مسرحية مصرية تختبر الغناء الأوبرالي بسوق العتبة

ناقشت قضايا الشباب وتذوق الفنون النخبوية

مطربة تقدم أغنية أوبرالية بجوار الباعة الجائلين في العتبة (مخرج العرض)
مطربة تقدم أغنية أوبرالية بجوار الباعة الجائلين في العتبة (مخرج العرض)
TT

مسرحية مصرية تختبر الغناء الأوبرالي بسوق العتبة

مطربة تقدم أغنية أوبرالية بجوار الباعة الجائلين في العتبة (مخرج العرض)
مطربة تقدم أغنية أوبرالية بجوار الباعة الجائلين في العتبة (مخرج العرض)

في ساحة مسرح الطليعة الملاصق لسوق العتبة المكتظ (وسط القاهرة) دار أول مشاهد العرض المسرحي «أوبرا العتبة»، حيث قدم مطربان أغنية أوبرالية، وفي الخلفية صورة صاخبة، وصوت مشوش من فرط مكبرات الصوت التي يستخدمها باعة السوق لاجتذاب زبائنهم.

انتقل العرض إلى قاعة زكي طليمات، داخل المسرح، في المشهد الثاني الذي بدأ بهجوم من ممثلين جسدوا شخصيات باعة جائلين حاولوا عرض سلعهم على الجمهور بأثمان زهيدة.

يضم العرض عدداً من الممثلين هم محمد عبد الفتاح (كالا) في دور الفنان المثقف، ودعاء حمزة في دور ربة المنزل، ومجموعة من الفنانين الشباب هم: إياد رامي وأحمد سعد ورنا عاصم وأمينة صلاح الدين، وبكر محمد وهاجر عوض، أما مطربا الأوبرا اللذان شاركا في العرض فهما روجينا صبحي ومحمود إيهاب.

مستويات متعددة شهدها العرض المسرحي «أوبرا العتبة» (مخرج العرض)

«بينما تحاصر البضائع المتنوعة وأصوات الباعة الجائلين المسجلة على مكبرات صوت قاعات مسرح الطليعة والمسرح القومي؛ ماذا لو حاولنا الخروج لهذه الفئة من مجتمعنا بإحدى الفنون الراقية؛ لنغني أوبرا وسط السوق ونرى ماذا ستكون ردود الفعل كل يوم بين الباعة والزبائن في محيط مسرح الطليعة؟».

بهذه الطريقة نبتت فكرة النص والعرض المسرحي الذي كتبه وأخرجه هاني عفيفي، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «أوبرا العتبة مسرحية تناقش نخبوية الفنون الراقية في مجتمعنا الحالي وشعور كثير من المثقفين ومبدعي الفنون الجميلة بالعزلة الاجتماعية بين جيرانهم ومواطنيهم، وانحصار جمهور معظم الفنون الراقية بتنوعها بين المسرح والرقص والأوبرا والموسيقى الكلاسيكية والفنون التشكيلية وغيرها على المشتغلين بها وذويهم في أغلب الأحيان».

ويطرح العرض تساؤلاً: «كيف أثر تدني الذائقة الموسيقية والفنية في الشارع المصري على سلوكياتنا وأخلاقيات التعامل بين الناس؟».

يتضمن العرض مساحتين تشبهان البيوت من الداخل، المساحة الأولى يشغلها مثقف وفنان يعيش وسط هذا الضجيج في عالمه الخاص، والمساحة الثانية تشغلها ربة منزل تجسد الطبقة الوسطى وما تعانيه من فزع تجاه الشعور بالأمان والرغبة في شراء كل مستلزمات المنزل بوفرة كبيرة.

ويصف محمد عبد الفتاح (كالا) دوره في العرض بـ«الصعب»، وهو دور المثقف، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هي شخصية عادة لا تكون مقبولة، فهي جادة وتطمح في نمط حياة مثالي لكنها معزولة عن المجتمع»، وتابع: «رغم أنني متخصص في الحكي فإنني استمتعت جداً بتقديم هذه الشخصية».

بنية المسرحية تبدو مثل «اسكتشات»، لكنها تعبر عن تناقض فادح موجود في المجتمع المصري بين عالم الزحام والضجيج في العتبة وشخصية المثقف الهادئ الذي يستمتع بالفن وقراءة الفلسفة والشعر وأغاني أم كلثوم، وسيدة المنزل من الطبقة الوسطى التي تحتمي من العالم الخارجي بالتمترس خلف محيطها الخاص، وجلب كل متطلباتها عبر الجوال.

نموذج سيدة المنزل المهمومة بشراء الطلبات من الشخصيات البارزة (مخرج العرض)

تقول الفنانة دعاء حمزة التي قدمت دور سيدة المنزل: «شخصية المثقف وشخصيتي ثابتتان، ربما لذلك وضعنا المخرج في مساحة بعيدة عن الشباب الذين يقدم كل منهم أكثر من دور، بينما نحن في مساحة تعبر عن بيوت مغلقة، أغرق داخل مساحتي وتعلو الكراتين التي تضم طلبات شتى من حولي لدرجة أنني أكاد أُدفن وراءها». وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «كذلك المثقف يجد أن الضجيج يتكاثر على عتبة منزله حتى يسقط خلف مساحات تعبر عن هذا الضجيج، وكأنه سقط دفيناً داخل عزلته، كأن الشارع يلتهمنا لأننا لم نحاول كسر مخاوفنا».

وذكرت أنها واجهت تحدياً يتمثل في فخ يحمله الدور، وهو أنها طوال الوقت تتحدث في الجوال وتطلب سلعاً غذائية وأدوية وتتحدث إلى زوجها وابنتها، «يكاد لا يوجد مونولوج حقيقي، ولكن من خلال الطلبات التي أطلبها تظهر شخصيتي ويمكن معرفة تفاصيل حياتي».

«السوشيال ميديا» كانت حاضرة في في عرض «أوبرا العتبة» (مخرج العرض)

ديكور المسرحية للفنان عمر غايات يتسم بالبساطة والتعقيد في آن، ففي خلفية المسرح عدد كبير من الصناديق الورقية «الكراتين»، وعلى جانب المسرح شاشة تعرض مشاهد «ريلز» متنوعة من «السوشيال ميديا»، بالإضافة للمساحتين اللتين يعيش فيهما المثقف وسيدة المنزل، ومشاهد أخرى لباعة أو أفراح في الشارع.

كما تظهر شخصيات «سوشيالية»مثل البلوغر التي تتذوق الكشري وتدعو متابعيها لخوض التجربة، والفتيات اللاتي يتحدثن عن نشر فيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي مقابل كثير من الدولارات، وتحاول فتاة أن تقنع صديقتها بأنهن لن يقمن بأمور محرمة، ولكن فقط مجرد «الدلع» أمام الكاميرا.

وفي مقابل المثقف الذي يستمع إلى قصيدة «أراك عصي الدمع» ويلقي أشعاراً لمحمود درويش وخطباً للعراف الأعمى من مسرحية أوديب لسوفكليس، نجد الشاب الذي يقدم أغاني المهرجانات الشعبية بملابسه المبهرجة وموسيقاه الصاخبة، كما يظهر حلم شباب في السفر للبحث عن فرص أفضل في الحياة.


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

3 نصائح بخصوص مقابلات العمل... «لا تصل مبكراً جداً»

رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
TT

3 نصائح بخصوص مقابلات العمل... «لا تصل مبكراً جداً»

رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

عند إجراء مقابلة عمل، سواء كانت وجهاً لوجه أو مقابلة افتراضية، يجب أن تتبع آداب السلوك المناسبة.

تقول إميلي ليفين، نائبة الرئيس التنفيذي في شركة «كارير غروب كامبانيز»: «تأكد من أنك تتواصل بعينك بشكل جيد، وإنك تعرف متى يكون من المناسب التحدث، ومتى يكون الوقت مناسباً لطرح الأسئلة».

أجرت ليفين، وفقاً لموقع «سي إن بي سي»، آلاف المقابلات خلال مسيرتها المهنية، غالباً من أجل مشاهير من الدرجة الأولى يبحثون عن مساعدين شخصيين أو رؤساء للموظفين.

هذه مجموعة من أفضل نصائح ليفين لتجنب إثارة علامات تحذير خلال مقابلة العمل.

لا تصل مبكراً جداً

من المهم أن تتأكد من الوصول إلى المقابلة في الوقت المناسب، خصوصاً إذا كانت مقابلة شخصية وليست افتراضية.

وتتابع ليفين: «إذا وصلت متأخراً جداً، فإنك تخاطر بفقدان جزء من مقابلتك، مما يضيع وقت المحاورين ويجعل الانطباع سيئاً. ولكن إذا وصلت مبكراً جداً، فهذا سيجعلك تبدو متحمساً جداً، وقد يجعل المحاور يشعر بالضغط».

وتؤكد ليفين: «الوصول قبل موعدك بعشر دقائق هو الوقت المثالي للدخول إلى مكتب المحاور».

قدم نفسك بأكثر طريقة احترافية ممكنة

تشدد لفين على أنه سواء كانت المقابلة عبر الإنترنت أو شخصية: «لا تمضغ العلكة، ولا ترتدي نظارات شمسية» أثناء المقابلة، مضيفة: «هذه الأمور غير رسمية وغير مهنية».

وتشير: «إذا كانت المقابلة وجهاً لوجه، فتأكد أن رائحة دخان السجائر لا تفوح منك ولا تضع عطراً فواحاً»، موضحة: «الكثير من الناس حساسين للروائح النفاذة».

لا تكشف عن معلومات سرية

تشدد ليفين على ضرورة تجنب التحدث بسوء عن أصحاب العمل السابقين، أو «الكشف عن الكثير من المعلومات السرية أو الخاصة بأماكن العمل السابقة».

تؤكد ليفين أن بعض عملائها يجعلون موظفيهم يوقعون اتفاقيات عدم الإفشاء، وعندما يخبرها أحد المرشحين أنه وقَّع على هذه الاتفاقية ومع ذلك يكشف عن معلومات سرية حول صاحب عمل سابق، فإنها تعد علامة مقلقة.