سميحة أيوب: زكي طليمات رفضني ممثلة في بداياتي

نجوم الفن احتفوا بمسيرتها في الأوبرا المصرية

أيوب قالت إن مشوارها لم يكن سهلاً (دار الأوبرا المصرية)
أيوب قالت إن مشوارها لم يكن سهلاً (دار الأوبرا المصرية)
TT

سميحة أيوب: زكي طليمات رفضني ممثلة في بداياتي

أيوب قالت إن مشوارها لم يكن سهلاً (دار الأوبرا المصرية)
أيوب قالت إن مشوارها لم يكن سهلاً (دار الأوبرا المصرية)

استعادت الفنانة الكبيرة سميحة أيوب ذكريات البدايات الأولى في التمثيل خلال حفل تكريمها بدار الأوبرا المصرية، مؤكدة أن المشوار لم يكن سهلاً، وأنها واجهت تحديات عديدة، حين ذهبت للالتحاق بمعهد التمثيل وفوجئت برفض الفنان زكي طليمات التحاقها بدعوى أنها صغيرة.

تقول أيوب: «كان عمري 14 عاماً، لكن الفنان جورج أبيض تمسك بي، وأصر علي، فوافقوا على التحاقي مستمعة فقط وليست كطالبة»، وإن ما أحزنها أن طليمات ظل يتجاهلها تماماً ويعطي بقية الطلبة ما يذاكرونه ويعود ليسألهم عنه في اليوم التالي فلا يكونوا مستعدين لشيء، و«كنت أُقوم أنا بتذكيرهم بما قال»، حتى جاء ذات يوم وأعطاها مشاهد لتؤديها أمامه في اليوم التالي، وبعدما فعلت ذلك قال لها «لأول مرة يخونني ذكائي»، وطلب استثناءها لتكون طالبة نظامية، بعدها بدأ يهتم بها ويثق في قدراتها.

وكانت دار الأوبرا المصرية قد احتفت، مساء الأربعاء، بالفنانة الملقبة بـ«سيدة المسرح العربي» ضمن أمسية «بهجة الروح» التي أقيمت بالمسرح الصغير تحت عنوان «سيدة المسرح وسيدة القلوب»، بمشاركة نخبة من نجوم الفن، وبحضور د. لمياء زايد رئيسة دار الأوبرا، التي ألقت كلمة أشادت فيها بمسيرة أيوب، كما منحتها «درع الأوبرا».

رئيسة دار الأوبرا المصرية تسلم سميحة أيوب درع التكريم (دار الأوبرا المصرية)

وشددت زايد على أن «أيوب قدمت نموذجاً فريداً للفنان الذي يجمع بين العطاء العظيم والإدارة الناجحة خلال إدارتها للمسرحين القومي والحديث، وأنها نالت تكريمات عدة مستحقة، من بينها (وسام الجمهورية) من الرئيس جمال عبد الناصر، ووسام بدرجة (فارس) من الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان بعد تقديمها مسرحية (فيدرا) على مسرح أوبرا باريس».

وأشارت زايد إلى أن الفيلسوف والمؤلف جان بول سارتر أطلق عليها لقب «إليكترا المصرية»، مؤكداً أنها أفضل من أدت هذه الشخصية من نجمات العالم، كما نالت تكريماً لا يزال يلازمها من الرئيس السوري حافظ الأسد، الذي أطلق عليها لقب «سيدة المسرح العربي».

كما ذكرت زايد أنه «تتويجاً لدورها التنويري اختارت وزارة التعليم سميحة أيوب بوصفها (شخصية مصرية مؤثرة) و(نموذجاً) يُدَرس ضمن مناهج الوزارة في المرحلة الابتدائية، وقد حظيت بتكريم الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ اعتزازاً وتقديراً لدور الفن الراقي في التنوير وبناء الشخصية».

وقدم الناقد والشاعر محمد بهجت الأمسية التي أهدى في بدايتها قصيدة من تأليفه لسميحة أيوب، فيما توالت حكايات نجوم المسرح عنها، فقد وصفها الفنان رشوان توفيق بأنها «ملكة المسرح العربي»، قائلاً إن «حياته الفنية متعلقة بها، وإن المسرح لم يشهد إدارة قوية مثلها، فقد كانت تساعد الجميع على العمل، وقد شاركها في مسرحية (رابعة العدوية)»، لافتاً إلى أنها «ممثلة لها هيبة».

كما وصفها د. أشرف زكي نقيب الممثلين، بأنها رمز من رموز مصر والعروبة، قائلاً: «لقد تعلمنا منها الكثير في العمل النقابي، فقد كانت وكيلة لنقابة الممثلين، كما تعلمنا منها الإدارة، فقد أدارت المسرح القومي بقوة في زمن العمالقة».

فيما ذكر الفنان د. أيمن الشيوي، مدير المسرح القومي، أن «سميحة تعد نموذجاً يحتذى به، وأنه بصفته عميد معهد الفنون المسرحية يقدمها قدوة لكل طالب ولكل مجتهد في الفن». وقام المتحدثون جميعاً بتقبيل يدها ورأسها حتى لمعت الدموع في عينيها تأثراً بتقديرهم ومحبتهم لها.

وقالت صديقة عمرها الفنانة سميرة عبد العزيز إن «سميحة أيوب ليست أستاذتنا في الفن فقط بل في العلاقات الإنسانية أيضاً»، مشيرة إلى «مساندتها لها منذ مجيئها من الإسكندرية لتلعب دور البطولة في مسرحية (وطني عكا)، قائلة لها: (دمت لنا فناً جميلاً وعلاقات طيبة)».

لقطة تجمعها وكبار المسرحيين في نهاية الاحتفال بها (دار الأوبرا المصرية)

كما تحدث المخرج خالد جلال، قائلاً: «لقد كبرت ونضجت بوجودي بجوارك»، متذكراً لقاءاته بها، متطرقاً للفيلم الذي أخرجه عن مسيرتها. ورصد الفنان محمد أبو داود مواقف جمعته بالفنانة على المسرح.

وكانت سميحة أيوب قد ذكرت في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» أن الإدارة الناجحة تحتاج قوة، موضحة أنها طبقت مبدأ «الثواب والعقاب» في إدارتها، وكان يعنيها أن تظل أضواء المسرح مضاءة.

وتعد أيوب صاحبة أطول مسيرة فنية في العالم العربي، إذ تجاوزت سنوات عملها الفني 77 عاماً، وقد ولدت في 8 مارس (آذار) 1932 بحي شبرا في القاهرة، وكان فيلم «المتشردة» 1947 أول أعمالها الاحترافية، وفي المسرح قدمت أعمالاً تعد من كلاسيكياته، من بينها «مصرع كليوباترا»، و«ست الملك»، و«سكة السلامة»، و«الناس اللي في التالت»، كما شاركت في بطولة عشرات الأفلام، من بينها «شاطئ الغرام»، و«أدهم الشرقاوي»، و«بين الأطلال»، و«موعد مع السعادة»، و«لا تطفئ الشمس»، و«تيتة رهيبة»، إضافة إلى تقديمها عدداً كبيراً من المسلسلات التلفزيونية والإذاعية.


مقالات ذات صلة

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

يوميات الشرق جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

انطلقت مسابقة «مبادرة المسرح المدرسي» التي تشارك فيها ألف مسرحية قصيرة من إعداد الطلاب والطالبات من جميع المدارس التابعة لإدارات التعليم على مستوى السعودية بعد…

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)

«مسرح شغل بيت» يحتفل بـ8 سنوات على ولادته

تُعدّ الاحتفالية حصاد 8 سنوات من العمل والاجتهاد، خلالها قدّم «مسرح شغل بيت» نحو 40 عملاً توزّعت على أيام تلك السنوات عروضاً شهرية استمرت طوال أزمات لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق توقيع اتفاق شراكة بين هيئة المسرح وجمعية المسرح السعوديتين على هامش المؤتمر (جمعية المسرح)

جمعية المسرح السعودية تطلق 8 مشاريع لتعزيز عطاء المبدعين

أطلقت جمعية المسرح والفنون الأدائية في السعودية 8 مشاريع لتعزيز أدوارها في القطاع بوصفها رابطة مهنية للممارسين في مختلف الفنون المسرحية والأدائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مهرجان الخليج للمسرح ينطلق من الرياض في دورته الـ14 (حساب المهرجان على منصة إكس)

«المسرح الخليجي" يستأنف مسيرته من الرياض بعد غياب 10 سنوات

أطلق مهرجان المسرح الخليجي أعماله، في مدينة الرياض، التي تحتضنه للمرة الأولى منذ عام 1988 من خلال دورته الـ14.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق المصنع يشهد النسخة العصرية من مأساة ماكبث (مهرجان المسرح التجريبي)

«ماكبث المصنع»... صرخة مسرحية للتحذير من الذكاء الاصطناعي

في رائعة وليام شكسبير الشهيرة «ماكبث»، تجسد الساحرات الثلاث فكرة الشر؛ حين يهمسن للقائد العسكري لورد ماكبث بأنه سيكون الملك القادم على عرش أسكوتلندا.

رشا أحمد (القاهرة)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
TT

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

للرجلِ الذي يلفظ آخر أنفاسه في الغرفة المجاورة خلف الباب الموارب، ثلاث بناتٍ بطباعٍ على درجة عالية من التناقض. يتلاقين على انتظار موت والدهنّ ويتباعدن لأسباب كثيرة.

يدخل فيلم «His Three Daughters» (بناتُه الثلاث) ضمن خانة الدراما العائلية النفسية، وهو صنفٌ سينمائيّ وتلفزيونيّ مرغوب في الآونة الأخيرة. وبما أن نتفليكس لا تتأخر في اقتناص كل ما هو رائج، فقد تفرّدت المنصة العالمية بعرض الفيلم الذي كتبه وأخرجه الأميركي أزازيل جاكوبس. الأخير معروف بقلمه وكاميرته اللذَين يضعان العلاقات العائلية على طاولة التشريح، من دون تجميل ولا تسطيح.

على ما يشي العنوان، فإنّ البنات الثلاث هنّ محور الحكاية. أما باقي الشخصيات فيمكن إحصاؤها على أصابع اليد الواحدة؛ الممرضان المنزليان اللذان يعالجان الوالد، وحارس المبنى حيث شقة الرجل المريض، إضافةً إلى صديق إحدى البنات.

كبراهنّ، كايتي (تؤدّي دورها كاري كون)، ذات شخصية متحكّمة. تريد أن تمسك بزمام الأمور متسلّحةً بصرامتها وبلسانها القادر على الكلام لدقائق طويلة، من دون توقّفٍ أو إفساحٍ في المجال لسواها في الردّ. تركت كايتي عائلتها على الضفة الأخرى من مدينة مانهاتن الأميركية، وانضمّت إلى شقيقتَيها بعد انقطاع طويل بين الثلاث.

الممثلة كاري كون بدور الابنة الكبرى كايتي (نتفليكس)

ثم تأتي كريستينا (إليزابيث أولسن)، الفائقة الحساسية والهشاشة. تبدو مسالمة، وتستعين بجلسات اليوغا للحفاظ على سكينتها. لكنّ ذلك الهدوء يخفي تحته الكثير من القلق. أحد أسباب توتّر كريستينا أنها فارقت طفلتها في ولاية بعيدة، من أجل الاعتناء بوالدها.

أما ريتشل (ناتاشا ليون) فمقيمة دائمة في البيت الوالديّ، وهي التي كانت تملك حصرية الاهتمام بالأب قبل انضمام كايتي وكريستينا إليها. لكن منذ حضرتا، امتنعت هي عن دخول غرفته وآثرت الغرق في عزلتها، وفي رهانات سباق الخيل، وفي سجائر الحشيش. لا يفصل بينها وبين ضيفتَيها اختلاف الطبع فحسب، بل رابط الدم كذلك، إذ يتّضح خلال الفيلم أنّها ابنة الزوجة الثانية للأب، التي تزوّجها بعد وفاة الأولى.

ناتاشا ليون بدور ريتشل وإليزابيث أولسن بدور كريستينا (نتفليكس)

لولا خروج ريتشل بين الحين والآخر إلى باحة المبنى من أجل التدخين، لانحصرت الحركة داخل الشقة، وتحديداً في غرفة المعيشة والمطبخ وغرفة ريتشل. أما حجرة الوالد فلا تدخلها الكاميرا، لتقتصر الحركة منها وإليها على ابنتَيه والممرضين.

تكاد العين تحفظ تفاصيل المكان لفرط تركيز عدسة المخرج جاكوبس عليها. هنا لوحة الحائط، وهناك كرسي الوالد الذي تركه فارغاً، وتلك كنبة الصالون. جمادٌ يعكس الوقت الذي يمرّ بطيئاً وصامتاً في حضرة الموت الداهم. برز هذا النوع من الدراما الأحاديّة المساحة والمحدّدة الشخصيات، كردّة فعلٍ فنية على جائحة كورونا. وهنا، تجلس البنات الثلاث وجهاً لوجه، كما فعل جميع أفراد العائلات خلال الحجر المنزليّ.

الممثلات الثلاث مع المخرج أزازيل جاكوبس (إنستغرام)

ترمي كايتي وريتشل وكريستينا بخلافاتهنّ واختلافاتهنّ على الطاولة. وعندما لا يتواجهن، تدخل كل واحدةٍ إلى صومعتها؛ الكبرى تحضّر الطعام بانهماكٍ هستيريّ، والثانية تتفرّج دامعةً على فيديوهاتٍ لابنتها، فيما تجحظ عينا الثالثة غير الشقيقة في عالمها الموازي.

تقدّم الممثلات الثلاث أداءً قد يأخذ إحداهنّ بسهولة إلى الأوسكار، ولعلّ ناتاشا ليون «ريتشل» هي الأكثر ترشيحاً نظراً إلى فرادة الشخصية المركّبة التي لعبت، من دون التقليل من قيمة ما قدّمته زميلتاها كاري كون وإليزابيث أولسن. مسافة الفيلم مُفردةٌ بكاملها لأدائهنّ، فهنّ يستحوذن على المساحة وعلى السرديّة. وتأتي بساطة التنفيذ السينمائي والحوارات المتقنة، لتضع نفسها في خدمة البراعة التمثيلية.

الأداء الذي قدّمته ناتاشا ليون ربما يأخذها إلى ترشيح لجائزة أوسكار (نتفليكس)

يحتدم الصراع بين كايتي وريتشل على خلفية اتهام الأولى للثانية بقلّة المسؤولية وبإهمال الوالد. تدخل كريستينا بينهما كقوّة حلّ نزاع بما أنها الأكثر دبلوماسيةً، قبل أن تنفجر غضباً هي الأخرى. لعلّ ذلك الغضب يصبّ في مصلحة العلاقة «الأخويّة» التي تُرمَّم تدريجياً عبر الفيلم. فالبناء الدرامي ينطلق من الحقد الدفين والاتهامات المتبادلة، لينتقل من دون تسرّع إلى المصارحة والمصالحة.

كمَن يفكّك عَقد العلاقة بتأنٍّ، يعمل المخرج من دون أن يُغرق شخصياته في فيضٍ من العواطف. تصل الرسائل بلا استثارة مشاعر الجمهور، ما يدعم واقعيّة القصة. تأخذ كل شخصية وقتها في الكشف عن مكامن الظلام في نفسها، قبل أن ينجلي نورُها لاحقاً، وتتّضح الأسباب الكامنة وراء مواقفها الغريبة وتصرّفاتها المعقّدة.

يجري تفكيك الشخصيات وتمر السجالات بسلاسة، أي أنّ من يختارون متابعة «His Three Daughters» لن يشعروا بثقل المواقف ولن يختبروا مشاهد مزعجة، رغم أن زوايا الحكاية هي العلاقات العائلية السامة والمرض والموت.

بطلات الفيلم في جلسة تصوير ترويجية له (إنستغرام)

يهبط الفيلم في نصفه الثاني ويغرق في حوارات فلسفية طويلة، لكن سرعان ما يطرأ تطوّرٌ مفاجئ ينقذ الموقف من الملل ويكرّس المصالحة بين الأخوات، لا سيّما كايتي وريتشل.

لكنّ انزلاقاً سينمائياً صغيراً لا يلغي واقع أن «His Three Daughters» يقدّم تجربة درامية مميزة وفريدة، يستطيع أن يتماهى مع واقعيتها كل من اختبر خلافاتٍ عائلية. ولعلّ هذا الصدق في المعالجة إلى جانب بساطة التصوير، من بين الأسباب التي دفعت إلى حصول الفيلم على تصنيف ممتاز عبر مواقع تقييم الأفلام.