رحلة ساحرة داخل أحضان الطبيعة بتقنيات مبتكرة في «موسم جدة»

لوحات جمالية لكل ما هو عابر... «الضوء والشعور وواقع اللحظة»

مبنى المعرض التفاعلي استُوحي تصميمه من منزل الرسام الفرنسي كلود مونيه (الشرق الأوسط)
مبنى المعرض التفاعلي استُوحي تصميمه من منزل الرسام الفرنسي كلود مونيه (الشرق الأوسط)
TT

رحلة ساحرة داخل أحضان الطبيعة بتقنيات مبتكرة في «موسم جدة»

مبنى المعرض التفاعلي استُوحي تصميمه من منزل الرسام الفرنسي كلود مونيه (الشرق الأوسط)
مبنى المعرض التفاعلي استُوحي تصميمه من منزل الرسام الفرنسي كلود مونيه (الشرق الأوسط)

عبر لوحات جمالية تمتد دون حدود؛ يمنح المعرض التفاعلي «تخيل مونيه» بإحدى وجهات «موسم جدة 2024» الترفيهي، زواره رحلة ساحرة في أحضان الطبيعة، تجسدت فيها تجليات الضوء والظل، وتغيرات الفصول، وانعكاسات السماء وسحبها وألوانها الزاهية، قبل الوقوف أمام بحيرة لمشاهدة تجسيد للوحة مونيه الشهيرة «زنابق الماء» التي ابتكر لعرضها تركيباً بانورامياً غامراً.

ويعايش زائر المعرض؛ المقام لأول مرة في جدة، تجربة فنية فريدة من نوعها تغوص به في الألوان النابضة؛ بدءاً من اللوحة الشهيرة «انطباع... شروق الشمس» (1872) وصولاً إلى سلسلة «زنابق الماء» التي استغرق رسمها 12 عاماً (1914 - 1926)، ليقدم المعرض رحلة عبر الزمن لاستكشاف عبقرية الفنان وفهمه العميق للضوء واللون.

يقدم المعرض أبرز 200 لوحة باستخدام تقنيات حديثة وتصميم مبتكر يغرق الزائر في المناظر الطبيعية (الشرق الأوسط)

«تخيّل مونيه»

تعدّ «غرفة الاكتشاف» في المعرض بوابة للتعرف على عالم الرسام الفرنسي مونيه ومسيرة حياته الفنية وإبداعاته المميزة، التي جسدت جوهر المدرسة الانطباعية وأهم مراحل حياته وأعماله.

ينقسم المعرض إلى 3 أقسام. يسلط القسم الأول الضوء على حياة مونيه ومحيطه؛ بما في ذلك عائلته وحديقته والمناظر الطبيعية التي ألهمت إبداعاته. بينما يقدم القسم الثاني عرضاً لسلسلة اللوحات المميزة التي أبدعها مونيه؛ منها «انطباع... شروق الشمس» و«وزنابق الماء» و«أكوام القش» و«كاتدرائية روان» و«محطة سان لازار»... وغيرها، فيما تقدم «الغرفة الغامرة» تجربة استثنائية لعشاق الفن من خلال عرضها لوحات مونيه بأعلى جودة ممكنة لتشعر الزائر بأنه يعيش داخل هذه اللوحات في غرفتين بيضاويتين كبيرتين تشكلان علامة اللانهاية. ويختتم المعرض بتجسيد ساحر لحديقة مونيه في بلدة جيفرني الفرنسية.

ويستعرض المعرض عبر «الغرفة الغامرة» أبرز 200 لوحة باستخدام تقنيات حديثة وتصميم مبتكر يدخل الزائر في المناظر الطبيعية من كل زاوية؛ من خلال ابتكار سمعي وبصري عبر تقنية «إجمالي الصورة»، التي حررت الصورة من إطارها التقليدي واستغلت المساحة المعروضة لتقديم عرض بزاوية 360 درجة على الجدران والأرضيات.

ترتبط أعمال مونيه ارتباطاً وثيقاً بمنطقة نورماندي حيث أيقظت شواطئ المدينة عين الرسام الناشئ (الشرق الأوسط)

يقول عبد الله إبراهيم؛ أحد المرشدين في المعرض، لـ«الشرق الأوسط» إن «الغرفة الغامرة» في المعرض تقدم تجربة استثنائية لعشاق الفن من خلال الإسقاط السردي للوحات على مساحة واسعة بصورة آسرة، مبيناً أن الغرفة تضم 24 «بروجكتر» تعكس الصورة إلى 3 آلاف بكسل، لافتاً النظر إلى إمكانية عرض لوحة واحدة أو مجموعات لوحات متصلة خلال عمليات الإسقاط السردي الواحد بزمن يقدر بـ40 ثانية، مشيراً إلى أن أبرز اللوحات يجري استعراضها بشكل كامل على مدار 32 دقيقة.

المعرض قدم رحلة ساحرة بأحضان الطبيعة تجسدت فيها تجليات الضوء والظل وتغيرات الفصول وألوان السماء الزاهية (الشرق الأوسط)

المدرسة الانطباعية

في مطلع سبعينات القرن التاسع عشر، برز اتجاه فني جديد على هامش المعارض الرسمية التي كانت تهيمن عليها الأعمال الأكاديمية التقليدية. تميز فنانو هذا الاتجاه؛ ورائدهم كلود مونيه، برسمهم في الهواء الطلق، متحررين من قيود القواعد والأطر التي فرضتها عليهم الفنون الأكاديمية.

وفي عام 1874 نظمت مجموعة من هؤلاء الفنانين معرضاً خاصاً بهم، عرض مونيه خلاله لوحته الشهيرة «انطباع... شروق الشمس» لتثير اللوحة السخرية بعدما أطلق عليها اسم «الانطباعية» استهزاءً بأنها غير مكتملة.

بيد أن مونيه احتضن هذا المصطلح، مؤكداً على أن الفن مجرد انطباع لحظي يتغير مع كل لحظة، ولم يعد الرسام الانطباعي يهتم بتصوير الأشياء بدقة فوتوغرافية؛ بل يركز على التقاط الضوء والظل والحركة كما تراها العين في لحظة محددة، وبدلاً من التركيز على الشيء أو الموضوع في حد ذاته؛ يتجه بالاهتمام إلى المسافة التي تفصله عن هذا الموضوع؛ تلك المساحة التي تضفي عليه الغموض والسحر.

وتأثرت الحركة الانطباعية بشكل كبير بالمطبوعات اليابانية في ستينات القرن التاسع عشر بشكل كبير، والتي تميزت بألوانها الزاهية وتركيباتها غير التقليدية ومناظرها الفريدة.

عبد الله بن صليح يشرح لزوار المعرض عن أشهر أعمال الرسام الفرنسي كلود مونيه (الشرق الأوسط)

وفرة اللوحات الفنية

تميز إبداع مونيه بوفرة اللوحات التي رسمها ضمن سلاسل فنية، مثل «زنابق الماء» و«أشجار الحور» و«أكوام القش» و«كاتدرائيات روان» و«محطة سان لازار» و«مقاعد البرلمان»... وفي كل سلسلة كان يضحي بالتفاصيل الدقيقة ليركز على نقل الشعور، منتجاً كل لوحة بدافع من الإلحاح لالتقاط لحظة عابرة.

وكشفت هذه السلاسل عن التدفق المتغير بين المشاهد والأشياء، مبرزة الهواء والضوء والانطباع. وفي كل سلسلة جديدة كان يبرز تطور واضح في أسلوب مونيه، خصوصاً من ناحية التركيب، ووصل هذا التوجه إلى ذروته في سلسلة «زنابق الماء» التي تعدّ أهم إنجازاته الفنية؛ حيث فقد الشكل أهميته لمصلحة الملمس اللوني للوحة.

ولم يكتفِ مونيه بنقل الواقع كما هو؛ بل تجاوز ذلك نحو آفاق جديدة، فمع كل لوحة جديدة ابتعد نهجه البصري أكثر فأكثر عن التصوير الواقعي، واتجه الشكل تدريجاً نحو التمثيل التجريدي.

تجسيد ساحر لحديقة مونيه في بلدة جيفرني الفرنسية بالمعرض التفاعلي (الشرق الأوسط)

تناغم فريد

وتتجلى مشاعر الانسجام والسكينة بوضوح في لوحة «جسر المشاة» الياباني، وبركة «زنبق الماء» التي رسمها مونيه عام 1899؛ حيث تظهر اللوحة تناغماً فريداً بين مكونات المشهد، فتتداخل الظلال الخضراء والصفراء وتتدفق بسلاسة عبر اللوحة. بينما يمتد الجسر المعلق كأنه خط متواصل دون نهاية، فتجذب الأزهار والنباتات المتنوعة أنظار المشاهدين وتغريهم بالدخول إلى عمق الصورة واستكشاف جمال البركة الساحرة.

المعرض سلط الضوء على حياة مونيه ومحيطه... بما في ذلك عائلته وحديقته والمناظر الطبيعية التي ألهمت إبداعاته (واس)

نشأة مونيه

وُلد مونيه في باريس عام 1840؛ حيث درس الرسم، ونظم معارضه الأولى في العاصمة الفرنسية، قبل أن تستقر عائلته في أرجنتوي من عام 1871 إلى عام 1878، واتسمت تلك المدة بوفرة الإنتاج الإبداعي الذي بلغ 237 لوحة؛ وهي المدة التي أشيرَ إليها بوصفها «ذروة الرسم الانطباعي».

المعرض قدم رحلة عبر الزمن لاستكشاف عبقرية الفنان وفهمه العميق للضوء واللون (الشرق الأوسط)


مقالات ذات صلة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.

الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود خلال مشاركته في الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول الخليج في قطر (واس)

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

أكد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الأربعاء، موقف بلاده الراسخ في تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دول الخليج، خصوصاً في الشأن الأمني.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الخليج م. وليد الخريجي وفروخ شريفزاده يترأسان الجولة الثالثة من المشاورات السياسية بين السعودية وطاجيكستان في الرياض (واس)

مشاورات سعودية - طاجيكية تناقش تعزيز التعاون في شتى المجالات

بحثت جولة المباحثات الثالثة من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والطاجيكستانية، الأربعاء، تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج وزير العدل السعودي خلال مباحثاته مع رئيس مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص (واس)

وزير العدل السعودي يبحث سبل تعزيز التعاون مع رئيس مؤتمر لاهاي

بحث الدكتور وليد الصمعاني وزير العدل السعودي مع كريستوف برناسكوني رئيس مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص، سبل تعزيز التعاون بين وزارة العدل ومؤتمر لاهاي للقانون.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
عالم الاعمال ديفيد كوهلر رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للشركة

«كوهلر» العالمية تفتتح مقرها الإقليمي في الرياض

أعلنت شركة كوهلر العالمية افتتاح مقرها الإقليمي الجديد بالعاصمة السعودية الرياض، في خطوة استراتيجية تهدف إلى دعم مسيرة التنمية والتحديث التي تشهدها المملكة.


«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
TT

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير الذين اختفوا عن حفل الختام الذي أقيم في قصر ثقافة مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء.

ووفق نقاد، فإن التضارب الذي يحدث بين مواعيد انعقاد مهرجانات مصرية على غرار «شرم الشيخ المسرحي» و«القاهرة السينمائي» هو السبب وراء اختفاء نجوم الشاشات والمسرح عن حضور فعاليات المهرجان.

ورغم استمرار انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي المعروف بكثافة فعالياته، جرى تكريم بعض نجوم الفن والسينما، عبر حفل «غولدن غلوب» ومجلة «Enigma»، بأحد الفنادق الكبرى على النيل، كان من بينهم الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، والفنانة يسرا، اللذان تم منحهما جائزة «عمر الشريف».

وشهد حفل ختام «شرم الشيخ المسرحي» حضور عدد قليل من الفنانين والمسرحيين، من بينهم الفنان سيد خاطر، وكيل وزارة الثقافة المصرية الأسبق، وأحمد بو رحيمة، مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة بالشارقة، والفنان علاء مرسي، والفنان والبروفيسور الروسي ميخائيل جوريفوري، والمخرج الروماني قسطنطين كرياك، رئيس مهرجان سيبيو الدولي، والفنانة حلا عمران، والفنانة اللبنانية مروة قرعوني، والفنان أحمد وفيق، والمخرج السوري ممدوح الأطرش، والكاتبة فاطمة المعدول، والدكتور سعيد السيابي من سلطنة عمان، والمخرج عصام السيد، والفنانتان المصريتان عزة لبيب، ومنال سلامة.

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي (شرم الشيخ المسرحي)

وسيطرت مصر على جوائز حفل الختام؛ إذ حصل شباب مسرحها على جائزة أفضل عرض متكامل بمسرحية «هجرة الماء» وشهادتي تقدير لجودة العمل في مسابقة مسرح الطفل والنشء، كما حصل المصري أحمد بيلا على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع، عن عرض «خلف النافذة»، أما عن أبرز الجوائز العربية فحصل العرض الإماراتي «حكايات صامتة» على جائزة أفضل أداء جماعي في مسابقة مسرح الطفل والنشء، وحصل العرض العماني «فضيلة عبيد» على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع.

وأعلن المخرج مازن الغرباوي، مؤسس ورئيس المهرجان، أن دولة كوريا الجنوبية ستكون ضيف شرف المهرجان في الدورة المقبلة التي ستحمل اسم الفنانة المصرية القديرة إلهام شاهين، لمسيرتها المهمة في المسرح المصري والعربي.

وأعرب المخرج السوري ممدوح الأطرش عن سعادته البالغة لتكريمه في مصر، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أتابع المهرجان منذ انطلاقه قبل 9 سنوات، وأراه يتطور سنة تلو الأخرى».

ممدوح الأطرش خلال حفل الختام (شرم الشيخ المسرحي)

وعن أعماله الفنية التي يحضر لها خلال الفترة المقبلة، قال الأطرش: «أجهز لفيلم سينمائي عن حياة الفنانة الراحلة أسمهان، نجري حالياً تشاورات ونقاشات عدة حوله، حتى يخرج بالصورة الرائعة التي تُمثل قيمة أسمهان بصفتها فنانة عالمية، مع سرد سريع لقصة عائلة الأطرش».

يُذكر أن الدورة التاسعة من المهرجان كانت تحمل اسم المخرج الكبير الراحل جلال الشرقاوي، وشهدت مشاركة 36 دولة، ومنح الفنانة السورية حلا عمران درع «سميحة أيوب»، بجانب تكريم الفنان علاء مرسي، والفنان الروسي ميخائيل جوريفوي، والمخرج السوري ممدوح الأطرش.