بعد رحلة إبداع منحته ألقاباً كثيرة، منها «فيلسوف الضحك» و«رائد الكوميديا السوداء»، نظراً لأسلوبه المميز الذي جمع بين القضايا الحيوية والمفارقات الساخرة، ودّعت مصر، الثلاثاء، فنان الكاريكاتير محمد حاكم عن عمر ناهز 80 عاماً.
ونعت «الجمعية المصرية للكاريكاتير» و«نقابة الفنانين التشكيليين المصريين» و«رابطة رسامات الكاريكاتير المصريات» الفنان الراحل، وذكر بيان صادر عن «مركز الفيوم للفنون» الذي أسسه الفنان التشكيلي محمد عبلة أن «مصر فقدت اليوم قامة من قامات فن الكاريكاتير»، مضيفاً أن «عمل الراحل لم يقتصر على تجسيد ملامح الناس فحسب، بل كان أيضاً مرآةً تعكس واقع المجتمع».
وأشار عبلة إلى أن «محمد حاكم صاحب مدرسة عميقة وممتدة في فنون الكاريكاتير الصحافي الساخر التي خاضها متأثراً بتجربة شقيقه الأكبر حسن حاكم (1929 – 1998) الذي يعدّ أحد رواد هذا الفن بمصر والعالم العربي».
مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «حاكم الأصغر استلهم شخصياته الواقعية من الشارع المصري الذي عرفه عن قرب ورسم ملامحها بمهارة وعذوبة نادرتين»، لافتاً إلى أنه «كان بارعاً في رسم أعمال بانورامية تحتوى على كثير من الشخصيات في مكان واحد، لكنها تحتفظ مع ذلك بحميمية ودفء عبر خطوط شديدة البساطة».
وينحدر محمد حاكم من أصول سودانية حيث هاجر والده من قرية شبا، بشمال السودان، إلى مصر وأنجب ابنيه حسن ومحمد، واستقر لاحقاً في القاهرة.
حصل محمد حاكم على بكالوريوس الفنون الجميلة عام 1958، وعمل في صحف «الجمهورية» و«المساء» و«الأهالي»، فضلاً عن مجلتي «صباح الخير» و«روز اليوسف». والتحق بمجلة «العربي» الكويتية مخرجاً فنياً ورساماً لمدة 30 عاماً.
وتحوّل بيته في القاهرة إلى «مجلس مفتوح»، يضم أعلام الفنون والآداب المختلفة، مثل الشاعرين عبد الرحمن الأبنودي ومحمد الفيتوري والكاتب الساخر محمود السعدني والمطرب النوبي محمد حمام.
ويشير فنان الكاريكاتير سمير عبد الغني إلى أن «محمد حاكم مارس جميع فنون العمل الإبداعي مثل الكاريكاتير ورسوم كتب الأطفال والقصص المصورة أو (الكوميكس)، كما تنوع إنتاجه بين الكاريكاتير السياسي على أغلفة مجلة (روز اليوسف) والكاريكاتير الاجتماعي في مجلة (صباح الخير)».
وأضاف عبد الغني لـ«الشرق الأوسط» أن «الفنان الراحل في سنواته الأخيرة اتجه إلى تجسيد حركة الناس في تجمعات كبرى وزحام المناسبات عبر لوحات تشكيلية شديدة التميز ليصبح بالفعل التجسيد الفعلي لفكرة الفنان الشامل».
وحول سبب إطلاق اسم «فيلسوف الضحك» على محمد حاكم، أوضح سمير عبد الغني أن «الأمر يعود إلى رؤيته الفكرية العميقة التي تعبر عنها رسوماته بخفة ظلّ وبساطة متناهية، كأن يرسم شخصاً بلا أذنين (لأن الناس لم تعد تسمع) أو شخصاً آخر بلا فم، وهكذا، فضلاً عن أنه كان قارئاً نهماً لفنون الرواية والشعر، وعلى إلمام واسع بالتاريخ».