فيلم «هجّان» السعودي يحل ضيفاً على أرضه الثانية ضمن مهرجان عمّان السينمائي

الطفل السعودي عمر العطوي بدور «مطر» في فيلم «هجّان» (الشرق الأوسط)
الطفل السعودي عمر العطوي بدور «مطر» في فيلم «هجّان» (الشرق الأوسط)
TT

فيلم «هجّان» السعودي يحل ضيفاً على أرضه الثانية ضمن مهرجان عمّان السينمائي

الطفل السعودي عمر العطوي بدور «مطر» في فيلم «هجّان» (الشرق الأوسط)
الطفل السعودي عمر العطوي بدور «مطر» في فيلم «هجّان» (الشرق الأوسط)

منذ انطلاقته في سبتمبر (أيلول) الماضي وفيلمُ «هجّان» السعوديّ يجول حول العالم، متنقّلاً بين المهرجانات السينمائية ودُور العرض. أما محطته اليوم فهي «أرضه الثانية الأردن» وفق ما تقول المنتجة الشريكة في الفيلم رولا ناصر لـ«الشرق الأوسط».

يحلّ «هجّان» ضيفاً مكرَّماً في بيته، مستحقاً عن جدارة الإضاءة من قِبَل «مهرجان عمّان السينمائي الدولي». توضح رولا ناصر أن الفيلم ليس حاضراً في هذا الحدث الثقافي الأردني من باب المنافسة على جائزة «السوسنة السوداء»، إنما هو بمثابة ضيف شرف يعود إلى الأرض الثانية التي انطلق منها، في عرضٍ واحد تستضيفه «الهيئة الملكيّة للأفلام».

ليس «هجّان» من بين الأفلام المتنافسة بل يحلّ ضيفاً ضمن خانة «إضاءة» (الموقع الرسمي لمهرجان عمّان السينمائي)

فيلم «هجّان» السعوديّ الإنتاج والقصة، والذي أبصر النور من رحم مشروع «إثراء – مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي» لدعم المبادرات الثقافية والفنية السعودية، هو من إخراج المصريّ أبو بكر شوقي وبطولة الممثلَين السعوديَين عبد المحسن النمر وإبراهيم الحساوي، إلى جانب مجموعة كبيرة من الممثلين السعوديين. وبينما جرى تصوير الجزء الأكبر منه في صحراء تبوك في المملكة العربية السعودية، فإنّ وادي رُم الأردني استضاف قسماً من تصوير المشاهد الصحراويّة وسباقات الإبل.

الممثل السعودي عبد المحسن النمر بدور «جسّار» (الشرق الأوسط)

تدور الحكاية حول الطفل «مطر» الذي يواجه وحيداً مآسي عائلية عدّة، من بينها وفاة شقيقه الأكبر «غانم». الحدث المؤسف الذي يصيب العائلة، يدفع «مطر» اليتيم واليافع إلى خوض رياضة سباق الإبل لتفادي خسارة ناقته الغالية جداً على قلبه «حفيرة»، والتي يريد التاجر الجشع «جاسر» الاستيلاء عليها. يُدخله هذا التحدّي الأكبر من سنّه في دوّامةِ صراعٍ من أجل البقاء، وهو الفتى الطريّ العود وسط أشخاصٍ يتفّوقون عليه خبرةً وقوةً بدنيّة.

ينتمي الفيلم إلى فئة «سينما الصحراء» وهو مرتبطٌ مباشرةً بالبيئة الطالع منها. تشير رولا ناصر إلى أن «هجّان»، ورغم خصوصيّة هويّته، فإنه انتشر على المستويين العربي والعالمي. أما السرّ وراء ذلك، وفق ما تقول المنتجة السينمائية الأردنيّة، فهو «أنه يحمل رسالة إنسانية مهمة جداً بغضّ النظر عن هويّته». أضِف إلى ذلك أنه ملائم للفئات العمريّة كلّها، فهو بمثابة فيلم عائليّ «بما أنّ جوهر القصة إنساني ويمكن أن يتماهى معه المشاهدون أينما حلّوا في العالم، تأكيداً على نظرية أن السينما لغة إنسانية تجمع البشر على اختلاف انتماءاتهم».

بذلك، يتلاقى «هجّان» مع الشعار الذي يرفعه مهرجان عمّان السينمائي في دورته الخامسة هذه، وهو «احكيلي». تشدّد رولا ناصر على أنه «حان الوقت بالنسبة إلينا كعرب، كي نحكي قصصنا لأن ذلك واجب علينا وضرورة من أجل الدفاع عن هويّتنا». وتضيف أنّ «هجّان» هو انعكاس لهذه السرديّة العربيّة، بما أنه «يضيء على تقليد سباق الإبل الذي يُعتبر من أبرز خصوصيات الصحراء السعوديّة». وهو لا يقتصر على الرياضة والمنافسة فحسب، بل يذهب أعمق من ذلك، إذ إنه يقوم أساساً على العلاقة الوثيقة التي تجمع ما بين الإبل وأصحابها.

ينتمي فيلم «هجّان» إلى فئة سينما الصحراء (الشرق الأوسط)

رغم أنّ ميزانيّته لم تكن كبيرة، فإنّ فريق عمل «هجّان» رسم أهدافاً طموحة لمشروعه. أراد له إخراجاً ذا مستوى عالميّ يستطيع اختراق الجمهور في كل بقاع الأرض. كما أنه استعان بحِبر الأديب والروائي السعودي مفرج المجفل لكتابة القصة.

توضح رولا ناصر أنها دخلت المشروع بعد انتهاء مرحلة معالجته الدراميّة؛ «تسلّمتُ تنفيذ الإنتاج ولا أنكر أن التحدّيات كانت كبيرة، لا سيّما أنه كان علينا السير مع ميزانيّة صغيرة».

أما عن قولها إن الأردن هو «الوطن الثاني لهجّان»، فتوضح رولا ناصر أنّ «القسم الأكبر من سباقات الإبل جرى تصويره في منطقة وادي رُم الأردنية القريبة من الحدود مع السعوديّة وكان التنقّل يحصل براً نظراً لقُرب المسافات، كما أن المملكتَين تعاونتا إنتاجياً في الفيلم».

جرى تصوير سباقات الإبل ما بين صحراء تبوك السعودية ووادي رم في الأردن (الشرق الأوسط)

«هجّان» الذي كان عرضُه العالميّ الأول في سبتمبر 2023 ضمن «مهرجان الأفلام الدولي – تورونتو، كندا»، افتتح «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدّة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. حصد حتى الآن نحو 10 جوائز، وهو يكمل رحلته شرقاً وغرباً. فبعد مهرجان عمّان، ستكون له محطّات في أرض المنشأ، وتحديداً في وادي رُم وتبوك ونيوم. تقول رولا ناصر إن الفيلم «جال العالم تقريباً»، معدّدةً لوس أنجليس، واليابان، والصين، وأستراليا، ولندن، ومالمو، وروتردام من بين البلاد والمدُن التي زارها. وتضيف أنه «أينما حلّ، لاقى أصداءً إيجابية بسبب بُعدِه الإنساني».

ولدى سؤالها عن الطفل عمر العطوي الذي أدّى دور «مطر» آسراً القلوب، تلفت إلى أنه ليس ممثلاً بل هو قدّم على الشاشة الكبيرة ما يقوم به عادةً في حياته اليوميّة؛ فهو هجّان ابن هجّان. وتخبر كيف أنه خضع لدوراتٍ تدريبيّة على التمثيل قبل البدء بالتصوير، واكتشف آفاقاً جديدة مع احتكاكه بفريق عمل سينمائي محترف. كما أنه سافر مع الفيلم إلى المهرجانات السينمائية العالمية.


مقالات ذات صلة

16 برنامجاً تدريبياً في رياضة الهجن تستهدف مدارس التعليم السعودية

رياضة سعودية منافسات وطنية لصناعة أجيال من الأبطال الرياضيين في رياضة الهجن (الاتحاد السعودي للهجن)

16 برنامجاً تدريبياً في رياضة الهجن تستهدف مدارس التعليم السعودية

اتفاقية لتعزيز التعاون المشترك بين وزارة التعليم والاتحاد السعودي للهجن.

لولوة العنقري (الرياض)
رياضة سعودية بلغ عدد المطايا المشاركة في الأشواط الأربعة الأخيرة 107 مطايا (الشرق الأوسط)

مهرجان ولي العهد للهجن: نصف مليار القيمة السوقية لمشاركي الشوط الأخير

بلغت القيمة السوقية للهجن المشاركة في الشوط الختامي لمهرجان ولي العهد للهجن 481.5 مليون ريال، وفقاً لمختصين ومشاركين في المهرجان في نسخته السادسة.

«الشرق الأوسط» (الطائف)
رياضة سعودية الأمير سعود بن مشعل لدى تتويج حفيظ المري في فئة الزمول (وزارة الرياضة)

تحت رعاية ولي العهد... سعود بن مشعل يتوج أبطال «الهجن»

تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، أقيم اليوم الحفل الختامي لمهرجان ولي العهد للهجن في نسخته السادسة.

«الشرق الأوسط» (الطائف )
رياضة سعودية من مهرجان ولي العهد للهجن في نسخته السادسة (واس)

مهرجان ولي العهد للهجن: المُلاك السعوديون في الصدارة

تصدر ملاك الهجن السعوديون قائمة الملاك المتوجين في ختام المرحلة النهائية من مهرجان ولي العهد للهجن في نسخته السادسة إلى 136 شوطاً من أصل 244 شوطاً.

«الشرق الأوسط» (الطائف)
رياضة سعودية أكثر من 21 ألف مطية شاركت في النسخة الحالية من المهرجان (الشرق الأوسط)

مهرجان ولي العهد للهجن... «قياسية جديدة» في المطايا المشاركة

حقق مهرجان ولي العهد للهجن رقماً قياسياً جعل من النسخة السادسة الأكثر تسجيلاً للمطايا المشاركة في أشواط المهرجان.

«الشرق الأوسط» (الطائف)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
TT

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

بعيداً عن التكلس السياسي الذي تعانيه ليبيا، انطلق في العاصمة طرابلس مهرجان للفيلم الأوروبي تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي إلى البلاد، بالتعاون مع الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، في خطوة تستهدف توسيع الشراكة الثقافية وكسر حاجز الانقسام، من خلال تجميع الليبيين بالثقافة والفن.

وتشارك في النسخة الأولى من المهرجان، التي انطلق الأحد، 5 سفارات أوروبية عاملة في ليبيا، بأعمال يتم عرضها للجمهور مجاناً لمدة 5 أيام، تنتهي الخميس المقبل. وعبّر سفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن سعادته لافتتاح أول مهرجان سينمائي ليبي - أوروبي في طرابلس، إلى جانب الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، وسفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا وإسبانيا. وعدّ هذا الحدث «علامة فارقة في الشراكة الثقافية بين ليبيا والاتحاد».

ويعرض مساء اليوم (الاثنين) فيلم «راعي البقر من الحجر الجيري» المقدم من سفارة مالطا، بقاعة الهيئة العامة للسينما والمسرح في شارع الزاوية بطرابلس، التي دعت الجمهور للاستمتاع بمشاهدته.

البوستر الترويجي لفيلم «فتاة عادت» الإيطالي (إدارة المرجان)

وبجانب الفيلم المالطي، فإن العروض المفتوحة للجمهور تتضمن، وفق ما أعلنت إدارة المهرجان، ورئيس بعثة الاتحاد، «طفلة عادت» من إيطاليا، و«قصر الحمراء على المحك»، إسباني، ويعرض الثلاثاء، ثم «كليو» (ألمانيا) الذي يعرض للجمهور الأربعاء، على أن يختتم المهرجان بفيلم «عاصفة» الفرنسي.

ولوحظ أن الدول المشاركة في المهرجان حرصت على تروّج الأعمال المشاركة، من هذا المنطلق دعا المركز الثقافي الفرنسي والسفارة الفرنسية في ليبيا الجمهور الليبي لحضور الفيلم الفرنسي الذي أخرجه كريستيان دوغواي، وقالا في رسالة للجمهور الليبي: «نحن في انتظاركم لتشاركونا هذه اللحظة السينمائية الاستثنائية».

جانب من افتتاح مهرجان الفيلم الأوروبي في طرابلس (البعثة الأوروبية إلى ليبيا)

وكان رئيس هيئة السينما والمسرح والفنون، عبد الباسط بوقندة، عدّ مبادرة الاتحاد لإقامة المهرجان «خطوة إيجابية في مسار الشراكة بين ليبيا، متمثلة في هيئة السينما والمسرح والفنون، والاتحاد الأوروبي والدول الخمس المشاركة».

وأضاف بوقندة، في كلمة الافتتاح، الذي بدأ الأحد بعرض الأفلام، أن المناسبة «تفتح آفاقاً واسعة في مجالات السينما كواحدة من أهم أنواع التواصل بين الشعوب ومرآة عاكسة لكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية التي تسهم بفاعلية في توعية الناس، وتدفع بهم تجاه الارتقاء والإحساس بالمسؤولية».

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

وخلال مراسم الافتتاح، عُرض فيلم «شظية» الليبي الذي أنتج في الثمانينات، من تأليف الأديب الليبي المعروف إبراهيم الكوني، ويحكي قصة معاناة الليبيين مع الألغام التي زرعت في صحراء ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، وراح ضحيتها كثير من المواطنين في مدن ومناطق مختلفة من البلاد.

وبجانب العروض السينمائية في ليبيا، تُجمّع الفنون في ليبيا عادةً من فرقت بينهم السياسة، ويحشد المسرح على خشبته ممثلين من أنحاء البلاد، كانت قد باعدت بينهم الآيديولوجيات في زمن ما، يحكون جميعاً أوجاعهم عبر نصوص ولوحات إبداعية، ويفتحون نوافذ جديدة للتلاقي والحوار بعيداً عن النزاع والانقسام السياسي.

وسبق أن تعطلت الحركة الفنية المسرحية في ليبيا، مُتأثرة بالفوضى الأمنية التي شهدتها ليبيا عقب اندلاع ثورة «17 فبراير» التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011. لكن مع الاستقرار النسبي الذي تشهده ليبيا يظل الرهان على الفن في اختبار الانقسام السياسي، الذي ضرب البلاد، لتوحيد الليبيين.