في الهند يعالجون «الربو»... بابتلاع سمكة حية (صور)

يضطر بعض الآباء لفتح أفواه أطفالهم الذين يحاولون دون جدوى مقاومة ابتلاع السمكة الحية (أ.ب)
يضطر بعض الآباء لفتح أفواه أطفالهم الذين يحاولون دون جدوى مقاومة ابتلاع السمكة الحية (أ.ب)
TT

في الهند يعالجون «الربو»... بابتلاع سمكة حية (صور)

يضطر بعض الآباء لفتح أفواه أطفالهم الذين يحاولون دون جدوى مقاومة ابتلاع السمكة الحية (أ.ب)
يضطر بعض الآباء لفتح أفواه أطفالهم الذين يحاولون دون جدوى مقاومة ابتلاع السمكة الحية (أ.ب)

تشجع أم ابنتها الصغيرة على فتح فمها بالكامل لابتلاع سمكة حية تحمل «الترياق» الذي تعتقد أنه سيساعدها في علاج الربو، وهي واحدة من آلاف المرضى الذين يأملون في ابتلاع «سمكتهم» للتخفيف من حِدة أعراض الربو في بلد يسوده كثير من المعتقدات الخاطئة، مثل الهند.

سيدة تستعد لابتلاع العلاج التقليدي المؤلف من سمكة محشوة بالمعجون السحري الأصفر أملاً في التخلص من أعراض الربو المزمنة (أ.ب)

فمع كل صيف، وفي يوم تعده الحسابات الفلكية ميموناً يقع بين شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز)، يتدفق عشرات الآلاف من الذين يعانون الربو وغيره من أمراض الجهاز التنفسي، إلى مدينة حيدر آباد، الواقعة جنوب الهند؛ لابتلاع سمكة حية صغيرة جرى حشو فمها بعلاج عشبي «سري» لا تمتلك سوى عائلة واحدة فن صناعته.

معالجة ترشد فتاة إلى كيفية إخراج لسانها تمهيداً لدس «العلاج السمكي» في حلقها (أ.ب)

تقول الأسطورة إنه في عام 1845 قدَّم قديس متجول أسرار تركيبة عجيبة من الأعشاب إلى فييرانا جود؛ وهو رجل يعيش في مدينة حيدر آباد القديمة، وأمره بتقديمها لمرضى الربو مجاناً. ومنذ ذلك الحين، حافظ أحفاد جود، المعروفون باسم آل بثيني، على التقليد، وأبقوا سر التركيبة العشبية طي الكتمان، ولم يجرِ تقاسمه إلا بين أحفاد جود الذكور.

أحد المعالجين يحمل مقداراً من المعجون العشبي الأصفر الذي يجري حشوه داخل فم السمكة (أ.ب)

تقول كاكارنا ألكاناندا، التي تساعد في الإشراف على توزيع العلاج على الجموع الغفيرة: «لقد مرر جدي الأكبر، فييرانا جود، هذه الصيغة السرية إلى أبنائه، وقاموا بنقلها، بدورهم، إلى أبنائهم، والآن نحن الجيل الخامس الذي يحافظ على التقليد». وألكاناندا، بوصفها أنثى، ليست مطّلعة على الصيغة السرية. ويزعم المعالجون، وكذلك متلقوه، أن السمكة الحية من خلال مرورها بالحلق تخفف من حِدة أي بلغم أو احتقان.

لكبار السن أيضاً نصيبهم من العلاج السحري الذي يواظبون على تلقيه عاماً بعد عام (أ.ب)

«تأخذ والدتي هذا العلاج منذ سبع سنوات، وقد جلب لها كثيراً من الراحة»، يقول آش محمد، الذي قضى، هذا العام، أكثر من 20 ساعة بالقطار للوصول إلى حيدر آباد، من العاصمة الهندية نيودلهي، مع عائلته. ويضيف: «إنها تتنفس بشكل سلس، كما أن هجمات نوبات الربو أصبحت أقل تواتراً».

يفترش الراغبون بالعلاج ومرافقوهم الأرصفة والممرات المسقوفة التي تقيهم لهيب الشمس في مدينة حيدر آباد (أ.ب)

وقد تعيَّن على عائلة بثيني إطلاق كلمة «براسادام» على العلاج الذي يقدمونه، والتي تعني ترجمتها الحرفية «عرضاً علاجياً»، بعد أن فازت منظمة محلية هندية تعمل على تبديد المعتقدات الخرافية، بدعوى قضائية تمنع العائلة من وصف العلاج بأنه «دوائي».

طوابير من المرضى يقفون في صفوف طويلة لتناول أسماكهم الحية إذ يعمدون إلى إخراج ألسنتهم لدى وصولهم بين يدي المعالِج (أ.ب)

ومع ذلك تحظى هذه الممارسة بالدعم الشعبي، على الرغم من الاعتراضات التي تسجلها المنظمات العلمية وغيرها ممن يقولون إنه لا يوجد دليل وراء صحتها، بل يصفونها بأنها خطيرة. ويدللون على ذلك بأن من شأن ابتلاع الأسماك حية تعريض الإنسان لمخاطر جسيمة، مثل إمكانية الاختناق لدى عملية الابتلاع، خصوصاً لدى الأطفال، كما أن الأسماك الحية قد تحمل بكتيريا ضارة تُسبب أمراضاً خطيرة، ناهيك عن معاناة بعض الأشخاص من الحساسية تجاه الأسماك، مما قد يؤدي إلى ردود فعل تحسسية خطيرة.

مريضة بالربو تحاول منع نفسها من التقيؤ بُعيد ابتلاعها سمكتها المحشوة بالمعجون الأصفر (أ.ب)

يشتري الناس أسماكهم من الأكشاك التابعة لـ«إدارة مصائد الأسماك الحكومية» المتوفرة في الموقع. وعادة ما تكون من فصيلة السردين، فإن لم تتوفر هذه النوعية، تتم الاستعانة بأي سمكة أخرى تعيش في المياه العذبة، بشرط ألا يتجاوز طولها 5 سنتيمترات.

زريعة من أسماك السردين وغيرها من أسماك المياه العذبة تنتظر من يشتريها لدى أحد أكشاك «إدارة مصائد الأسماك الحكومية» (أ.ب)

وعلى الرغم من أن العلاج مجاني، فإن كل سمكة تكلف 40 روبية، أو زهاء نصف دولار أميركي. وبعد وضع السمكة الحية في كيس بلاستيكي مملوء بالماء من قِبل الموظف الحكومي، يتم حملها من قِبل مرافقي المريض إلى مساعد يعمل مع عائلة بثيني؛ تمهيداً لحشو فمها بمعجون عشبي أصفر. بعد ذلك، ينتظم المريض في طابور يقف في آخره معالِج يساعده على ابتلاع السمكة عن طريق إدخال إصبعه في عمق حلق المريض للتأكد من أنها اتخذت طريقها إلى الأسفل.

يتهافت مرافقو المرضى حاملين أكياسهم البلاستيكية لشراء سمكة حية من أحد الأكشاك الحكومية حيث تتكلف كل واحدة زهاء نصف دولار أميركي (أ.ب)

يعمد المعالجون التقليديون، في كثير من الأحيان، إلى تثبيت أيديهم على أفواه المرضى لمنع تقيئهم، تزامناً مع تدليك سريع على منطقة الرقبة. وغالباً ما تهيمن على ساحة العلاج مشاهد من مثل اضطرار الآباء لفتح أفواه أطفالهم الذين تنتابهم نوبات البكاء الهستيرية، في حين يقرص آخرون أنوفهم ويميلون برؤوسهم للخلف مع إغلاق أعينهم، استعداداً لعملية بلع الأسماك الحية. وبعد هضم العلاج، ينصح المعالجون مرضاهم باتباع نظام غذائي صارم مدته 45 يوماً.

يضطر بعض الآباء لفتح أفواه أطفالهم الذين يحاولون دون جدوى مقاومة ابتلاع السمكة الحية (أ.ب)

ورغم معارضة جماعات حقوقية وأطباء هذا العلاج «غير العلمي»، وعدِّه يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان، لكن الحكومة الهندية تنظم حركة قطارات خاصة لمهرجان «طب الأسماك»، كل عام، كما ترسل قوات إضافية من الشرطة؛ لإدارة الحشود وتنظيم حركتها.

والد أحد الأطفال يحمل في راحة يده سمكة سردين ميتة بعدما تقيّأها بُعيد ابتلاعها (أ.ب)



العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
TT

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

وأظهرت الدراسة، التي قادها فريق من جامعة كوينزلاند في أستراليا، ونُشرت نتائجها، الجمعة، في دورية «The Lancet Psychiatry»، أن كثيرين من المصابين بالاكتئاب لا يتلقون العناية اللازمة، ما يزيد من معاناتهم ويؤثر سلباً على جودة حياتهم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 300 مليون شخص الاكتئاب، مما يجعله السبب الرئيسي للإعاقة عالمياً. وتشير التقديرات إلى أن 5 في المائة من البالغين يعانون هذا المرض. وضمّت الدراسة فريقاً من الباحثين من منظمة الصحة العالمية وجامعتيْ واشنطن وهارفارد بالولايات المتحدة، وشملت تحليل بيانات من 204 دول؛ لتقييم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية النفسية.

وأظهرت النتائج أن 9 في المائة فقط من المصابين بالاكتئاب الشديد تلقّوا العلاج الكافي على مستوى العالم. كما وجدت الدراسة فجوة صغيرة بين الجنسين، حيث كان النساء أكثر حصولاً على العلاج بنسبة 10.2 في المائة، مقارنة بــ7.2 في المائة للرجال. ويُعرَّف العلاج الكافي بأنه تناول الدواء لمدة شهر على الأقل، إلى جانب 4 زيارات للطبيب، أو 8 جلسات مع متخصص.

كما أظهرت الدراسة أن نسبة العلاج الكافي في 90 دولة كانت أقل من 5 في المائة، مع تسجيل أدنى المعدلات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا بنسبة 2 في المائة.

وفي أستراليا، أظهرت النتائج أن 70 في المائة من المصابين بالاكتئاب الشديد لم يتلقوا الحد الأدنى من العلاج، حيث حصل 30 في المائة فقط على العلاج الكافي خلال عام 2021.

وأشار الباحثون إلى أن كثيرين من المرضى يحتاجون إلى علاج يفوق الحد الأدنى لتخفيف معاناتهم، مؤكدين أن العلاجات الفعّالة متوفرة، ومع تقديم العلاج المناسب يمكن تحقيق الشفاء التام. وشدد الفريق على أهمية هذه النتائج لدعم خطة العمل الشاملة للصحة النفسية، التابعة لمنظمة الصحة العالمية (2013-2030)، التي تهدف إلى زيادة تغطية خدمات الصحة النفسية بنسبة 50 في المائة على الأقل، بحلول عام 2030. ونوه الباحثون بأن تحديد المناطق والفئات السكانية ذات معدلات علاج أقل، يمكن أن يساعد في وضع أولويات التدخل وتخصيص الموارد بشكل أفضل.

يشار إلى أن الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، ويرتبط بشكل مباشر بمشاعر الحزن العميق، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، مما يؤثر سلباً على الأداء الوظيفي والعلاقات الاجتماعية.