هادي يزبك يضمّد جراح بيروت بالريشة والألوان

معرض عن العاصمة هو الأول في مسيرة الرسّام اللبناني الممتدّة 4 عقود

لوحة العصفور وتمثال المغترب اللبناني بريشة هادي يزبك (الشرق الأوسط)
لوحة العصفور وتمثال المغترب اللبناني بريشة هادي يزبك (الشرق الأوسط)
TT

هادي يزبك يضمّد جراح بيروت بالريشة والألوان

لوحة العصفور وتمثال المغترب اللبناني بريشة هادي يزبك (الشرق الأوسط)
لوحة العصفور وتمثال المغترب اللبناني بريشة هادي يزبك (الشرق الأوسط)

يستريح طيرٌ على زجاج شبّاكٍ بيروتيّ مكسور، يراقب «تمثال المغترب» المواجه للمرفأ. يتساءل: «هل أفعل مثله وأحلّق خلف أسوار المدينة؟ أم أبقى هنا واقفاً فوق الحطام؟». هكذا يحاكي هادي يزبك عاصمته التي لم يَزُرها رسماً طوال 38 عاماً أمضاها في المجال.

تخصّص الفنان اللبناني في رسم القرية اللبنانية، وبعد 4 عقود قرّر النزول بريشتِه إلى المدينة. جال في أقضية البلد كلّها، حفظ جغرافيا القرى اللبنانية ببيوتها الحجريّة القديمة وقرميدها حيث أعشاش السنونو. «رسمتُ لبنان كلّه، بحفافيه، والطيّون، وقنّ الدجاج، وقطف الزيتون»، يخبر يزبك «الشرق الأوسط». أما اليوم فقد حان موعد أداء التحيّة لبيروت، ليس لأنها جريحة فحسب، بل لأنها قبل أي شيء، جميلة وتستحقّ أن تُرسَم لوحة.

الرسّام اللبناني هادي يزبك في مرسمه (الشرق الأوسط)

صحيح أنّ تفجير المرفأ في 4 أغسطس (آب) 2020 كان المحرّض الأساسيّ على تخصيص معرض هو الأوّل لبيروت في مسيرة الفنان، إلّا أنّ المناسبة لم تتحوّل إلى مَرثيّة واللوحات ليست بكائيّات. عشيّة افتتاح معرض «بيروت ثمّ بيروت» في متحف «بيت بيروت»، يسترجع يزبك الألم الذي أصابه بعد التفجير؛ «الظلم الذي تعرّضت له العاصمة آلمني، لكنه حفّزني على مداواة جراحها على طريقتي، بالريشة والألوان».

تطلّب اختمارُ الفكرة في رأسه 4 سنوات، وبين مَرسَم البيت والمرسَم الذي استحدثه في مكتب العمل، حضّر 20 لوحة خلال الأشهر الـ9 المنصرمة. فالرسّام «مختار» في بلدته، يتولّى متابعة معاملات السكّان الرسميّة. «تأخذ المخترة كثيراً من وقت الرسم، خصوصاً أنها التزامٌ معنويّ فقد ورثتُ خدمة الناس عن أبي وأجدادي. أنا أمثّل الجيل الرابع من سلالة مخاتير عمرُها 130 سنة»، يشرح يزبك.

معرض «بيروت ثم بيروت» في متحف «بيت بيروت» في 21 و22 يونيو

وبما أن الناس هي روحُ البلاد، فقد اختار يزبك من بيروت روحَها وليس الخراب، ولا ناطحات السحاب، ولا الأحياء الجديدة. هنا بائع الكعك وعربته الخشبيّة الخضراء أمام سينما «ريفولي» الأسطورية في ساحة الشهداء. وهناك الدكاكين الصغيرة في الأحياء المَنسيّة... «هذه هي بيروت التي أردتُ أن آخذ زوّار المعرض إليها. أدعوهم إلى ذكرياتي عن مدينةٍ أليفة لطالما قصدتُها طفلاً برفقة أمّي».

لوحة تجسّد بائع الكعك أمام سينما «ريفولي» في ساحة الشهداء (الشرق الأوسط)

رغم لوحات الحنين إلى بيروت «الزمن الجميل»، لا يغيّب يزبك ندوب المدينة عن المعرض. يستوقف الزائر بيانو محطّم على شرفةٍ مشلّعة، مطلّة على أهراءات القمح في مرفأ بيروت. هذه اللوحة هي الأقرب إلى توثيق تراجيديا الرابع من أغسطس. ثم تطلّ غيمةٌ محمّلةٌ بالغضب، تشبه كثيراً السحابة الثقيلة التي خلّفها التفجير. يوضح يزبك أنه مرّرَ بعض الرسائل عن الحادث الأليم، لكنه لم يحصر المعرض كلّه به.

لوحة تحاكي تفجير مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 (الشرق الأوسط)

تتلاقى تدرّجات الألوان وتدرّجات المشاعر، من رماديّ الحزن وأحمر الغضب، إلى أزرق الأمل وأبيض السكينة. يحكي المعرض قصة صغيرة مترابطة عن بيروت بكل أمزجتها، وحالاتها، وأزمنتِها. يقول يزبك إنها «وجهة نظر جديدة وخاصة جداً عن المدينة. وثّقتُها بأسلوبي، ألَماً وفرحاً وذكريات».

تتنوّع اللوحات ما بين زيتيّة و«أكريليك»، أما الأسلوب فواقعيّ وليس تجريدياً، إذ ينتمي هادي يزبك إلى المدرسة الانطباعيّة. وحتى عندما تُلاعب ريشته التفاصيل، فهي تحافظ على هذا الهامش الواقعيّ الذي لا تستغربه العين.

صخرة الروشة التاريخية بريشة هادي يزبك (الشرق الأوسط)

يأخذ من صخرة الروشة الشهيرة جزءاً، فيُفرد ما تبقّى من مساحة على اللوحة للأفق الأزرق الممتدّ في الخلفيّة وللمياه التي تحتضن الصخرة منذ آلاف السنين. أما كورنيش المنارة، فيصوّره تحت المطر، من خلف زجاج سيّارة بلّلته القطرات. يُبقي هامشاً للمتلقّي كي يسرح في خياله. يستذكر ما قاله له مرةً الأديب اللبناني الراحل توفيق يوسف عوّاد: «أنت ترسم كما أكتب... تُبقي النافذة مواربة حتى يشغّل المتفرّج مخيّلته».

كورنيش المنارة تحت المطر (الشرق الأوسط)

تخصّص يزبك (67 عاماً) بالرسم في معهد الفنون في الجامعة اللبنانية في بيروت، ثم انتقل إلى كندا حيث درس النحت. نال نصيبَه من الغربة، فأمضى سنوات في كندا. فيها أقام أبرز معارضه، ثم حمل القرية اللبنانية إلى بلادٍ كثيرة من بينها فرنسا، والولايات المتحدة الأميركية، والإمارات، وقطر، ومصر. لكن لم يجد بديلاً للمستقَرّ عن لبنان؛ «يكفي أن تنظري إلى لوحاتي حتى تُدركي كم أنا مسكون بالبلد».

نموذج عن البيوت اللبنانية التقليدية التي أمضى يزبك 4 عقود في رسمها (الشرق الأوسط)

يتابع نشاطه في الخارج وهو يحاول أن ينقل هذا الحب إلى الجالية اللبنانية في الاغتراب. غالباً ما كانت النتيجة لحظاتٍ مؤثّرة لا يستطيع محوَها من ذاكرته. كما في ذاك المعرض في مدينة هاليفاكس الكنَديّة، حين تفاجأ مغتربٌ لبنانيّ بمنزل والده مرسوماً في إحدى اللوحات. يخبر يزبك كيف انهمرت الدموع من عينَي الرجل، وبدأ يشرح لأولاده عن البيت الحجريّ القديم الذي احتضنه طفلاً في إحدى قرى شمالي لبنان. ولا يقتصر الاهتمام بلوحات يزبك على أصحاب الجنسية اللبنانية، فالزوّار العرب يتفاعلون معها كذلك كما أنهم يسارعون إلى اقتنائها.

فور انتهائه من معرض «بيروت ثم بيروت»، يعود يزبك إلى مرسمه ليُعدّ مجموعة جديدة عن القرية اللبنانية. يحملُها إلى كندا في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، حيث يعرضها هناك بدعوة من السفير اللبناني. أما المواعيد مع بيروت فستتجدّد، إذ يؤكّد أنه يخطط لسلسلة معارض خاصة بالعاصمة.


مقالات ذات صلة

صمت مالك سفينة «النيترات» يراكم تعقيدات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

المشرق العربي من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)

صمت مالك سفينة «النيترات» يراكم تعقيدات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

لم تحقق مهمة المحقّق العدلي في ملفّ انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار غايتها في العاصمة البلغارية صوفيا، إذ لم يتمكن من استجواب مالك الباخرة روسوس.

يوسف دياب (بيروت)
يوميات الشرق في هذا المشهد لا خلاص واضحاً... فقط هدنة قصيرة مع الواقع (الشرق الأوسط)

«حبّ في شبه مدينة»... مسرحية عن الإنسان العالق في المكان المُنهَك

الحوار مُحمَّل بالدلالة ومبنيّ على شذرات اعتراف تتقاطع فيها السخرية السوداء مع الإحباط العميق...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تحاول الفنانة التشكيلية في هذه المجموعة العبور من المحدود إلى المطلق (الغاليري)

معرض «تفتّحت الزهور من بين حجار الإسمنت المكسور»... عود على بدء

تستخدم ندى صحناوي الألوان الزاهية، بالإضافة إلى الأسود والأبيض. وفي قوالب الزهور الحمراء والبيضاء، يخال للناظر إليها أنها تُشبه كعكة عيد...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق النية واضحة لكنّ الخشبة تطلب أكثر من صدق الشعور (الشرق الأوسط)

«ويلة عيد»... نيّة صادقة ونتيجة خفيفة

«ويلة عيد» مسرحية خفيفة ومتقشّفة فنّياً، تحكمها نوايا إنسانية واضحة، لكنها تفتقر إلى العمق الذي يجعلها تُحسَب تجربةً مسرحيةً مُكتملة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق طبقات من الأزرق تترك للعين أن تُكمل الحكاية (فاديا أحمد)

«بين ضفّتين» من الأزرق: فاديا أحمد تُحوّل المتوسّط إلى جغرافيا نفسية

رغم غياب الأشخاص عن معظم الأعمال، لا يبدو المعرض خالياً من الحضور الإنساني...

فاطمة عبد الله (بيروت)

مصر: هروب جماعي لمدمنين يثير تساؤلات بشأن طبيعة عمل المصحّات

جانب من عمليات التفتيش على منشآت علاج الإدمان (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)
جانب من عمليات التفتيش على منشآت علاج الإدمان (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)
TT

مصر: هروب جماعي لمدمنين يثير تساؤلات بشأن طبيعة عمل المصحّات

جانب من عمليات التفتيش على منشآت علاج الإدمان (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)
جانب من عمليات التفتيش على منشآت علاج الإدمان (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)

أثارت واقعة هروب جماعي لعدد من مرضى الإدمان في مصر من داخل إحدى المصحات الخاصة في محافظة الجيزة تساؤلات بشأن بروتوكول العلاج بالمصحات ومدى الالتزام بتطبيق الإجراءات العلمية المتبعة للعلاج داخلها.

وانتشر، الأحد، عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لهروب جماعي لعدد من المرضى في منطقة المريوطية بالجيزة، مع أحاديث انتشرت عبر هذه المواقع بشأن «سوء معاملة» داخلها، في حين أكدت وزارة «الصحة» المصرية أن المنشأة «غير مرخصة من الأساس، وتمارس نشاطاً غير قانوني عبر انتحال صفة (منشأة طبية)، مع التحرك الفوري لمحاسبة المسؤولين القائمين عليها وإحالة الواقعة للنيابة العامة من أجل غلقها نهائياً».

منشآت غير مرخصة

وأكدت الوزارة تشكيل لجان لتنفيذ حملات تفتيش موسعة على المنشآت الطبية غير المرخصة على مستوى الجمهورية، وبمشاركة المجلس القومي للصحة النفسية والأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، إلى جانب وزارة الداخلية، حيث أسفرت هذه الحملات خلال عام 2025 عن إغلاق مئات المنشآت المخالفة، منها 112 منشأة في 5 محافظات فقط خلال النصف الأول من العام.

وهذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مشكلات داخل مراكز غير مرخصة، مع تكرار وقائع هروب المقيمين في المراكز غير المرخصة أو الحاصلة على تراخيص قانونية، التي كان منها وفاة شقيق المطرب رامي صبري بعد هروبه من مركز مماثل في المنطقة نفسها في يوليو (تموز) 2021.

توقيع مذكرة تفاهم مع «فياترس» لتطوير مجالات الرعاية الصحية بملف الصحة النفسية (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)

وقالت عضو لجنة الصحة في مجلس النواب، إيرين سعيد، لـ«الشرق الأوسط»، إن الواقعة تفتح الباب أمام تساؤلات عدّة حول غياب الرقابة والتفتيش المستمر على مراكز علاج الإدمان، على الرغم من تعدد الجهات التي يفترض أن تقوم بهذا الدور وفقاً للقانون، مشيرة إلى أن «الحصول على تراخيص لإقامة منشأة طبية أمر يمر عبر جهات عدّة ويستلزم استيفاء شروط وتراخيص قبل البدء في ممارسة عملها».

وأضافت أن «المراكز غير المرخصة والمنتشرة في مواقع كثيرة تفتقد للعديد من الأساسيات الواجب توافرها، ليس بالعلاج فقط، ولكن في توفير الظروف التي يمكن أن تساعد المدمن على التعافي»، مؤكدة أن «هذا الأمر يتطلب تحركاً واضحاً للعمل على إغلاقها وتوفير البدائل، خصوصاً لما يشكله هذا الأمر من خطورة داهمة».

فجوة كبيرة

المدير السابق ومؤسس وحدة الإدمان في مستشفى «العباسية للصحة النفسية»، عبد الرحمن حماد، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك فجوة عالمية بعدد الأسِرّة المتوفرة من أجل معالجة المدمنين على مستوى العالم، وليس في مصر فقط»، مشيراً إلى أن «تجهيز منشأة للعلاج النفسي يتطلب تراخيص من نقابة (الأطباء) و(المجلس القومي للصحة النفسية)، بالإضافة إلى إدارة (العلاج الحر) في وزارة الصحة، وهو أمر لا تلتزم به غالبية المصحات التي تتلقى مبالغ متواضعة مقابل علاج المرضى».

وأضاف أن «هناك مصحات كثيرة لا توفر بيئة علاجية مرتبطة بمكان جيد وطعام مناسب وإشراف طبي ونفسي واجتماعي ورياضي للمريض في رحلته للتعافي»، موضحاً أن «جزءاً من الأزمة يكون مرتبطاً برغبة الأهالي في إدخال مرضاهم لمصحة من أجل تلقي العلاج، وربما صعوبة العثور على مكان في مستشفى حكومي مع وجود حالات انتظار كثيرة يتسبب في إيداعهم بمصحات غير مرخصة».

وتابع أن «علاج الإدمان يتطلَّب معايير متعددة لا تتوافر في المصحات غير المرخصة بشكل كبير»، موضحاً أن «الحملات الرقابية التي ساهمت في إغلاق كثير منها يتم التحايل عليها بإعادة فتحها في مبانٍ جديدة مع سهولة التجهيزات التي تتطلبها من وجهة نظر القائمين عليها، والمرتبطة بتركيب أبواب حديدية وشبابيك مماثلة لمنع المرضى من الهرب».

دار غير مرخصة لعلاج الإدمان بالإسكندرية (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)

وهنا يشير أستاذ الطب النفسي جمال فرويز لـ«الشرق الأوسط» إلى المبالغ المالية الكبيرة التي يتطلبها إنشاء مصحة مرخصة وتجعل الشريحة الكبرى من المواطنين غير قادرة على التعامل معها من الناحية المالية، مؤكداً أن «متوسط يوم العلاج في المستشفى وفق المعايير الطبية المطلوبة لا يجب أن يقل عن 8 آلاف جنيه (الدولار يعادل 47.5 جنيه في البنوك) وهو أمر لا يناسب الشريحة الكبرى من المرضى».

طريقة قاسية

وأضاف أن «أسراً كثيرة تلجأ إلى المصحات غير المرخصة التي تتقاضى في المتوسط من الأسرة ما بين 10 إلى 15 ألف جنيه شهرياً، في مقابل احتجازه للعلاج، مؤكداً أن طرق العلاج المتبعة في داخلها تكون قاسية في كثير من الأحيان، وترتكز على منع المدمن من التعاطي، لكن من دون أي اعتبارات أخرى، وهو أمر قد تكون له تداعيات سلبية بشكل كبير على حياته بعد الخروج منها».

ووفق بيانات «صندوق مكافحة الإدمان»، فإن عددَ من تقدموا للعلاج في 2025 بلغ نحو 150 ألفاً، في حين خضع أكثر من ربع مليون فرد للكشف الإداري لبيان مدى تعاطيهم المواد المخدرة من عدمه، فيما يتبنى الصندوق التابع لوزارة «التضامن الاجتماعي» خطة وطنية لمكافحة المخدرات والحدّ من مخاطر التعاطي والإدمان، بدأ تنفيذها في 2024 وتستمر لمدة 4 سنوات.


أغنية «فصلة» تعيد التراث الموسيقي البحريني للواجهة عالمياً

الرابر البحريني حسام عاصم الشهير بـ«فليبراتشي» (إنستغرام)
الرابر البحريني حسام عاصم الشهير بـ«فليبراتشي» (إنستغرام)
TT

أغنية «فصلة» تعيد التراث الموسيقي البحريني للواجهة عالمياً

الرابر البحريني حسام عاصم الشهير بـ«فليبراتشي» (إنستغرام)
الرابر البحريني حسام عاصم الشهير بـ«فليبراتشي» (إنستغرام)

أعاد الرابر البحريني حسام عاصم الشهير بـ«فليبراتشي» التراث الموسيقي البحريني إلى الواجهة العالمية بعد النجاح اللافت الذي حققته أغنيته الشهيرة «فصلة»؛ إذ تصدرت الأغنية قوائم أكثر الأغاني نجاحاً ورواجاً في المنطقة العربية خلال الشهر الحالي عبر منصات «بيلبورد» العربية، في قوائم أفضل 100 فنان، وأفضل 100 أغنية، وأفضل 50 «هيب هوب» عربياً، كما حظيت بانتشار واسع على أبرز المنصات الموسيقية الدولية، من بينها «سبوتيفاي» في الهند التي احتلت قمتها.

صدرت أغنية «فصلة» منتصف عام 2024، من خلال تعاون «فليبراتشي» مع «الدي جي أوتلو»، بهدف مزج التراث الموسيقي البحريني القديم مع الآلات الموسيقية الحية مثل الطبول، إضافة إلى إدخال الآلات الموسيقية الهندية التقليدية، أبرزها آلة الشيناي، ليولد هذا المزج تجربة موسيقية فريدة.

ورغم جودة العمل، فإن الأغنية لم تحقق النجاح إلا في عدة دول خليجية، من بينها الكويت والإمارات والبحرين، إلى أن قرر المخرج الهندي أديتيا دهار استخدامها ضمن فيلمه الجديد «Dhurandhar» أو «البطل»، الذي عُرض في دور السينما الهندية بداية ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

الأغنية حققت نجاحاً لافتاً (إنستغرام)

ويعد فيلم «Dhurandhar» الذي صدر في 5 ديسمبر 2025 أحد أبرز الأعمال السينمائية الهندية في موسم الاحتفالات، وحقق منذ إطلاقه اهتماماً جماهيرياً واسعاً على مستوى الإنتاجات السينمائية لهذا العام. الفيلم من كتابة وإخراج أديتيا دهار، الذي شارك أيضاً في الإنتاج إلى جانب لوكيش دار وجيوتي ديشباندي تحت راية استوديوهات «Jio Studios» و«B62 Studios»، ويعد من الأعمال التي تمزج بين الحركة والتجسس والإثارة، ويضم مجموعة من أبرز نجوم بوليوود، من بينهم رانفير سينغ في الدور القيادي، إلى جانب أكشاي خانا، وسانجاي دوت، وأرجون رامبال.

بوستر الفيلم الهندي (إنستغرام)

وقد أدت هذه الخطوة إلى انفجار شعبي للأغنية على منصات التواصل، ولا سيما «تيك توك»، بعد أن قام عدد من أبرز نجوم السينما الهندية بالغناء والرقص عليها، من بينهم رانفير سينغ، وأكشاي خانا، وسانجاي دوت، وأرجون رامبال، ما ساهم في إعادة تعريف الأغنية لمستمعين عالميين. ولم تُستخدم أغنية «فصلة» في الفيلم لغرض الترويج فقط، بل دخلت في مشهد عفوي ضمن أحداث العمل؛ إذ رقص البطل أكشاي خانا على أنغام الأغنية دون أي تدريب مسبق، مما ساعد في انتشار الأغنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

تصدرت الأغنية منصة «سبوتيفاي» في الهند (إنستغرام)

وعبّر «فليبراتشي» عن سعادته بتصدر موسيقاه لأربع قوائم على «بيلبورد» العربية، واصفاً الإنجاز بأنه «أكثر من مجرد فوز، بل تذكير لبداياتنا في عالم الموسيقى». وقال عبر حسابه الرسمي على «إنستغرام»: «النجاح جاء بعد سنوات من الإيمان والتضحيات والسهر. شكراً لجمهوري، وخصوصاً في الهند، على دعمكم وحبكم الذي جعل الموسيقى تتخطى الحدود واللغات والثقافات»، مضيفاً: «ممتنون، وما زلنا متعطشين، وهذه مجرد البداية. شكراً لأنكم صنعتم التاريخ معنا».

«فليبراتشي» (إنستغرام)

من جانبه، يرى الناقد والمؤرخ الموسيقي فوزي إبراهيم أن «السر الرئيسي وراء نجاح أغنية (فصلة) يكمن في قدرة (فليبراتشي) على مزج أهم الآلات الموسيقية الهندية مع تراث البحرين واليمن الغني بالألحان والمقطوعات الموسيقية».

وقال إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»: «التراث اليمني والبحريني غني بالعديد من الأغاني والمقطوعات الرائعة، وأغنية (فصلة) أعادت إلى الأذهان أغنية (صبوحة خطبها نصيب) التي ذاع صيتها خليجياً منتصف خمسينات القرن الماضي، وكانت جزءاً رئيسياً في الأعراس العربية آنذاك». وأضاف: «المزيج الموسيقي الذي قدمه (فليبراتشي) بالتعاون مع (أوتلو) يجعل المستمع يرقص حتى لو لم يفهم كلمات الأغنية، فالموسيقى لغة عالمية تتجاوز الحواجز. كما ساهم استخدام كلمات محببة للجمهور الخليجي مثل (كرك)، و(زين)، و(يا للحبيب)... في تعزيز تفاعل المستمعين مع الأغنية».


«أمازون» تتراجع عن خطط توصيل الطلبات بطائرات مسيّرة في إيطاليا

قالت شركة «أمازون» إنها قررت ​التراجع عن خطط توصيل البضائع عبر طائرات مسيّرة في إيطاليا (د.ب.أ)
قالت شركة «أمازون» إنها قررت ​التراجع عن خطط توصيل البضائع عبر طائرات مسيّرة في إيطاليا (د.ب.أ)
TT

«أمازون» تتراجع عن خطط توصيل الطلبات بطائرات مسيّرة في إيطاليا

قالت شركة «أمازون» إنها قررت ​التراجع عن خطط توصيل البضائع عبر طائرات مسيّرة في إيطاليا (د.ب.أ)
قالت شركة «أمازون» إنها قررت ​التراجع عن خطط توصيل البضائع عبر طائرات مسيّرة في إيطاليا (د.ب.أ)

قالت شركة «أمازون»، الأحد، إنها قررت ​التراجع عن خطط توصيل البضائع عبر طائرات مسيّرة في إيطاليا، رغم إحرازها تقدماً جيداً مع الجهات التنظيمية في مجال الطيران، لكن القضايا التنظيمية التجارية ‌الأوسع نطاقاً ‌حالت دون إتمام ‌المشروع.

ووفقاً لـ«رويترز»، وصفت ⁠هيئة ​الطيران ‌المدني الإيطالية القرار بأنه غير متوقع، وقالت في بيان أمس السبت إن الخطوة مدفوعة بسياسة الشركة، المرتبطة «بالأحداث المالية في الآونة الأخيرة ⁠التي شملت المجموعة».

وأعلنت «أمازون» في ديسمبر ‌(كانون الأول) 2024 عن إتمام الاختبارات الأولية بنجاح لطائرات التوصيل المسيّرة في بلدة سان سالفو الواقعة في منطقة أبروتسو الوسطى.

وقالت «أمازون» في بيان لـ«رويترز»، ​الأحد: «بعد مراجعة استراتيجية، قررنا التراجع عن خططنا ⁠التجارية لتوصيل الطرود عبر الطائرات المسيّرة في إيطاليا».

وأضافت «أمازون»: «رغم المشاركة الإيجابية والتقدم المحرز مع الجهات التنظيمية الإيطالية في مجال الطيران، فإن الإطار التنظيمي الأوسع للأعمال في البلاد لا يدعم، في الوقت الراهن، أهدافنا طويلة المدى ‌لهذا البرنامج».