فولانا وعازفة البيانو ألبا فينتورا. ومن بلجيكا يحلّ كلٌ من عازفة التشيللو ستيفاني هوانغ وعازف البيانو فلوريان نواك ضيفين على المهرجان، ويقدمان معاً حفلهما الموسيقي في 18 ديسمبر في كنيسة مار مارون في شارع الجميزة.

ومن الحفلات المنتظرة في هذه النسخة «تينور يواجه تينور». وتوضح ميشلين أبي سمرا: «يتجدّد برنامج المهرجان مع هذا الحفل. فهو يحدث لأول مرة ويشارك فيه كل من ماتيو خضر ومارك رعيدي، فيتباريان بصوتهما الرنان بعرض أوبرالي استثنائي». ويقام هذا الحفل في 9 ديسمبر في كنيسة مار مارون في الجميزة.

عازف الكمان الإسباني فرانسيسكو فولانا (بيروت ترنم)

ومن الفِرق اللبنانية المشاركة أيضاً في «بيروت ترنّم» كورال الفيحاء الوطني بقيادة المايسترو باركيف تاسلاكيان. وكذلك هناك مقامات وإيقاعات مع فراس عينداري ومحمد نحاس ومجدي زين الدين وهاشم أبو الخاضر، يقدّمون عرضاً غنائياً شرقياً، يتخلّله عزف على العود والقانون والكمان. ويقام الحفلان ليلتي 19 و20 ديسمبر في الجميزة. ويختتم «بيروت ترنّم» فعالياته في 23 ديسمبر في كنيسة مار مارون في الجميزة. وذلك ضمن حفل موسيقي في الذكرى المئوية للإيطالي بوتشيني، ويحييها التينور بشارة مفرّج وجوقة الجامعة الأنطونية بقيادة الأب خليل رحمة.