كيف يكشف الأساتذة غش الطلاب باستعمال «شات جي بي تي»؟

صورة من هاتف لـ«شات جي بي تي» التابع لشركة «أوبن إيه آي» في 21 مارس (بوستون أسوشييتد برس)
صورة من هاتف لـ«شات جي بي تي» التابع لشركة «أوبن إيه آي» في 21 مارس (بوستون أسوشييتد برس)
TT

كيف يكشف الأساتذة غش الطلاب باستعمال «شات جي بي تي»؟

صورة من هاتف لـ«شات جي بي تي» التابع لشركة «أوبن إيه آي» في 21 مارس (بوستون أسوشييتد برس)
صورة من هاتف لـ«شات جي بي تي» التابع لشركة «أوبن إيه آي» في 21 مارس (بوستون أسوشييتد برس)

مع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي على غرار «شات جي بي تي»، يواجه الأساتذة تحدياً جديداً يتجلى في التأكد من أن الواجبات والتقارير والبحوث المكتوبة لم تتم بواسطة هذه المحركات الذكية، هذا ما خلص إليه تقرير نشرته جريدة «لوفيغارو» الفرنسية. فبعد 18 شهراً على إطلاقها أداة المحادثة الخاصة التابعة لشركة «أوبن إيه آي»، عرفت «شات جي بي تي» انتشاراً في صفوف التلاميذ بالمنازل، وأصبحت أداة للاحتيال على الأساتذة والغش في المدارس، وفقاً لما نشره التقرير.

أداة الذكاء الاصطناعي التي طوّرتها شركة «أوبن إيه آي» وجدت مكاناً لها في جوانب مختلفة من الحياة اليومية منذ إطلاقها، لكنها بدأت تستخدم بشكل متزايد في الغش الأكاديمي في أنحاء العالم، علماً أن الطلاب يجدون دائماً طرقاً للغش. وتقوم بعض المدارس بمنع استخدام التلاميذ لهذا البرنامج الذي تعدّه خطراً عليهم، وقامت بحظر استعماله في برامجها التعليمية، وترى أن استخدامه يثير أسئلة جديدة ومختلفة في ظل حرص الأساتذة على التأكد من أن التلاميذ لا يمكنهم الحصول على الإجابة الصحيحة فحسب، بل فهم كيفية القيام بواجباتهم المنزلية خارج ساعات الدراسة. على سبيل المثال، إذا سأل التلميذ «شات جي بي تي» عن أهمية التاريخ، فسيجيب الذكاء الاصطناعي: «التاريخ هو دراسة الماضي البشري بكل جوانبه، من خلال فهم التجارب ووجهات النظر المختلفة»، أو حول مزايا الزبدة الطرية، يجيب: «التنوع، والقدرة على التكيف، المرونة في الطهي». هذه الإجابات تظهر قدرة الأداة على توليد نصوص منظمة ومتسقة بسرعة.

إضافة «ChatGPT for PowerPoint» متاحة مجاناً مع خيار الاشتراك للميزات المتقدمة وهي مفيدة لتسريع إنشاء العروض التقديمية بمحتوى وصور متميزة (باوربوينت)

الأداة أصبحت تُستخدم بشكل واسع من قبل التلاميذ لإعداد تقارير التاريخ أو مذكرات المحاسبة في وقت قصير للغاية، ما يثير مخاوف حول النزاهة الأكاديمية ومستقبل التعليم في جميع أنحاء المعمورة.

الغش كان موجوداً من قبل

يقول غيوم كاباناك، أستاذ باحث في مدينة تولوز الفرنسية، ومصمم برنامج لكشف المنشورات العلمية المزورة: «لا شيء يتغير، وكل شيء يتغير، في مكان ما. لا يمكننا اليوم الاكتفاء بإجراء تحليلات للسرقة الأدبية المباشرة، كلمة فكلمة. يجب أن نكون أكثر ذكاءً». يضيف الباحث: «كل شيء يحدث بسرعة أكبر من المتوقع، والتلاميذ غالباً ما يتقدمون بخطوة على من يقومون بتصحيح أعمالهم. و(شات جي بي تي) مثال صارخ على ذلك. الطلاب الآن يستخدمونه في واجباتهم ومقالاتهم حتى أطروحاتهم». ويطلب بعض الأساتذة من الطلاب إظهار تاريخ التحرير والمسودات لإثبات جهدهم في الواجبات الموكلة إليهم. وأصدر عدد من المدارس الفرنسية والأوروبية مجموعة من التعليمات للحيلولة دون قيام الطلاب باستخدام «شات جي بي تي» في الغش عقب ازدياد المخاوف من حصولهم على تقييمات لا تعكس مستواهم الدراسي الحقيقي. وكان معهد الدراسات السياسية المرموق في العاصمة الفرنسية باريس «سيانس بو» أول جامعة أوروبية تحاول التصدي لأداة الذكاء الاصطناعي، فقرر منع طلابه في يناير (كانون الثاني) الفائت من استخدام «شات جي بي تي» في أبحاثهم سواء الخطية أو الشفهية تحت طائلة طردهم. ودعا وزير التربية الفرنسي باب ندياي إلى اتخاذ تدابير أوسع والتدخل لمنع استعمال الذكاء الاصطناعي في المدارس الفرنسية. وأضاف أن النصوص التي يولدها الذكاء الاصطناعي «مختلفة جداً عن تلك التي بإمكان التلاميذ كتابها، والأساتذة قادرون على تمييز الفرق بسهولة». ويمكن للأساتذة استعمال طرق واستراتيجيات لمعرفة هل تم استخدام الذكاء الاصطناعي أم لا.

معرفة أسلوب الطالب

الأساتذة لديهم القدرة على معرفة أسلوب الطلاب، ويمكنهم غالباً اكتشاف الفروقات في أسلوب الكتابة. النصوص المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي قد تفتقر إلى الصوت الفريد للطالب، والأخطاء المعتادة، أو التوجهات الأسلوبية الخاصة بكل طالب.

تحليل التماسك والعمق

قد تفتقر الردود المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي أحياناً إلى التماسك أو العمق في الحجة والدليل. ويمكن للأساتذة طرح أسئلة متابعة أو طلب تفسيرات إضافية في الصف للتحقق من فهم الطالب للموضوع بشكل جيد.

استخدام برامج الكشف عن الانتحال والغش

يمكن لأدوات الكشف عن الانتحال والغش المتطورة تحديد المحتوى المولد بواسطة الذكاء الاصطناعي عن طريق مقارنة النصوص المقدمة مع قواعد بيانات النصوص الموجودة واكتشاف الأنماط الكتابية غير البشرية.

مراقبة الاقتباسات والمصادر

قد تفتقر الأعمال الأكاديمية المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي إلى الاقتباسات الدقيقة أو الاستشهادات الصحيحة بالمصادر. يمكن للأساتذة فحص دقة الاقتباسات ومدى ارتباطها بالمصادر المرجعية الموثوقة.

وباستخدام هذه الطرق، يمكن للأساتذة تعزيز نزاهة العملية التعليمية وضمان أن الأعمال المقدمة تعكس بالفعل مستوى فهم وإبداع الطلاب.


مقالات ذات صلة

بسبب الاحتيال... إيطاليا تغرّم «تشات جي بي تي» 15 مليون يورو

تكنولوجيا لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)

بسبب الاحتيال... إيطاليا تغرّم «تشات جي بي تي» 15 مليون يورو

أعلنت هيئة حماية البيانات الإيطالية أنها فرضت غرامة قدرها 15 مليون يورو على شركة «أوبن إيه آي» الأميركية بسبب الاحتيال.

«الشرق الأوسط» (روما)
خاص تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)

خاص كيف يعيد الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تشكيل الأمن السيبراني في 2025؟

«بالو ألتو نتوركس» تشرح لـ«الشرق الأوسط» تأثير المنصات الموحدة والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية على مستقبل الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا كيف أصبح «كلود» روبوت الدردشة المفضل لدى خبراء التكنولوجيا؟

كيف أصبح «كلود» روبوت الدردشة المفضل لدى خبراء التكنولوجيا؟

يقدم الاستجابات مثل إنسان ذكي ومنتبه

كيفن رُوز (سان فرانسيسكو)
علوم نهاية الإنترنت... كما نعرفها

نهاية الإنترنت... كما نعرفها

يبدو أن الإنترنت ينهار... ولكن ليس حرفياً، أي من الناحية البنيوية؛ لأنها لا تزال شبكة سليمة؛ إذ إن هناك الكثير من كابلات الألياف الضوئية التي تبطن قاع المحيط،…

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
TT

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية والنصائح التي يوجهنها للجمهور بناء على تجاربهن، وهو أمر برز خلال لقاءات إعلامية عدة في الأسابيع الماضية.

أحدث هذه التصريحات كانت من نصيب الفنانة المصرية رانيا يوسف، في برنامج «ع الرايق»، بعدما تطرقت لتعرضها للضرب من زوجيها الأول والثاني، مع نصيحتها للفتيات بألا تقل فترة الخطوبة قبل الزواج عن 3 أو 4 سنوات، فضلاً عن نصيحتها لبناتها بعدم الزواج قبل سن الـ30 عاماً.

وقالت رانيا إن «طبيعة العلاقات في الوقت الحالي أصبحت تتطلب مزيداً من العمق والتفاهم بين الطرفين، بعيداً عن السطحية والانجذاب المؤقت»، محذرة من تعامل النساء بمشاعرهن عند البحث عن الشراكات العاطفية التي تحقق لهن السعادة والاستقرار.

وجاءت تصريحات رانيا بعد وقت قصير من تصريحات للفنانة زينة عن حياتها الشخصية وإنجابها طفليها التوأم بمفردها في الولايات المتحدة وصعوبة الأيام الأولى لهما مع مرضهما، بالإضافة إلى الفترة التي قضتها بمفردها في الغربة. وكذلك تطرقت إلى تفاصيل كثيرة عن حياتها، خصوصاً في ظل تحملها مسؤولية دور الأم والأب ووجودها مع نجليها بمفردها.

الفنانة المصرية زينة (فيسبوك)

وكانت الفنانة لبلبة قد أثارت جدلاً مشابهاً عندما تحدثت عن طفولتها الصعبة التي عاشتها واضطرارها للعمل من أجل الإنفاق على عائلتها بجانب انشغالها بمسؤوليات الأسرة وأشقائها، الأمر الذي جعلها تحاول أن تعوض ما لم تعشه في طفولتها.

من جهتها، تؤكد الناقدة المصرية ماجدة موريس أن «بعض الفنانين لا يكون قصدهم دائماً إثارة الجدل بالحديث عن حياتهم الشخصية أو مواقف سابقة مروا بها»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التصريحات تخرج بشكل عفوي، لكن التفاعل يحدث معها نتيجة اهتمام الجمهور بمتابعتهم».

وأضافت أن «رانيا يوسف على سبيل المثال مرّت بتجارب مختلفة، وبالتالي عندما تتحدث عن صعوبة ثقتها في الرجال، بالإضافة إلى نصيحتها بتأجيل خطوة الزواج للفتيات؛ فهي تحاول إبداء رأي تعتقد أنه صواب»، لافتة إلى أهمية التعامل مع الفنانين باعتبارهم بشراً من حقهم الإدلاء بآرائهم، لكن ليس بالضرورة أن تكون جميع آرائهم صحيحة أو غير قابلة للتغير مع مرور الوقت.

الفنانة المصرية لبلبة (فيسبوك)

وهنا يشير مدرس علم الاجتماع بجامعة بني سويف، محمد ناصف، إلى «ضرورة التفرقة بين المواقف الشخصية والخبرات التي يتحدث بها الأشخاص العاديون، وبين المشاهير الذين تكون لديهم قاعدة جماهيرية ومصداقية ربما أكثر من غيرهم وإمكانية وصول لأعداد أكبر من الجمهور عبر البرامج والمنصات»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «جزءاً من الجدل يكون مجتمعياً في الأساس، لكن بدايته تكون من تصريحات المشاهير».

وأضاف أن «هناك تبايناً في الآراء قد يصل لدرجة التناقض بين الأفراد داخل المجتمع، وهو أمر يتوجب فهمه في إطار الخلفيات الاجتماعية والعادات والخبرات التي يمر بها كل فرد، وبالتالي ستجد من يقتنع بكل رأي يقال حتى لو لم يكن صحيحاً من الناحية العلمية»، لافتاً إلى ضرورة فتح نقاشات أعمق حول بعض الآراء عبر وسائل الإعلام.

وهو الرأي الذي تدعمه الناقدة المصرية، موضحة أن «آراء الفنانين تسلط الضوء على موضوعات قد تكون محل جدل مجتمعي، لكن تبرز لوسائل الإعلام مع إعلانها من المشاهير»، لافتة إلى أن «بعض الآراء قد تعرض أصحابها لانتقادات من شرائح أكبر عبر مواقع التواصل، لكن على الأرجح يكون لدى الفنان القدرة على تحمل تبعات موقفه وشرح وجهة نظره التي ليس بالضرورة أن تتسق مع رأي الغالبية».