تحقيق «صادم» يكشف اعتداءات على نساء في الجيش الفرنسي

سوء المعاملة لم يكن مُتوقَّعاً... ولا الاضطرار إلى السكوت

الاعتداء على عسكريات يفجّر فضيحةً في فرنسا (أ.ف.ب)
الاعتداء على عسكريات يفجّر فضيحةً في فرنسا (أ.ف.ب)
TT

تحقيق «صادم» يكشف اعتداءات على نساء في الجيش الفرنسي

الاعتداء على عسكريات يفجّر فضيحةً في فرنسا (أ.ف.ب)
الاعتداء على عسكريات يفجّر فضيحةً في فرنسا (أ.ف.ب)

بثّت القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي، وهي القناة الرسمية، تحقيقاً صادماً عن التحرّشات والاعتداءات الجنسية التي تتعرّض نساء في سلك الجيش. وللمرّة الأولى، تحدّثت مجندات وضابطات أمام كاميرا برنامج «موفد خاص» عن معاناتهن التي دفعت عدداً منهن إلى مغادرة عملهن والانتقال إلى وظائف مدنية.

أبرز المتحدّثات ضابطة برتبة كابتن في البحرية كشفت أنها تعرّضت للاغتصاب من أحد منتسبي صنفها. وقالت مانون دوبوا إنّ الحادثة وقعت بينما فرقتها في مهمَّة بعرض البحر. وإثر ذلك، تقدّمت بشكوى إلى رؤسائها، لكن محكمة عسكرية اكتفت بوقف المعتدي عن العمل لـ10 أيام، عاد بعدها إلى وظيفته. أما هي فتلقّت نصيحة بعدم البقاء في السفينة لرحلة تالية، واضطرّت للتخلّي عن المهنة التي تحبّ. وهي المرّة الأولى التي تتحدّث فيها الضحية بوجه مكشوف، إذ سبق لها وتحدّثت عن قضيتها إلى صحيفة «لوموند»، وقالت: «شعرت بالتقزُّز ولا أرغب في البقاء بسلك يسلبني حقّي ويُكافئ المعتدي».

وشجعّت جرأة مانون دوبوا منتسبات أخريات للجيش على كشف وقائع التحرُّش التي يتعرّضن لها من زملائهن. وجاء التحقيق التلفزيوني صادماً لعموم الفرنسيين، لا سيما الفرنسيات. ورغم تحرُّر الخطاب النسائي بعد موجة «مي تو» للتنديد بالمتحرّشين، لم يتوقّع أحد أن تتعرّض عسكريات مدرَّبات وذوات لياقة بدنية، بعضهن يحمل رتباً متقدّمة، لسوء معاملة من هذا النوع ويضطررن إلى السكوت تبعاً لقانون الطاعة السائد في الجيش. وكانت «لو موند» قد تطرّقت إلى هذه الفضيحة مستندةً، في تقرير لها، إلى شهادات المُعتدى عليهن.

النائبة ليتيسيا سان بول (مواقع التواصل)

بعد نشر التقرير، تقدّمت النائبة في البرلمان ليتيسيا سان بول بالتحقيق في الموضوع، وقالت إنّ وقائع كثيرة مشابهة تجري في أوساط الجيش، الأمر الذي يصبح فيه ضرورياً تدخُّل المسؤولين في وزارة الدفاع لوضع حدّ له. وأضافت أنّ مجنّدات في أول الخدمة، وحتى عسكريات يحملن رتباً عالية يطالبن برفع الحصانة عن زملائهن الذين يتحرّشون بهن. وأثار موقف النائبة اهتماماً لأنها هي نفسها تحمل رتبة ضابط في صنف المشاة.

وكانت سان بول قد كتبت خطاباً رسمياً إلى وزير الدفاع تطالبه بتحقيق في قضية الكابتن مانون دوبوا. كما طلبت مقابلة الوزيرة المكلَّفة بشؤون المساواة بين الجنسين لتبحث معها القضية، وتطلب التحرُّك لإنصاف المُعتدى عليها. ومنذ مداخلة النائبة، انهالت على بريدها الإلكتروني الشكاوى من عشرات المجنّدات والنساء العاملات في الجيش. وكانت بينهن مَن أعلنت استعدادها لفضح مسؤولها أو زميلها الذي يتحرَّش بها، في حال وجدت مَن يساندها ويدافع عنها. وأمام فيض الشكاوى، اضطرّت وزيرة المساواة إلى تخصيص موظف في وزارتها لدراستها وجمع الشهادات. وهناك مَن يتحدّث عن 500 شكوى حتى الآن. لكن المحقّقين سيتحفّظون، في مرحلة أولى، على أسماء المتّهمين لئلا يجري استغلالها سياسياً.

وأشار التحقيق إلى أنّ وقف التعدّيات يحتاج إلى تحرُّك قضائي يوفّر للضحايا الحماية القانونية والنفسية، وأن يكون التحقيق مُنصفاً لا يأخذ في الحسبان الرتبة العسكرية للمتّهم، وبإشراف قاضٍ من الجيش. وفي حال جرت الإدانة، فلا بدَّ من تعويضات مجزية للمُعتدى عليهن.

تجدر الإشارة إلى أنّ عدد مَن يحملن رتبة ضابط في القوّات المسلَّحة الفرنسية يبلغ 1530 امرأة، وعدد نائبات الضباط 5420 امرأة، وهناك 6650 عسكرية مجنّدة.


مقالات ذات صلة

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق جود السفياني (الشرق الأوسط)

جود السفياني... نجمة سعودية صاعدة تثبّت خطواتها في «خريف القلب»

على الرغم من أن الممثلة جود السفياني ما زالت في بداية العقد الثاني من عمرها، فإنها استطاعت أن تلفت الأنظار إليها من خلال مسلسلات محليّة حققت نسب مشاهدة عالية.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الفنان المصري مصطفى فهمي (وزارة الثقافة)

حزن في مصر لرحيل «برنس الشاشة» مصطفى فهمي

خيَّمت حالة من الحزن على الوسط الفني بمصر، الأربعاء، بعد إعلان رحيل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً.

محمد الكفراوي (القاهرة)

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

عرض مسرحي
عرض مسرحي
TT

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

عرض مسرحي
عرض مسرحي

نثر مهرجان للمسرح، أقيم في درنة الليبية بعضاً من الفرح على المدينة المكلومة التي ضربها فيضان عارم قبل أكثر من عام.

ومع حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة وفنانين وممثلين ليبيين وغيرهم من الضيوف الفنانين من بعض الدول العربية، أبرزها سوريا والأردن ومصر وتونس.

الفنان صابر الرباعي

واختتم، مساء الخميس، المهرجان الذي استهل أعماله بحفل غنائي أحياه الفنان صابر الرباعي، على مسرح المدينة الرياضية، وسط حضور جماهيري وفني، محلي ومن دول عربية من بينها مصر وتونس.

وتحت شعار «درنة عادت، درنة الأمل»، دعا المهرجان سبع فرق: خمساً من ليبيا، وفرقةً من مصر، وأخرى من تونس.

أحد العروض

وعُرضت أعمال عديدة من بينها مسرحية «خرف» لفرقة الركح الدولي من بنغازي، التي أثنى عليها الجمهور، من حيث الأداء المميز لجميع الفنانين المشاركين، كما عرضت مسرحية «صاحب الخطوة» لفرقة المسرح القوريني من مدينة شحات، وجاء العرض مليئاً بالرسائل العميقة، وقد نال إعجاب الحضور.

وأعلنت إدارة المهرجان عن توزيع جوائز للأعمال المشاركة، بالإضافة لتكريم عدد من نجوم الفن في ليبيا ودول عربية.

وحاز جائزة أفضل نص دنيا مناصرية من تونس، عن مسرحية «البوابة 52»، بينما حصلت الفنانة عبير الصميدي من تونس على جائز أفضل ممثلة عن العمل نفسه.

ومن ليبيا حاز الفنان إبراهيم خير الله، من «المسرح الوطني» بمدينة الخمس، جائزة أفضل ممثل عن مسرحية «عرض مسرحي للبيع»، وذهبت جائزة أفضل إخراج للمخرج منير باعور، من المسرح الوطني الخمس عن مسرحية «عرض مسرحي للبيع».

عرض مسرحي

كما كرمت إدارة المهرجان الفنان المصري أحمد سلامة، والفنانة عبير عيسى، والإعلامية صفاء البيلي؛ تقديراً «لإسهاماتهم القيمة في مجال الفن والمسرح». وقالت إدارة المهرجان إن هذا التكريم «يعكس التقدير والاحترام للفنانين الذين ساهموا في إثراء الثقافة والفنون، ويعزّز من أهمية دعم المواهب الفنية في المجتمع».

وكانت الدورة السادسة لمهرجان «درنة الزاهرة»، وهو اللقب الذي يُطلق على هذه المدينة المعروفة بأشجار الياسمين والورد، قد ألغيت العام الماضي بسبب الدمار الذي طال معظم مبانيها التاريخية جراء الكارثة.

في ليلة 10 إلى 11 سبتمبر (أيلول) 2023، ضربت العاصفة «دانيال» الساحل الشرقي لليبيا، ما تسبّب في فيضانات مفاجئة تفاقمت بسبب انهيار سدين في أعلى مدينة درنة. وخلفت المأساة ما لا يقل عن 4 آلاف قتيل وآلاف المفقودين وأكثر من 40 ألف نازح، حسب الأمم المتحدة.

مسرح جامعة درنة

وتقول الممثلة المسرحية التونسية عبير السميتي، التي حضرت لتقديم مسرحية «الباب 52»، لـ«وكالة الأنباء الفرنسية»، «هذه أول مرة آتي فيها إلى هنا. بالنسبة لي، درنة اكتشاف. كنت متشوقة للمجيء. عندما نصل إلى هنا، نشعر بالألم، وفي الوقت نفسه، نشعر بالفرح وبأن الشعب كله لديه أمل».

بدورها، ترى الممثلة والمخرجة الليبية كريمان جبر أن درنة بعدما خيّم عليها الحزن، عادت إلى عهدها في «زمن قياسي».

جانب من تكريم الفنانين في مهرجان للمسرح في درنة الليبية (إدارة المهرجان)

ومن الكنوز المعمارية الشاهدة على الماضي الفني والأدبي الذي فقدته درنة في الفيضانات، «بيت الثقافة»، وخصوصاً «دار المسرح»، أول مسرح تم افتتاحه في ليبيا في بداية القرن العشرين.

وفي انتظار إعادة بنائه، اختارت الجهة المنظمة إقامة المهرجان على خشبات «المسرح الصغير» بجامعة درنة.

تكريم الفنانة خدوجة صبري بمهرجان للمسرح في درنة الليبية (إدارة المهرجان)

وقال المدير الفني للمهرجان نزار العنيد: «كلنا نعرف ما حدث في درنة العام الماضي، أصررنا على أن يقام المهرجان (هذا العام) حتى لو كان المسرح لا يزال قيد الإنشاء».

وأوضحت عضوة لجنة التحكيم، حنان الشويهدي، أنه على هامش المهرجان، «يُنظَّم العديد من الندوات وورش العمل التدريبية المهمة للممثلين والكتاب المسرحيين الشباب».

وتقول الشويهدي: «الصورة التي تقدمها درنة اليوم تُفرح القلب، رغم الموت والدمار»، معتبرة أن المدينة المنكوبة تظهر «بوجه جديد؛ درنة تستحق أن تكون جميلة كما يستحق سكانها أن يفرحوا».