الصحة العقلية للعاملين في مجال الترفيه بهوليوود في خطر

يخشى البعض من أن عدم عملهم لأعوام سوف يخفض معاشاتهم

علامة هوليوود الشهيرة في الذكرى المئوية لإضاءة الأضواء في لوس أنجليس (رويترز)
علامة هوليوود الشهيرة في الذكرى المئوية لإضاءة الأضواء في لوس أنجليس (رويترز)
TT

الصحة العقلية للعاملين في مجال الترفيه بهوليوود في خطر

علامة هوليوود الشهيرة في الذكرى المئوية لإضاءة الأضواء في لوس أنجليس (رويترز)
علامة هوليوود الشهيرة في الذكرى المئوية لإضاءة الأضواء في لوس أنجليس (رويترز)

بعد انتهاء إضرابات الكتَّاب والممثلين، العام الماضي، شحذ الأشخاص في قطاع الترفيه بالولايات المتحدة الهمم للعودة للعمل. وبدلاً من الانطلاق مثل الصاروخ، استؤنف العمل بوتيرة بطيئة، مما أدى لنقص فرص العمل، وأثر سلبياً على الصحة العقلية للعاملين.

وكان الممثل ماثيو كورين، الذي ظهر في مسلسلات «ذا بلاك ليست» و«إن سي إي إس - لوس أنجليس» و«دانستي» من أوائل الذين شعروا بهذا الأمر.

وذكرت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية أنه بعد مرور 20 عاماً على بدء مسيرته الفنية في عام 2022، شعر كورين بالسعادة إزاء فرص التمثيل المتكررة، وعمله الجانبي الناجح المتمثل في مساعدة الممثلين على تصوير أشرطة الاختبار للأفلام، حسب تقرير وكالة الأنباء الألمانية.

وفي العام التالي، تراجعت جودة ومعدلات تكرار الاختبارات التي كانت تصل كورين من أجل أدواره تدريجياً قبل أن تصل لأدنى مستوياتها.

كما شهد انخفاضاً حاداً في أعداد مَن كان يساعدهم في تصوير أشرطة الاختبارات.

وشعر كورين بالاكتئاب معظم حياته، ولكن هذه المشاعر تفاقمت خلال الإضراب، لأنه لم يكن موجوداً مع الآخرين أثناء الإنتاج، ولم يستطع التمثيل، ولأول مرة يسعى للحصول على مساعدة مالية لشراء الطعام.

وأوضح أن حقيقة أن خبرته التي استمرت لأعوام وسيرته المهنية لم تكن كافية للحصول على دور لأسباب خارجة عن إرادته «كانت أمراً يصعب عليَّ تقبُّله».

وقال الطبيب النفساني مايكل ويتر: «من الصعب العثور على قطاع آخر يضاهي عدم القدرة على التنبؤ التي تصاحب قطاع الترفيه». ويلقي هذا الغموض بظلاله على أمبر هالي، مهندسة ديكور شاركت في عمليات إنتاج مثل مسلسلات «إنسكيور» و«باري» و«مودرن فاملي»، وتمكنت هالي من أداء مقابلات العمل من أجل 3 أعمال فقط خلال الـ15 شهراً الماضية، وكلها كانت لمشاريع لم تُوفَّق في العمل بها.

وقالت ويتر لصحيفة «ذا تايمز» إنه دون وجود مشروع للعمل عليه، لم يتمكن أعضاء فريق هالي من تلبية احتياجاتهم الأساسية، مضيفة: «ذلك يؤثر عليَّ أنا أيضاً». وأوضحت أنها تشعر بمسؤولية العثور على وظيفة بحيث لا يخسر أفراد طاقمها منازلهم وسياراتهم وسبل معيشتهم.

وتحدثت صحيفة «ذا تايمز» مع أعضاء فريقها الذين يعملون في مجال الإضاءة ومشرفي النصوص والمراقبين الذين وصفوا هذا الوقت بـ«الحالك»، لأنهم لا يستطيعون العمل.

ويخشى البعض من أن عدم عملهم لأعوام سوف يخفِّض معاشهم، لأنهم لن يتمكنوا من العثور على عروض إنتاجات تغطيها عقود النقابة، وهم قد اقتربوا من سن التقاعد. كما أن هؤلاء الأفراد يواجهون خطر خسارة مزايا الرعاية الصحية، لأنهم لم يقدموا العمل الكافي خلال الأعوام الماضية لكي يكونوا مؤهلين للحصول على هذه المزايا، وفقاً للقواعد النقابية.

ويجري اتحادهم (التحالف الدولي للعاملين بالمسرح) مفاوضات مع تحالف منتجي الصور المتحركة والتلفزيون للتوصل لعقد جديد، وهو ما يُعدّ عاملاً آخر لتباطؤ الإنتاج.

وقال ويتر: «عندما لا يعرف ما إذا كان المرء سوف يتمكن من مواصلة الأمر الذي ضحَّى من أجله تاريخياً، والآن يواجه نتيجة هذه الفرضية الحالكة للمستقبل، فإن الأمر يكون له تأثير سلبي على هذا المرء».

وتقول جينفر جورجي مديرة الخدمات الاجتماعية في صندوق الصور المتحركة والتلفزيون إن هذا التأثير قد يتمثل في مشاعر بالقلق والاكتئاب، بالإضافة إلى التأثير الجسدي، مثل الشعور بألم في المعدة أو الرأس والأرق أو عادات تناول الطعام غير الصحي.

وأضافت أن مشاعر الحزن واليأس والإرهاق طبيعية في ظل جميع العوائق التي يواجهها أفراد هذا القطاع. وأوضحت: «أعتقد أنني أبدأ في القلق كممارسة، عندما نبدأ في الحديث عن حدة هذه المشاعر».

وأشارت جورجي إلى أن الواقع المؤسف أن الأشخاص فقدوا علاقاتهم وانكسرت رزانتهم، وأصبحوا مرضى أو فقدوا مساكنهم بسبب الضغط الذي يشعرون به، لعدم عملهم وعدم قدرتهم على ممارسة مهنتهم.

ولحسن الظن، تم توفير المساعدة من خلال الخدمات الاجتماعية التي يقدمها صندوق الصور المتحركة والتلفزيون والمنظمات الأخرى التي تركز عملها على قطاع الترفيه وخطوط المساعدة الوطنية وإدارات الصحة التي يمكن أن توجه الأشخاص إلى الموارد المحلية.

ويشارك الخبراء في الصحة العقلية نصائح بشأن كيفية الاعتناء بالصحة العقلية ومنع ظهور أي مشكلات.

ويقول الخبراء إنه يتعين على المرء أن يمنح نفسه وقتاً للتفكير. وعندما يمر بفترة صعبة، يتعين أن يسأل نفسه ما إذا كان يأكل بطريقة متوازنة ويحظى بنوم كافٍ ويمارس نشاطا بدنياً وينال وقتاً مع أصدقائه وأسرته. وينصح الخبراء بإنشاء مجالات إبداعية أخرى. وإذا لم يتمكن المرء من ممارسة مهنته، فعليه أن يبحث عن سبيل آخر للاستمرار في إظهار قدراته الإبداعية، وأن يبحث عن فرص للإبداع مع أقرانه، مما سوف يساعد في تعزيز وتنمية مجتمعه.

ويوصي الخبراء الأفراد برصد الوقت الذي يشعرون فيه بأنهم في حاجة لمزيد من المساعدة الذاتية. ومن أبرز علامات ذلك عندما تضعف مشاعر المرء قدراته الأساسية. إذا بدأ المرء في الشعور بعدم القدرة على النهوض من السرير وأصبح لا يأكل بصورة دورية ولا يستطيع أن يقوم بنشاط بدني، حين ذاك ربما يتعين أن يتواصل مع الخدمات الاجتماعية أو استشاري أو معالج.


مقالات ذات صلة

دونالد ساذرلاند... أرستقراطي السينما الذي «لا يُعوَّض»

يوميات الشرق الحضور الطاغي (رويترز)

دونالد ساذرلاند... أرستقراطي السينما الذي «لا يُعوَّض»

لم يقتصر تفوّق دونالد ساذرلاند على تجسيد أدوار الأبطال النبلاء فحسب، بل امتدّ إلى الأدوار الشريرة. كذلك أتقن تجسيد هموم الرجل المحترم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق على خُطى أمهاتهن... نجمات بقوة الوراثة

على خُطى أمهاتهن... نجمات بقوة الوراثة

في الـ12 من عمرها، تستعد بلو آيفي، ابنة المغنية العالمية بيونسيه، لمشاركة والدتها بطولة فيلم «موفاسا»... فهل قطعت نجمات هوليوود عهداً بتوريث بناتهن الشهرة؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق شيلوه ووالداها براد بيت وأنجلينا جولي (وسائل إعلام أميركية)

ابنة براد بيت وأنجلينا جولي تطلب رسمياً التخلي عن اسم والدها

قدّمت الممثلة الشابة شيلوه نوفيل جولي بيت التماساً إلى محكمة في لوس أنجليس لإزالة كلمة «بيت» من اسمها، عشية احتفالها بعيد ميلادها الثامن عشر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق أوليفيا نيوتن وجون ترافولتا في فيلم «غريس» (باراماونت)

20 فيلماً رومانسياً في هوليوود كانت في الواقع سامة تماماً

يتذكر الجميع قصص الحب العظيمة في السينما. من فيلم «When Harry Met Sally» إلى فيلم «Casablanca»، كانت هوليوود تعشق دائماً القصص عن شخصين يلتقيان مصادفة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تيم ناب الرئيس التنفيذي للعمليات في غرفة التحكم (أ.ف.ب)

«ذاكرة» هوليوود الثمينة محفوظة بأمان في كاليفورنيا

للحفاظ على مليون بَكرة تشكّل ذاكرة هوليوود الثمينة والهشّة، تعمل مجموعة صغيرة من المتخصصين في قاعات ذات نسبة رطوبة مضبوطة بالقرب من لوس أنجليس.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الإساءة إلى الحيوانات ظاهرة تتلازم مع استخدامها في تصوير الأفلام

أكثر من نصف الشهادات في دراسة حديثة أظهرت أن الحيوانات المستخدمة في الأفلام وُضِعَت في حالة من الخوف أو الضيق
أكثر من نصف الشهادات في دراسة حديثة أظهرت أن الحيوانات المستخدمة في الأفلام وُضِعَت في حالة من الخوف أو الضيق
TT

الإساءة إلى الحيوانات ظاهرة تتلازم مع استخدامها في تصوير الأفلام

أكثر من نصف الشهادات في دراسة حديثة أظهرت أن الحيوانات المستخدمة في الأفلام وُضِعَت في حالة من الخوف أو الضيق
أكثر من نصف الشهادات في دراسة حديثة أظهرت أن الحيوانات المستخدمة في الأفلام وُضِعَت في حالة من الخوف أو الضيق

غالباً ما تتضمن الأفلام السينمائية مشاهد تُقتَل فيها حيوانات أو تُعذّب، ولا تعير الجهات المنتجة تالياً أي اهتمام لمسألة الرفق بالحيوان في تصوير هذه الأعمال، على ما أظهرته دراسة أجريت في فرنسا تدعو أوساط الفن السابع إلى «العمل بشكل مختلف».

ومع أن شارات النهاية في الأفلام تؤكد في كثير من الأحيان أن «أي إساءة معاملة لحيوان لم تحصل خلال التصوير»، بيّنت شهادات 56 من محترفي السينما، من مخرجين ومديري مواقع تصوير وكتّاب سيناريو وسواهم، في الدراسة التي أجريت بتكليف من نقابة المخرجين الفرنسيين، أن الواقع الفعلي ليس على هذا النحو المشرق.

وقالت الطبيبة البيطرية كورين لوسين التي كانت وراء الدراسة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه «لا إطار قانوني في شأن الحيوانات»، و«لا توجد تشريعات ولا تَحَقُق».

وأُجريت الدراسة بين أكتوبر (تشرين الأول) وفبراير (شباط)، من خلال استبيانات أرسلت إلى العاملين في مجال الأفلام السينمائية والتلفزيونية والإعلانية، وشهادات عن 56 فيلماً صُوِّرَت في فرنسا واستُخدِمَت فيها 506 حيوانات.

وتبيّن من أكثر من نصف الشهادات أن الحيوانات وُضِعَت في حالة من الخوف أو الضيق، فيما أفاد ثلث هذه الشهادات بأن التصوير تم بالإكراه.

وأشار خُمس الشهود إلى أن الحيوانات احتُجِزَت في أقفاص غير مناسبة للنوع الذي تنتمي إليه، وفي أحيان اقل، قُيَدَت برباط في وضع مؤلم، أو أُعطِيَت مهدئات أو مخدرات للإيحاء بنفوقها مثلاً.

ولكن في المقابل، تولي بعض الأعمال الرفق بالحيوان أهمية كبيرة، كالفيلم الكوميدي «محاكمة الكلب» Le Proces du chien الذي يُطرح في دور العرض في 11 سبتمبر (أيلول) المقبل.

ويتناول الفيلم الذي أخرجته ليتيسيا دوش قصة محامية مستعدة لفعل كل ما يلزم لإنقاذ موكلها، وهو كلب تَقَرَّرَ إنهاء حياته بواسطة القتل الرحيم بعد عضّة.

ويؤدي الكلب «كودي» دور الحيوان، وقد أعيدت كتابة السيناريو بما يناسبه. وقالت دوش: «عندما كان يقال لي إنه لا يستطيع تنفيذ حركة ما، كنت أغيّرها. وإذا لم يكن بخير خلال التصوير، كنا نتوقف».

ورَوَت أن بعض مدرّبي الكلاب، خلال الاختبارات التي أجريت لاختيار صاحب دور البطولة في الفيلم، أي «كودي»، عرضوا حيواناتهم لها على نوع من الحاملات المخصصة للعرض. وأضافت: «قد لا يكون ذلك مضراً بالحيوان، لكنه يعطي انطباعاً بأن ثمة من يعتبر الحيوان شيئاً (...) وبالتالي لن يُعامَل بصورة جيد».

السيرك لا التصوير

في عام 2018، ادّعت جمعية «فرانس ناتور أنفيرونمان» على المخرج نيكولا فانييه بعد تدمير 500 من بيوض طيور النحام الوردي (الفلامينغو) أثناء استكشاف مواقع لتصوير فيلمه «أعطني أجنحة» Donne-moi des ailes الذي بلغ عدد مشاهديه مليونا ونصف مليون.

وفي الولايات المتحدة، تعرض فيلم Life of Pi الذي طُرح عام 2012 لانتقادات شديدة بعدما كشفت مجلة «هوليوود ريبورتر» أن النمر البنغالي الذي استخدم في بعض مشاهده «كاد أن يغرق».

إلاّ أن لوسين لاحظت أن الضوابط المتعلقة بالحيوانات البرية لا تزال دون المستوى المطلوب.

ونص القانون الصادر عام 2021 في شأن إساءة معاملة الحيوانات على حظر امتلاك الحيوانات البرية وإشراكها في عروض سيرك متنقلة في فرنسا بحلول سنة 2028. وحتى الآن، لا يشمل هذا الإجراء تصوير الأفلام.

وفي عام 2019، استخدمت النسخة الجديدة من فيلم «ذي لايون كينغ» The Lion King صوراً واقعية جداً أُنشئت بواسطة الكومبيوتر لحيوانات سهول السافانا.