«شمس آتون» جنيهات ذهبية مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة

صمّمتها ماهيناز المسيري تزامناً مع قرب افتتاح المتحف الكبير

تصميم «شمس آتون» يعلو ظهر العملات السّت (الشرق الأوسط)
تصميم «شمس آتون» يعلو ظهر العملات السّت (الشرق الأوسط)
TT

«شمس آتون» جنيهات ذهبية مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة

تصميم «شمس آتون» يعلو ظهر العملات السّت (الشرق الأوسط)
تصميم «شمس آتون» يعلو ظهر العملات السّت (الشرق الأوسط)

لم يكن الذهب يوماً مجرد مخزن للقيمة أو عملات متداولة، فقد أسر الذهب البشرية على مرّ العصور، ولطالما حمل رسائل حب وامتنان عبر إهدائه للآخرين، ولطالما أيضاً انطوت عملاته على قيمة تراثية كبيرة من خلال ما تزدان به من وجوه وموتيفات ورموز تاريخية فارقة.

ومن جديد، تساهم الفنانة المصرية ماهيناز المسيري في تجاوز مفهوم الجمال اللامع للذهب وندرته إلى استكشاف فكرة أن ثمة قصصاً رائعة ترتبط به، وتقف وراء تصاميمه التي تستحق أن تدوم، وذلك عبر تصميمها 6 جنيهات ذهب مختلفة لصالح إحدى الشركات يجمعها رمز «شمس آتون» على ظهر كل منها.

طلبت الشركة منها منذ نحو 7 أشهر وضع تصاميم لجنيهات ذهب مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة تتميز بالابتكار والاختلاف حسب ماهيناز، التي قالت لـ«الشرق الأوسط»: «أبلغني الفريق المنوط بالتواصل معي أن الكليشيهات والأنماط المكرّرة التي يقدّمها بعض المصممين أتعبتهم، وإنهم يتوقعون مني أن أقدم أعمالاً مختلفة تقوم على قصة من أعماق التاريخ، تستند إلى الدراسة والبحث، وليست مجرد صور وموتيفات عادية».

تصميم «البردي الشافي» يعكس الاحتفاء بالنبات الأكثر استخداماً في الحياة لدى المصريين القدماء (الشرق الأوسط)

«تغذي أشعتك كل حديقة ويحيا وينمو كل نبات إذا ما أشرقت عليه»، هكذا تقول أنشودة «آتون» في الحضارة المصرية القديمة التي استلهمت منها المصممة فكرة الكوليكشين الذي يحمل اسم «آتون»، تقول: «ثمة رابط يجمع ما بين الشمس والذهب عند قدماء المصريين؛ فإذا كانت (الشمس) البراقة التي يقدّسونها توجد في السماء، فإن الذهب اللامع الذي يتزينون به ويرتديه الملوك والملكات هو انعكاس لها على الأرض؛ لأنه يشبه قرص الشمس؛ ومن هنا تكمن الفلسفة وراء اختياري الشمس عنصراً أساسياً في التصميم يتكرّر على أحد وجهي كل العملات».

قلادة «آتون» (الشرق الأوسط)

من هذا المنطلق تبلورت الفكرة في ذهن المصممة: «كان لا بدّ أن أجمع بينهما؛ لأنني في النهاية أصمّم قطعاً ذهبية؛ ولأربط بين الذهب عند المصري القديم والجنيهات التي أصمّمها الآن، كانت الشمس هي الخيار المثالي؛ لتكون هي أساس التّصميم، سيما أن كلاً من الشمس والعملة يبرق ويتخذ شكلاً دائرياً».

لكن لماذا اختارت «شمس آتون» على وجه الخصوص؟ تجيب ماهيناز قائلة: «اخترتها لأنه فضلاً عن قيمتها التاريخية، فإنها ذات بعد رومانسي رائع؛ فهي تصوّر قرص الشمس الذي تخرج منه أشعة، وهذه الأشعة تمد يديها أمامها؛ فشعرت بأنها ترمز إلى أننا امتداد للقدماء المصريين».

وإذا كانت «شمس آتون» تعلو ظهر القطع الذهبية الستة، فإنه على الوجه الآخر للعملة تطلّ علينا عناصر مستوحاة كذلك من الحضارة المصرية القديمة، وتؤكد فكرة أن شمس «آتون» كما جاء في الأنشودة المشار إليها، عندما تشرق فإنها تجعل سائر المخلوقات تحيا وتنمو.

زهرتا البابونج واللوتس تلتقيان في تصميم «زهور النيل» (الشرق الأوسط)

ومن أبرز هذه العناصر كانت «الذبابة الذهبية»، تقول: «إنها تعكس تأمل القدماء المصريين لكلّ شيء في الحياة، بما في ذلك الذبابة التي نُعدّها حشرة غير مرغوب فيها، لكنهم كانوا يمجّدونها إلى حدّ أن الملك كان يمنح القائد الذي يفتح أرضاً جديدة هذه القطعة الذهبية بوصفها وسام شرف؛ وذلك لأنها بطبيعتها تتمتّع بإصرارٍ شديدٍ ولا تغادر مكانها، وهكذا هو القائد كما ينبغي أن يكون!».

ومن العناصر الأخرى المستخدمة في المجموعة هي «البردي الشافي»؛ انطلاقاً من أنه من أهم النباتات التي استخدموها بطرق مختلفة.

وتمثّل اللوتس والبابونج في تصميم «زهور النيل» النقاء والارتباط بالطبيعة في حين يمثّل النهر الحياة.

أما العملة التي تزدان بتصميم «اللوتس المزدهرة» فإنها تعكس إيمان القدماء برحلة الشّمس، وتمثّل الطبيعة الدائرية للحياة وجاذبية الذهب.

الفنانة ماهيناز المسيري مصممة مجموعة «آتون» (الشرق الأوسط)

ورمزت «النخلة الحارسة» إلى أكثر فترات مصر رخاءً وازدهاراً، ومن أكثر العملات تميزاً «مروحة توت عنخ آمون»، حيث تظهر مزيجاً من الثراء الملكي والرمزية الروحية والنقاء وجمالية الذهب.

وهكذا تلاقت رغبة الشركة في تقديم عملات ذهبية مستلهمة من الحضارة المصرية مع عاشقة التّراث، وهو ما ظهر جلياً في أجواء الفرح والفخر التي سادت حفل إطلاق التشكيلة الذهبية، والذي شهده المتحف المصري في ميدان التحرير (وسط القاهرة)، وحضره مجموعة من السفراء والإعلاميين والشخصيات العامة، تقول ماهيناز: «لم يكن توقيت أو مكان إطلاق مجموعة (شمس آتون) مصادفةً، إنما يأتي مع قرب افتتاح المتحف المصري الكبير، ودعماً لفكرة تقديم أعمال تراثية ثمينة ومعاصرة داخله من وحي الأجداد، لنثبت للعالم أن الأحفاد يستكملون المسيرة؛ وهو ما يُكسب المجموعة أهمية خاصة».


مقالات ذات صلة

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)

«يا عم يا جمّال»... معرض قاهري يحاكي الأغاني والأمثال الشعبية

يحاكي الفنان التشكيلي المصري إبراهيم البريدي الأمثال والحكايات والأغاني والمواويل الشعبية المرتبطة بالجمل في التراث المصري والعربي.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق ملالا مع لوحاتها (دليل باريس للمعارض)

جدارية بعرض 60 متراً تعكس تحولات البشرية نحو العولمة

في أكبر صالات «قصر طوكيو» في باريس، تعرض حالياً وحتى 5 يناير (كانون الثاني) المقبل، جدارية استثنائية للفنانة ملالا أندريالافيدرازانا.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)

تقام «أيام بنغلاديش» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض، والتي انطلقت لياليها، الثلاثاء، ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية، بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى السبت، بهدف تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع السعودي والمقيمين، وإبراز التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه السعودية.

وتشهد الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تقدمها الفرقة الشعبية، حيث تألق المشاركون بتقديم عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي، إلى جانب أغنيات مستوحاة من أعمال أبرز شعراء بنغلاديش.

عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي (الشرق الأوسط)

كما يضم الحدث منطقة مخصصة لعرض التراث البنغالي، حيث تُتيح للزوار فرصة استكشاف الجوانب الغنية للثقافة البنغالية عن قرب؛ إذ تشمل المنطقة معروضات للأزياء التقليدية المزينة بالزخارف اليدوية التي تعكس المهارة الحرفية والفنية المتميزة، حيث يتم عرض الساري البنغالي المصنوع من أقمشة الحرير والقطن الفاخرة، إضافة إلى الملابس التقليدية للرجال مثل البنجابي والدوتي، كما تعرض الإكسسوارات اليدوية التي تشتهر بها بنغلاديش، بما في ذلك المجوهرات التقليدية المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة، والحقائب والمطرزات التي تعكس ذوقاً فنياً عريقاً.

الفعاليات شملت استكشاف التراث البنغالي (الشرق الأوسط)

واشتملت الفعاليات على قسم مخصص للأطعمة من بنغلاديش؛ إذ يٌقدم للزوار فرصة تذوق أشهى الأطباق التقليدية التي تمثل المطبخ البنغالي المعروف بنكهاته الغنية وتوابله المميزة، وتشمل الأطباق المقدمة أكلات شهيرة مثل البرياني البنغالي، والداكا كاكوري كباب، وسمك الهيلشا المطهو بطرق تراثية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلويات التقليدية مثل الروشا غولا والميزان لادّو.

وتضيف هذه المنطقة بعداً مميزاً للفعالية، حيث لا تقتصر التجربة على الفنون والعروض، بل تمتد لتشمل استكشاف التراث البنغالي بشكل متكامل يعكس الحياة اليومية والعادات والتقاليد، مما يجعلها تجربة غنية تُثري التفاعل الثقافي بين الزوار.

معروضات للأزياء التقليدية (الشرق الأوسط)

وحظيت الفعاليات منذ انطلاقها بإقبال واسع من الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بجمال الفلكلور البنغالي وتنوع العروض الفنية المقدمة، كما أبدى العديد من الحاضرين تقديرهم لهذه المبادرات التي تسهم في تعزيز التفاهم والتفاعل بين الثقافات.

وأكّد المسؤولون أن هذه المبادرة تأتي جزءاً من سلسلة برامج ثقافية تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في المملكة، بما يتماشى مع «رؤية السعودية 2030» التي تدعم التنوع والانفتاح الثقافي.