«فلوس»... مغنٍّ يتخفّى في قناع لرفض تقييم الفنان بجماله

يُخبر «الشرق الأوسط» قصة الرسالة من خلف الصوت

الفنّ أبقى من الفنان والأغنية أهم من المُغنّي (حسابه الشخصي)
الفنّ أبقى من الفنان والأغنية أهم من المُغنّي (حسابه الشخصي)
TT

«فلوس»... مغنٍّ يتخفّى في قناع لرفض تقييم الفنان بجماله

الفنّ أبقى من الفنان والأغنية أهم من المُغنّي (حسابه الشخصي)
الفنّ أبقى من الفنان والأغنية أهم من المُغنّي (حسابه الشخصي)

لعلَّ مغنّياً يُسمّي نفسه «فلوس» كان ليمرّ بضجيج أقل وسط ساحة مكتظّة، لولا القصة خلف الاسم. أطلق أغنيته الأولى، وكُثر يفعلون بلا أثر يدوم. لكنّ المُتخفّي وراء اسم مستعار ووجه بلا ملامح، يريد القول إنَّ الفنّ أبقى من الفنان والأغنية أهم من المُغنّي.

كيف خطر له التستُّر؟ يجيب «الشرق الأوسط» في حوار تُبيِّن اللهجة هوية المُحاوَر اللبنانية: «كل شيء يخصّ (فلوس) هو اختراعي الشخصي. ما مِن إدارة أعمال أو شركة إنتاج وتسويق ساعدت في ظهوري. كلّه مجهودي. ابتكرتُ هوية (فلوس)، بدءاً بالاسم، فالشكل والأغنية، والصورة واللوك. إنه من اختياري بالتعاون مع أشخاص من أهل الاختصاص».

«ابعدي» أغنيته الأولى باللهجة المصرية. تحفَّظ الفيديو كليب على ذِكر أسماء أصحاب الجهد من فريق عمل ومخرج. أراد التخفّي ألا يقتصر عليه، فيشمل مَن حوله. ولكن، ماذا لو ارتدَّت الفكرة بالسلب وبدت تسرُّعاً؟ هل خطَّط جيداً لمساره؟ يشعر أنه من المبكر القول ما إذا كان قرار التخفّي مسألة موفّقة أم وليدة تسرّع: «الأغنية جديدة ولم يمرَّ شهرٌ على صدورها. حتى الآن الأصداء مُحبَّبة وردود الفعل إيجابية. يسعدني تمكُّني من تقديم لمسة فنّية مختلفة».

تقتضي المحاججة سؤاله عن كيفية تناقُض الصورة مع واقع أنّ الفن يجمع. ألا يستطيع الفنّ أن يكون جامعاً بينما الفنان واضح الملامح؟ يقلب السؤال: «لماذا ينبغي دائماً إرفاق الصوت بصورة أو شكل؟». ذلك موقفٌ من فَرْض الجمال بوصفه عكس البشاعة على المصير. يُكمل التساؤل: «لماذا نقيّم الفنان حسب شكله؛ فنحبّه إذا أعجبنا، وننفر منه إن لم يبرز لنا جماله؟ في النهاية الفنّ مطلق. إنه يجمع، والجَمْع أسمى أشكاله. لذلك شئتُ التحفُّظ على ما يخصّ حقيقتي، فلا يقرّر الجمهور حبّه لي ولفنّي استناداً إلى شكلي».

كل شيء يخصّ «فلوس» هو اختراعه الشخصي (خاص «الشرق الأوسط»)

فلنضع «فلوس» أمام ميزان الخسارة والكسب. ماذا يربح من التخفّي، وماذا قد يخسر؟ هل يمكن للفنان أن يستمرّ والناس تجهله؟ يعلم أنّ الخسارة كما الربح، واردة في معادلة واحدة. يقول: «ما أقوم به هو نوعٌ من الرهان، والبعض لن يتقبّل. حتى الآن، ألقى الصدى الطيّب. يجد الناس أنه من المثير ألا يعرفوا مَن وراء الصوت. اللوك الذي أظهر به يحرِّك فضولهم نحو سماع الأغنية والتساؤل عن هوية صاحبها. عدم رفضهم يجعلني أطمئن».

بهذا الاطمئنان يُكمل: «يمكن للفنان الاستمرار من دون أن يعرفه العالم. ليس شرطه لذلك الكشف عن حقيقته. نجومٌ أجانب أبقوا على هويتهم مجهولة وأحبّهم ناسهم بلا شروط. مارشميللو ودافت بانك منهم. استمرارهم في المهنة تجاوز الوجه إلى الحضور المتكامل».

يرفض أن يحبّه الجمهور وفق الشكل (خاص «الشرق الأوسط»)

إنْ كان سهلاً إصدار أغنية، فالأصعب المحافظة على المسيرة. يعلم ذلك. يقول: «في السابق، احتاج الفنان إلى وقت ومجهود للوصول، ولكن متى وصل، أثبت وجوده وأكمل الطريق. اليوم، تتعدَّد أسماء مَن برزوا بأغنية أو اثنتين، واختفوا فجأة. ذلك يجعلني على يقين بأنّ الوصول ليس الصخب الذي تُحدثه الأغنية لمجرّد إطلاقها، بل تأكيد الحضور على المدى الطويل».

اللوك الذي يظهر به يحرِّك الفضول (حسابه الشخصي)

محقٌّ في القول إنّ أحداً لا يدرك تماماً مزاج الجمهور، وماذا يريد بالضبط. ذلك مُحيِّر، فالأمزجة غدّارة: «بعضٌ يريد أغنية طربية، وآخرون البوب، وصنف يفضِّل الإيقاعي الراقص. في الماضي، كان الفنان صاحب القرار. وعموماً، طُبِع بلون غنائي. أما اليوم، فالجمهور يقرّر ماذا يريد. الخيارات الكثيرة أمامه تدفعه إلى الذهاب باتجاه النوع الراغب في سماعه. والبعض يبحث عن نوع معيّن وفق الحالة النفسية. ذلك يمنح الفنان مبرّرات ليُنوِّع قدر المستطاع باللون الغنائي، فيُحاكي اختلاف الأمزجة وتوقّعات الجمهور العريض حياله».

من المبكر القول ما إذا كان قرار التخفّي مسألة موفّقة أم لا (حسابه الشخصي)

لنعُد إلى التخفّي، أهو قرار «فلوس» حتى النهاية، أو مجرّد مرحلة يتبعها الكشف عن الوجه وفق خطّة تسويقية؟ احتمالاته مفتوحة: «أحدٌ لا يعلم ما قد تحمله الأيام. حتى الآن، سأُبقي على التخفّي. أسير خطوة خطوة نحو مستقبل قد يحملني إلى نزع القناع وإظهار الشخص وراء الشخصية. وقد أتمسّك بالهوية المجهولة. أسير على مهل وأنتظر».

أغنيته الثانية في مسار التحضيرات: «صحيح أنني أظهر متخفّياً، لكن القناع الذي أرتديه لا يمنعني من أن أكون أنا. لا أغيّر شخصيتي ولا حتى لهجتي اللبنانية، لذلك أغنيتي الثانية ستكون لبنانية».


مقالات ذات صلة

بين تايلور سويفت وترمب... من يتمتع بشعبية أكثر؟

الولايات المتحدة​ النجمة تايلور سويفت والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

بين تايلور سويفت وترمب... من يتمتع بشعبية أكثر؟

أظهر استطلاع رأي أن عدد الأميركيين الذين ينظرون إلى نجمة البوب تايلور سويفت بشكل إيجابي أقل من أولئك الذي ينظرون بطريقة إيجابية للمرشح الجمهوري دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق النجمة الأميركية تايلور سويفت (رويترز)

ابنة مارك زوكربيرغ تطمح إلى أن تصبح مثل تايلور سويفت... كيف ردّ والدها؟

كشف الملياردير مارك زوكربيرغ، المؤسس المشارك لشركة «ميتا»، مؤخراً عن كيفية إحباطه لحلم ابنته بأن تصبح يوماً ما مثل نجمة البوب تايلور سويفت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق مَن زرع حصد (مواقع التواصل)

جائزة «البطل المجهول» لممرّضة تُداوي آهات الأطفال بالغناء

فازت الممرّضة المتخصّصة في علاج سرطان الدم سالي سبنسر بجائزة؛ تقديراً لها لابتكارها برنامجاً للتعافي يتضمّن الغناء للأطفال المرضى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية حفلة تايلور سويفت بملعب سانتياغو برنابيو التي جرت في الصيف تسببت بضجيج لسكان الحي (رويترز)

معركة قانونية بين ريال مدريد وجيران برنابيو بسبب «إزعاج الحفلات الموسيقية»

يقول خوسيه مانويل باريديس: «نحن مثل نملة صغيرة في كل هذا». لديك ريال مدريد، وملعب سانتياغو برنابيو، ومجلس بلدية مدريد، وشركة «ليغندز» الأميركية، وصندوق الاستثما

The Athletic (مدريد)
يوميات الشرق علي الحجار منسجماً مع ألحان مكتشفه الموسيقار الراحل بليغ حمدي (دار الأوبرا المصرية)

علي الحجار يستعيد مشوار بليغ حمدي في «100 سنة غنا»

استعاد الفنان المصري على الحجار مشوار الموسيقار بليغ حمدي في ذكرى رحيله الـ31 بحفل كبير، يعد الثالث في مشروعه «100 سنة غنا».

انتصار دردير (القاهرة )

صغار البطريق تنجو بأعجوبة من جبل جليدي شارد

جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)
جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)
TT

صغار البطريق تنجو بأعجوبة من جبل جليدي شارد

جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)
جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)

انفصل في مايو (أيار) الماضي جبل جليدي ضخم عن جرف جليدي في القارة القطبية الجنوبية، لتجرفه التيارات ويتوقف مباشرةً أمام ما يمكن أن تُوصف بأنها أتعس البطاريق حظاً في العالم ليعرّض حياتها للخطر.

وشكّلت جدران الجبل الجليدي الضخمة حاجزاً، كما لو كانت باباً فاصلاً، بين مستعمرة خليج هالي والبحر، مما جعل صغار البطاريق مُحاصَرة في الداخل.

وبدا الأمر كأنه سيشكّل نهاية مأساوية للمئات من فراخ البطريق هناك، التي كانت قد فقست لتوها، والتي ربما لم تَعُد أمهاتها، التي خرجت للصيد بحثاً عن الطعام، قادرة على الوصول إليها، لكن قبل بضعة أسابيع من الآن تحرّك الجبل الجليدي مرة أخرى.

وُصفت بأنها أتعس البطاريق حظاً في العالم (غيتي)

واكتشف العلماء أن البطاريق المتشبثة بالحياة هناك، وجدت طريقة للتغلب على الجبل الجليدي الضخم، حيث تُظهر صور الأقمار الاصطناعية التي حصلت عليها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بشكل حصري، هذا الأسبوع، وجود حياة في المستعمرة.

وقد عاش العلماء فترة طويلة من القلق والتّرقب حتى هذه اللحظة، إذ إن الفراخ لا تزال تواجه تحدياً آخر قد يكون مميتاً خلال الأشهر المقبلة، ففي أغسطس (آب) الماضي، عندما سألت «بي بي سي»: «هيئة المسح البريطانية للقطب الجنوبي»، عمّا إذا كانت بطاريق الإمبراطور قد نجت، لم يتمكن أعضاؤها من الإجابة، إذ قال العالِم بيتر فرتويل: «لن نعرف الإجابة حتى تشرق الشمس (على المكان)».

وكان ذلك في فصل الشتاء في القطب الجنوبي، ولذا لم تتمكن الأقمار الاصطناعية من اختراق الظلام الدّامس هناك لالتقاط صور للطيور.

ووصفها فرتويل بأنها «أتعس البطاريق حظاً في العالم»، وهو شارك في متابعة حياتها طوال سنوات، إذ تتأرجح هذه الكائنات على حافة الحياة والموت، ولم يكن ما جرى مؤخراً سوى أحدث حلقة في سلسلة الكوارث التي تعرّضت لها.

كانت المستعمرة مستقرة في الماضي، حيث كان عدد الأزواج الذين يتكاثرون يتراوح بين 14 و25 ألفاً سنوياً، مما جعلها ثاني أكبر مستعمرة في العالم، ولكن في عام 2019، وردت أنباء عن فشل كارثي في عملية التكاثر، حينها اكتشف فرتويل وزملاؤه أنه على مدى 3 سنوات، فشلت المستعمرة في تربية أي صغار.

وتحتاج فراخ البطريق إلى العيش على الجليد البحري حتى تُصبح قوية بما يكفي للبقاء على قيد الحياة في المياه المفتوحة، لكن تغيُّر المناخ يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة المحيطات والهواء، ممّا يُسهم في زيادة اضطراب الجليد البحري وجعله أكثر عرضة للتفكك المفاجئ في أثناء العواصف، ومع فقدان الجليد البحري، فإن الأمر انتهى بالصغار بالغرق.

وانتقل بضع مئات من البطاريق المتبقية إلى مرتفعات ماكدونالد الجليدية القريبة، واستمرت المجموعة في العيش هناك، إلى حين انفصال الجبل الجليدي «A83»، الذي يبلغ حجمه نحو 380 كيلومتراً مربعاً (145 ميلاً مربعاً).

اكتشف العلماء أن البطاريق وجدت طريقة للتغلب على الجبل الجليدي (غيتي)

وكان فرتويل يخشى حدوث انقراض لهذه الطيور بشكل كامل، وهو ما حدث لمستعمرات البطريق الأخرى، فقد حاصر جبل جليدي مجموعة منها في بحر «روس» لسنوات عدّة، مما أدى إلى فشل عملية التكاثر، وفق قوله.

وقبل أيام قليلة، عادت الشمس مرة أخرى إلى القطب الجنوبي، ودارت الأقمار الاصطناعية «Sentinel-1» التي يستخدمها فرتويل فوق خليج «هالي» لتلتقط صوراً للغطاء الجليدي.

وفتح فرتويل الملفات قائلاً: «كنت أخشى ألّا أرى شيئاً هناك على الإطلاق»، ولكن، رغم كل الصعوبات، وجد ما كان يأمل به: بقعة بُنية اللون على الغطاء الجليدي الأبيض، وهو ما يعني أن البطاريق لا تزال على قيد الحياة، وهو ما جعله يشعر «براحة كبيرة».

بيد أن كيفية نجاتها تظلّ لغزاً، حيث يصل ارتفاع الجبل الجليدي إلى نحو 15 متراً، مما يعني أن البطاريق لم تتمكن من تسلّق الجبل، ولكن فرتويل أشار إلى أن «هناك صدعاً جليدياً، ولذا ربما تمكنت من الغوص من خلاله». موضحاً أن الجبل الجليدي يمتد على الأرجح لأكثر من 50 متراً تحت الأمواج، ولكن البطاريق يمكنها الغوص حتى عُمق 500 متر، وأوضح: «حتى لو كان هناك صدع صغير، فقد تكون غاصت تحته».

وسينتظر الفريق الآن الحصول على صور ذات دقة أعلى تُظهر عدد البطاريق الموجودة هناك بالضبط، كما أنه من المقرر أن تزور مجموعة من العلماء من قاعدة الأبحاث البريطانية في خليج «هالي»، للمستعمرة للتّحقق من حجمها ومدى صحتها.

وتظل أنتاركتيكا (القارة القطبية الجنوبية) منطقة سريعة التغير تتأثر بارتفاع درجة حرارة الكوكب، بالإضافة إلى الظواهر الطبيعية التي تجعل الحياة صعبة فيها.

وتُعدّ مرتفعات ماكدونالد الجليدية، حيث تعيش البطاريق الآن، منطقة ديناميكية ذات تغيرات غير متوقعة، كما أن مستويات الجليد البحري الموسمية في القارة القطبية الجنوبية تقترب من أدنى مستوياتها على الإطلاق.

ومع تحرك جبل «A83» الجليدي، تغيّرت تضاريس الجليد هناك، مما يعني أن موقع تكاثر البطاريق بات الآن «أكثر عرضة للخطر»، وفق فرتويل، حيث ظهرت شقوق في الجليد، كما أن الحافة المواجهة للبحر باتت تقترب يوماً بعد يوم.

ويحذّر فرتويل من أنه في حال تفكك الجليد تحت صغار البطاريق قبل أن تتمكن من السباحة، بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فإنها ستموت، قائلاً إنها «حيوانات مذهلة للغاية، لكن الأمر كئيبٌ بعض الشيء، فهي مثل العديد من الحيوانات الأخرى في القارة القطبية الجنوبية، تعيش على الجليد البحري، بيد أن الوضع يتغيّر، وإذا تغيّر موطنها، فلن يكون الوضع جيداً على الإطلاق».