يعتبر أحمد سالم 39 عاماً (سائق أجرة)، وهو مقيم بحي فيصل بالجيزة، نفسه من «الطبقة التي كُتب عليها تحمل الأزمات» ومن أبرزها «انقطاع الكهرباء»، لكنه فوجئ بقطع التيار عن مدن حديثة توصف بأنها «راقية» شرق القاهرة.
«عدالة تخفيف الأحمال» التي أبدى سالم إعجابه بها في البداية تبددت عندما تابع غروب «أخبار سكان مدينة الرحاب»، على «فيسبوك» والذي نشر بعض أعضائه مقطع فيديو يُبين المناطق التي تنقطع بها الكهرباء وأخرى «فاخرة» مستثناة من الانقطاع.
وعلّقت صاحبة حساب باسم «هناء شعبان» على هذا الفيديو وكتبت متعجبة: «هناك أماكن في مصر كلها بتقطع فيها الكهربا وأماكن تانيه بتقطع مرتين، وكمبوندات لا يطبق عليها خطة تخفيف الأحمال».
وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» أحد قاطني المنتجعات السكنية الفاخرة (شرق القاهرة) وأخرى تقيم بمنطقة الساحل الشمالي الغربي منذ عيد الأضحى الماضي، حيث قالا إن «الكهرباء لا تنقطع عن مناطقهم التي يعيشون فيها راهناً»، مبررين ذلك بأنهم «يسددون فواتير كهرباء ضخمة وأن مناطقهم تعدّ سياحية».
وتصل أسعار بعض الوحدات السكنية في مدينة الرحاب التي تشهد عدم انقطاع التيار إلى 13 مليون جنيه (الدولار يساوي 48 جنيهاً مصرياً)، فيما تنحصر الأسعار في المناطق المجاورة التي تشهد انقطاعات بين 2 أو 3 ملايين جنيه. وفق سكان المدينة.
ونفت مصادر بوزارة الكهرباء المصرية لوسائل إعلام مصرية استثناء جميع المدن الساحلية من خطة تخفيف الأحمال بما فيها الإسكندرية، بعد زيادة حدة الانتقادات والمشاحنات السوشيالية إزاء ما تردد عن استثناء مدن ساحلية وسياحية من قطع الكهرباء. لكن المصادر ذكرت أن «منتجعات الساحل الشمالي الغربي لمصر، بجانب مدينتي الغردقة وشرم الشيخ مستثناة من الانقطاع نظراً لمكانتها السياحية».
وهو ما تؤكده فاطمة علي، التي تسكن في حي الهرم بالجيزة، قائلة: «الكهرباء لا تنقطع عن القرية السياحية التي أقضي بها إجازة الصيف راهناً بالساحل الشمالي».
مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «هربنا من درجة الحرارة المرتفعة بالقاهرة، وانقطاع الكهرباء المتكرر بها ورغم ذلك لست سعيدة لأنني أخشى على أجهزة منزلي بالقاهرة من التلف جراء القطع المتكرر للتيار».
وانتشر فيديو على «إكس» لشخص يشير إلى منطقة تظهر فيها الإنارة بشكل لافت، معلقاً: «هذا هو الساحل (الشمالي) الذي يسكن فيه الأغنياء؛ الكهرباء لا تنقطع عنه، بينما نحن في قريتنا البسيطة تنقطع لثلاث مرات في اليوم».
وبلغ انتقاد خطة تخفيف الأحمال ذروته يوم الاثنين الماضي مع مد فترة الانقطاع إلى 3 ساعات، ما دفع قيادات الدولة إلى التفاعل مع ردود الجمهور، وفيما وجّه رئيس الجمهورية بالعدالة في توزيع الكهرباء، فإن رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، قدم اعتذاراً صريحاً للمواطنين عن زيادة ساعات الانقطاع.
ودخل عدد من الإعلاميين على خط الأزمة، وانتشرت تدوينة للإعلامية المصرية لميس الحديدي عبر «إكس» على نطاق واسع، حيث تساءلت: «لو بورسعيد بتقطع الكهرباء فيها 4 ساعات... محافظات الصعيد بتقطع فيها كم ساعة؟»، وتابعت: «ماذا يعني قطع الكهرباء 4 ساعات في حرارة 43 وبدون مواعيد محددة؟ فيه ناس كبيرة لا تتحمل، وناس عيانة وطلبة بيذاكروا وناس بتتعلق في المصاعد، حتى الناس العادية ده أبسط حقوقها».
وأكدت الدكتورة سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن «مسألة انقطاع الكهرباء أثرت بشكل كبير على العلاقات الاجتماعية بين الأسر».
مشددة على أن «الأزمة تسببت في مشاحنات طبقية محدودة»، متهمة «السوشيال ميديا» بـ«التهويل»، وأشارت إلى أن «الأماكن التي لا تنقطع فيها الكهرباء يمكن أن تكون محدودة جداً، ولا تحصل على ميزة من الدولة، ومن ثم تصبح هذه المشاحنات الطبقية على (السوشيال ميديا) ليس لها ما يبررها». وفق تعبيرها. وانتقدت خضر تأخر المسؤولين المصريين في توضيح أسباب الأزمة التي قد تؤدي إلى «آثار اجتماعية سلبية».
ورغم أن مصر لديها قدرات لتوليد ما يزيد على 60 ألف ميغاواط من الكهرباء يومياً، حسب بيانات وزارة الكهرباء المصرية. فإن أقصى استهلاك يومي للكهرباء أعلن عنه رئيس الوزراء مؤخراً قبل الأزمة الحالية وصل إلى 36 ألف ميغاواط».
ويقلل الدكتور عثمان فكري أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة من تأثير هذه المشاحنات الطبقية على خلفية أزمة انقطاع تيار الكهرباء، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كل الطبقات تشتكي من هذا الأمر أغنياء وفقراء»، لافتاً إلى أن «السوشيال ميديا تُستخدم أحياناً كسلاح للتهويل، لأنه لا ضابط ولا رقيب على منشورات وتعليقات المستخدمين».
وينعم مصريون يقيمون بجوار أقسام الشرطة والمستشفيات وبعض الأماكن الحيوية بعدم انقطاع الكهرباء عن وحداتهم السكنية، مما يثير بدوره تعليقات ساخرة ممزوجة بالحزن.