مصير مقتنيات سمير صبري يجدد مخاوف ضياع ميراث الفنانين

بعضها يباع على أرصفة الشوارع

الفنان المصري الراحل سمير صبري (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل سمير صبري (فيسبوك)
TT

مصير مقتنيات سمير صبري يجدد مخاوف ضياع ميراث الفنانين

الفنان المصري الراحل سمير صبري (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل سمير صبري (فيسبوك)

جدد الحديث عن مآل مقتنيات الفنان المصري الراحل سمير صبري خلال الأيام الماضية المخاوف من ضياع ميراث الفنانين، وطمس تاريخهم الفني، وتضاربت الأقاويل بشأن مصير مقتنيات صبري، ما بين بيعها لأحد محال «الأنتيكات» في حي الزمالك بوسط القاهرة، ووصولها لبائعي «الروبابكيا» وعلى أرصفة الشوارع.

وقال محمد هادي مدير مكتب صبري، الذي عمل معه منذ 25 عاماً، إن «أحد العاملين القدامى بالمكتب الذي يقابله بين الحين والآخر أخبره بالتخلص من مقتنيات الفنان الراحل، وتسليم الشقة لمالك العقار».

ويؤكد هادي لـ«الشرق الأوسط» أن «صبري لم يكن يملك سوى شقة بحي المهندسين فقط، وجرى إغلاقها وتشميعها مؤخراً لوجود نزاع قضائي بين ابنتي خالته وورثته الشرعيين، إلى جانب مكتب بالإيجار في وسط البلد، وشقة إيجار أيضاً في حي الزمالك، لكن الأخيرة لم يكن يذهب إليها إلا نادراً، ولا توجد بها مقتنيات خاصة كما يقال، بل بعض قطع الأثاث المنزلي».

سمير صبري في أحد اللقاءات بصحبة محمد هادي مدير مكتبه وزوجته ماجي والسيدة جيهان السادات (الشرق الأوسط)

وكشف هادي عن أن «صبري قبل وفاته قام بالتبرع بكل ملابس فرقته لوزارة الثقافة المصرية (الفرقة القومية للفنون الشعبية)، للاستفادة منها»، وأضاف: «عقب وفاة صبري تواصل مكتب وزيرة الثقافة السابقة الدكتورة إيناس عبد الدايم معي ومع ابنتي خالته، وأصدرت الوزيرة قراراً بتشكيل لجنة لجرد وحصر مقتنيات المكتب لكن لم يجرِ تسليمها»، لافتاً إلى أن إعلام الوراثة أعطى الحق لورثته بفتح الشقة وتسليمها للمالك بعد التخلص من محتوياتها.

وأشار هادي إلى أن «المكتب كان يضم عدداً كبيراً من الدروع وشرائط أفلامه وبرامجه»، مؤكداً أن «المقتنيات التي جرى عرضها عبر أحد المواقع الإخبارية المحلية ليست مقتنيات صبري القيِّمة بل مجموعة أوراق وبوسترات أفلام قام بإنتاجها»، وأوضح أن «المكتب كان يضم كل نسخ أفلامه وبرامجه وعقوده وأوراقه الخاصة، وأكثر من 75 درعاً».

ورغم وجود متحف تابع للمركز القومي للمسرح والموسيقى بحي الزمالك وسط القاهرة يضم مقتنيات عدد من الفنانين على غرار سميحة أيوب ومديحة حمدي وعمر الحريري وسعيد طرابيك، فإن نقاداً أكدوا أن المتحف يحتاج إلى توسعة لاجتذاب الجمهور بشكل أكبر، وكذلك ليضم أكبر عدد من المقتنيات، لا سيما بعد ضياع بعضها، خصوصاً متعلقات النجوم الراحلين على غرار أحمد زكي الذي تعرضت بعض مقتنياته للبيع، وعلى خلفية ذلك كانت قد وقعت خلافات بين رامي بركات، الأخ غير الشقيق للفنان الراحل هيثم أحمد زكي ووريثه الوحيد، ومحاميه السابق قبل 4 سنوات، حيث اتهمه بركات ببيع بعض الممتلكات والتصرف في البعض الآخر دون الرجوع إليه.

كما أثارت مقتنيات الفنان المصري الراحل نور الشريف قبل عامين أزمة كبيرة بعد اكتشاف بعضها على الأرصفة، وتضمنت عدداً من السيناريوهات وبعض بوسترات أفلامه التي تحمل توقيعه، بالإضافة لعدد من ألبومات الصور الخاصة به وبأسرته وكواليس أعماله الفنية.

ووصفت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله ما يحدث بـ«الكارثة»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «عدم أمانة بعض الورثة الشرعيين، وعدم إدراكهم قيمة تراث الفنان وتاريخه وراء ما يجري»، وطالبت خير الله الجهات المعنية باتخاذ ما يلزم لحفظ مقتنيات الفنانين من الضياع والبيع، وإنشاء متحف كبير يضم ما تركوه من متعلقات نادرة.


مقالات ذات صلة

دفاع فنّي عن ناشطتَيْن لطّختا لوحة فان غوخ بحساء الطماطم

يوميات الشرق تتعدّد أشكال رفع الصوت (غيتي)

دفاع فنّي عن ناشطتَيْن لطّختا لوحة فان غوخ بحساء الطماطم

لم يحدُث أي تلف أو ضرر للوحة، التي تُعدّ إحدى أشهر لوحات الرسام الهولندي، وتُقدَّر بملايين الجنيهات الإسترلينية، بل مجرّد ضرر بسيط أصاب إطارها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق محمد رمضان ونجله علي والفنان الكويتي نبيل شعيل (صفحة محمد رمضان على إنستغرام)

اتهامات لنجل الفنان محمد رمضان بضرب طفل

لفت اسم الفنان المصري محمد رمضان الاهتمام بعد واقعة الاشتباك بين نجله علي وطفل آخر داخل أحد النوادي الشهيرة في مدينة 6 أكتوبر (غرب القاهرة).

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق اتّهمت 37 امرأة «من مختلف أنحاء العالم» الفايد بالاعتداء عليهنّ (أ.ف.ب)

قضية محمد الفايد «تجمع العناصر الأكثر رعباً» من مثيلاتها... «كان وحشاً»

قال محامو ضحايا محمد الفايد المزعومين، إنّ القضية «تجمع بعضاً من العناصر الأكثر رعباً في القضايا التي تتضمّن جيمي سافيل، وجيفري إبستين، وهارفي واينستين».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أمل الموجوعين ومَن أنهكهم مسار علاجهم (رالف الخوري وليا كلاسي)

من باريس إلى بيروت بالدراجة... مرضى السرطان لن يُتركوا لأقدارهم

تنطلق رحلتهما الأحد بإرادة عالية لمجابهة ما قد يطرأ. يشاءان تأمين ثمن دواء واحد في كل كيلومتر يتحقّق. إنهما أمل الموجوعين ومَن أنهكهم مسار علاجهم.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الشرطة المصرية تلقي القبض على صانعات محتوى (فيسبوك)

مقاطع «غير لائقة» تقود «تيك توكرز» جدداً للمحاكمة في مصر

تواصلت عملية توقيف صانعات محتوى «تيك توكرز» بتهمة نشر مقاطع «غير لائقة» في مصر؛ لتقودهم للمحاكمة، وأحدثهم فتاة أطلقت على نفسها «كائن النوتيلا».

محمد الكفراوي (القاهرة )

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
TT

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة، بل عاشت معاناة على مدى 10 سنوات معه، بيد أن هذا لم يُزعزع ثقتها أبداً، مؤكدةً في حوار مع «الشرق الأوسط» أنها شَرَعت في العمل على فيلم جديد، وتعكف حالياً على كتابة عملٍ روائيٍّ طويل مُستمَداً من الواقع.

وأشارت أسماء المدير إلى أنها لا تضع نفسها تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يحظى فيلمها المقبل بقدر نجاح «كذب أبيض»، وأن هذا حدث مع كبار مخرِجي السينما في العالم.

وحرصت المخرجة الشابة على حضور المهرجان الدولي لفيلم المرأة الذي يُقام بمدينتها «سلا» بالمغرب، وقد استقبلها الجمهور بحفاوة، وأقام المهرجان حواراً معها بحضور المخرجين الشباب، وطلبة مدارس السينما.

ووضع فيلم «كذب أبيض» أسماء المدير في مكانة سينمائية جيدة، بعدما طافت معه على مدى عام في مهرجانات عدة، حاصداً جوائز كثيرة، فما وقْعُ ذلك كله عليها؟

تجيب أسماء المدير: «لم أتغيّر، لكن مسيرتي المهنية تغيّرت، فقد تحقّق جزء كبير من أحلامي السينمائية، من بينها وصول الفيلم لمهرجان (كان) وفوزه بجائزتين، وتمثيله لبلادي بالأوسكار، وقد حقّقت ما أردته من أن يكون إنتاجاً عربياً خالصاً، من المغرب والسعودية وقطر، كما نجاحه بوصفه أول فيلمٍ مغربي يحصل على الجائزة الكبرى في مهرجان (مراكش)، وترشّحي لجائزة (الروح المستقلة) مع سينمائيين كبار، على غرار مارتن سكورسيزي، وجوستين تريت؛ مخرجة فيلم (تشريح سقوط)، لا شك أن (كذب أبيض) فتح أمامي أبواب السينما العالمية».

لقطة من فيلم «كذب أبيض» (إدارة مهرجان «سلا»)

لم يكن نجاح الفيلم لحظياً، فالنجاح في رأي أسماء مجموعة من المحطات عبر الزمن، وسنوات تتخلّلها مراحل سقوط ونهوض، تُعِدّ نفسها كما لو كانت في سفر ووصلت إلى المحطة التي تبغيها، مثلما تقول: «قد يجعلني ذلك لا أشعر بنشوة النجاح سوى مع مرور الوقت، حين ألتقي بصُنّاع أفلام كبار يقولون لي: لقد نجحت».

هل يكون النجاح الباهر عائقاً أمام تجربتها السينمائية المقبلة، ومتى تبدأها؟

تجيب أسماء، ذات الـ34 عاماً، قائلة: لقد «بدأتها بالفعل، أعمل على فكرة فيلم روائي مرتبط بقصة حقيقية، ولكن بطريقتي، وأحاول أن أستمد أفلامي من الواقع، ولا أضع نفسي تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يكون العمل المقبل بنجاح (كذب أبيض)، نعم سأشتغل عليه بالجدية نفسها، لكنني لا أتحكم في النجاح، فقد لا يعجب الجمهور مثلاً، وليس معنى ذلك أنني فشلت، بل عليّ أن أُجرّب شكلاً آخر، ومَن يخشى التجربة يفتح لنفسه باب الفشل».

وتضيف موضّحةً: «مُخرِجون كبار حدث معهم هذا، ومنهم المخرج الإيراني عباس كياروستامي الذي قدّم أفلاماً قوية، ومن ثمّ قدّم فيلماً لم يكتب عنه ناقد واحد، حتى المخرج يوسف شاهين تعجبني بعض أفلامه، وبعضها ليس على المستوى نفسه، وأذكر حين زارنا المخرج محمد خان خلال دراستنا السينما، قال إنه يصنع أفلامه كما يريدها، وهذا كل شيء، لذا أقرأ النقد وأدَعُه جانباً، فقد انتهى الفيلم بالنسبة لي».

تأثّرت أسماء المدير بمخرجين مغاربة كبار، ومن بينهم حكيم بلعباس في كل أفلامه، ومحمد المعنوني بفيلمه «الحال»، وفوزي بن سعيدي في «ألف شهر».

المخرجة المغربية أسماء المدير (إدارة مهرجان سلا)

عاشت أسماء المدير رحلة معاناة تَعُدُّها رحلة صحية، قائلة: «عانيت مع الفيلم 10 سنوات، كبرت خلالها معه سعياً وراء الإنتاج الذي حلمت به في كل تفاصيله، المونتاج والإخراج والكتابة، وقد بدأته في 2016، وفي عام 2020 وصلنا لآخر محطة تصوير، وخلال عامَي 21 و22 كان المونتاج، ليصدر الفيلم في 2023، قبل ذلك عشت مراحل من الفشل والنجاح، كنت أقدّم ملف الفيلم لصناديق دعم فترفضه، لكنني كنت واثقة أنني أصنع فيلماً حقيقياً، فلم يتزعزع إيماني به، ولم أستسلِم لثقة اكتسبتها، فأنا لا أعرف شيئاً آخر سوى السينما، هي شغفي ودراستي ومهنتي، ومجالي الذي اخترته وتخصصت فيه، وصارت الهواية مهنة، وعندي دائماً نظرة بعيدة أتجاوز بها العراقيل، وأتطلّع لما بعد».

تنظر لما مرّت به بشكل إيجابي، قائلة: «أرى أن هذه الرحلة تجربة صحية، فلو حصلت على دعم كبير في البداية كنت سأجد صعوبة في تحقيق ما وصلت إليه في النهاية، بالنسبة لي هي أشياء صحية لأي مبتدئ، وأغلب صُنّاع الأفلام يواجهون ذلك في البداية».

وتنحاز المخرجة المغربية للأفلام الوثائقية، مؤكّدة: «إنه مجال خصب، وبه حرية أكبر وأشكال كثيرة ممكن تجريبها، الأفلام الروائية أحياناً تكون متشابهة، ومنذ زمن لم نشاهد تجارب مبهرة تخرج عن المألوف، لكن الوثائقي لا يزال خصباً».

فرحتها الكبيرة حين تُوِّج فيلمها بالجائزة الكبرى في «مراكش» (إدارة مهرجان سلا)

لحظات سعادة عاشتها أسماء المدير مع الفيلم في مدن عدة، لكن أسعدها يوم عُرض في مهرجان «مراكش»، تقول: «أجمل ما سمعت عن الفيلم كان في مراكش أيضاً، الجمهور المغربي كان رائعاً في استقباله للفيلم، وقد حظي بنجاح أسعدني، كما عُرض في مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)، والآن هناك موزّع سينمائي في مصر يتفاوض على عرضه بالقاهرة مع الجهات التي تملك حقوق توزيعه».