«مش روميو وجولييت»... أوبرا موسيقية شعبية تنحاز للحب

المسرحية المصرية من بطولة علي الحجار ورانيا فريد شوقي

لقطة جماعية لأبطال العرض مع المخرج خالد جلال (مخرج المسرحية)
لقطة جماعية لأبطال العرض مع المخرج خالد جلال (مخرج المسرحية)
TT

«مش روميو وجولييت»... أوبرا موسيقية شعبية تنحاز للحب

لقطة جماعية لأبطال العرض مع المخرج خالد جلال (مخرج المسرحية)
لقطة جماعية لأبطال العرض مع المخرج خالد جلال (مخرج المسرحية)

هل يمكن أن نحارب أمراض العصر، لا سيما «الكراهية»، و«التعصب» بسلاح واحد فقط هو «الحب»، وإلى أي حد يمكن للاحتواء العاطفي أن يزيل شوائب الحقد والتنمر التي تطفو على سطح البشر بين الحين والآخر؟

يشكّل هذا السؤال محور العرض المسرحي الجديد «مش روميو وجولييت»، الذي يُعرض حالياً على «المسرح القومي» في حي العتبة بالقاهرة، ويشهد عودة الفنان علي الحجار لفن المسرح بعد غياب دام طويلاً منذ تقديم «يمامة بيضا» عام 2007 ضمن مسيرة حافلة تتجاوز 30 عملاً مسرحياً منها «رصاصة في القلب»، و«خايف أقول اللي في قلبي»، و«منين أجيب ناس».

لقطة من المسرحية (مخرج المسرحية)

يدور العمل في إطار استعراضي غنائي شامل من خلال يوميات الحياة في مدرسة ثانوية بحي شبرا المصري العريق، حيث تظهر مشكلة غريبة على المجتمع المصري تتمثل في بعض الأفكار المتعصبة والمتطرفة، لا سيما على المستوى الديني فيما يتعلق بالنظرة إلى الآخر المختلف في انتمائه وعقيدته.

يقرّر المسؤولون في المدرسة والمدرسون بشكل خاص، احتواء تلك الظواهر السلبية بالحب والفن والغناء، أي مخاطبة الروح والعقل والقلب، وبالفعل ينجحون إلى حدٍّ كبير في مسعاهم.

العمل من إخراج ومعالجة عصام السيد، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «المسرحية تعد حلماً كبيراً كان يراوده طوال عمره وأخيراً تحقق، وهو تقديم عمل مسرحي ينتمي إلى فن (الأوبرا الشعبية الموسيقية)، أي أن يكون أكثر من 90 في المائة من العرض عبارة عن غناء ورقص واستعراضات، وليس مجرد أغنيات عدّة تقدم على هامش حبكة درامية».

الحجار يعود مجدداً إلى خشبة المسرح (مخرج المسرحية)

وأضاف السيد قائلاً: «حتى الحوار جاء غنائياً ملحناً على طريقة الأوبرا، وهو ما جعل العمل صعباً في تنفيذه للغاية، وبدأ التحضير له قبل 10 أشهر، أما البروفات فاستغرقت 5 أشهر كاملة».

وتجسد الفنانة رانيا فريد شوقي البطولة النسائية في العمل، ورغم أنها ليست مطربة بالأساس فإنها بدت مقنعة في الأغاني التي شاركت في أدائها سواء بشكل ثنائي مع علي الحجار أو في إطار جماعي أشمل بمشاركة الفنان ميدو عادل ومطربة الأوبرا أميرة أحمد.

وأبرزت ديكورات محمد الغرباوي ملامح حي شبرا بما يحمله من خصوصية في الوجدان المصري بوصفه صاحب تاريخ لافت في احتضان مختلف الثقافات والجنسيات.

ميدو عادل أحد أبطال العرض (مخرج المسرحية)

ونجحت أشعار أمين حداد وموسيقى أحمد شعتوت في تجسيد حالات التوتر الدرامي بما فيها من تحولات حادة تتراوح بين الأسى والسعادة.

وتعد مسرحية «روميو وجولييت» إحدى أشهر روائع ويليام شكسبير، وتدور في إطار تراجيدي عبر صراع بين عائلتين من أرقى عائلات مدينة فيرونا الإيطالية، هما عائلتا «منتيغيو»، و«كابوليت»، وخلال صراعهما الدائم يقع روميو من العائلة الأولى في حب جولييت التي تنتمي للعائلة الثانية، ويتصاعد الصراع. والملاحظ أن «مش روميو وجولييت» لا تلتزم بالخط الدرامي الأصلي للمسرحية العالمية أو تتقاطع معه إلا في عدد محدود للغاية من المشاهد وهو ما يعكس ذكاءً في اختيار اسمها.

أجواء مبهجة في العرض (مخرج المسرحية)

وتتّسم المسرحية إجمالاً بالجو المبهج والرسائل الاجتماعية والطاقة الإيجابية، وهو ما يعلق عليه المخرج عصام السيد قائلاً: «حرصت على الأجواء المبهجة في كل شيء بداية من ألوان الملابس، والديكورات، ونوعية الألحان، إلى استخدام الكوميديا أحياناً وفق متطلبات الموقف الدرامي، فضلاً عن وجود طاقم تمثيل محبوب وله شعبية»، مشيراً إلى أن «العرض شبابي في كل شيء لكنه يتوجه للأسرة كلها، وهذا ما يفسر الإقبال الجماهيري الكبير عليه».


مقالات ذات صلة

«صيد البشر»... عرض مسرحي مصري لمواجهة «الهجرة غير المشروعة»

يوميات الشرق تناول العرض قصصاً عدّة عن الهجرة غير المشروعة (بيت السحيمي بالقاهرة)

«صيد البشر»... عرض مسرحي مصري لمواجهة «الهجرة غير المشروعة»

«فكرة الهجرة غير المشروعة شائعة جداً، وكثيراً ما نسمع حكايات عن هذه القضية معظمها ينتهي بشكل مأساوي».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الملصق الدعائي للمسرحية (حساب الفنان عمرو يوسف على «فيسبوك»)

«قلبي وأشباحه»... أول مسرحية مصرية في «موسم الرياض» الجديد

تفتتح مسرحية «قلبي وأشباحه» العروض المسرحية المصرية ضمن فعاليات النسخة الجديدة من «موسم الرياض»، مع انطلاق العروض بدايةً من 29 أكتوبر.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجد في المسرح مقاومة من نوع آخر (ميراي بانوسيان)

ميراي بانوسيان لـ«الشرق الأوسط»: هجرتي خارج لبنان كانت حرباً من نوع آخر

تأثرت الممثلة المسرحية ميراي بانوسيان بدورها في المشهدية الحزينة الحالية، فقررت المقاومة على طريقتها، مستخدمة موهبتها للتخفيف عن النازحين.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفنانة سميحة أيوب («فيسبوك» مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي)

الحديث عن إزالة «المسرح العائم» في مصر يُثير استياء في الأوساط الفنية

أثارت أخبار متداولة عن إزالة «المسرح العائم» بمصر استياءً في الأوساط الفنية، وتصاعد الأمر بعد مناشدة الفنانة المصرية سميحة أيوب الرئيس العدول عن قرار الإزالة.

داليا ماهر (القاهرة )

الإعلامي فراس حليمة يشارك بمهرجان «الجونة السينمائي» موزعاً العلم اللبناني

محمد فرّاج قبّل علم لبنان متأثراً (فراس حليمة)
محمد فرّاج قبّل علم لبنان متأثراً (فراس حليمة)
TT

الإعلامي فراس حليمة يشارك بمهرجان «الجونة السينمائي» موزعاً العلم اللبناني

محمد فرّاج قبّل علم لبنان متأثراً (فراس حليمة)
محمد فرّاج قبّل علم لبنان متأثراً (فراس حليمة)

لامس المشهد الإعلامي لتوزيع فراس حليمة العلم اللبناني على نجوم مهرجان «الجونة السينمائي» القلوب. فتناقتله وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. كما توقّف عنده نجوم لبنانيون اعتادوا المشاركة في هذا الحدث الفني السنوي، فنشروه على حساباتهم الإلكترونية يشكرون حليمة على مبادرته.

وعدّوه بمثابة سفير للبنان المتألّم والمثقل بحرب دامية تدور على أرضه. فعدم مشاركتهم في المهرجان كان بديهياً في ظلّ ظروف صعبة يعيشها بلدهم.

فراس توجّه إلى القاهرة من الرياض كي يقوم بتغطية فعاليات المهرجان لقناة «أغاني أغاني»، حاملاً آلام وطن يئن تحت وطأة حرب قاسية كان يشعر بالارتباك.

فراس حليمة وشيرين (فراس حليمة)

ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «اختلطت مشاعر الحزن في داخلي، لا سيما أني أقوم بمهمة يغلب عليها الفرح. وصرت أتساءل عن كيفية تلقفي لأجواء حدثٍ ينتظره العالم العربي من عام إلى آخر. كنت أدرك أني أقوم بعملي؛ ولكنني في الوقت نفسه رحت أبحث عن طريقة يحضر فيها لبنان ولو رمزياً. فولدت عندي فكرة توزيع العلم اللبناني على النجوم أثناء مرورهم على السجادة الحمراء. فمهمتي تقوم على إجراء حوارات معهم للقناة التي أعمل فيها».

شعر فراس بأن حضوره المهرجان قد لا يكون مبرراً من قبل البعض، وبأن كثيرين قد ينتقدونه لأنه موجود في أجواء فنية فرحة بينما بلده يتألّم. ولكنه ومن باب مسؤوليته بصفته إعلامياً لبنانياً يمثّل لبنان، قرّر القيام بهذه المبادرة.

فكّر حليمة بداية بتصميم ثوب يحمل العلم اللبناني ويهديه لضيوف المهرجان. «ولكنني وجدت أن الأمر قد يكون مبالغاً به، فلم أرغب في فرض مشاعري على الآخرين. وعندما فكّرت بطبع الأعلام اللبنانية الصغيرة وتوزيعها، وجدتها فكرة بسيطة ومعبّرة في الوقت نفسه».

إلهام شاهين والعلم اللبناني (فراس حليمة)

وأكثر من مرة، لم يستطع فراس حليمة تمالك نفسه عندما لاحظ تفاعل الفنانين المصريين بمبادرته. «كنت أعتقد أن الأمر سيمرّ مرور الكرام ومعاني المبادرة ستعزيني وحدي. ولكنني تفاجأت بهذا الكمّ من التفاعل والتأثر الذي أظهره الجميع. فكانوا يأخذون مني العلم بفرح، فيغنون لبنان أو يقبّلون العلم، وأحياناً يضمونه إلى قلوبهم ويعانقونه بحبّ».

مجموعة من النجوم المصريين من بينهم إلهام شاهين ولبلبة وتامر هجرس وهاني رمزي، قدموا التحية للبنان. وكذلك غيرهم من نجوم سوريا والأردن والسعودية، من بينهم ميس حمدان ونسرين طافش وخيرية أبو لبن. فأبدوا مشاعرهم الجميلة نحو لبنان كلاماً أو غناء.

الفنانة لبلبة تتحدث إلى فراس حليمة عادّة لبنان بلدها الثاني (فراس حليمة)

أما الممثل المصري محمد فرّاج، فقد حضّ فراس على البكاء. ويتابع حليمة: «عندما قدّمت له العلم حمله بحنان وقبّله. وطلبت منه أن يوجّه له كلمة فلم يستطع تمالك نفسه. فبكى تأثراً، وهو ما دفعني إلى البكاء معه. المشهد كان مؤثراً جداً، لا سيما أنه كان عفوياً. فتناقلته وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير معربة عن شكرها لفرّاج، ولمشاعره الحقيقية النابعة من قلبه تجاه لبنان».

ولطالما سجّل نجوم لبنان في النُسخ الست الماضية لمهرجان «الجونة السينمائي»، حضوراً لافتاً. فكانت مشاركتهم تحصد نسبة 40 في المائة من باقي الحضور من مصر والعالم العربي. فكما نادين نسيب نجيم وماغي بو غصن وسيرين عبد النور ومايا دياب وغيرهم، فالجميع كان ينتظر إطلالتهن فيه. ويتابع فراس حليمة: «حتى الإعلام اللبناني كان غائباً إلى حدّ كبير».

يقول فراس إن الشخص الذي يضطر إلى فراق بلده وهو في حالة حرب يكون قلقه أكبر. وهو ما شعر به طيلة وجوده خارج لبنان كونه يقيم في السعودية. «الابتعاد عن الوطن في ظروف مشابهة يولّد عندنا الحزن والوجع والقلق. كثيرون يعتقدون أن اللبنانيين المغتربين يتمتعون بالراحة فيغضون النظر إلى حدّ ما، عما يحدث فيه. ولكن هذا الأمر غير صحيح بتاتاً، فكلما ابتعدنا عن أوطاننا زادت لحمتنا به وبناسه وبهمومه ومآسيه».

علاقة وطيدة تجمع ما بين نجوم مصر في لبنان وبأهله. ويصفها فراس حليمة بالأصيلة النابعة من حبّ ومشاعر حقيقية يكنّونها له. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «عندما كنت أطلب منهم توجيه كلمة للبنان كانوا يبادرون إلى غناء (بحبك يا لبنان) لفيروز. فجميعهم حفظوها عن ظهر قلب لأنها تعبّر بكلامها عن عشقهم له. فصارت كأنها نشيد أو مرجع وطني يلجأون إليه كي يخاطبوا لبنان الذين يحبّونه. حتى عندما كان الفنان هاني شاكر يحيي حفله ضمن مهرجان الموسيقى العربية، أدّى هذه الأغنية وبكى تأثراً. وكما نجوم مصر، كذلك شعبها، يكنّ مشاعر الحب للبنان ولأهله».

ميس حمدان غنّت «بحبك يا لبنان» عند تسلمها العلم (فراس حليمة)

كان يعلم فراس حليمة بأن مهمته قاسية. فهو يغطي حدثاً سعيداً يملأ الدنيا بفعالياته وعروض أفلامه ولبنان يتألّم. ولكنه تجاوز مشاعره لأن الواجب المهني يناديه. «لقد قلت لنفسي إن الحياة تغلب الموت، وكما إليسا التي أحيت حفلها في كندا، وأوصلت رسالتها عن لبنان، كذلك نجوى كرم أطلّت في برنامج (أرابز غوت تالنت) متجاوزة حزنها على لبنان. وأنا انطلاقاً من مشهدية لبنان النابض بالحياة دائماً وأبداً، أنجزت مهمتي على أكمل وجه».

جدير بالذكر أن مهرجان «الجونة السينمائي» يكرّم مخرجين من لبنان؛ هما جوانا حجي توما وخليل جريج. ويعرض لهما ضمن فعاليات المهرجان فيلمهما «دفاتر مايا». كما يُعرض فيلمان وثائقيان لبنانيان، بينهما واحد للمخرجة إليان الرّاهب. وهي تشارك بصفة عضو في لجنة حكم عن فئة الأفلام الوثائقية في المهرجان.

ويختم فراس حليمة لـ«الشرق الأوسط»: «تجربتي الإعلامية طويلة وتحمل تجارب عدة. ولكن (مهرجان الجونة السينمائي) في نسخته السابعة أعدّه محطة علّمت في مشواري. وأعدّها وقفة عزّ أفتخر بها تجاه وطني لبنان».