«قليل البخت»... رؤية عصرية لـ«ألف ليلة وليلة»

مسرحية مصرية تمزج الحكي بالغناء الشعبي

«قليل البخت»... رؤية عصرية لـ«ألف ليلة وليلة»
TT

«قليل البخت»... رؤية عصرية لـ«ألف ليلة وليلة»

«قليل البخت»... رؤية عصرية لـ«ألف ليلة وليلة»

باسكتشات مسرحية تستلهم أجواء «ألف ليلة وليلة»، وتمزج بين الحكي والغناء الشعبي، جذبت مسرحية «قليل البخت» اهتمام جمهور مركز الإبداع الفني بمصر، الذي تفاعل مع حكايات العرض، والأغاني التي تخلّلته.

العرض الذي جاء ضمن أنشطة «منتدى القاهرة الثقافي»، بالتعاون مع «الجمعية المصرية لأصدقاء مكتبة الإسكندرية»، يحمل الكثير من الأبعاد التراثية والشعبية المرتبطة بالمعتقدات والعادات والتقاليد، بالإضافة لقصص الحياة اليومية.

يبدأ العرض بمجموعة من الأشخاص يلتقون عرّافة، يشتكون لها من قلة بختهم، وحظّهم العثِر، وتبدأ الحكايات في التدفق، من بينها قصة «أم سحلول»؛ زوجة شاهبندر التجار، التي يموت كل أولادها في الصغر، وبقي ولد واحد هو سحلول الذي يهدر أموال الأسرة، ويفشل في كل مهمة تُسند إليه، بل يرفض الزواج من ابنة ملك، كما يرفض ثروة من الذهب بسبب «خفة عقله».

صاحب فكرة إعداد العرض الكاتب ميسرة صلاح الدين، قال إن «الفكرة جاءت من وجود إحساس بالانقطاع بيننا وبين تراثنا الشفاهي أو حتى المكتوب»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «تصورت أن تقديم هذا التراث، مع ربطه بالأمثال الشعبية، سيوضح للأجيال الجديدة أهميته وقيمته الوجدانية الكبيرة».

اسكتش آخر يتضمّنه العرض، عن صياد يعيش في الغابة على الكفاف هو وزوجته، ويصطاد عصفوراً، إلا أن العصفور يتكلم، ويطلب من الصياد إطلاقه من الأسر مقابل أن يمنحه 3 أمنيات، ويُطلقه الصياد، ولكنه يهدر الأمنيات الثلاث في وجبة من الطيور، وفي إخراس زوجته التي تنهره طوال الوقت، ثم في علاجها من الخرس.

وأوضح صلاح الدين أن «العرض يعتمد على مجموعة من حكايات التراث، بعضها سمعناه من الجدات، وجزء كبير من (ألف ليلة وليلة)، ودمجها مع الأغاني الشعبية والمواويل، ودعم الشخصيات بالأمثال الشعبية والطُّرَف والنوادر».

ومن القصص الأخرى التي تضمّنها العرض التاجر ذو اللحية الكثّة، الذي باع لحيته لأخيه، (بالعامية: سلّم ذقنه لأخيه)، في إشارة إلى الثقة الزائدة عن الحد، فاستعبده أخوه، وتحكّم فيه، بحجة أنه يمتلك ذقنه.

ولفت مُعِدّ العرض إلى أنه «سعى للمزج بين حكايات من (ألف ليلة وليلة) مع مفردات جديدة تتضمّن بصمة جيلنا، ورؤيتنا الخاصة للتراث، بغرض الاحتفاء به، وفي الوقت نفسه تقديم شكل مختلف يمكن للأجيال الجديدة أن تتفاعل معه وتفهمه وتحبه، ولهذا طعّمنا الدراما ببعض المواقف الكوميدية الخفيفة».

وتخلّلت العرض، الذي يدخل ضمن إطار فنون الحكي، مجموعة من الأغاني الشعبية، قدّمها عدد من الشباب ضمن الفريق المسرحي، ومن بينها أعمال لحفني أحمد حسن؛ صاحب ملحمة «شفيقة ومتولي»، حيث غنى له أحد الشباب أغنية «إنت مين؟».

ويؤكد صلاح الدين أن «فن الحكي يُعدّ من الفنون القديمة جداً، بل الفنون الأولى التي عرفتها البشرية، وقد حاولت من خلال العرض، وبمساهمة مخرجة العرض؛ مي عبد الرازق، تقديم تشخيص داخل العرض، بمعنى تجسيد المواقف بالممثّلين لتقريب الصورة، والتفاعل أكثر مع المشاهدين».

قاد الكورال والموسيقى في العرض الفنان هادي عبد العزيز، وأخرجت العرض ووضعت رؤيته السينوغرافية مي عبد الرازق، التي وظّفت عناصر الإضاءة والملابس والخلفيات في استعادة أجواء الماضي، واستعاضت عن الديكورات بالاعتماد على الخلفيات الديجيتال المتحركة؛ للمساهمة في دخول عالم الحكاية.

وعدّ الشاعر سامح محجوب، مؤسّس «منتدى القاهرة الثقافي»، التابع لصندوق التنمية الثقافية، هذا العرض بمثابة امتداد لخطة المنتدى في إبراز الزخم والتنوع الشديد في الثقافة والإبداع المصري أدباً ومسرحاً وفكراً وموسيقى، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا العرض استلهام لحكايات من التراث الشعبي و(ألف ليلة وليلة) تعبّر عن سوء الحظ، ودمجها بمجموعة من الأغاني، كما قدّم عدداً مهماً من الممثلين المتميزين في الحركة المسرحية المصرية بمدينة الإسكندرية».


مقالات ذات صلة

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

يوميات الشرق جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

انطلقت مسابقة «مبادرة المسرح المدرسي» التي تشارك فيها ألف مسرحية قصيرة من إعداد الطلاب والطالبات من جميع المدارس التابعة لإدارات التعليم على مستوى السعودية بعد…

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)

«مسرح شغل بيت» يحتفل بـ8 سنوات على ولادته

تُعدّ الاحتفالية حصاد 8 سنوات من العمل والاجتهاد، خلالها قدّم «مسرح شغل بيت» نحو 40 عملاً توزّعت على أيام تلك السنوات عروضاً شهرية استمرت طوال أزمات لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق توقيع اتفاق شراكة بين هيئة المسرح وجمعية المسرح السعوديتين على هامش المؤتمر (جمعية المسرح)

جمعية المسرح السعودية تطلق 8 مشاريع لتعزيز عطاء المبدعين

أطلقت جمعية المسرح والفنون الأدائية في السعودية 8 مشاريع لتعزيز أدوارها في القطاع بوصفها رابطة مهنية للممارسين في مختلف الفنون المسرحية والأدائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مهرجان الخليج للمسرح ينطلق من الرياض في دورته الـ14 (حساب المهرجان على منصة إكس)

«المسرح الخليجي" يستأنف مسيرته من الرياض بعد غياب 10 سنوات

أطلق مهرجان المسرح الخليجي أعماله، في مدينة الرياض، التي تحتضنه للمرة الأولى منذ عام 1988 من خلال دورته الـ14.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق المصنع يشهد النسخة العصرية من مأساة ماكبث (مهرجان المسرح التجريبي)

«ماكبث المصنع»... صرخة مسرحية للتحذير من الذكاء الاصطناعي

في رائعة وليام شكسبير الشهيرة «ماكبث»، تجسد الساحرات الثلاث فكرة الشر؛ حين يهمسن للقائد العسكري لورد ماكبث بأنه سيكون الملك القادم على عرش أسكوتلندا.

رشا أحمد (القاهرة)

معرض في سويسرا يحتضن آثار غزة: تدميرها المُتعمَّد «جريمة حرب»

الإرث مرايا الشعوب (أ.ف.ب)
الإرث مرايا الشعوب (أ.ف.ب)
TT

معرض في سويسرا يحتضن آثار غزة: تدميرها المُتعمَّد «جريمة حرب»

الإرث مرايا الشعوب (أ.ف.ب)
الإرث مرايا الشعوب (أ.ف.ب)

تُبرز عشرات القطع الأثرية المُستخرجة من أرض غزة، هوية القطاع الذي يعاني الحرب منذ نحو سنة، من خلال معرض في سويسرا بعنوان «تراث في خطر».

ويستضيف متحف جنيف للفنون والتاريخ معرضاً يضمّ 44 قطعة من غزة، مملوكة للسلطة الفلسطينية، من بينها جِرار وتماثيل صغيرة وشواهد مقابر ومصابيح زيت، إلى جانب بضع عشرات من القطع الأثرية الأخرى من السودان وسوريا وليبيا.

ورأت أمينة المعرض الذي يُقام من 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي إلى 9 فبراير (شباط) المقبل، بياتريس بلاندان، أنّ «هذه المعروضات جزء من روح غزة، إنها الهوية»، مؤكدة أنّ التراث «هو في الواقع تاريخ هذا القطاع، وتاريخ الناس الذين يسكنونه».

وتشكّل القطع الـ44 جزءاً من مجموعة واسعة تضم أكثر من 530 قطعة محفوظة داخل صناديق في حظيرة آمنة بجنيف منذ عام 2007، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

هذه المعروضات جزء من روح غزة (أ.ف.ب)

ويُقام المعرض بمناسبة الذكرى الـ70 لتوقيع معاهدة لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلّح، ويركّز على مسؤولية المتاحف في حماية الممتلكات الثقافية بمواجهة التدمير والنهب والصراعات، ويذكّر بأنّ التدمير المتعمد للتراث يُعَدُّ جريمة حرب.

ولاحظ عضو السلطة التنفيذية لمدينة جنيف، ألفونسو غوميز، أنّ «القوى الظلامية أدركت أنّ الممتلكات الثقافية هي مسألة حضارية؛ لأنها لم تتوقّف يوماً عن الرغبة في تدمير هذا التراث، كما هي الحال في الموصل».

أما مدير متحف جنيف للفنون والتاريخ، مارك أوليفييه والر، فأسف لكون «معتدين كثر يعمدون في حالات النزاعات إلى المسّ بالتراث الثقافي؛ لأنّ ذلك يعني طبعاً محو هوية شعب وتاريخه». لكنه شدَّد على أنّ «ثمة متاحف وقواعد واتفاقات تحمي هذا التراث لحُسن الحظّ».

ودفعت المواقع الثقافية ثمناً باهظاً منذ الهجوم العسكري الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة رداً على العملية التي نفذتها حركة «حماس» الفلسطينية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

التراث هو تاريخ الناس الذين يسكنون القطاع (أ.ف.ب)

ورصدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) أضراراً لحقت بـ69 موقعاً ثقافياً منذ بداية الحرب حتى 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، استناداً إلى صور الأقمار الاصطناعية، من بينها 10 مواقع دينية و7 أثرية، و43 مبنى ذا أهمية تاريخية و/أو فنية، و6 نصب، ومستودعان للأغراض الثقافية، ومتحف واحد.

وشدّد المتحف على أنّ «القيمة التراثية لقطع غزة المحفوظة في جنيف تبدو أكبر»؛ نظراً إلى أنّ التراث الثقافي الفلسطيني أصبح راهناً «ضحية للتدمير أكثر من أي وقت مضى».

وأُحضرت هذه الآثار التي توضح جوانب من الحياة اليومية المدنية والدينية من العصر البرونزي إلى العصر العثماني، إلى جنيف عام 2006 لعرضها في معرض بعنوان «غزة على مفترق طرق الحضارات»؛ افتتحه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

وكانت هذه القطع ملكاً للسلطة الفلسطينية ولرجل الأعمال الفلسطيني جودت الخضري الذي باع تلك العائدة إليه عام 2018. لكنّ هذه القطع التي كان من المقرّر أن تشكل في المستقبل مجموعة المتحف الأثري في غزة، بقيت لـ17 عاماً عالقة في جنيف؛ إذ لم يتسنَّ يوماً توفير الظروف الملائمة لإعادتها إلى القطاع بأمان.

المسّ بالتراث محو هوية شعب وتاريخه (أ.ف.ب)

علّقت بلاندان: «في الوقت الذي كان مقرراً فيه نقلها مجدّداً إلى غزة، طرأت سيطرة (حماس) على القطاع، وحصلت توترات جيوسياسية بين فلسطين وإسرائيل». ولاحظت أنّ هذه العرقلة التي شاءتها الظروف أتاحت في الواقع إنقاذ قطع «ذات أهمية كبرى»، في حين «دُمِّرَت كامل مجموعة الخضري الخاصة التي بقيت في غزة».

وتعهّدت سلطات جنيف بموجب اتفاق تعاون جديد وقّعته في سبتمبر الماضي مع السلطة الفلسطينية الاعتناء بهذا التراث لأطول مدة ممكنة.

وسبق لمتحف جنيف للفنون والتاريخ أن استُخدم عام 1939 ملجأ لأهم كنوز متحف برادو وعدد من المجموعات الكبرى الأخرى في إسبانيا التي أخرجها الجمهوريون الإسبان من بلدهم بالقطار.

واستضافت جنيف العام الماضي معرضاً للأعمال الأوكرانية. كذلك دعمت سويسرا، بالتعاون مع دول أخرى، أكثر من 200 متحف في أوكرانيا، لمساعدتها في الحفاظ على مجموعاتها بعد الغزو الروسي في فبراير 2022.